«أغنية الغراب»... فيلم سعودي يستعرض آيديولوجيات ما قبل 20 عاماً

مخرجه محمد السلمان انتقل من «الهندسة» إلى «صناعة الأفلام»

فريق عمل فيلم «أغنية الغراب»
فريق عمل فيلم «أغنية الغراب»
TT

«أغنية الغراب»... فيلم سعودي يستعرض آيديولوجيات ما قبل 20 عاماً

فريق عمل فيلم «أغنية الغراب»
فريق عمل فيلم «أغنية الغراب»

هل تتخيّل أن يغني الغراب ويُطرب مسامعك؟ تبدو الفكرة عجيبة، لكنها وصلت إلى أذهان كل من استوقفه فيلم المخرج السعودي محمد السلمان «أغنية الغراب»، وهو فيلم روائي طويل يشق طريقه للعالمية، بعد أن اختارته هيئة الأفلام السعودية لتمثيل المملكة رسمياً في مسابقة الأوسكار المقبلة عن فئة أفضل فيلم دولي.
لماذا الغراب؟ ولماذا بوستر الفيلم يحمل صورة حمامة بيضاء وليس غراباً؟ أسئلة كثيرة يثيرها الفيلم، ولكن يكتفي السلمان بإرجاع ذلك إلى الرغبة بخلق حالة من الرمزية، واللعب على وتر المفارقة ما بين الغراب والحمامة، وهو مغزى يتكشف للجمهور بشكل تدريجي أثناء مشاهدة الفيلم الذي يعود لعام 2002. أي قبل عقدين من الزمن، وهي الفترة التي يصفها السلمان بـ«المثيرة في السعودية».

يوضح السلمان خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الفيلم الذي صوّره في عدة مواقع بمدينة الرياض، واستغرق نحو عامين منذ لحظة البدء في كتابته إلى حين اكتمال تصويره، سيدخل بهذا الترشيح في منافسة مع أفلام من بقية دول العالم على الأوسكار، وسيمر بمراحل فرز عدة ، قبل الإعلان عن القائمة الأولية ثم النهائية التي ستختارها الأكاديمية الأميركية للعلوم والفنون المانحة لجوائز الأوسكار، التي سيتم الإعلان عن الفائز بها في حفل الدورة 95 الذي سيُقام على مسرح دولبي في لوس أنجليس يوم 12 مارس (آذار) العام المقبل 2023.


المخرج السعودي محمد السلمان

«أغنية الغراب»
وعن الفيلم الذي ينقله إلى السجادة الحمراء في الأوسكار، أوضح السلمان أن الفيلم فاز بدعم مبادرة ضوء للأفلام التابعة لهيئة الأفلام السعودية، الساعية لاكتشاف ودعم المواهب السعودية الجديدة في صناعة الأفلام. ويضيف: «كان الفيلم أشبه بحلم يراودني منذ عام 2015، ولكن الأمر كان صعب التحقق في ذاك الحين، بعكس ما هو حاصل الآن، فنحن جيل محظوظ بدعم السينما السعودية». ولفت السلمان إلى أن شرارة الفكرة أتت من نص قديم كتبه لكنه لم يكمله، وعندما وجد دعماً من مبادرة «ضوء» عاد لتطوير النص، مبيناً أن الشخصية الرئيسية في العمل تبدو بسيطة تصل إلى حد السذاجة أحياناً، في مجتمع مليء بالآيديولوجيات الصارخة (عام 2002)، فحين يلتقي صاحبه بامرأة مختلفة تماماً عن عالمه، يُفتن بها، فيقنعه أن يكتب بها قصيدة لتُغنى، الأمر الذي سيدخل الشخصية في مأزق التعامل مع الشعراء التقليديين والحداثيين، فيحتك بشكل ساخر وهزلي بالجماعات المثقفة.

