«مهرجان الأفلام الأوروبية» فرصة لتحفيز مواهب سينمائية شبابية

يقدم تحية تكريمية للممثل الراحل شوقي متى

ملصق المهرجان
ملصق المهرجان
TT

«مهرجان الأفلام الأوروبية» فرصة لتحفيز مواهب سينمائية شبابية

ملصق المهرجان
ملصق المهرجان

يخصص «مهرجان الأفلام الأوروبية» في نسخته السابعة والعشرين مساحة للمواهب السينمائية الشابة في لبنان؛ فضمن برنامجه لهذه السنة وانطلاقاً من دعمه لها، يقدم المهرجان 3 جوائز للأفلام المشاركة عن مسابقة الأفلام القصيرة، فيتيح للفائزين فرصة حضور مهرجان سينمائي دولي رائد في أوروبا في عام 2023، بدعم من «معهد غوته - لبنان» و«المعهد الفرنسي» وسفارة بولندا لدى لبنان. كما يشارك 6 شبان وشابات، تتراوح أعمارهم بين 16 و18 عاماً، في ورشة عمل بعنوان «تعبير» فيما بين 4 و6 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وذلك لإنتاج مذكرات فيديو قصيرة. وتصوّر التدريبات في المحيط المباشر لورشة العمل كما في المنزل بإدارة المخرجة كورين شاوي والأستاذة الجامعية يارا نشواتي، وستتوليان مهمة تشجيع المشاركين على تحديد لغة الفيلم الخاصة بهم وتطويرها.
وتستضيف بيروت هذا الحدث من 4 حتى 16 نوفمبر، وهو من تنظيم بعثة الاتحاد الأوروبي لدى لبنان، بالشراكة مع جمعية «متروبوليس سينما»، وبالتعاون مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. افتتح المهرجان مع فيلم «أنيت» للمخرج ليوس كاراكس، وقد خُصص عرض أولي له لأهل الصحافة في 28 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي في صالات سينما «مونتاين» في «المركز الفرنسي». وسبق أن عرض هذا الفيلم؛ من بطولة ماريون كوتيار وآدم درايفر، في افتتاح مهرجان «كان» السينمائي في عام 2021؛ حيث فاز بجائزتي «أفضل مخرج» و«أفضل موسيقى تصويرية». كما حصد مجموعة من الجوائز، من ضمنها 5 جوائز «سيزار» في عام 2022 عن عدد من الفئات؛ أبرزها «أفضل مخرج» و«أفضل موسيقى أصلية» و«أفضل مونتاج». وستتنقل عروض المهرجان السينمائية في مناطق وصالات سينما لبنانية عدة تطول جونية وصيدا وطرابلس والقبيات وجبيل ودير القمر وعيتا الفخار وزحلة والهرمل. أما أبواب الصالات التي تفتح أبوابها لعروض الأفلام المشاركة في بيروت، فتشمل سينما «مونتاين» في «المركز الثقافي الفرنسي» و«معهد الفنون الجميلة - الفرع الثاني»، وسينما «غالاكسي غراند» سينما.
ويتضمن المهرجان عروضاً لـ24 فيلماً روائياً حديثاً من أوروبا؛ بينها ما حصل على جوائز تقديرية عالمية. وتحمل بعض العروض لفتات تكريمية لعدد من الممثلين المشهورين في أوروبا ولبنان؛ فالفيلم الكلاسيكي «The Conformist» (إخراج برناردو بيرتولوتشي)، بمثابة تكريم للممثل الفرنسي جان لويس ترنتينيان. أما الفيلم الكلاسيكي «L’Eclisse» (إخراج مايكل أنجلو أنطونيوني) فيعرض تخليداً لذكرى الممثلة الإيطالية مونيكا فيتي. وفيلم «حسناء وعمالقة» (إخراج سمير الغصيني) يشكل لفتة تكريمية أخرى للممثل والمنتج اللبناني الراحل شوقي متى. ومن الأفلام المعروضة في المهرجان «أراك يوم الجمعة يا روبنسون «A vendredi, Robinson» (إخراج ميترا فاراهاني) تكريماً لجان لوك غودار في ختام المهرجان. ويشهد أيضاً 6 أفلام قصيرة من جولة الأفلام القصيرة لـ«أكاديمية السينما الأوروبية»؛ من ضمنها الشريط الفائز بـ«مسابقة الفيلم القصير الأوروبية - 2021»، و12 فيلماً قصيراً لمخرجين لبنانيين واعدين يتنافسون على الفوز بجوائز تقدمها الدول الأعضاء لـ10 أفلام صور متحركة قصيرة من لبنان والدنمارك ضمن البرنامج الخاص «YAP x ANIMOK» و«لقاء بيروت وفيبورغ» و«تعبير» (ورشة تعبير عبر الأفلام).

واختار المهرجان واحداً من أقدم أفلام الصور المتحركة الطويلة (مغامرات الأمير أحمد) ليشارك في عروض المهرجان. كما يشكل العرض الموسيقي السينمائي أحد الأحداث الخاصة بهذا المهرجان هذا العام، مع عروض مرتقبة في بيروت وصيدا وطرابلس بالتعاون مع جمعية «متروبوليس سينما» و«ارتجال». وسيقوم بالعزف الموسيقي 4 موسيقيين لبنانيين هم: أنطوني صهيون، وجاد عطوي، وباسكال سمرجيان، وفادي طبال.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، تشير نسرين وهبي، المسؤولة عن تنظيم المهرجان في جمعية «متروبوليس»، إلى أن هذه السنة اختار المهرجان اللبنانية مارلين مقبل لتصميم الملصق الخاص به. وتضيف: «إنها الرسامة اللبنانية والفنانة الكوميدية مارلين مقبل، وقد اختيرت عقب مسابقة أُطلقت عبر الإنترنت. ويتوخى الملصق تقديم تكريم للمخرج الفرنسي السويسري الشهير جان لوك غودار، من خلال عين ملهمته الممثلة الدنماركية آنا كارينا من الفيلم الكلاسيكي (ألفافيل)». وفي الخط، صدى واضح لفيلم «بييرو المجنون (Pierrot le Fou) » الكلاسيكي لغودار أيضاً.
ويختم «مهرجان «الأفلام الأوروبية» فعالياته مع فيلم «أراك يوم الجمعة يا روبنسون» للمخرجة ميترا فاراهاني. وقد عرض للمرة الأولى ضمن «مهرجان برلين السينمائي الدولي» في عام 2022، وهو يجمع بين أسطورتين من الجيل نفسه، جان لوك غودار وإبراهيم غلستان. وشارك في إنتاج الفيلم؛ الذي حصد جائزة لجنة التحكيم الخاصة بقسم (Encounters) في «مهرجان برلين السينمائي»، المنتج اللبناني جورج شقير.



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.