انقلابيو اليمن يمهدون لاستئصال ما تبقى من النظام التعليمي

دعوات نقابية للإضراب الشامل عن التدريس بسبب تغيير المناهج

طلبة يمنيون في محافظة ريمة أخضعتهم الميليشيات الحوثية لحضور فعاليات ذات صبغة طائفية (إعلام حوثي)
طلبة يمنيون في محافظة ريمة أخضعتهم الميليشيات الحوثية لحضور فعاليات ذات صبغة طائفية (إعلام حوثي)
TT

انقلابيو اليمن يمهدون لاستئصال ما تبقى من النظام التعليمي

طلبة يمنيون في محافظة ريمة أخضعتهم الميليشيات الحوثية لحضور فعاليات ذات صبغة طائفية (إعلام حوثي)
طلبة يمنيون في محافظة ريمة أخضعتهم الميليشيات الحوثية لحضور فعاليات ذات صبغة طائفية (إعلام حوثي)

كشفت مصادر يمنية تربوية عن توجه لدى الميليشيات الحوثية لتنفيذ مخطط يهدف إلى استئصال ما بقي من النظام التعليمي ومؤسساته وبرامجه ومنتسبيه في عموم مدن سيطرة الميليشيات، تحت ذريعة السعي إلى إصلاحه بما يواكب تعليمات زعيمها وأفكاره ذات المنزع الطائفي.
وأكدت المصادر في صنعاء أن قادة يتصدرهم شقيق زعيم الجماعة يحيى بدر الدين الحوثي المعيَّن وزيراً للتعليم في حكومة الانقلابيين غير المعترَف بها، ونائبه المدعو قاسم الحمران، يعتزمون في مقبل الأيام تنفيذ توصيات دراسة عن واقع التعليم بمناطق سيطرة الميليشيات، أعدَّها حديثاً مشرفون عقائديون ينحدرون من صعدة (معقل الميليشيات).
وعمدت الجماعة المُوالية لإيران إلى إطلاق وتمويل تلك الدراسة المزعومة بغرض استخدامها فيما بعد كمبرِّر جديد لها لاستكمال مخطط الانقضاض على ما تبقّى من التعليم في مناطق سيطرتها، وهو الأمر الذي سيكون بمثابة «دقّ آخر مسمار في نعش العملية التعليمية في اليمن»، وفقاً لما وصفته مصادر تربوية.
وقُوبل التوجه الحوثي صوب استهداف التعليم بحالة من الغليان في أوساط الناشطين والنقابيين والعاملين التربويين بمدن سيطرة الجماعة، حيث يعتقد أن لجوء الجماعة إلى إعداد تلك الدراسة يأتي كردٍّ من قِبلها على دراسة محلية سابقة أعدّتها نقابة المعلمين اليمنيين، ورصدت في مناطق سيطرة الميليشيات جملة من الانتهاكات والتعسفات بحق القطاع ومنتسبيه ومناهج التعليم.
وتداولت وسائل إعلام حوثية، هذا الأسبوع، معلومات تفيد بأن وزارة التعليم غير الشرعية انتهت أخيراً من إعداد دراسة عن واقع التعليم في مناطق سيطرتها، زاعمة أنها تعكس «رؤية واضحة واستراتيجية في تحديد أولويات إصلاح العملية التعليمية».
وشدد مشرفو الميليشيات الحوثية، في دراستهم المكونة من 140 صفحة، على أهمية قيام جماعتهم، في الفترة المقبلة، بإجراء تغييرات جذرية في جوهر العملية التعليمية ونظامها، بدءاً من الأهداف والغايات والفلسفة التعليمية، وصولاً إلى مُخرجات التعليم.
وفي حين لم تكتفِ الميليشيات باستهدافها المنظم على مدى سنوات ماضية، لمناهج التعليم وإجرائها حتى نهاية أغسطس (آب) الماضي أكثر من 500 تحريف يكرِّس فكر «الخمينية»، أوصت الدراسة بضرورة معالجة الكتاب المدرسي بمجموعة من «الأسس والثوابت»، في إشارة إلى أفكار زعيمها عبد الملك الحوثي، وشقيقه حسين مؤسس الجماعة. كما أوصت باستيعاب ما يسمّى «المرتكزات الإيمانية» وإعادة النظر في الكُتب ذات الطابع الفكري، ومنها التاريخ والسيرة بما يرتبط بمقوّمات «التحرك الإيماني»- على حد زعمها. ولم تتطرق الدراسة إلى الحديث عما تعرّض له - ولا يزال - التعليم في مدن سيطرة الجماعة من جرائم وتعسفات وأعمال تطييف لا حصر لها، وما يعانيه منتسبوه منذ سنوات من أوضاع متدهورة بفعل توقف رواتبهم.
ومن أبرز ما أوصت به الدراسة الحوثية «إجراء تغيير شامل للمناهج التعليمية تحت مسمى (التجديد) والإشراف الدقيق على وضعها، بما يناسب أفكار الجماعة وصبغتها الطائفية».
وشددت الميليشيات، في الدراسة، على ضرورة التنسيق مع وزارة التعليم العالي في حكومتها الانقلابية في صنعاء من أجل تقديم خدمة التعليم الأساسي والثانوي والجامعي المجاني للشبان والأطفال المقاتلين معها ولصالح أبناء قتلاها في الجبهات دون غيرهم من اليمنيين.
يأتي ذلك التوجه الانقلابي للقضاء على ما تبقّى من مقومات التعليم متزامناً مع دعوات نقابية يمنية عاجلة للإضراب الشامل في المدارس بجميع المدن تحت سيطرة الجماعة.
ودعت نقابة المعلمين اليمنيين، قبل يومين، كل التربويين في مناطق الميليشيات للإضراب العام والتوقف عن العمل الإداري والتربوي؛ احتجاجاً على التغييرات التي أدخلت على المناهج الدراسية.
وأشارت، في بيان رسمي لها، إلى أن التغييرات التي أدخلت على المناهج تستهدف تفتيت النسيج الاجتماعي وطمس الهوية الوطنية، إلى جانب توقف رواتب المعلمين منذ سنوات.
وجدّدت النقابة رفضها القاطع للتغييرات التي أدخلتها ما يسمَّى اللجنة العليا للمناهج، التابعة لميليشيا الحوثي، على المناهج الدراسية وصبغها بالأفكار الطائفية، داعية إلى وقف سياسة الإقصاء التي يتعرض لها المعلمون والتربويون في مناطق سيطرة الحوثيين، من خلال إقصائهم وإحلال بدلاء عنهم متطوعين من الحوثيين لا يمتّون للسلك التربوي بأية صلة.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.