من الهندسة إلى صناعة الأفلام
تبدو قصة السلمان مع السينما مثيرة هي أيضاً، حيث درس الهندسة في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران (شرق السعودية)، والتحق أثناء دراسته بنادي المسرح الجامعي، التقى خلالها بالعديد من الفنانين الذين أصبحوا فيما بعد نجوماً يشار إليهم بالبنان، بحسب السلمان.
وبعد أن عمل لفترة في الهندسة اقتحم السلمان عالم الأفلام القصيرة، لينتقل تدريجياً من الهندسة إلى صناعة الأفلام، بعد تجارب فنيّة متنوعة. ويشير إلى أنه مع بداية الألفية الجديدة كانت هناك مرحلة انتقالية في السعودية تجاه الفنون، في التوجه من القصيدة والشعر والرسم إلى الصورة والفوتوغراف ثم ناحية تصوير الفيديو، إلا أنه وجد نفسه يستقر في عالم الإخراج تحديداً، قائلاً: «أدهشني دور المخرج، باعتباره هو من يصمم تجربة المشاهد، وهي مسؤولية كبيرة لكنها مليئة بالمتعة».

أفلام المهرجانات
وعند سؤاله عن توصيف «أغنية الغراب» إن كان فيلم مهرجانات أم فيلماً تجارياً للجمهور، يعترض السلمان على ذلك، معتبراً أن ذلك نوع من الغلو، حيث يرى إمكانية أن ينجح الفيلم في الوصول للمهرجانات وأن يحوز على إعجاب الجمهور في آنٍ واحد، مع تأكيده أنه لا يسعى لإرضاء الجميع بقدر رغبته في تقديم عمل يستمتع به الجمهور والنقاد على حد السواء.
تجدر الإشارة إلى أن المخرج السينمائي السعودي محمد السلمان، كاتب سيناريو ومنتج، نشط في صناعة الأفلام الناشئة السعودية، وعُرف بأفلامه القصيرة غير التقليدية. وفي بداية مشواره، أخرج عدة أفلام وثائقية قصيرة عن شخصيات محلية، إضافة لكتابة وتحرير إعلانات إبداعية، قبل أن يُخرج في عام 2015 أول فيلم قصير تجريبي بعنوان «من بين»، الذي اُختير ليكون فيلم الافتتاح بمهرجان أفلام السعودية عام 2015، ثمّ عُرض الفيلم في عدة مهرجانات سينمائية في أوروبا وأميركا وكندا. وحصل فيلم «من بين» على جائزة أحمد خضر للتميز في صناعة الفيلم العربي في مهرجان الأفلام الأوروبية المستقلة – باريس 2015، ثم جرى اختياره ضمن المشاركة الرسمية في مهرجان الفيلم الوطني لشباب - سياتل 2015، ومهرجان فيلم كويست - يوتا 2015، ومهرجان الفيلم الأطلسي - كندا 2015، كما شارك في مهرجان كان السينمائي 2015 ضمن ركن الأفلام القصيرة.
وفي عام 2017 كتب السلمان وأخرج وأنتج فيلم «لسان»، الذي فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان الفيلم السعودي، والجائزة الذهبية لأفضل فيلم في مهرجان الأحساء للأفلام، كما شارك في «أيام الفيلم السعودي» في لوس أنجليس، إلى جانب ذلك عُرض للسلمان فيلمان في شبكة نتفليكس وهما «27 شعبان» و«ستارة»، ضمن مجموعة أفلام تحمل عنوان «6 شبابيك في الصحراء»، عرضت في 190 بلداً من حول العالم.


مقالات ذات صلة

«الست»... جدل «سوشيالي» وإشادات نقدية بعد عرضه بمصر

يوميات الشرق منى زكي جسَّدت دور أم كلثوم (الشركة المنتجة)

«الست»... جدل «سوشيالي» وإشادات نقدية بعد عرضه بمصر

يكشف فيلم «الست» صورة واقعية لأم كلثوم بما لها وما عليها، مقدّماً سيرة فنية وإنسانية حظيت بإشادات واسعة بعد عرضها.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق لقطة من فيلم «فلسطين 36» (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)

«اللي باقي منك» و«فلسطين 36»... ذاكرة بصرية لـ«وعد بلفور» و«النكبة»

يُشدِّد فيلما «اللي باقي منك» و«فلسطين 36» على أهمية استعادة الذاكرة الفلسطينية وتوثيق تاريخها في مواجهة محاولات التزييف.

انتصار دردير (جدة)
سينما اللاعب المعتزل سعيد العويران في مشهد من الفيلم برفقة محمد الدوخي (نتفليكس)

الفيلم السعودي «رهين»... كوميديا البطل المأزوم

امتلأت القاعة الرئيسية في مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» قبل بدء عرض الفيلم السعودي «رهين» بنحو نصف ساعة.

