ريشي سوناك يراهن على التعاون مع فرنسا لخفض تدفق الهجرات غير الشرعية على شواطئ بريطانيا

باريس ولندن تفتحان صفحة جديدة بعد التوترات زمن جونسون وتراس

صورة تجمع ماكرون وسوناك (تويتر)
صورة تجمع ماكرون وسوناك (تويتر)
TT

ريشي سوناك يراهن على التعاون مع فرنسا لخفض تدفق الهجرات غير الشرعية على شواطئ بريطانيا

صورة تجمع ماكرون وسوناك (تويتر)
صورة تجمع ماكرون وسوناك (تويتر)

صفحة جديدة فُتحت بين باريس ولندن بعد وصول ريشي سوناك إلى رئاسة الحكومة البريطانية بعد حقبة من التوتر الذي شاب علاقات البلدين منذ رئاسة بوريس جونسون وبعده ليز تراس. والخلافات التي نشبت بين الطرفين تناولت بالدرجة الأولى ملف الهجرات والاتهامات البريطانية لفرنسا بأنها «تخل ببنود الاتفاق المبرم مع بريطانيا» إضافة إلى ملف الصيد البحري في المياه البريطانية الذي باعد بين العاصمتين لأشهر. كذلك، فإن باريس اتخذت موقفاً متشدداً مما اعتبرته إخلالاً بريطانياً ببنود اتفاقية الانسحاب من الاتحاد الأوروبي واعتبار الأخيرة أن فرنسا كانت الأكثر تشدداً إزاءها وأنها سعت لجعل ثمن «البريكسيت» عالي التكلفة بالنسبة إليها.
اليوم، يأمل الطرفان تنقية علاقاتهما الثنائية وإغلاق الملفات الخلافية والتعاون من جديد. وأفاد الناطق باسم رئاسة الحكومة البريطانية، عقب الاتصال الهاتفي بين سوناك والرئيس إيمانويل ماكرون بأن الأخير «شدد على أهمية العلاقات بين المملكة المتحدة وفرنسا، الجارتين والحليفتين» وأنه «ينتظر بفارغ الصبر» القمة الثنائية التي ستجمعهما العام المقبل. وجاء الرد الفرنسي متجاوباً؛ إذ أعلن قصر الإليزيه في بيان اليوم أن ماكرون عبّر عن «استعداده لتعزيز العلاقة الثنائية بين فرنسا والمملكة المتحدة وتحديداً في ميادين الدفاع والعلاقات الاستراتيجية والطاقة». وأشار البيان إلى أن الطرفين يعملان من أجل إحراز تقدم في التحضير للقمة الثنائية للعام القادم مضيفاً أنهما «عازمان على التعاون لمواجهة التحديات المشتركة أكان ذلك على مستوى القارة الأوروبية أو على المستوى العالمي». وعدد البيان من هذه التحديات الحرب في أوكرانيا وتبعاتها ومواجهة التغيرات المناخية والتحضير لمؤتمر الأمم المتحدة حول التغيرات المناخية «كوب 27» الذي ستستضيفه مصر بدءاً من السادس من الشهر القادم. بيد أن رئيس الوزراء البريطاني أعلن أنه لن يحضر قمة المناخ لانشغاله بأمور بريطانيا الداخلية.
بيد أن اللافت في البيان الرئاسي الفرنسي أنه تجاهل تماماً الملف الأبرز الذي يهم الطرف البريطاني والمتعلق بتواصل دفق الهجرات غير الشرعية على الشاطئ البريطاني انطلاقاً من الأراضي الفرنسية. وكانت هذه النقطة بالذات أبرز ما جاء في البيان الصادر عن رئاسة الحكومة البريطانية إذ أكد أن سوناك «أكد على أهمية أن يتوصل الطرفان إلى جعل طريق الهجرات «عبر بحر المانش» مقفلاً بوجه المتاجرين بالبشر» مضيفاً أن سوناك وماكرون التزما بتعزيز الشراكة «بين بلديهما» من أجل إحباط عمليات تهريب البشر المميتة عبر بحر المانش التي يستفيد منها المجرمون المنظمون».
