الرضاعة العلاجية تعزز صحة الأطفال المصابين بفقر الدم المنجلي

وسيلة بديلة عن تدخلات الطب الوراثي

الرضاعة العلاجية تعزز صحة الأطفال المصابين بفقر الدم المنجلي
TT

الرضاعة العلاجية تعزز صحة الأطفال المصابين بفقر الدم المنجلي

الرضاعة العلاجية تعزز صحة الأطفال المصابين بفقر الدم المنجلي

من الثابت علمياً وطبياً أن الرضاعة الطبيعية ذات أهمية بالغة وفائدة كبيرة لصحة الطفل والأم المرضعة على حد سواء، بدنياً ونفسياً ووقائياً.
ولم تُظهر الأبحاث هذه الحقيقة إلا من عهد قريب، فمنذ نهاية الأربعينات من القرن العشرين وحتى منتصف السبعينات منه كان يُعتقد أن حليب الأبقار أفضل من حليب الأم، وكانت تتم تغذية الغالبية العظمى من الأطفال حديثي الولادة في البلاد الغربية والولايات المتحدة الأميركية عن طريق الحليب البديل، وكان النظام المتبع في مستشفيات الولادة هناك أن يصف الطبيب للأم ما يناسب طفلها الرضيع من أنواع الألبان البديلة عند مغادرتها المستشفى.
ولم يكن الأطباء يوصون بالرضاعة الطبيعية إلا عندما تكون الأم من أسرة فقيرة ولا تملك ثلاجة لحفظ الحليب لطفلها وحتى في الحالات التي كانوا يصفون فيها الرضاعة الطبيعية فإن مدة هذه الرضاعة لم تكن تتعدى الشهرين أو ثلاثة أشهر، أما أولئك الأطفال الذين تمتد فترة رضاعتهم الطبيعية إلى خمسة أو ستة أشهر فلم تكن نسبتهم تزيد على 5 في المائة فقط من مجموع عدد السكان، وهذه النسبة لا تمثل العدد الحقيقي لهؤلاء الأطفال حيث تقل كثيراً بين المتعلمين. وإلى جانب الاعتقاد السائد بأفضلية الحليب البديل في ذلك الوقت، كان هناك عامل آخر يغري الأمهات بالإقبال عليه والإعراض عن الرضاعة الطبيعية، وهو خروج النساء للعمل في الدول الصناعية والتخلص من أعباء الرضاعة الطبيعية.

رضاعة طبيعية وبديلة
تحدث إلى ملحق «صحتك» الأستاذ الدكتور محمد جميل الحبال، طبيب استشاري أمراض باطنية وباحث في الموصل – العراق والأستاذ سابقاً في كلية الريان الطبية بالمدينة المنورة وأحد المتحدثين في المؤتمر العالمي الخامس للجودة العلاجية المبنية على البراهين في الطب النبوي والذي عُقد في أوائل هذا الشهر بمدينة أبوظبي بالإمارات العربية المتحدة – موضحاً، أنه في الوقت الذي بدأت الدول الغربية، الأوروبية والأميركية، تتخلى عن اعتقادها الخاطئ حول الرضاعة الطبيعية وبدأت تشجع الأمهات بأن يرضعن أطفالهن ويتخلين عن الرضاعة الصناعية، وصلت عدوى ذلك الاعتقاد إلى البلدان النامية من دول العالم الثالث فانحدرت نسبة الرضاعة الطبيعية لديهم إلى النصف تقريباً لدى طبقة الفقراء وإلى الربع تقريباً لدى المتعلمين من أفراد الطبقات العليا في المجتمع وساعد في ذلك التدني خروج المرأة للعمل والدعاية الكاذبة لشركات تسويق الحليب الصناعي.
وكان من نتائج ذلك انتشار الأمراض والوفيات، حيث قدّرت منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف) بأن نحو عشرة ملايين طفل يموتون سنوياً بسبب أمراض التهاب المعدة والأمعاء وسوء التغذية جراء استعمال الحليب الصناعي، ومنعت هذه المنظمات الصحية الدولية الدعايات وأطلقت على منتجي هذه الألبان ومصدّريها من الشركات المصنعة لحليب الأطفال عبارة «قتلة أطفال العالم الثالث».
إن الطفل حتى الشهر السادس من عمره لا يحتاج إلى إضافة أي غذاء إلى حليب أمه، وإذا ما عرفنا أن الرضاعة الطبيعية تقلل كثيراً من نسبة الإصابة بالأمراض أو الوفيات مقارنة بالرضاعة الصناعية، عرفنا أهميتها الصحية والاقتصادية والسكانية. وفقاً لدراسة د. ضحى جاسم الصوفي من جامعة الموصل>كلية العلوم.
وعلينا أن ننظر إلى الرضاعة الصناعية كحالة استثنائية تلجأ إليها الأم في ظروف محددة وباستشارة المختصين، مثلها كالمريض يلجأ إلى تناول الدواء في حالة مرضه.


