ميقاتي يتحرك مسيحياً استباقاً لـ«حملات التحريض» العونية

TT

ميقاتي يتحرك مسيحياً استباقاً لـ«حملات التحريض» العونية

لم يعد من إمكانية لتشكيل حكومة جديدة أو تعويم الحالية قبل خمسة أيام من انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، ما يضطره إلى إعادة النظر في حساباته قبل جر البلد إلى فوضى دستورية واجتماعية استجابة للتهديدات التي أطلقها رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل كرد فعل على انسداد الأفق أمام تشكيل الحكومة.
فالفريق السياسي المناوئ لعون بدأ يستعد لمواجهة تهديدات باسيل الذي لن يكون في مقدوره، كما يقول مصدر حكومي سابق لـ«الشرق الأوسط»، استنفار الشارع المسيحي في وجه ميقاتي الذي أعاد تشغيل محركاته باتجاه خصوم باسيل من المسيحيين الذين قرروا عدم القيام بأي شكل من أشكال الابتهاج فيما يغادر عون بعبدا إلى الرابية وطلبوا من مناصريهم تجنب الاحتكاك بمحازبي وجمهور «التيار الوطني» الذي يستعد لوداع عون. ويكشف المصدر الحكومي السابق، الذي واكب اللقاء الوداعي الذي عُقد بين عون وميقاتي وانتهى من دون نتائج بخصوص تعويم الحكومة الحالية، بأن ميقاتي يجري مروحة من الاتصالات لشرح موقفه وتبيان الأسباب التي حالت دون تعويمها، وهو التقى لهذه الغاية بعيداً عن الإعلام البطريرك الماروني بشارة الراعي ولم يستبعد أن يلتقيه ثانية قبل أن يغادر إلى الجزائر على رأس الوفد اللبناني لحضور القمة العربية.
ويلفت إلى أن ميقاتي يتواصل بطريقة أو بأخرى مع عدد من المرجعيات الروحية المسيحية وبقيادتي حزبي «القوات اللبنانية» و«الكتائب» اللتين ليستا في وارد توفير الغطاء السياسي لـ«التيار الوطني» في تحركه الاحتجاجي في وجه ميقاتي، ويقول إن الأخير التقى في اليومين الماضيين عدداً من رجال القانون في حضور الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية.
ويضيف أن اللقاء شارك فيه عدد من أصحاب الاختصاص في تفسير الدستور ومن بينهم الوزيران السابقان خالد قباني ورشيد درباس وسعيد مالك وزهير شكر وأنطوان مسرة، ويؤكد أنهم يؤيدون وجهة النظر القائلة إن صلاحيات رئيس الجمهورية تُناط بمجلس الوزراء مجتمعاً فور حصول شغور رئاسي بخلاف ما يدعيه عون وفريقه السياسي.
وإذ يعلق مصدر سياسي بارز أهمية على ما سيقوله البطريرك الراعي في عظته الأحد المقبل، يرى في المقابل أن ما يهم بكركي الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية لئلا يكون الشغور الرئاسي مديداً، وبالتالي يتخوف، كما يقول لـ«الشرق الأوسط»، من أن يؤدي تشكيل الحكومة أو تعويمها إلى تمديد مفتوح للأزمة الناجمة عن تعذر انتخاب الرئيس في فترة زمنية وجيزة.
ويؤكد المصدر السياسي أنه من غير الجائز إعطاء الأولوية لتعويم الحكومة، وأن إبقاء الوضع الحكومي بحالته الراهنة سيفتح الباب أمام استقدام تدخلات دولية وإقليمية تستعجل انتخاب الرئيس. ويضيف أن السواد الأعظم في الشارع المسيحي يخشى من أن يكون تعويم الحكومة بمثابة «رشوة» لترحيل الاستحقاق الرئاسي، ويقول إنها أشبه بجائزة ترضية تدفع باتجاه انزلاق البلد إلى مزيد من التدهور.
ويتهم المصدر نفسه عون بأنه يراهن على جر البلد إلى الفوضى لعله يستقدم تدخلات خارجية تطرح إعادة النظر في النظام اللبناني لجهة الوصول إلى نظام جديد يكون البديل لاتفاق الطائف الذي كان السبب وراء إخراجه من بعبدا عام 1990 بخلاف ادعائه بتأييده شرط استكمال تطبيقه وتنقيته من الشوائب.
وفي المقابل، تتوجه الأنظار إلى اليوم الوداعي الذي يقيمه «التيار الوطني» لمؤسسه الرئيس عون منذ لحظة مغادرته بعبدا ظهر الأحد المقبل إلى منزله في الرابية، وما إذا كان سيبقى في حدود الاحتفالية التي سيقيمها أم أنها تشكل مناسبة يستعيد فيها بعض طروحاته السياسية أثناء إقامته في بعبدا على رأس الحكومة العسكرية في محاولة لاختبار حجم شعبيته.
مع أن خصومه يرون أن لا مصلحة له في إخضاع نفسه لاختبار شعبي لن يكون كما كان في الماضي.
فباسيل قد يجد نفسه، كما يقول المصدر السياسي، أمام امتحان صعب بتأمينه الحشد المطلوب في تصديه لما تحمله مرحلة ما بعد الشغور الرئاسي من معطيات لا تخلو من المفاجآت، وصولاً إلى استعراض قوته في مواجهة القوة التي يتمتع بها خصومه في الشارع المسيحي.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
TT

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)

حدد رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، مسعود بارزاني، موقف الكرد من الصراع الجاري في المنطقة بطريقة تبدو مختلفة عن خيارات القوى السياسية في بغداد، لا سيما من الحرب الدائرة في المنطقة.

