غضب اليمنيين واحتجاجاتهم تتصاعد ضد فساد الحوثيين في ثلاث محافظات

الميليشيات مستمرة في فرض الإتاوات والتضييق على السكان

يمني في صنعاء يحصل على حصته الشهرية من غاز الطهي الذي يتحكم بتوزيعه الحوثيون (إ.ب.أ)
يمني في صنعاء يحصل على حصته الشهرية من غاز الطهي الذي يتحكم بتوزيعه الحوثيون (إ.ب.أ)
TT

غضب اليمنيين واحتجاجاتهم تتصاعد ضد فساد الحوثيين في ثلاث محافظات

يمني في صنعاء يحصل على حصته الشهرية من غاز الطهي الذي يتحكم بتوزيعه الحوثيون (إ.ب.أ)
يمني في صنعاء يحصل على حصته الشهرية من غاز الطهي الذي يتحكم بتوزيعه الحوثيون (إ.ب.أ)

في سياق مواصلة الميليشيات الحوثية أعمال القمع والتعسف والفساد، عادت الاحتجاجات والاعتصامات الشعبية المنددة بذلك السلوك إلى التصاعد مجدداً، حيث شهدت الأيام الماضية موجات جديدة من المظاهرات والوقفات الاحتجاجية من مختلف الشرائح السكانية، بخاصة في العاصمة صنعاء، ومحافظتي إب والجوف.
وبحسب مصادر محلية، عمت الاحتجاجات طيلة الأيام الخمسة الماضية مناطق عدة، حيث تنوعت أسبابها بين المطالبة بوقف جرائم النهب لشحنات الوقود بنقاط التفتيش الحوثية على مداخل المدن، وبإعادة قيمة ما تم نهبه، وبوضع حد لأعمال الفوضى والانفلات الأمني المتصاعد، إضافة إلى الرفض والتنديد المجتمعي لأعمال الجباية غير القانونية.
ففي العاصمة صنعاء خرج عشرات السكان للاحتجاج أمام مبنى شركة النفط الخاضعة للميليشيات للمطالبة بدفع قيمة ما تم نهبه عليهم من كميات الوقود بنقاط تفتيش حوثية على مداخل المدن، وفق ما أفادت به مصادر في صنعاء لـ«الشرق الأوسط».
واستنكر المحتجون مماطلة قيادة شركة النفط الحوثية بتسليم قيمة الوقود المنهوب من قبل مندوبيها على مدى فترات سابقة، وطالبوا سلطة الانقلاب بضرورة الإسراع في صرف قيمة الوقود كحق مشروع لهم.
وتحدث ثلاثة مشاركين في الاحتجاج لـ«الشرق الأوسط»، عن تسلمهم أخيرا من قبل مندوبين يتبعون الشركة الحوثية «سندات» توضح فيها كمية المشتقات المنهوبة من قبلهم، وكذا في الزمان والمكان اللذين تمت فيهما عملية النهب والمصادرة الحوثية بحق أموالهم.
وذكروا أن مندوبي الشركة نهبوا منهم على مراحل كميات من الوقود وطلبوا منهم عقب كل عملية نهب الذهاب إلى مقر الشركة لتسلم قيمتها، مؤكدين أنهم ترددوا أكثر من مرة إليها للمراجعة وتسلم أموالهم لكن دون جدوى.
ووجه المحتجون دعوات لكل من تعرض للابتزاز والسرقة من قبل مندوبي الميليشيات إلى المسارعة للانضمام إلى مظاهرتهم أمام مقر الشركة في صنعاء للضغط على الجماعة وإجبارها على صرف أموالهم.
وتواليا لاستهداف الجماعة الحوثية المتكرر بفرض الإتاوات غير القانونية ضد تجار وموردي مشتقات النفط والغاز من غير الموالين لها بغية تضييق الخناق عليهم لإفساح المجال أمام مستثمرين آخرين تابعين لها، يواصل سائقو شاحنات نقل الغاز على خط الجوف للأسبوع الثاني على التوالي تنفيذ إضراب عن العمل تنديدا بفرض الجماعة جبايات جديدة عليهم.
ونقلت تقارير محلية عن سائقي شاحنات، تأكيدهم مواصلة الإضراب عن العمل في طريق صحراء ‎الجوف، احتجاجا على فرض نقاط تفتيش تابعة للجماعة إتاوات مالية مضاعفة.
وبحسب إفادات السائقين، فقد عمدت تلك النقاط الممتدة على طول الخط الرابط بين مأرب والجوف إلى فرض مبالغ خيالية كجبايات عن كل شاحنة تمر عبرها، الأمر الذي ضاعف من معاناة الموردين وزاد من حجم خسائرهم.
وأكد السائقون اعتزام موردي تلك الغاز المنزلي إضافة الإتاوات المفروضة عليهم قسرا فوق تسعيرة الغاز، وهو ما سيزيد من تفاقم معاناة السكان بمناطق سيطرة الجماعة.
وفي محافظة إب (192 كلم جنوب صنعاء) نظم العشرات من السكان مظاهرة احتجاجية تنديدا بالفوضى المسلحة التي تعم أرجاء المحافظة، وللمطالبة بالقبض على عناصر قتلوا شخصا يدعى مصلح الجماعي، وأصابوا طبيبا بمركز المحافظة التي تشهد منذ اقتحام الجماعة لها فلتانا أمنيا زادت معه معدلات الجريمة وأعمال القتل والنهب والسرقة والاختطاف.
وعبر وجهاء ومشايخ قبيلة «بيت الجماعي» في إب عن إدانتهم لمماطلة أجهزة أمن الميليشيات وتقاعسها عن القيام بواجبها، وطالبوا بسرعة إلقاء القبض على المتهمين بقتل الجماعي وإصابة الطبيب، وإدانتهم لما شهدته مديرية السبرة جنوب شرقي إب أخيرا من جرائم تعد وسطو مسلح طالت أموال وممتلكات مواطنين.
وبحسب تقارير محلية فإن الجماعي توفي قبل ثلاثة أيام بعد أسابيع من تعرضه لطلق ناري على يد عصابة مسلحة لحظة محاولتها السطو على مزرعته في إحدى القرى التابعة لمديرية السبرة في محافظة إب.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.