د. محمد جميل الحبال

 الرضاعة العلاجية هي استعمال الرضاعة من غير الأم لعلاج بعض الأمراض الوراثية، وأهمها مرض فقر الدم المنجلي أنموذجاً، وقد ثبت علمياً أن الحليب البشري يحتوي على عناصر وراثية مهمة، وهي: الخلايا الجذعية، التي يمكنها أن تكون أنسجة جديدة صحية من المصدر والأجسام الميكروية، المسؤولة عن التعبير الجيني للجينوم البشري
 

رضاعة علاجية
يقول الأستاذ الدكتور محمد الحبال، إن الرضاعة العلاجية هي استعمال الرضاعة من غير الأم لعلاج بعض الأمراض الوراثية، وأهمها مرض فقر الدم المنجلي (أنموذجاً)، وقد توصل العلماء للرضاعة العلاجية من خلال الدليل الشرعي بالآية الشريفة «وَإِن تَعَاسَرتُم فَسَتُرضِعُ لَهُ أُخرَىٰ» الطلاق، الآية-6. والتعاسر لفظٌ عام يشمل كل أمر عسير، وحصول مرض وراثي في الأسرة يصيبهم بالعسرة.
ويضيف الحبال، أنه قد ثبت علمياً أن الحليب البشري يحتوي على عناصر وراثية مهمة، وهي:
>الخلايا الجذعية (Stem cells)، التي يمكنها أن تكون أنسجة جديدة صحية من المصدر.
>الأجسام الميكروية (Micro RNA)، المسؤولة عن التعبير الجيني للجينوم البشري.
وقد ثبت إمكانية امتصاصهما، كليهما، مع الخلايا المناعية الأُخرى، في الجهاز الهضمي للطفل الرضيع وإمكانية اختراقها له لعدم نضوجه؛ فالخلايا الجذعية تكون خلايا صحيّة تُصلح المرضية أو تقلل منها وبالإمكان الاستعاضة بها عن عملية زرع نخاع العظم (Bone Marrow Transplantation).
إن الأجسام الميكروية قد تغير التعبير الجيني وتصلح الجين المعطوب وتعوض عن العلاج الجيني (Gene Therapy). وكلتا الطريقتين أعلاه معقدة جداً وباهظة التكاليف وكثيرة الآثار الجانبية ولا تُجرى إلا في مراكز عالمية متخصصة. بينما الرضاعة العلاجية سهلة التطبيق واقتصادية، وتتم عن طريق الفم وسليمة من الآثار الجانبية.
وأشار الأستاذ الدكتور محمد الحبال إلى بحث أجراه حديثاً وقدم نتائجه في عدد من المؤتمرات الطبية، وفيه حالة طفلة مصابة بمرض فقر الدم المنجلي (Sickle Cell Anemia)، رضعت من غير أمها وتحسنت حالتها سريرياً ومختبرياً، كما أوضح في البحث مقارنتها بإخوتها المصابين بالمرض نفسه.

تطور جسم المولود
يقول الأستاذ الدكتور محمد الحبال، إن من الأمور الثابتة طبياً أن الأجهزة الحيوية في جسم الإنسان أو بعضها على أقل تقدير تكون غير متطورة أو غير ناضجة في الطفل عند ولادته ويتكامل نضجها تدريجياً خلال أشهر وسنوات. ونذكر على سبيل المثال أربعة أمثلة معروفة، وهي:
> الجهاز العصبي المركزي (Central nervous system) ونضجه البطيء، خصوصاً الفاعليات العقلية، فبعض الفاعليات العصبية تنضج خلال أشهر وأخرى خلال سنوات.
> الجهاز المناعي للجسم (Immune system)، تختلف فعاليته عند المواليد كثيراً عن فاعليته عند الكبار. ويتضح هذا الاختلاف (أو عدم النضج) من دراسة الخلايا اللمفاوية وكذلك الجسيمات المضادة التي يمكن للرضيع تكوينها. هذه الحقيقة هي أحد الأسباب التي تقضي بتأخير تلقيح الطفل ضد الأمراض المعدية إلى أشهر بعد ولادته؛ وذلك لأن الجهاز المناعي قبل نضجه يمكن اختراقه وتغيير بعض عمله. وقد ثبت في علم المناعة خصوصاً في التجارب على الحيوانات، أن تعرض الجهاز المناعي إلى مواد غريبة قبل نضجه يمكن أن يؤدي إلى تحمل تلك المواد وقبولها بدلاً من رفضها.
> الجهاز الهضمي والنمو التدريجي في قدراته الهضمية وقدرة الطفل على الاعتماد على الغذاء الطبيعي للكبار.
> الجهاز التناسلي وتأخر نضجه إلى سن البلوغ.

