آلاف السودانيين يواصلون التظاهر للمطالبة بحكم مدني

الشرطة ردت بالغاز المسيل للدموع لمنعهم من الوصول إلى قصر الرئاسة

جانب من الاحتجاجات التي شهدتها شوارع الخرطوم أمس (رويترز)
جانب من الاحتجاجات التي شهدتها شوارع الخرطوم أمس (رويترز)
TT

آلاف السودانيين يواصلون التظاهر للمطالبة بحكم مدني

جانب من الاحتجاجات التي شهدتها شوارع الخرطوم أمس (رويترز)
جانب من الاحتجاجات التي شهدتها شوارع الخرطوم أمس (رويترز)

تظاهر آلاف السودانيين مجدداً أمس في العاصمة الخرطوم، وبعض الولايات الأخرى ضد حكم العسكر، وللمطالبة بحكم مدني، غير أن قوات الشرطة والأمن واجهتهم بقنابل الغاز المسيل للدموع.
وأكد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية في الخرطوم تجمع قرابة 4 آلاف متظاهر، معظمهم من الشباب، وهم يحملون أعلام السودان، وصوراً لبعض قتلى الاحتجاجات خلال توجههم باتجاه القصر الرئاسي وسط العاصمة، والذي كان ينتشر قربه جنود مسلحون من الجيش. وهتف المحتجون «العسكر إلى الثكنات»، و«البلد حقتنا (لنا) ومدنية سلطتنا»، في إشارة إلى المطالبة بإنهاء الحكم العسكري. لكن الشرطة ردت لاحقاً باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع لمحاولة منع المتظاهرين من الوصول إلى قصر الرئاسة، بحسب مراسل الوكالة.
وقالت أسماء حرزاوي، التي كانت مع عدد من المتظاهرين في الخرطوم: «نواصل حراكنا ونحافظ على مبادئنا الثلاثة: لا تفاوض... ولا شراكة... ولا شرعية (للجيش)، وذلك حتى إسقاط النظام».
بدوره، قال المتظاهر مؤمن ود زينب من الخرطوم: «نريد دولة حقيقية... لقد مر عام فقدنا فيه أكثر من 118 شهيداً... لكننا سنستمر بآلاف المظاهرات (...) في كل المحافظات... والشعب كله في الشارع».
وفي منطقة بحري شمال الخرطوم، تظاهر ألفا شخص للمطالبة بالحكم المدني. أما في غرب العاصمة بمدينة أم درمان، فقد أفاد مصور وكالة الصحافة الفرنسية بقيام عدد من المتظاهرين بإغلاق شارع الأربعين الرئيسي وسط المدينة، من خلال وضع الحجارة وأغصان الأشجار، وحرق إطارات السيارات التالفة. مشيراً إلى إطلاق الشرطة وقوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين، الذين كانوا يحاولون الوصول إلى الجسرين اللذين يصلان أم درمان وبحري بوسط الخرطوم.
وللحد من فعاليات المظاهرات، أغلقت السلطات منذ الصباح ثلاثة جسور تربط وسط العاصمة بمناطق أم درمان وبحري وشرق النيل، بعد أن انتشرت شرطة مكافحة الشغب على شاحنات وسيارات مزودة بخراطيم المياه في وسط الخرطوم. لكن رغم هذه الإجراءات المكثفة فقد امتدت مظاهرات أمس إلى خارج العاصمة، إلا أن قوات الأمن واجهتها كالعادة بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع، بحسب شهود عيان.
وقال حسين محمد، من أهالي مدينة كسلا شرق البلاد لوكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف: «لقد بدأ نحو 800 شاب وشابة التظاهر في وسط المدينة للمطالبة بالسلطة المدنية». فيما أكد شهود عيان في ولاية ود مدني، التي تبعد 186 كيلومتراً جنوب الخرطوم، خروج مظاهرات تطالب بالحكم المدني.
بدوره، قال عادل أحمد عبر الهاتف إن نحو ألف متظاهر خرجوا «يهتفون: الشعب يريد إسقاط النظام، والعسكر إلى الثكنات»، مشيراً إلى أنهم «كانوا يقرعون الطبول ويحملون أعلام السودان».
كما أفاد شهود بخروج المئات للتظاهر، والمطالبة بالحكم المدني بمدينة بورتسودان، المطلة على البحر الأحمر شرق البلاد. كما سجلت احتجاجات في مدينة الأبيض، التي تبعد 350 كيلومتراً غرب العاصمة، وأيضاً في ولاية القضارف شرق البلاد.
وأول من أمس، تجمع نحو ثلاثة آلاف متظاهر من «الإسلاميين» أمام مقر بعثة الأمم المتحدة في الخرطوم، احتجاجاً على وساطتها في الأزمة السودانية بين العسكريين والمدنيين رفضاً لحكم العسكر، وأحرقوا صور المبعوث الأممي إلى السودان، فولكر بيرثيس، ثم أنهوا وقفتهم لاحقاً من دون أن تتعرض لهم قوات الشرطة التي كانت متمركزة على مقربة منهم.
وعلى مدى الأيام الماضية، خرج آلاف السودانيين في الذكرى الأولى للحدث العسكري الذي نفذه قائد الجيش في 25 من أكتوبر (تشرين الأول) 2021. وفي ذلك اليوم تراجع عبد الفتاح البرهان عن كل التعهدات التي قطعها قبل عامين بتقاسم السلطة مع المدنيين، تمهيداً لانتخابات حرة في السودان. وأمر يومها باعتقال كل القادة السياسيين والوزراء المدنيين في الحكومة، واستأثر الجيش بالسلطة.
ومنذ ذلك الحين، ينقطع الاتصال بالإنترنت في الوقت الذي يُنظّم فيه أي تحرك ضدّ الانقلاب.
والأسبوع الماضي، قُتل متظاهر سوداني دهساً بعربة تابعة لقوات الأمن خلال مظاهرات شارك فيها الآلاف في الخرطوم وعدة مدن أخرى، بحسب لجنة الأطباء المركزية المناهضة لحكم العسكر. وبذلك ارتفع إلى 119 عدد القتلى الذين سقطوا جراء القمع في عام واحد.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