وقال المتحدث باسم داوننغ ستريت بعد الاتصال إن الزعيمين «ملتزمان بتعميق الشراكة بيننا لوقف الرحلات المميتة عبر القناة (المانش) التي تصب في مصلحة مجموعات الجريمة المنظمة». وللحكومات البريطانية المتعاقبة مآخذ على الجانب الفرنسي الذي يتهمه بأنه لا ينفذ التعهدات المنصوص عليها في اتفاقاتهما الخاصة ببحر المانش حيث المطلوب من فرنسا أن تكون إلى حد كبير «حارس الثغور» البريطانية بأن تمنع الهجرات غير الشرعية التي تنطلق من شواطئها في منطقة كاليه والمواجهة للشاطئ البريطاني في منطقة دوفر. وتقدم بريطانيا سنوياً ما يزيد على ستين مليون يورو لفرنسا لهذا الغرض لتعزيز الحراسة وإلغاء مخيمات المهاجرين العشوائية المقامة في منطقة كاليه. وبالمقابل، فإن باريس ستعتبر أن المشكلة موجودة في الجانب البريطاني حيث إن الحصول على عمل والانخراط في المجتمع بسهولة يشكلان عوامل اجتذاب قوية تدفع المهاجرين لركوب المخاطر من أجل الوصول إلى الشاطئ البريطاني. وتفيد الإحصائيات المتوافرة بأن لا أقل من 38 ألف شخص نجحوا في اجتياز بحر المانش منذ بداية هذا العام بزيادة كبيرة على العام الماضي. وتقول لندن إن غالبيتهم الكاسحة «80 في المائة» هي اليوم من الألبانيين. ووفق صحيفة «تايمز» ليوم أمس، فإن الحكومة البريطانية الجديدة تريد إبرام اتفاق جديد مع فرنسا أكثر تشدداً. وقال روبيرت جنريك، وزير الدولة لشؤون الهجرات، إنه يريد «علاقات بناءة» مع باريس لاتخاذ التدابير المشتركة مع السلطات الألبانية لخفض تيار الهجرة من هذا البلد.
وحتى اليوم، فشلت كافة الإجراءات والمشاريع البريطانية الهادفة إلى إحباط تدفق الهجرات غير الشرعية وآخرها المشروع الذي طرحه جونسون والقاضي بإرسال المهاجرين غير الشرعيين إلى رواندا لتفحص طلبات لجوئهم إلى بريطانيا. وجدير بالذكر أن سوناك المنحدر من أصول هندية، أعرب في الماضي شخصياً عن تأييده لمشروع جونسون، كما أنه عمد إلى تعيين سويلا بريفرمان المعروفة هي الأخرى بتشددها وزيرة للداخلية. وفهم أن سوناك يريد من باريس أن تزيد عدد أفراد الأمن الذين يراقبون الشاطئ الفرنسي، وأيضاً تجب زيادة نظرائهم من حرس الحدود البريطانيين، كما أنه يريد تسريع البت بطلبات الهجرة المتراكمة «نحو 117 ألف طلب حالياً» وتقصيرها إلى ستة أشهر بدل 480 يوماً حالياً.
هل سينجح سوناك حيث فشل أسلافه في رئاسة الحكومة؟ السؤال مطروح وتوقع تحقيق الأهداف البريطانية غير مؤكد لأن رغبة المهاجرين في الانتقال إلى بريطانيا تبقى قوية رغم المخاطر المحدقة بها والإجراءات البوليسية من الجانب الفرنسي. والدليل على ذلك أن الأرقام إلى ارتفاع في الأشهر المنقضية من هذا العام علماً بأن باريس تبذل ما هي قادرة عليه، من خلال نشر قوات الشرطة والدرك في منطقة كاليه ومواصلة تسيير دوريات على الشاطئ وفي الكثبان الرملية التي تتيح الاختباء للراغبين في الانتقال إلى الضفة المقابلة.


