خروق الميليشيات ومتفجراتها تهدد حياة المدنيين غرب اليمن

انخفاض معدلات النزوح 92%

متطوعون يوزعون حصصاً غذائية على الأسر اليمنية الفقيرة في صنعاء (إ.ب.أ)
متطوعون يوزعون حصصاً غذائية على الأسر اليمنية الفقيرة في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

خروق الميليشيات ومتفجراتها تهدد حياة المدنيين غرب اليمن

متطوعون يوزعون حصصاً غذائية على الأسر اليمنية الفقيرة في صنعاء (إ.ب.أ)
متطوعون يوزعون حصصاً غذائية على الأسر اليمنية الفقيرة في صنعاء (إ.ب.أ)

رغم حديث المجتمع الدولي عن المكاسب الكبيرة التي تحققت للمدنيين، خلال أشهر الهدنة الـ6 التي رعتها الأمم المتحدة، وتأكيد المنظمات الإغاثية تراجع معدل النزوح في غرب اليمن بنسبة تصل إلى 92 %، فإن الوقائع على الأرض تشير إلى أن حياة المدنيين في المناطق القريبة من خطوط التماس هناك، تحولت إلى جحيم بفعل الخروق اليومية للميليشيات، والكمية الكبيرة من الألغام والمتفجرات التي جرفتها سيول الأمطار إلى وسط المزارع والتجمعات السكانية.
المنظمات الإغاثية في تحديثها للأوضاع الإنسانية حتى نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، أكدت أن الخطوط الأمامية في الساحل الغربي لليمن لم تتغير منذ ما قبل سريان الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة، في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي، إلا أن هطول الأمطار الغزيرة، واستمرار الاشتباكات المحدودة في معظم مناطق خطوط التماس، ووجود كميات كبيرة من المتفجرات التي خلفتها الحرب قبل الهدنة، تُعدّ أخطاراً تهدد حياة المدنيين في تلك المناطق، كما أنها تهدد آفاق السلام في البلاد.
- تناثر المتفجرات
أحد أكبر المخاطر على طول الساحل الغربي يتمثل في المتفجرات «من مخلفات الحرب المتناثرة عبر الخطوط الأمامية السابقة والحالية». وتقول منظمات إنه رغم معرفة المجتمعات المحلية في كثير من الأحيان مواقع العديد من حقول الألغام، فإن الأمطار الغزيرة والفيضانات أدت إلى نقل المتفجرات إلى مواقع غير متوقعة، بما في ذلك الطرق والمناطق الزراعية والأحياء المدنية، إذ جرى رصد 20 ضحية من المتفجرات، خلال يومين، في النصف الثاني من الشهر الماضي، من بينهم 10 أطفال، وهو أعلى إجمالي أسبوعي منذ مايو (آيار) الماضي.
وكانت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة قد ذكرت أنه، ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، سقط 242 ضحية مدنية (101 حالة وفاة و141 إصابة) نتيجة المتفجرات من مخلفات الحرب في المحافظة. وشدّدت على «الحاجة إلى إجراءات عاجلة وطارئة لتطهير المناطق الملوثة في الساحل الغربي».
ومع عرقلة الميليشيات الحوثية تمديد الهدنة والمخاوف من تجدد القتال، تعكس بيانات الأمم المتحدة نتائج إيجابية كبيرة للهدنة التي انتهت، في الثاني من الشهر الحالي، حيث أسهمت في حدوث انخفاض كبير في عمليات النزوح، مقارنة بالربعين الأول والثاني من هذا العام، فتراجعت عمليات النزوح بنسبة 58 %، مقارنة بالربع الثاني من هذه السنة.
لكنها ارتفعت إلى 92 % إذا جرت مقارنتها بالربع الأول من العام عندما تم تهجير 1951 أسرة، غير أن هذا التراجع في معدلات النزوح، في الربع الثالث من العام، قابله بقاء العديد من العائلات في حالة نزوح مطوّل، ويرجع ذلك جزئياً إلى عدم استقرار خطوط المواجهة، والوجود واسع النطاق للمتفجرات التي خلفتها الحرب، وعجز المساعدات عن تحسين قدرة النازحين على الصمود.
- نازحون يرفضون العودة
نتائج مسح النوايا الذي جرى إجراؤه في الساحل الغربي بعد 3 أشهر من بدء الهدنة الأولى، أظهرت أن 77 % من الأسر النازحة تعتزم البقاء في مواقعها الحالية. وأفاد ما يقرب من ثلاثة أرباع تلك الأسر بأن انعدام الأمن في المواقع الأصلية هو السبب الرئيسي لعدم عودتهم. وفي ظل تأكيد الجانب الحكومي استمرار الخروق الحوثية للهدنة بشكل يومي في مديرتي حيس والتحيتا جنوب الحديدة، فإن المنظمات الإغاثية تؤكد أن الوضع الأمني غير المستقر أسهم «في مضاعفة التحديات التي تواجه إيصال المساعدات الإغاثية» والنزاع المسلَّح في أوساط المجتمعات المحلية.
وقد أصبح من الصعب الوصول إلى مديريتي الخوخة وحيس، حيث يعيش أكثر من 10 آلاف شخص من الفئات الأشدّ ضعفاً في 10 مواقع نزوح دون مساعدة وهم في أمسّ الحاجة إليها.
وإلى جانب عدم الاستقرار الأمني نتيجة الخروقات، فإن حوادث سرقة السيارات المتكررة «أثّرت بشدة على حركة العاملين في المجال الإنساني والبضائع»، وفق ما قالته «المنظمة الدولية للهجرة»؛ وهي أكبر وكالة تابعة للأمم المتحدة تعمل في مناطق الساحل الغربي.
وأكدت الوكالة أنها وبحلول نهاية الربع الثالث من هذا العام، تمكنت من الوصول إلى 59 ألف من النازحين داخلياً وأعضاء المجتمع المضيف في 28 موقعًا، وعدد من القرى التي تستضيف النازحين، كما دعمت 3 مرافق صحية، ومستشفى واحد في الخوخة وفي مناطق مديرية التحيتا بمحافظة الحديدة، إلى جانب تقديم المساعدات للنازحين في مديريتي المخا وذباب في محافظة تعز.
ومن خلال دعم مشروعات إمدادات المياه في مدينة المخا، تمكّن أكثر من 80 ألف شخص من الوصول إلى مياه الشرب المأمونة.
كما أدت خطة تقليل مخاطر الحرائق في مخيمات النزوح، والتي شملت التوعية وتحسين المطابخ ومناطق طهي الأطعمة، إلى خفض الحرائق بنسبة تصل إلى 80 %، كما تستجيب للأعداد المتزايدة من حالات الحصبة التي جرى الإبلاغ عنها في بعض مناطق مديرية الخوخة.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.