قرار جزائري يهدد العلاقات التجارية مع فرنسا

من لقاء سابق بين الرئيس تبون ونظيره الفرنسي (الرئاسة)
من لقاء سابق بين الرئيس تبون ونظيره الفرنسي (الرئاسة)
TT

قرار جزائري يهدد العلاقات التجارية مع فرنسا

من لقاء سابق بين الرئيس تبون ونظيره الفرنسي (الرئاسة)
من لقاء سابق بين الرئيس تبون ونظيره الفرنسي (الرئاسة)

كشفت صحيفة «لوفيغارو»، الفرنسية، عن أن جمعية البنوك والمؤسسات المالية الجزائرية أبلغت البنوك بإجراء جديد يتعلق بوقف معالجة عمليات الاستيراد والتصدير من وإلى فرنسا.

ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى أنه في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، شعرت الأوساط التجارية الفرنسية بأن الأمور بدأت تزداد صعوبةً، بعد أن حذرت «ألجيكس»، وهي الوكالة العامة المسؤولة عن منح تراخيص الاستيراد والتصدير، الشركات الفرنسية، داعيةً إياها إلى البحث عن مستوردين جدد.

الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير الداخلية ورئيسة الوزراء الفرنسيين سابقاً في الجزائر نهاية 2022 (الرئاسة الجزائرية)

وفي الوقت الذي يتعلق تحذير «ألجيكس» بسلع تُستورد لإعادة بيعها، على غرار النظارات والشوكولاتة، يرتقب أن يؤثر الإجراء الجديد في فئتين أخريين من الواردات، تشمل الآلات والمواد الخام والسلع الأساسية الأخرى، مثل البلاستيك وقطع الغيار الميكانيكية، والأدوية المضادة للسرطان، وحتى الخدمات، وفقاً للمصدر ذاته.

