تحديد آلية لتفتيش المنشآت الإيرانية مع انتهاء المهلة المتفق عليها للمفاوضات

كيري يمكث في فيينا بانتظار عودة ظريف للتوصل إلى اتفاق نووي

وزير الخارجية الأميركي جون كيري والوفد المرافق له يلتقون المدير العالم للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو في فيينا أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري والوفد المرافق له يلتقون المدير العالم للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو في فيينا أمس (أ.ف.ب)
TT

تحديد آلية لتفتيش المنشآت الإيرانية مع انتهاء المهلة المتفق عليها للمفاوضات

وزير الخارجية الأميركي جون كيري والوفد المرافق له يلتقون المدير العالم للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو في فيينا أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري والوفد المرافق له يلتقون المدير العالم للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو في فيينا أمس (أ.ف.ب)

هدوء سمج وترقب حذر يسودان الأجواء حول قصر الكوبورغ بالعاصمة النمساوية منذ يوم أمس في انتظار ما سيعود به وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي قطع المفاوضات عائدا إلى طهران. وبينما بررت مصادر إيرانية سفر ظريف بأنه لـ«التشاور»، رجحت مصادر غربية أنه يبحث عن المزيد من التفويض في المجال النووي.
وظل وزير الخارجية الأميركي جون كيري باقيا بفيينا ولم يصل وزيرا الخارجية الروسي والصيني بعد، بينما غادرها كذلك كل من وزراء خارجية بريطانيا وألمانيا عائدين إلى عواصمهما، والفرنسي لوران فابيوس توجه إلى نيويورك. وفي مؤشر محتمل على حدوث تقدم، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس بأنه سيتوجه إلى فيينا اليوم تزامنا مع عودة وزير الخارجية الإيراني.
كما أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس العودة إلى فيينا «هذا الأسبوع» لمتابعة المفاوضات حول الملف النووي الإيراني. وصرح الوزير الفرنسي لصحافيين في نيويورك أنه مستعد للعودة إلى فيينا «في أي لحظة عندما سيكون ذلك ضروريا» قبل أن يضيف «هذا الأسبوع بالتأكيد». ولم يتضح ما إذا كان وزراء خارجية بريطانيا وألمانيا والصين سيعودون إلى فيينا.
وفيما أعلن ظريف أنه سيعود إلى فيينا، اليوم الثلاثاء، غير معلوم متى سيعقد الطرفان جلسة مكتملة بعد أن اتفقوا على تمديد المفاوضات لبضعة أيام عدة.
وكان من المقرر أن تنتهي اليوم المهلة التي اتفقت عليها إيران والمجموعة الدولية كموعد لتوقيع اتفاق الإطار الذي توصلت إليه في لوزان يوم 2 أبريل (نيسان) الماضي واستنادا عليه يواصلان مفاوضاتهما الحالية بحثا عن حل نهائي لقضية الملف النووي الإيراني بموجبه تقلص إيران من نشاطها النووي المثير للجدل مقابل رفع للعقوبات.
وأعلن مسؤول أميركي رفيع المستوى أمس أنه تم التوصل إلى نظام خلال المحادثات بين إيران والدول الكبرى يسمح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بدخول جميع المواقع الإيرانية المشتبه بها. وقال المسؤول الذي لم يشأ كشف هويته: «لقد حددنا نظاما نعتقد أنه سيتيح للوكالة الدولية للطاقة الذرية دخول (المواقع) التي تحتاج إليها»، موضحا أن إيران لن تكون مجبرة على السماح بدخول كل مواقعها العسكرية.
وسبق أن رفض المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي مرارا أي تفتيش للمواقع العسكرية الإيرانية من جانب الوكالة الذرية. وأضاف المسؤول أن «الفكرة ليست في تمكيننا من دخول كل موقع عسكري (إيراني)، لأن الولايات المتحدة نفسها لن تسمح لأي كان بدخول أي موقع عسكري فيها، لذلك فهذا الأمر غير مناسب». وتابع أن «لكل الدول أهدافا عسكرية تقليدية وأسرارا عسكرية لا ترغب في أن تتقاسمها مع الآخرين». وتدارك «ولكن إذا رأت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار الاتفاق أنها تحتاج إلى السماح لها بدخول (بعض المواقع) ولديها سبب لذلك، فإن لدينا إجراء للسماح بالدخول».
وفي الوقت نفسه، نفى المسؤول الأميركي التلميحات التي طرحها منتقدون إلى أن الولايات المتحدة سترضخ لإيران من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن كبح برنامج طهران النووي. وقال المسؤول الذي تحدث للصحافيين مشترطا عدم الكشف عن اسمه أن المفاوضين لا يزالون يأملون في نجاح الجولة الحالية من المفاوضات في فيينا وأنه لا أحد يتحدث عن تمديد طويل الأجل للمحادثات. ولكنه أضاف أنه لا يعلم ما إذا كان سيتم التوصل إلى اتفاق. وقال المسؤول بأنه لو كانت الولايات المتحدة ترغب في تقديم تنازلات كبيرة للتوصل إلى اتفاق لفعلت ذلك منذ فترة طويلة وأن مثل تلك الانتقادات «سخيفة».
وبدوره، صرح وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس بأنه من المبكر القول ما إذا كانت المفاوضات الصعبة مع إيران للتوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي ستنجح، ورد على سؤال حول ما إذا كانت المحادثات في فيينا تحرز تقدما: «نحن نعمل، ومن المبكر جدا إصدار أي أحكام». وتأتي تصريحاته بعد مشاورات مكثفة خلال اليومين الماضيين مع نظرائه من الدول الخمس الكبرى إضافة إلى إيران.
والتقى وزير الخارجية الأميركي أمس في مقر إقامته بمدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو. هذا ولم يصدر عن الجانبين أي تصريحات بخصوص اللقاءات التي تكررت ثلاث مرات خلال اليومين الماضيين. ووصفت مصادر دبلوماسية الغربية تلك الاجتماعات بـ«المهمة» في البحث عن كيفية محاصرة إيران التي تتهمها أطراف غربية بمحاولات التملص مما وافقت عليه ضمن اتفاق الإطار الذي تقلص بنوده بعض الأنشطة النووية الإيرانية الحساسة بنسبة الثلثين ولفترات تتراوح ما بين 10 - 20 سنة.
ومن جانبهم واصل المديرون السياسيون والخبراء بمقر المفاوضات بقصر الكوبورغ أمس، اجتماعاتهم. وعلمت «الشرق الأوسط» أنهم عاودا طرح مسائل تقنية فنية بسبب تغيير في الموقف الإيراني إزاء بعض النقاط الفنية. وفي هذا السياق كان وزير الخارجية الإيراني قد صرح قبيل مغادرته أن التعليمات قد صدرت لزملائه في الوفد المفاوض للعمل على نص صياغة الاتفاق حتى يأتي الوزراء للبحث في القضايا السياسية.
ومن أهم القضايا السياسية التي ما تزال عالقة وتيرة رفع العقوبات وقضية ضمان عمل المفتشين الدوليين للتحقق من اتهامات بأبعاد عسكرية تلاحق النشاط النووي الإيراني.



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».