إيمان الخطاف (جدة)
سينما صورة من الفيلم لمنصور رشيد الكيخيا إلى جانب الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي

«بابا والقذافي»… رحلة بحث عائلية تحول الصمت إلى جائزة دولية

تنطلق جيهان الكيخيا في فيلمها من سؤال طفولي ظلّ يلاحقها منذ السادسة من عمرها: «أين ذهب أبي؟»، والدها هو منصور رشيد الكيخيا، وزير خارجية ليبيا الأسبق.

كوثر وكيل (لندن)
يوميات الشرق ساعة يد من مجموعة مقتنيات كوبولا (الموقع الرسمي لدار مزادات فيليبس)

بيع ساعة يد للمخرج فرانسيس كوبولا بـ10.8مليون دولار في مزاد

بيعت ساعة يد من مجموعة مقتنيات المخرج السينمائي الأميركي فرانسيس فورد كوبولا بسعر قياسي في مزاد أُقيم في نيويورك، حسبما قالت دار مزادات «فيليبس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك )

روني: محمد صلاح يدمِّر إرثه

واين روني (رويترز)
واين روني (رويترز)
TT

روني: محمد صلاح يدمِّر إرثه

واين روني (رويترز)
واين روني (رويترز)

يواصل الجدل حول تصريحات محمد صلاح تصاعده داخل الكرة الإنجليزية، بعدما قال النجم المصري إنه يشعر بأن ليفربول «رماني تحت الحافلة»، وإن علاقته بالمدرب آرنِي سلوت انهارت.

وفي أحدث ردود الفعل، عدَّ واين روني، الهداف التاريخي لمانشستر يونايتد، أن صلاح «يدمِّر إرثه» في «آنفيلد»، وفقاً لشبكة «بي بي سي البريطانية».

وقال روني في أحدث حلقات برنامجه الصوتي، إن سلوت بات مطالباً بإظهار سلطته، من خلال استبعاد صلاح من رحلة الفريق إلى إيطاليا لمواجهة إنتر ميلان في دوري أبطال أوروبا، مساء الثلاثاء، وكذلك من مباراة السبت المقبلة أمام برايتون. وأضاف: «على آرني سلوت أن يفرض هيبته ويبلغه: أنت لن تسافر مع الفريق. ما قلته غير مقبول. اذهب إلى كأس أمم أفريقيا ودع الأمور تهدأ. لو كنت مكانه، لما أشركته أبداً».

ويرى روني أن على صلاح إما حل خلافه مع سلوت سريعاً وإما مغادرة النادي، مضيفاً: «يجب تسوية الأمر فوراً وبشكل واضح، أيّاً كان الاتجاه».

ويأتي رد فعل روني بعد يومين من التصريحات التي أطلقها صلاح في ملعب «إيلاند رود» عقب التعادل 3-3 مع ليدز يونايتد؛ حيث قال: «قلت مراراً إن علاقتي بالمدرب جيدة، وفجأة لم تعد هناك علاقة. يبدو أن النادي رماني تحت الحافلة، هذا هو شعوري. من الواضح تماماً أن أحدهم أراد أن يحمِّلني المسؤولية».

ويبلغ صلاح 33 عاماً، وقد سجل 250 هدفاً في 420 مباراة بقميص ليفربول، ولكنه لم يبدأ أي مباراة من الثلاث الأخيرة، وكان بديلاً لم يلعب في مواجهة ليدز الأخيرة. كما وقَّع في أبريل (نيسان) الماضي عقداً جديداً لمدة عامين، بعد موسم سجَّل فيه 29 هدفاً في الدوري الإنجليزي، وقاد الفريق إلى اللقب.

وتساءل روني عن دوافع صلاح لإطلاق تصريحاته بهذه الصورة العلنية، قائلاً: «إنه يدمر إرثه في ليفربول بالكامل. من المحزن أن يرمي كل ذلك بعيداً. ما فعله ليس الطريق الصحيح إطلاقاً».

وبالتوازي مع موقف روني، عدَّ داني ميرفي، لاعب ليفربول السابق، أن صلاح «يجعل الأمر كله يدور حوله»، بينما رأى آخرون أن تصريحاته «تحدٍّ واضح لسلطة سلوت».

