مخاطر بيئية وصحية تهدد سكان 35 حياً سكنياً في صنعاء

اتهامات لانقلابيي اليمن بالفساد ونهب مخصصات الصيانة

شارع في صنعاء تغمره مياه الصرف الصحي بسبب انسداد شبكة التصريف (الشرق الأوسط)
شارع في صنعاء تغمره مياه الصرف الصحي بسبب انسداد شبكة التصريف (الشرق الأوسط)
TT

مخاطر بيئية وصحية تهدد سكان 35 حياً سكنياً في صنعاء

شارع في صنعاء تغمره مياه الصرف الصحي بسبب انسداد شبكة التصريف (الشرق الأوسط)
شارع في صنعاء تغمره مياه الصرف الصحي بسبب انسداد شبكة التصريف (الشرق الأوسط)

حذرت مصادر بيئية وصحية في العاصمة اليمنية المحتلة من مخاطر حقيقية باتت تهدد سكان 35 حياً سكنياً في المدينة جراء طفح مياه الصرف الصحي، وفساد قادة الميليشيات الحوثية، واستيلائهم على مخصصات الصيانة ومساعدات المنظمات الدولية.
ويتهم سكان العاصمة صنعاء قادة الميليشيات بالإهمال المتعمد للأوضاع البيئية والصحية، حيث ينشغلون بتكوين ثروات مالية من ريع مؤسسات الدولة الخاضعة لهم، ومن الجبايات والإتاوات وما تقدمه المنظمات الإنسانية والوكالات الأممية من دعم لصالح تنفيذ مشاريع إنقاذ عاجلة في مختلف القطاعات.
وأكدت مصادر محلية صحية، وأخرى بيئية في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، أن نحو 35 حياً سكنياً من أصل 90 في العاصمة باتت تواجه كارثة بيئية وصحية، بسبب طفح مياه الصرف الصحي، الأمر الذي يفاقم التفشي المتسارع للعديد من الأوبئة والأمراض القاتلة.
وقال سكان في الحي السياسي ومنطقة السنينة إنهم يواجهون معاناة كبيرة، منذ أيام، نتيجة استمرار طفح مياه الصرف الصحي التي أغرقت أجزاء من الشوارع والحارات، وفرضت عليهم حصاراً خانقاً داخل منازلهم.
ومن شأن استمرار تغاضي الميليشيات الحوثية عن القيام بأي صيانة دورية لشبكات الصرف أن يزيد من تفاقم حجم المشكلة، التي باتت حالياً مهددة بإغلاق عديد من المنازل والشوارع نتيجة توسعها يوماً بعد آخر، وفق تأكيدات السكان.
وتتهم المصادر «مؤسسة المياه والصرف الصحي» الخاضعة للجماعة الحوثية، بتقاعسها عن القيام بواجباتها في إزالة التراكمات والأتربة وفتح الانسدادات الحاصلة في شبكات الصرف الصحي، وشفط المياه الراكدة على مقربة من منازلهم.
وتحدث «ج. ص»، وهو أحد سكان حي السنينة بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن معاناته وأسرته جراء طفح مياه المجاري منذ أيام، وعن مدى التدهور الكارثي للوضع البيئي والصحي، الذي يجعل السكان في الحي أكثر عرضة للإصابة بالأمراض القاتلة.
وقال إن «السكان ناشدوا عناصر الميليشيات الحوثية بالتدخل لوضع معالجات للمشكلة، لكنهم لم يقوموا بأي استجابة». وأضاف: «للأسف، ما زلنا كعادتنا مستسلمين لهذا للواقع السيئ الذي نعيشه نستقبل الروائح المقززة، ونتحمل نتائج تكاثر البعوض الناقل للأمراض والناتج عن طفح المجاري بأحيائنا، واستمرارها لأيام وأشهر، دون القيام بأي خطوات مجتمعية وشعبية حيال ذلك».
من جهته، شكا مالك مطعم في الحي السياسي بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من معاناة وخسائر مادية تعرض لها في اليومين الماضيين، نتيجة هروب الزبائن بسبب الروائح الكريهة المنبعثة عن تسرب المجاري، وسط شارعين محاذيين لمطعمه.
وقال إنه وملّاك المطاعم والمحال التجارية في المنطقة حاولوا مراراً التواصل مع سلطات الميليشيات للحضور لعمل إصلاحات، ولو على نفقتهم الخاصة، لكن ذلك قوبل بوعود لم تتحقق.
وقال مالك المطعم، الذي طلب عدم ذكر اسمه لأسباب تتعلق بسلامته، إنه من المستحيل أن يكون همّ الميليشيات وضع السكان وصحتهم ومعاناتهم، كونه لا يهمها فقط سوى الإمعان في استهدافهم بمختلف الوسائل والطرق وانشغالها بنهب الإيرادات، وزيادة حجم الإتاوات، وفق مسميات متعددة.
وعلى وقع استمرار غرق العاصمة اليمنية المختطفة بأطنان القمامة وطفح المجاري وانعدام أغلب الخدمات، جددت مصادر صحية في صنعاء التحذير من مغبة استمرار طفح المجاري وتكدس القمامة التي عانتها، ولا تزال، معظم مديريات ومناطق العاصمة.
وقالت المصادر إن ذلك قد يساعد في انتشار سريع للعديد من الأمراض والأوبئة الفتاكة، كالإسهالات والكوليرا والملاريا والدفتيريا والتيفوئيد، وغيرها.
وكان أطباء مختصون في صنعاء حذروا في وقت سابق من أن مياه الصرف الصحي تتسبب بأكثر من 15 مرضاً خطراً ومميتاً، نتيجة احتوائها على أنواع متعددة من الكائنات الحية الدقيقة، كالبكتيريا والفيروسات والطفيليات، والمواد السامة المستخدمة في الغسل، التي تزيد خطورتها عند اختلاطها بالمياه الخارجة من المستشفيات بمحتواها من الدماء والمواد الكيماوية والعضوية الضارة.
وأرجع المختصون لـ«الشرق الأوسط» أسباب تردي الأوضاع الصحية وانتشار الأوبئة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الميليشيات إلى حالة الإهمال واللامبالاة التي تمارسها الميليشيات، حيث أدى إهمال قادتها وفسادهم إلى التدمير شبه الكلي لشبكات الصرف الصحي في مناطق قبضتها.
وكانت تقارير محلية وأخرى دولية تحدثت، في أوقات سابقة، عن دخول سكان صنعاء، عقب اجتياح الانقلابيين لها، في معاناة كبيرة، تمثل أبرزها، ونتيجة للقصور والتسيب الحوثي، في تهالك شبكات مياه الصرف الصحي، التي تنفجر بين الحين والآخر، في أحياء العاصمة المكتظة بالسكان، وتتسرب مياهها الكريهة مسببة لهم كثيراً من الأمراض.
وأكدت «المنظمة الدولية للهجرة»، في تقرير حديث لها، أن أكثر من 21 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة للحصول على الرعاية الصحية. في حين قال «مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن»، قبل أيام، إن نحو 19 مليون شخص في اليمن يعانون من انعدام الأمن الغذائي.