الاختراق الوراثي
إن قضية اختراق الجهاز الوراثي ليس بالأمر البعيد، خصوصاً بعد التجارب العلمية الحديثة في علم الجينات وهندستها. وقد يحتمل على هذا الافتراض أنه يوجد في حليب المرضع بعض المواد الغريبة التي يمكن أن تخترق الجهاز الوراثي للرضيع وتؤثر فيه (إذا كان من غير الأم)، خصوصاً أن حليب الأم فيه أنواع من البروتينات الفعالة، ومنها على سبيل المثال الجسيمات المضادة، كما أن عدم نضج الجهاز الهضمي عند الرضيع يساعد على عبور كثير من هذه المواد إلى الدم وغيره من أجهزة الجسم ومنها الجهاز الوراثي.
ومن التطبيقات لنظرية الاختراق الوراثي:
• في حالة زرع الأعضاء: كالكُلية مثلاً يُفضل أن يكون المتبرع من القرابة الصُلبيين، خاصة من كان من الدرجة الأولى كالأخ والأخت مثلاً، وفي حالة تعذر ذلك يفضل الأخوة من الرضاعة إن وُجدوا قبل اللجوء إلى شخص غريب، والسبب في ذلك أن الجينات (العوامل الوراثية) في أخوة الرضاعة والعوامل المناعية قد تتشابه مع جينات أخوة النسب ومع العوامل المناعية أيضاً؛ إذ كلما كان التشابه (التطابق) النسيجي والمناعي بينهما أكثر كانت نسبة نجاح العملية أكبر وتقبل جسم المريض للكلية المزروعة أفضل.
• في حالة علاج الأمراض الوراثية، التي اكتشف الطب أن أنواعها تزيد على ثلاثة آلاف مرض وراثي تنتقل من الوالدين أو أحدهما إلى الذرية. وقد توصل الطب والعلم الحديثان من خلال استعمال التقنيات الحديثة من تشخيصها في خلال الحياة الجنينية (في بطن الأم). وفي تشخيص حالة كهذه يمكن من خلال الرضاعة من ثدي مرضعة أخرى من غير أقاربه (أجنبية) تملك بنية سليمة وصحة جيدة (خالية من الأمراض الوراثية)، نلحقه بها بدلاً من أمه التي تحمل الصفات الوراثية المرضية، حيث نفترض أن الحليب من المرضعة الصحيحة سيزيح أو ينحي أو يتغلب على الصفة الوراثية المرضية التي اكتسبها من والديه، وذلك من خلال اختراقه للجهاز المناعي والوراثي للرضيع.
• في حالة اختيار المرضعات السليمات لزيادة الصفات الحميدة في المولود: إذا كان حليب الأم غير متوافر لأي سبب فليختر له مرضعة تملك الصحة النفسية والبدنية الجيدة حتى ينشأ صحيحاً لانتقال الصفات السليمة الصحيحة وتغلبها أو إزاحتها للصفات الوراثية السقيمة في حالة وجودها عند تشخيص مرض وراثي موجود.
هذه التطبيقات الطبية إشارة دقيقة تدفع العلماء والباحثين للبحث والتقصي والتوصل إلى الطرق العملية الفطرية السليمة للعلاج بدلا من الطرق المعقدة الباهظة الثمن غير مأمونة النتائج كالعلاج بنقل الجينات ((Gene Therapy أو العلاج بزرع نخاع العظم (Bone Marrow Transplantation). وبالطبع، فذلك يحتاج إلى تحقيق وتطبيق وأبحاث مستفيضة وفي حالة نجاحها فإنها ستحقق فتحا طبيا كبيرا وفائدة عظيمة للبشرية.

* استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».