ويعاني ليفربول هذا الموسم من تراجع كبير في المستوى، مقارنة بالموسم الأول لسلوت؛ إذ يحتل المركز التاسع في جدول الدوري بفارق 10 نقاط عن المتصدر آرسنال، بعدما اكتفى بسبعة انتصارات فقط في أول 15 مباراة. وسجل صلاح 4 أهداف فقط في 13 مباراة ضمن الدوري الممتاز.

وواصل روني انتقاداته؛ مشيراً إلى تصريح صلاح بأن «عليه ألا يقاتل يومياً من أجل مركزه؛ لأنه سبق أن أثبت نفسه». وقال روني: «الزمن يلحق بالجميع، وهذا الموسم لم يظهر صلاح في أفضل حالاته. كان عليه أن يرفع التحدي ويقول: حسنٌ، سأثبت نفسي».

وأضاف: «لو كنت زميلاً له، لما تقبَّلت ما قاله. ليفربول يحتاج إليه الآن أكثر من أي وقت مضى. ولكنه بكلماته هذه رمى النادي تحت الحافلة. لقد كان مذهلاً طوال مسيرته مع ليفربول، ولكن ما قاله كان عدم احترام لزملائه ولمدربه وللجماهير».

وحذَّر روني من تأثير سلوكه داخل غرفة الملابس، قائلاً: «أتوقع أنه سيكون صامتاً جداً في التدريبات، وهذا سيخلق طاقة سلبية أمام اللاعبين الجدد الذين يعمل سلوت على دمجهم. وأعتقد أنه سيندم على ما قاله خلال العامين المقبلين».


الهلال يتحرَّك لضم محمد صلاح بعد تصريحاته النارية

محمد صلاح (أ.ف.ب)
محمد صلاح (أ.ف.ب)
TT

الهلال يتحرَّك لضم محمد صلاح بعد تصريحاته النارية

محمد صلاح (أ.ف.ب)
محمد صلاح (أ.ف.ب)

يستعد نادي الهلال السعودي للتقدم بعرض رسمي في فترة الانتقالات الشتوية، للتعاقد مع النجم المصري محمد صلاح، وذلك عقب التصريحات الصادمة التي أدلى بها اللاعب، والتي لمَّح فيها إلى أن ليفربول يريد التخلص منه، مؤكداً أنه شعر بأنه تمَّ «رميه تحت الحافلة» من قبل المدير الفني آرني سلوت وإدارة النادي.

وحسب «بي بي سي» البريطانية، فإن صلاح -البالغ من العمر 33 عاماً- فجَّر حالة من الجدل بعد هجومه اللاذع على ليفربول، عقب التعادل المثير أمام ليدز بنتيجة 3-3، وهي المباراة الثالثة على التوالي التي يبدأ فيها النجم المصري على مقاعد البدلاء، في مؤشر واضح على توتُّر العلاقة بين الطرفين. ويُعد هذا التوتر السبب المباشر الذي دفع الهلال لتكثيف تحركاته، في ظل قناعة الأندية السعودية بأن اللحظة أصبحت مناسبة لحسم الصفقة، وسط ما وصفته الصحيفة بـ«انهيار الثقة» بين صلاح وإدارة ليفربول.

ووفقاً لـ«ذا صن»، فقد عبَّر صلاح عن استيائه الشديد من الطريقة التي تتم معاملته بها داخل النادي؛ مشيراً إلى أن وعوداً قُطعت له عند توقيع عقده الجديد قبل أشهر لم يتم الالتزام بها. كما لمح اللاعب إلى أن مواجهة برايتون المقبلة في «آنفيلد» قد تكون الأخيرة له بقميص ليفربول، قبل التحاقه بمنتخب مصر للمشاركة في كأس الأمم الأفريقية، وهو ما يفتح الباب أمام إتمام انتقاله في يناير (كانون الثاني)، بالتزامن مع فترة غيابه عن الفريق.

وأضافت التقارير أن الهلال يعدُّ الأكثر جدية للتحرك نحو ضم صلاح؛ خصوصاً بعد نجاحه في استقطاب داروين نونيز من ليفربول خلال الصيف الماضي، بينما لا تزال أندية سعودية أخرى تبدي اهتماماً قوياً بالصفقة التي تراها استثماراً نوعياً للدوري السعودي.