مقالات ذات صلة

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

العالم العربي مسلحون حوثيون في صنعاء عشية ذكرى ثورة سبتمبر يستعدون لقمع الاحتفالات (فيسبوك)

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

بدأت الجماعة الحوثية الإفراج عن بعض المختطفين بسبب احتفالهم بذكرى ثورة سبتمبر (أيلول)، في حين تقدر أعداد المختطفين بالآلاف في مختلف مناطق سيطرة الجماعة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من سلسلة مبانٍ تتبع جامعة البيضاء الخاضعة لسيطرة للجماعة الحوثية (إكس)

الحوثيون يخضعون 1000 طالب وأكاديمي وموظف لتدريبات عسكرية

الجماعة الحوثية تجبر طلاباً وأكاديميين وموظفين في جامعة البيضاء على التعبئة القتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي النيران تشتعل في الناقلة «سونيون» بالبحر الأحمر بعد هجوم سابق من قبل الجماعة الحوثية (رويترز)

هجمات حوثية على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر

الحوثيون يعلنون عن هجمات على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر بالتزامن مع تولي قوات أسترالية قيادة قوات البحرية المشتركة لحماية الأمن البحري في المنطقة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

أفادت وكالة أمن بحري بريطانية، الثلاثاء، بأن طائرة مسيَّرة أصابت سفينة قبالة سواحل اليمن، حيث يشنّ المتمردون الحوثيون منذ أشهر هجمات على سفن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي احتمالات ضعيفة جداً أن تتولى الجماعة الحوثية سد الفراغ الناتج عن تحجيم قوة «حزب الله» (رويترز)

ماذا ينتظر الجماعة الحوثية بعد اغتيال نصر الله؟

يناقش خبراء وباحثون سياسيون تأثير اغتيال حسن نصر الله على الجماعة الحوثية، وردود فعلها بعد الضربات الكبيرة التي يتلقاها «حزب الله» خلال الأيام الأخيرة.

