«الرخصة الذهبية»... هل تعالج «معوقات» الاستثمار بمصر؟

بعد إعلان السيسي منحها لـ«تسريع النشاط»

السيسي خلال جولة بالمعرض الدولي الأول للصناعة بمصر (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال جولة بالمعرض الدولي الأول للصناعة بمصر (الرئاسة المصرية)
TT

«الرخصة الذهبية»... هل تعالج «معوقات» الاستثمار بمصر؟

السيسي خلال جولة بالمعرض الدولي الأول للصناعة بمصر (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال جولة بالمعرض الدولي الأول للصناعة بمصر (الرئاسة المصرية)

بعد يوم واحد من إعلان البنك المركزي المصري تحرير سعر الصرف، ومن ثم تحقيق الدولار الأميركي ارتفاعاً غير مسبوق أمام الجنيه المصري، مما أفقد العملة المحلية نحو 14 في المائة من قيمتها أمام نظيرتها الأميركية؛ اتجهت الحكومة المصرية نحو بعض الإجراءات التي من شأنها «الحد من آثار الأزمة الاقتصادية باجتذاب المستثمر الأجنبي للسوق المصري»، وجاء على رأس القرارات إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي تمرير «الرخصة الذهبية» لجميع المستثمرين الذين قد تقدموا للحصول عليها خلال الفترة الماضية، ولمدة 3 أشهر قادمة.
وحسب حديث السيسي في افتتاح الملتقى والمعرض الدولي للصناعة، السبت، فإن التكليف الصادر جاء بغرض تسهيل الإجراءات أمام المستثمر الأجنبي، ومن ثم تعزيز السوق وخفض سعر الصرف.
وحول مدى جدوى تفعيل «الرخصة الذهبية»، يرى جمال محرم، رئيس غرفة التجارة المصرية الأميركية السابق ورئيس الاتحاد المصري للتخصيم، أن هذه الخطوة من شأنها إزالة أهم عقبة أمام المستثمر الأجنبي، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «(الرخصة الذهبية) تختصر على المستثمر من 15 إلى 20 رخصة يستوجب إصدارها داخل مصر لإطلاق شركة، لتصبح خطوة واحدة. لا يخفى على أحد أن تعقيد استخراج التراخيص واحد من أكبر معوقات الاستثمار. ثمة مشروعات كبرى توقفت لهذا السبب، من ثم أتوقع أن يكون لهذا التوجيه الأثر الفعال في جذب الاستثمارات الأجنبية».
ويرى محرم، أن تقييد «الرخصة الذهبية» بـ3 أشهر هو اختبار للطرفين، ويقول: «أتصور أن القيادة المصرية تسعى لتعزيز الاستثمار، غير أن الأمر مشروط بفاعليته، وتحديد مدة زمنية من شأنه قياس مدى جدوى الرخصة من جانب، ومدى جدية المستثمر والتزامه بقوانين الاستثمار من جانب آخر». ويردف: «صحيح أن تقليص الإجراءات سينعكس على السوق المصري، غير أن ما ينتظره المستثمر الأجنبي لا يقتصر على ذلك، بل يكتمل بـ(تثبيت القرارات)؛ لأن المستثمر يطلق مشروعه حسب دراسة جدوى محددة تضمن له زيادة رأس المال خلال عدد من السنوات، لكن القرارات المفاجئة قد تربك هذا المسار، ومن ثم يصبح السوق المصري طارداً للاستثمار الأجنبي».
وحسب قانون الاستثمار المصري، فإن «الرخصة الذهبية» ليست خطوة وليدة اللحظة، بل هي محاولة أطلقتها الحكومة المصرية بالفعل في 2017. ويوضح المحلل الاقتصادي المصري، مصباح قطب، مستشار وزير المالية الأسبق، أن هذه الرخصة الاستثنائية صدرت بالتوازي مع قرار آخر يسمح لشركات مصرية بإنجاز الإجراءات نيابة عن المستثمر الأجنبي، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «ذهبت هيئة التنمية الصناعية خلال الـ5 سنوات الأخيرة إلى عدد من القرارات من شأنها تعزيز الاستثمار الأجنبي، من بينها (الرخصة الذهبية) التي جاءت شريطة أن تكون الاستثمارات ذات صلة بالمشروعات القومية، مثل الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر وبعض مشروعات البنية التحتية وتحلية مياه البحر، غير أن توجيه الرئيس فتح المجال أمام جميع المستثمرين لاقتحام السوق، لينعكس ذلك من خلال حراك فعلي ومؤثر في الاقتصاد المصري».
وأشار قطب إلى أن «الرخصة الذهبية» لن تعفي المستثمر الأجنبي من التزاماته المنصوص عليها في القانون المصري، وأوضح: «تتجه مصر نحو الاستثمار الأخضر، ومن ثم لن تسمح بدخول مشروعات من شأنها إلحاق أي ضرر بالبيئة، وكذلك بالأمن القومي، ومن ثم (الرخصة الذهبية) من شأنها فقط تقليص الإجراءات البيروقراطية التي هي آفة يعاني منها الاستثمار».
وحسب تقرير صدر عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، فقد بلغ حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر خلال العام المالي 2020-2021، نحو 5.2 مليار دولار، لتحتل المركز الثالث بين دول الشرق الأوسط، بنسبة 16.4 في المائة من إجمالي التدفقات الاستثمارية في المنطقة العربية خلال 2021، حسب تقرير نشره مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار.
من جانبه، يُثمّن وائل زيادة، المؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة «زيلا كابيتال» للاستثمار، تفعيل «الرخصة الذهبية»، ويرى أنها تعكس رغبة جادة من قبل الدولة لتوفير بيئة اقتصادية تنافسية، ويتوقع أن تكون أحد المحفزات الاقتصادية لجذب الاستثمارات للدولة، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن الحكومة تستهدف زيادة مشاركة القطاع الخاص إلى 65 في المائة من إجمالي الاستثمارات المنفذة بعد أن كانت 30 في المائة هذا العام، وأتصور أن تفي (الرخصة الذهبية) بالمستهدف».
ويرى زيادة، أن هذه الخطوة تتماشى مع حزمة قرارات كانت قد اتخذتها القيادة المصرية خلال الفترة السابقة بغرض تعزيز بيئة الاستثمار، ويوضح: «الرئيس السيسي يدعم القطاع الخاص، ويعزز مشاركته في النشاط الاقتصادي، وانعكس ذلك في الاتجاه إلى إدارة الأصول المملوكة للدولة بمستهدفات تصل إلى 10 مليارات دولار سنوياً ولمدة 4 سنوات، بالإضافة إلى طرح شركات مملوكة للقوات المسلحة في البورصة، كل هذا سينعكس ليوفر بيئة جاذبة للمستثمر».
وعن المردود المتوقع لـ«الرخصة الذهبية»، يرى زيادة أن «المستثمرين أمامهم فرصة ذهبية لاستغلال تلك الإجراءات الحكومية، ولا سيما أن مصر تمتلك فرصاً استثمارية واعدة، أمام المستثمرين المصريين والأجانب على حد سواء، كما أنها سوق ضخم يستوعب الكثير من الصناعات في المجالات المختلفة». ويردف: «المرحلة الراهنة هي مرحلة (اقتناص الفرص)، ولا سيما بعد تعزيز البنية التحتية وتوفير مصادر متنوعة للطاقة قادرة على تشغيل الصناعات المتنوعة».



 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».