وفي لقاء له مع قناة «سكاي نيوز عربية»، الثلاثاء، أكد بارزاني أن العراق «هو المتضرر في حال جره للحرب في المنطقة». وأضاف أن «العلاقة بين أربيل وبغداد جيدة، مع أن بعض الملفات العالقة لا تزال طور النقاش لحلها، من بينها حصة الإقليم من النفط».

وقال بارزاني: «ليس من مصلحتنا أي توتر مع إيران وتركيا والعلاقات طبيعية مع الطرفين»، مؤكداً أنه «لم يكن في برنامجنا أبداً توتر العلاقات مع تركيا وإيران، لكن لن نسمح لأي أحد بأن يتدخل في شؤوننا».

ولفت بارازني إلى أن «المعارضة الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان لم تتدخل وتستمع للتعليمات، بينما (حزب العمال الكردستاني) يتدخل ولا يستمع للتعليمات».

العراق وطبول الحرب

وبشأن طبول الحرب التي تقرع في المنطقة وطريقة تعاطي العراق الرسمي والعراق الموازي المتمثل بالفصائل المسلحة الموالية لإيران، قال بارزاني إن «العراق هو المتضرر من جره للحرب الحالية في المنطقة».

ومع أن بارزاني لم يخض في تفاصيل موقف العراق من الحرب، لكنه عبَّر عن رأي كردي منسجم مع موقف الحكومة العراقية سواء على لسان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أو وزير الخارجية فؤاد حسين، لكنه انتقد صراحة «الفصائل المسلحة التي لا تزال تهدد بالرد على إسرائيل في حال تنفيذها هجوما على العراق».

وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أعلن، الأحد الماضي، خلال كلمة له بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس الدبلوماسية العراقية أن إسرائيل باتت تبحث عما سماها «ذرائع واهية لضرب العراق»، مبيناً أنه وجَّه وزارة الخارجية للتعامل مع الأمر، وفق الأطر الدبلوماسية.

مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي والسفيرة الأميركية لدى العراق إلينا رومانسكي خلال لقاء الأحد (واع)

وكانت السفيرة الأميركية إلينا رومانسكي التي انتهت مدة عملها في العراق، قد حذرت من إمكانية أن تقوم إسرائيل باستهداف العراق قائلة: «أود أن أكون واضحة جداً من البداية. الإسرائيليون أدلوا بتحذيرات ردع على الميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، والتي تعتدي على إسرائيل».

وأضافت أن «هذه الميليشيات هي من بدأت في الاعتداء على إسرائيل، وأكون واضحة جداً لهذه النقطة وأن الإسرائيليين حذروا حكومة العراق بأن يوقفوا هذه الميليشيات من اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل».

وتابعت السفيرة بالقول: «رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة التي لا تنصاع لأوامر الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء، وأن إسرائيل أمة لها سيادتها، وستقوم بالرد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

خطر الانسحاب الأميركي

وعن موقفه من الوجود الأميركي في العراق، قال بارزاني إن «(داعش) لا يزال يشكل تهديداً جدياً، وانسحاب قوات التحالف مشكلة من دون تجهيز الجيش العراقي والبيشمركة».

ويعد موقف بارزاني أول موقف كردي بهذا الوضوح بعد سلسلة مباحثات أجرتها الحكومة العراقية طوال هذا العام مع الأميركيين بشأن إعادة تنظيم العلاقة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية والتي تتضمن انسحاب ما تبقى من القوات الأميركية من العراق والعودة إلى اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقَّعة بين بغداد وواشنطن عام 2008.

وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية الدكتور عصام فيلي لـ«الشرق الأوسط» إن «موقف بارزاني من الانسحاب الأميركي يمثل مخاوف كثير من القوى السياسية وحتى الشارع العراقي في أن يكون العراق جزءاً من ساحة حرب».

وأضاف فيلي أن «هذه الحرب لا بد أن يكون لمن يشترك فيها اصطفاف لصالح طرف ضد آخر، وهو ما يتناقض مع الدستور العراقي وتصريحات كبار مسؤوليه في أن العراق لا يمكن أن يكون ساحة للحرب في المنطقة بين قوتين وهما أميركا وإيران».

وأوضح فيلي أن «العراق لا يزال يواجه تحديات داخلية في المقدمة منها التنظيمات الإرهابية، وأن قوات التحالف الدولي تمثل ضمانة أمنية»، وأشار إلى أن «الكرد يخشون من غياب قوات التحالف؛ لأنهم يرون أن وجود بعض الأطراف المسلحة في بعض المناطق المتنازع عليها سيشكل تهديداً لهم بعد الانسحاب الأميركي».