ولكن الصحيفة أوضحت أن أي عرض جديد سيكون بعيداً كل البعد عن العرض الضخم الذي قُدِّم لليفربول قبل عامين، والذي وصل إلى 150 مليون جنيه إسترليني، مؤكدة أن تقدُّم صلاح في العمر، إضافة إلى تصريحاته الأخيرة التي كشفت عمق الخلافات مع إدارة النادي، تمنح الأندية السعودية قدرة أكبر على التفاوض لصفقة «بسعر مخفَّض».

وحسب «ذا صن»، فإن صلاح يشعر بأن النادي خذله، وأن موقعه داخل الفريق اهتز، وهو ما جعله يصرِّح علنا بأن «أحدهم لا يريده في النادي»، في أقوى اعتراف يخرج منه منذ وصوله إلى ليفربول.

وتؤكد المصادر أن الساعات المقبلة ستكون حاسمة؛ خصوصاً أن مستقبل العلاقة بين صلاح وليفربول بات في مفترق طرق، بينما يتحرك الهلال بخطوات متقدمة لاستغلال الموقف، وحسم إحدى أكبر الصفقات في تاريخ الكرة العربية.


حَقن «الفيلر» قد يؤدي إلى مضاعفات قاتلة... وتقنية جديدة تكشفها مبكراً

تقنية الموجات فوق الصوتية يمكنها رصد الانسدادات الخطرة (بكساباي)
تقنية الموجات فوق الصوتية يمكنها رصد الانسدادات الخطرة (بكساباي)
TT

حَقن «الفيلر» قد يؤدي إلى مضاعفات قاتلة... وتقنية جديدة تكشفها مبكراً

تقنية الموجات فوق الصوتية يمكنها رصد الانسدادات الخطرة (بكساباي)
تقنية الموجات فوق الصوتية يمكنها رصد الانسدادات الخطرة (بكساباي)

يُجرى في الولايات المتحدة أكثر من 5 ملايين عملية حقن تجميلي سنوياً، لكن هذه المواد القابلة للحقن قد تسدُّ أحياناً أوعية دموية أساسية، مما قد يعرِّض المرضى لأذى خطير.

وفي دراسة عُرضت هذا الأسبوع، خلال الاجتماع السنوي لجمعية الطب الإشعاعي في أميركا الشمالية (RSNA) في شيكاغو، تبيَّن للأطباء أن تقنية الموجات فوق الصوتية يمكنها رصد هذه الانسدادات الخطرة في وقت مبكر بما يكفي، لتوجيه العلاج والمساعدة في منع الإصابات الدائمة.

وحسب بيان صحافي، حلَّل الباحثون بيانات 100 مريض في 6 مواقع مختلفة، عانوا من مضاعفات وعائية بعد حقن حشوات حمض «الهيالورونيك»، وجُمعت البيانات بين مايو (أيار) 2022 وأبريل (نيسان) 2025.

ووجد الباحثون أن الموجات فوق الصوتية نجحت في كشف حالات الانسداد الوعائي، وهو انسداد في أحد الأوعية الدموية يمنع تدفُّق الدم الطبيعي.

وإذا تُركت هذه الحالة من دون علاج، فقد تؤدي إلى الألم وتلف الجلد والتندُّب، وفي الحالات الشديدة قد تتسبب في فقدان البصر أو السكتة الدماغية.

وقالت الباحثة الرئيسية، روزا ماريا سيلفيرا سيغريست، وهي طبيبة أشعة في جامعة ساو باولو بالبرازيل، في تصريح لـ«فوكس نيوز»، إن «موجات دوبلر فوق الصوتية تساعد الأطباء على رؤية مكان وجود الحشوة بدقة، وكيفية تدفُّق الدم في الوقت الفعلي، وما إذا كانت الأوعية الدموية قد تأثرت بعد الإجراء التجميلي».

وأضافت: «الفحص السريري يظلُّ مهماً جداً، ولكن التصوير بالموجات فوق الصوتية يزوِّدنا بمعلومات إضافية تجعل التقييم أكثر أماناً والعلاج أكثر دقة».

ووفق نتائج الدراسة، كان لدى أكثر من 40 في المائة من المرضى انسداد في الأوعية الثاقبة، وهي أوعية دموية صغيرة تربط بين الشرايين، بينما أظهر 35 في المائة غياباً في تدفُّق الدم داخل شرايين وجهية رئيسية.

