مظاهرات في الرباط ضد اعتقال فتاتين بتهمة «الإخلال بالحياء العام»

المعارضة اعتبرته مقدمة للتطرف وتحذر من ضرب استقرار البلاد

متظاهرات ضد اعتقال فتاتين مغربيتين بتهمة عدم الاحتشام وسط الرباط أمس (إ.ب.أ)
متظاهرات ضد اعتقال فتاتين مغربيتين بتهمة عدم الاحتشام وسط الرباط أمس (إ.ب.أ)
TT

مظاهرات في الرباط ضد اعتقال فتاتين بتهمة «الإخلال بالحياء العام»

متظاهرات ضد اعتقال فتاتين مغربيتين بتهمة عدم الاحتشام وسط الرباط أمس (إ.ب.أ)
متظاهرات ضد اعتقال فتاتين مغربيتين بتهمة عدم الاحتشام وسط الرباط أمس (إ.ب.أ)

تحولت قضية اعتقال فتاتين مغربيتين من مدينة انزكان جنوب المغرب، بتهمة «الإخلال بالحياء العام» لارتدائهما تنورتين قصيرتين، إلى قضية سياسية مثيرة تتعلق بالتشدد في البلاد.
وتظاهر ليلة أول من أمس أمام مقر البرلمان بالرباط عدد من الحقوقيين والمنتمين لأحزاب المعارضة للتنديد بمتابعة الفتاتين، وحملت بعض لافتات «تنورتي.. حريتي».
ووصفت النائبة عن حزب الأصالة والمعاصرة المعارض «متابعة الفتاتين» خديجة الرويسي، خلالها مشاركتها في المظاهرة، على أنه «اعتداء خطير على الحرية وتراجعا عن الحقوق والحريات المكفولة للنساء»، ونظمت الرويسي احتجاجات أيضا في الدار البيضاء وأغادير.
واعتبرت المعارضة الحادث مظهرا من مظاهر الاعتداء على الحريات ومقدمة لنشر التعصب والتطرف، واتهمت أحزاب الأغلبية المعارضة باستغلال هذه القضية لإثارة الرأي العام وتحريضه، محذرة من ضرب استقرار البلاد.
وكانت السلطات الأمنية قد اعتقلت الفتاتين قبل أسبوع بعد شجار جرى بينهما وأحد الباعة الجائلين ليتحول الأمر إلى معاكسة وتحرش بالفتاتين من قبل شبان آخرين بسبب لباسهما القصير وأن الحادث تزامن مع شهر رمضان.
ودخلت قوات الأمن لفض الاشتباك بين الطرفين، واعتقلت الفتاتين ووجهت لهما تهمة «الإخلال بالحياء العام» حيث من المقرر أن يمثلا أمام المحكمة في 6 يوليو (تموز) المقبل بعد متابعتهما في حالة إفراج.
وانتشر فيديو قصير قبل أيام على الموقع الإلكتروني «يوتيوب» يلخص الحادث على أنه اعتقال فتاتين بسبب لباسهما «غير المحتشم» فتفاعل معه رواد مواقع التواصل الاجتماعي، واحتج كثيرون على توقيف الفتاتين، من قبل قوات الأمن بدل حمايتهما من «المتطرفين».
ولكن الحادث أخذ أبعادا أخرى عندما التقطه معارضون ونشطاء الجمعيات الحقوقية، الذين دعوا إلى تنظيم وقفات احتجاج ضد «الاعتداء على الحريات الفردية» محملين الحكومة مسؤولية التراجع عن الحقوق والمكتسبات.
ومما أعطى للقضية زخما سياسيا أكبر هو تزامنها مع الأحداث الإرهابية التي عرفتها فرنسا تونس والكويت.
وقال وزير الخارجية المغربي ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار المشارك في الحكومة صلاح الدين مزوار أمس إن «الحدث ينطوي على أبعاد في منتهى الخطورة، إذ يؤشر إلى كون التشدد الديني الدخيل على ديننا وعلى بلادنا يصر على فرض تصوره لشؤون الحياة على المواطنين، وأضاف: «شكلا من أشكال الإرهاب الذي يهدد الحرية والحقوق التي يكفلها الدستور»، كما عده «تطاولا على سلطة الدولة».
وعبر مزوار عن «قلقه لتوالي مثل هذه الزوابع التي تخفي وراءها نزوعا نحو نشر أجواء التطرف والخوف تحت مبرر الأخلاق وتحويل المجتمع عن مسار الاهتمام بقضاياه الملحة مثل التعليم، والصحة، والتشغيل، والعدل، والوحدة الترابية، والتهديدات الخارجية».
ودعا الوزير الخارجية الجميع إلى تحمل المسؤولية أمام هذه التطورات الخطيرة حفاظا على استقرار البلاد، وعلى طابع الوسطية والاعتدال الذي تعتبر مؤسسة أمير المؤمنين ضامنه الأول.
وبدوره دافع الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بن عبد الله عن موقف الحكومة إزاء حادث متابعة الفتاتين، وقال إن «هناك إجماعا داخل الحكومة على أن ما حدث غير مقبول»، وكشف أن عبد الإله بن كيران رئيس الحكومة أجرى اتصالات فورية عقب إثارة هذه القضية التي تؤثر على سمعة البلاد في الخارج.
واتهم بن عبد الله المعارضة باستغلال هذه القضية للتشويش على الحكومة، وتحويل الصراع بينهما إلى صراع «سطحي ومهزوز عن الهوية»، منتقدا إثارتها الجدل حول قضايا مفتعلة وإهمالها القضايا الكبرى مثل التعليم.
ومن جهته، صرح حزب الاتحاد الاشتراكي المعارض في بيان بأن الحادث يمثل «تهديدا للمكتسبات التي حققها المغرب في مجال ترسيخ ثقافة الاعتدال والتسامح وقيم التعايش وحقوق الإنسان».



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.