مقالات ذات صلة

مساعٍ عالمية لإيجاد «توازن» بين سلبيات ومزايا الذكاء الصناعي

يوميات الشرق مساعٍ عالمية لإيجاد «توازن» بين سلبيات ومزايا الذكاء الصناعي

مساعٍ عالمية لإيجاد «توازن» بين سلبيات ومزايا الذكاء الصناعي

في ظل النمو المتسارع لتطبيقات الذكاء الصناعي، تسعى حكومات دول عدة حول العالم لإيجاد وسيلة لتحقيق التوازن بين مزايا وسلبيات هذه التطبيقات، لا سيما مع انتشار مخاوف أمنية بشأن خصوصية بيانات المستخدمين. وفي هذا السياق، تعقد نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، اليوم (الخميس)، لقاءً مع الرؤساء التنفيذيين لأربع شركات كبرى تعمل على تطوير الذكاء الصناعي، بحسب وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية. في حين تدرس السلطات البريطانية تأثير «تشات جي بي تي» على الاقتصاد، والمستهلكين.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
لماذا تُعد العادات الصحية مفتاحاً أساسياً لإدارة أموالك؟

لماذا تُعد العادات الصحية مفتاحاً أساسياً لإدارة أموالك؟

يُعد النشاط البدني المنتظم والنظام الغذائي المتوازن والنوم الكافي من أكثر الممارسات الموصى بها للحفاظ على صحتك العامة. هذه العادات لها أيضاً تأثير إيجابي على أموالك الشخصية ومدخراتك بشكل عام. للوهلة الأولى، قد يكون من الصعب التعرف على الصلة بين العادات الصحية والأمور المالية الشخصية. ومع ذلك، هناك الكثير من القواسم المشتركة بين هذه المفاهيم. عندما تعتني بصحتك الجسدية والعقلية، فإنك تعزز أيضاً تطورك الشخصي والمهني.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم بريطانيا: روسيا تتبنى استراتيجية جديدة للضربات الصاروخية

بريطانيا: روسيا تتبنى استراتيجية جديدة للضربات الصاروخية

أفادت وكالات الاستخبارات البريطانية بأن أحدث هجمات صاروخية روسية تردد أنها قتلت 25 مدنيا في أوكرانيا، تشير إلى استراتيجية هجومية جديدة وغير تمييزية بشكل أكبر، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وقالت وزارة الدفاع في لندن في تغريدة اليوم (السبت): «اشتملت الموجة على صواريخ أقل من تلك التي استخدمت في الشتاء، ومن غير المرجح أنها كانت تستهدف البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا». وأضافت الوزارة في أحدث تحديث استخباراتي أنه كان هناك احتمالية حقيقية أن روسيا حاولت أمس (الجمعة) الهجوم على وحدات الاحتياط الأوكرانية، وأرسلت مؤخرا إمدادات عسكرية. كانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت أمس، أنه تم شن سلسلة من الهجم

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ ميغان ماركل توقّع عقداً مع وكالة مواهب كبرى في هوليوود

ميغان ماركل توقّع عقداً مع وكالة مواهب كبرى في هوليوود

وقّعت ميغان ماركل، زوجة الأمير البريطاني هاري، عقداً مع وكالة مواهب كبرى تُمثّل بعض أكبر نجوم هوليوود، وفقًا للتقارير. سيتم تمثيل ميغان من خلال «WME»، التي لديها عملاء من المشاهير بمَن في ذلك ريهانا ودوين جونسون (ذا روك) ومات دامون. وأفاد موقع «فارايتي» الأميركي بأنه سيتم تمثيلها من قبل آري إيمانويل، الذي عمل مع مارك والبيرغ، ومارتن سكورسيزي، وتشارليز ثيرون، وغيرهم. يقال إن التطور يأتي بعد معركة طويلة لتمثيل الدوقة بين عديد من وكالات هوليوود. وتركيز ميغان سينصب على الإنتاج السينمائي والتلفزيوني، وشراكات العلامات التجارية، بدلاً من التمثيل. وشركة «آرتشيويل» الإعلامية التابعة لميغان وهاري، التي