وتم تحديد منطقة الأنف بوصفها الأعلى خطراً؛ إذ يمر الشريان الأنفي الجانبي بمحاذاة جانب الأنف، ويغذي شرايين أكبر تمتدُّ نحو العين والدماغ.

وقال الدكتور أنتوني بيرليت، وهو جرَّاح تجميل معتمد في ولاية نيوجيرسي، ولم يشارك في الدراسة، لـ«فوكس نيوز»، إن «الانسداد الوعائي بعد حقن (الفيلر) قد يؤدي إلى نتائج مدمِّرة، تشمل نخر الجلد وفقدان الأنسجة، وفي أسوأ الحالات العمى، أو حتى السكتة الدماغية».

وأضاف: «بمجرد انسداد شريان حيوي -مثل الشريان المغذي لشبكية العين أو الجلد- بسبب مادة الحشو أو جلطة، قد يصبح الضرر غير قابل للعكس».

ومن جهته، أوضح جرَّاح التجميل الدكتور صامويل غولبانيان، أن خطر الانسداد الوعائي ينبغي أن يكون أقل من 1 في المائة، عند إجراء الحقن على يد متخصص مرخَّص وذي خبرة يستخدم التقنيات المناسبة.

وتابع: «لكن إذا أُجري الحقن على يد شخص غير مدرَّب، أو باستخدام إبر أو أساليب خاطئة، فقد ترتفع معدلات المضاعفات إلى ما بين 10 و20 في المائة، وهو أمر غير مقبول إطلاقاً».

وساعد التصوير بالموجات فوق الصوتية الأطباء في تحديد مواقع الانسدادات بدقة، ما أتاح لهم حقن إنزيم مُذيب «هيالورونيداز» مباشرة في الأماكن المطلوبة، وتجنُّب استخدام جرعات كبيرة تُعطى بطريقة تخمينية.

وأشار الباحثون إلى أن استخدام الموجات فوق الصوتية في أثناء عملية الحقن نفسها قد يسهم في الوقاية من إصابات الأوعية الدموية، ويتيح علاجاً أسرع وأكثر دقة في حال حدوث انسدادات.

وقال الدكتور أسِف بيراني، وهو جرَّاح تجميل معتمد في تورونتو بكندا، في تصريح لـ«فوكس نيوز»: «من الناحية المثالية، يجب دمج الموجات فوق الصوتية ضمن الرعاية، بطريقة تدعم اتخاذ القرارات في الوقت المناسب؛ سواء أكانت أداة فورية في أيدي مختصين مُدرَّبين، أم لتأكيد الخطة العلاجية وتحسينها بعد بدء التدخل الإسعافي الأولي».

وللحدِّ من المضاعفات الخطيرة، شدَّد بيراني -وهو أيضاً خبير مستقل لم يشارك في الدراسة- على ضرورة أن تُجرى العلاجات القابلة للحقن على يد مختصين معتمدين، يمتلكون تدريباً رسمياً في تشريح الوجه وبروتوكولات التعامل مع المضاعفات.

قيود الدراسة

أُشير إلى عدد من القيود، منها صِغر حجم العيِّنة نسبياً (100 بالغ)، إضافة إلى أن الدراسة لم تخضع بعد للمراجعة العلمية من قِبل الأقران.

وقالت الباحثة الرئيسية لـ«فوكس نيوز»: «لاحظنا أيضاً أن فحص دوبلر يُجرى بطرق مختلفة، حتى بين المتخصصين ذوي الخبرة العالية، وهذا يبرز أهمية وضع إرشادات واضحة وموحَّدة، لضمان إجراء الفحص بطريقة أكثر اتساقاً».

كما أن جميع المشاركين في الدراسة كانوا قد عانوا من مضاعفات شديدة، ما يعني أن النتائج قد لا تنطبق على الحالات الأخف، أو على أنواع أخرى من مواد الحشو.

وقد يكون هناك أيضاً قدر من التحيُّز الجغرافي؛ إذ أُجري البحث في البرازيل؛ حيث قد تختلف معايير التدريب عن تلك المعتمدة في الولايات المتحدة.

وأشارت الدراسة إلى أن هناك حاجة لإجراء بحوث مستقبلية تشمل أعداداً أكبر من المرضى على مدى فترات أطول، ولمتابعة تعافيهم بعد تلقي العلاج الموجَّه بالموجات فوق الصوتية.