وأضافت الصحيفة الفرنسية أن الإجراء الجديد سيؤثر أيضاً في الصادرات الجزائرية إلى فرنسا، مشيرةً إلى أنه سيؤثر بشكل كبير في منتجي التمور.

اجتماع بين «ميديف» الفرنسي ومجلس التجديد الاقتصادي الجزائري في مايو 2022 (منظمة أرباب العمل الجزائرية)

ووصف السفير الفرنسي السابق لدى الجزائر، كزافييه درينكور، في تغريدة على منصة «إكس» أن القرار الجزائري الجديد، الذي يستثني فقط المعاملات التي جرى شحنها قبل شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، بـ«الضربة القوية للعلاقات الاقتصادية بين البلدين، ويفتح الباب أمام تداعيات خطيرة على كلا الطرفين».

لكنّ وزارة الخارجية الفرنسية قالت، الخميس، إنه ليس لديها علم بأي إجراءات فرضتها الجزائر على وارداتها وصادراتها، رداً على ما ذكرته صحيفة «لوفيغارو» من أن البنوك الجزائرية تستعد لقيود محتملة.

وأكدت الصحيفة أن من شأن هذا القرار أن يؤثر أيضاً في الصادرات الجزائرية إلى فرنسا، ونقلت عن مستورد جزائري قوله: «ستكون كارثة بالنسبة إلى منتجي التمور، الذين وصلوا إلى مرحلة الحصاد الكاملة، والذين يستعدون للتصدير إلى فرنسا».

وأضافت الصحيفة أن هناك من يفكر في واردات فرنسا من الغاز الجزائري، لكنها أشارت إلى أنه حتى في ذروة الأزمة الدبلوماسية مع إسبانيا، التي نتجت أيضاً عن تغير موقف مدريد لصالح خطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء، فقد حافظت الجزائر على إمداداتها، مستبعدةً أن تذهب الجزائر إلى حد تعليق صادرات الغاز إلى فرنسا لأن الجزائر هي من سيخسر أكثر من هذا القرار، الذي وصفته بأنه سيكون بمثابة «عملية انتحارية».

وسجلت التبادلات التجارية في النصف الأول من 2024، انخفاضاً طفيفاً بعد ثلاث سنوات من النمو المستمر، حيث ارتفعت الصادرات الفرنسية من السلع إلى الجزائر بنسبة 9.3 في المائة بقيمة 2.4 مليار يورو.

الرئيس الجزائري مع الوزير الأولى الفرنسية السابقة في الجزائر أكتوبر 2022 (الرئاسة الجزائرية)

ورجح مصدر مطلع أن تتأثر رحلات الطيران التابعة للخطوط الجوية الجزائرية وسفن الشحن. وفي هذا السياق رأت «لوفيغارو» أن هذا الإجراء من شأنه فتح أبواب منافسي فرنسا في الجزائر.

كانت الجزائر قد حظرت الصادرات والواردات الإسبانية بتعليمة، عممتها جمعية البنوك والمؤسسات المالية، في ظل توتر العلاقات بين الجزائر العاصمة ومدريد، بعد إعلان مدريد دعم مقترح الحكم الذاتي في الصحراء.

لكن تحسنت العلاقات بين الجزائر وإسبانيا مؤخراً، ليتم تعيين سفير جزائري في مدريد بعد سحبه في وقت سابق.

وأضاف السفير الفرنسي السابق محتجاً على القرار: «بدل شكر فرنسا، قررت الجزائر منع جميع الواردات والصادرات الفرنسية إلى فرنسا... نحن بالتأكيد عميان».

تأتي هذه الخطوة في وقت تعيش فيه العلاقات الجزائرية - الفرنسية توتراً عقب اعتراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بـ«مغربية» الصحراء.

وألغى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الزيارة، التي كانت ستقوده إلى باريس في الخريف الجاري.