وضاح الجليل (عدن)

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت مواقع في صنعاء وثلاث محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات، التي قال إنها طالت 15 هدفاً للجماعة، في سياق الحد من قدراتها الهجومية ضد السفن.

وتشن واشنطن ضربات على الأرض منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، ضد الجماعة الحوثية، وشاركتها بريطانيا في 4 مرات على الأقل، رداً على الهجمات التي تنفذها الجماعة ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان على منصة «إكس»، أن قواتها نفذت ضربات على 15 هدفاً حوثياً في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

وشملت هذه الأهداف -بحسب البيان- قدرات عسكرية هجومية للحوثيين، إذ اتخذت هذه الإجراءات (الضربات) لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أمناً وأماناً للسفن الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية.

وكانت الجماعة الحوثية أقرت، الجمعة، بسلسلة من الغارات وصفتها بـ«الأميركية - البريطانية»، وقالت إنها استهدفت «معسكر الصيانة» في صنعاء، وموقعاً في جنوبي ذمار، ومواقع في مديرية مكيراس التابعة لمحافظة البيضاء، فضلاً عن ضربات استهدفت مواقع عسكرية في مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، ومناطق المطار والجبانة والكثيب.

ولم يشر الحوثيون إلى حجم خسائرهم جراء هذه الضربات التي استهدفت مواقع سبق استهدافها خلال الأشهر الماضية، في حين رجح مراقبون أن الغارات استبقت هجمات كانت تعد لها الجماعة ضد السفن.

وتشن الجماعة هجماتها ضد السفن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، إذ تدعي محاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغض النظر عن جنسيتها إلى جانب السفن الأميركية والبريطانية.

دخان يتصاعد في صنعاء بعد ضربات أميركية استهدفت مواقع حوثية (أ.ف.ب)

وأطلقت واشنطن، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة البحرية، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير الماضي، بمشاركة بريطانيا.

وتلقّت الجماعة الحوثية نحو 720 غارة غربية في مناطق يمنية عدة خاضعة لها، بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركّزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة الساحلية، وأدت، في مجملها، إلى مقتل أكثر من 60 عنصراً.

ضربات غير مجدية

تقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

ووجدت الجماعة المدعومة من إيران في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية، إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)

وبخلاف ما تزعمه الجماعة الحوثية من مساندة للفلسطينيين، ترى الحكومة اليمنية أن الجماعة تزايد بالقضية الفلسطينية في مسعى لتبييض جرائمها بحق اليمنيين خلال العشر سنوات الماضية مستغلة العاطفة الشعبية.

وأقر عبد الملك الحوثي في خطاب حديث بأن جماعته نجحت خلال أشهر التصعيد البحري من تجنيد وتعبئة نحو 500 ألف شخص، وسط مخاوف في الشارع اليمني من استغلال هذه التعبئة الواسعة لمهاجمة المناطق المحررة الخاضعة للحكومة اليمنية.

وتبنت الجماعة الحوثية إطلاق المئات من الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل خلال الأشهر العشرة الماضية، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي باستثناء مسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها في شقة بتل أبيب في 19 يونيو (حزيران) الماضي.

واستدعت الهجمات الحوثية إسرائيل للرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، على مستودعات الوقود في ميناءي الحديدة ورأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

صورة وزعها الحوثيون لاستهداف ناقلة نفط بريطانية في البحر الأحمر بزورق مسيّر (إ.ب.أ)

ومِن بين نحو 188 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها، أدى هجوم، في 18 فبراير (شباط) الماضي، إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.

وإلى جانب الإصابات، التي لحقت عدداً من السفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر»، التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.