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

وافق البرلمان الياباني (دايت)، اليوم (الجمعة)، على اتفاقيتين للتعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا، ما يمهّد الطريق أمام سريان مفعولهما بمجرد أن تستكمل كانبيرا ولندن إجراءات الموافقة عليهما، وفق وكالة الأنباء الألمانية. وفي مسعى مستتر للتصدي للصعود العسكري للصين وموقفها العدائي في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، سوف تجعل الاتفاقيتان لندن وكانبيرا أول وثاني شريكين لطوكيو في اتفاق الوصول المتبادل، بحسب وكالة كيودو اليابانية للأنباء. ووافق مجلس المستشارين الياباني (مجلس الشيوخ) على الاتفاقيتين التي تحدد قواعد نقل الأفراد والأسلحة والإمدادات بعدما أعطى مجلس النواب الضوء الأخضر لها في وقت سابق العام

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
TT

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)

فرضت الصين عقوبات على 10 شركات دفاعية أميركية، اليوم (الخميس)، على خلفية بيع أسلحة إلى تايوان، في ثاني حزمة من نوعها في أقل من أسبوع تستهدف شركات أميركية.

وأعلنت وزارة التجارة الصينية، الخميس، أن فروعاً لـ«لوكهيد مارتن» و«جنرال داينامكس» و«رايثيون» شاركت في بيع أسلحة إلى تايوان، وأُدرجت على «قائمة الكيانات التي لا يمكن الوثوق بها».

وستُمنع من القيام بأنشطة استيراد وتصدير أو القيام باستثمارات جديدة في الصين، بينما سيحظر على كبار مديريها دخول البلاد، بحسب الوزارة.

أعلنت الصين، الجمعة، عن عقوبات على سبع شركات أميركية للصناعات العسكرية، من بينها «إنستيو» وهي فرع لـ«بوينغ»، على خلفية المساعدات العسكرية الأميركية لتايوان أيضاً، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

مركبات عسكرية تايوانية مجهزة بصواريخ «TOW 2A» أميركية الصنع خلال تدريب على إطلاق النار الحي في بينغتونغ بتايوان 3 يوليو 2023 (رويترز)

وتعد الجزيرة مصدر خلافات رئيسي بين بكين وواشنطن. حيث تعد الصين أن تايوان جزء من أراضيها، وقالت إنها لن تستبعد استخدام القوة للسيطرة عليها. ورغم أن واشنطن لا تعترف بالجزيرة الديمقراطية دبلوماسياً فإنها حليفتها الاستراتيجية وأكبر مزود لها بالسلاح.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، وافق الرئيس الأميركي، جو بايدن، على تقديم مبلغ (571.3) مليون دولار، مساعدات عسكرية لتايوان.

وعدَّت الخارجية الصينية أن هذه الخطوات تمثّل «تدخلاً في شؤون الصين الداخلية وتقوض سيادة الصين وسلامة أراضيها».

كثفت الصين الضغوط على تايوان في السنوات الأخيرة، وأجرت مناورات عسكرية كبيرة ثلاث مرات منذ وصل الرئيس لاي تشينغ تي إلى السلطة في مايو (أيار).

سفينة تابعة لخفر السواحل الصيني تبحر بالقرب من جزيرة بينغتان بمقاطعة فوجيان الصينية 5 أغسطس 2022 (رويترز)

وأضافت وزارة التجارة الصينية، الخميس، 28 كياناً أميركياً آخر، معظمها شركات دفاع، إلى «قائمة الضوابط على التصدير» التابعة لها، ما يعني حظر تصدير المعدات ذات الاستخدام المزدوج إلى هذه الجهات.

وكانت شركات «جنرال داينامكس» و«شركة لوكهيد مارتن» و«بيونغ للدفاع والفضاء والأمن» من بين الكيانات المدرجة على تلك القائمة بهدف «حماية الأمن والمصالح القومية والإيفاء بالتزامات دولية على غرار عدم انتشار الأسلحة»، بحسب الوزارة.