هل تستخدم روسيا «القنبلة القذرة» ذريعة لتصعيد الحرب في أوكرانيا؟

مواطن أوكراني يعمل على إخماد حريق بمنطقة دونباس (أرشيف-أ.ف.ب)
مواطن أوكراني يعمل على إخماد حريق بمنطقة دونباس (أرشيف-أ.ف.ب)
TT

هل تستخدم روسيا «القنبلة القذرة» ذريعة لتصعيد الحرب في أوكرانيا؟

مواطن أوكراني يعمل على إخماد حريق بمنطقة دونباس (أرشيف-أ.ف.ب)
مواطن أوكراني يعمل على إخماد حريق بمنطقة دونباس (أرشيف-أ.ف.ب)

رفضت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في بيان مشترك المزاعم الروسية بأن كييف بصدد تصنيع «قنبلة قذرة»، محذرين موسكو من استخدام هذه الاتهامات كـ«ذريعة» لتصعيد النزاع في أوكرانيا.
ووفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فقد زعم وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، خلال عطلة نهاية الأسبوع أن أوكرانيا كانت تستعد لتفجير «قنبلة قذرة»، وهي عبارة تصف مادة متفجرة تقليدية، مثل الديناميت، ملفوفة بنفايات إشعاعية.
وفي سلسلة مكالمات هاتفية يوم الاثنين مع دول الناتو، كرر رئيس أركان الجيش الروسي فاليري غيراسيموف، هذه المزاعم.
وهذه القنبلة ليست قنبلة نووية. وليس لديها أي من القوة التفجيرية للسلاح النووي. لكنهت تعتبر سلاحا إرهابيا فعالا، ويمكن للتلوث الإشعاعي الناتج عنها أن يجعل العديد من المناطق غير صالحة للسكن لفترة من الزمن.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1584653939529912321?s=20&t=lXO-t-A-lkGBcaDOlYmlyg
وجاءت موجة المكالمات الهاتفية بين المسؤولين الأميركيين وحلف شمال الأطلسي والروس بعد أكثر من ستة أشهر كانت الاتصالات خلالها ضئيلة جدا.
وعكس التكرار المفاجئ للمكالمات والتحذيرات الناتجة عنها ما قال المسؤولون الأميركيون إنه مستوى عالٍ جدا من القلق بشأن الاستخدام المحتمل للأسلحة النووية من قبل روسيا.
وبينما صرح المسؤولون بأنهم يعتقدون أن روسيا لم تتخذ أي قرار لاستخدام سلاح نووي تكتيكي بعد، فقد أوضحوا أن التحرك في هذا الاتجاه هو مصدر قلقهم الرئيسي، خاصةً بعد هذه الاتهامات الروسية الأخيرة، وفقاً لما نقلته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، أمس (الاثنين): «لم نر أي سبب لتعديل وضعنا النووي ولا لدينا مؤشرات على أن روسيا تستعد لاستخدام أسلحة نووية. لكننا نرى أن هذه التصريحات مقلقة للغاية».
ومن جهته، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن: «قد يرى العالم محاولات من جانب روسيا لاستخدام هذا الادعاء كذريعة للتصعيد»، وتعهد بمواصلة دعم كييف لأطول فترة ممكنة.
وأصدرت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، كارين جان بيير، بياناً تحدثت فيه تحديداً عن «القنبلة القذرة».
وقالت «نرفض مزاعم روسيا الكاذبة بشكل واضح بأن أوكرانيا تستعد لاستخدام قنبلة قذرة على أراضيها. ونحن قلقون من استخدام هذه المزاعم كذريعة لمزيد من التصعيد».
ولفت عدد كبار المسؤولين الأميركيين الآخرين إلى أن روسيا اعتادت تاريخيا اتهام الآخرين بالقيام بما تفكر فيه هي بالفعل.
وبشكل دوري خلال حرب أوكرانيا، أصدر بوتين ومسؤولون روس آخرون تهديدات نووية مختلفة في تذكير واضح للولايات المتحدة وحلفائها بأن هناك حدوداً لتسامح موسكو مع دعمهم لكييف.
وقال مسؤولون أميركيون، طلبوا عدم الإفصاح عن هويتهم، لـ«نيويورك تايمز» إن التأكد من عدم تصعيد الحرب إلى مرحلة استخدام الأسلحة النووية كان مؤثرا بشدة على عملية صنع القرار في البيت الأبيض منذ ما قبل غزو موسكو لكييف. ونتيجة لذلك، لم تسلم الولايات المتحدة إلى أوكرانيا أسلحة يمكن أن تصل إلى روسيا، حتى مع تكثيف إمداداتها من الأسلحة التي كان لها تأثير مدمر على الجيش الروسي الذي يقاتل داخل أوكرانيا.
وقال أحد أولئك المسؤولين إن هناك تطورات جديدة ومقلقة تتعلق بالترسانة النووية الروسية. ولكنه رفض الإدلاء بأي تفاصيل نظراً لحساسية الموضوع.
وقال مسؤولون آخرون إن أكثر ما يقلقهم هو استخدام بوتين أسلحة غير تقليدية، جراء إحباطه من إخفاقات قواته بعد استخدام الأسلحة التقليدية.
ولفتوا إلى أنهم يظنون أن الأمر قد يصل لاستخدام بوتين ترسانته النووية لمحاولة كسر التحالف الغربي مع أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

أوروبا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يمين) والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

حذر الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته في مقابلة مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» ترمب من أن الولايات المتحدة ستواجه «تهديداً خطيراً».

«الشرق الأوسط» (لندن )
المشرق العربي أشخاص ورجال إنقاذ سوريون يقفون بالقرب من أنقاض مبنى في موقع غارة جوية على حي في مدينة إدلب التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة في شمال سوريا، 2 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

أوكرانيا تحمّل روسيا وإيران مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا

قالت أوكرانيا، الاثنين، إن روسيا وإيران تتحملان مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا، حيث سيطرت «هيئة تحرير الشام» وفصائل حليفة لها على مساحات واسعة من الأراضي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي في أثينا 26 أكتوبر 2020 (رويترز)

لافروف يتهم الغرب بالسعي إلى وقف إطلاق النار لإعادة تسليح أوكرانيا

اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الدول الغربية، الاثنين، بالسعي إلى تحقيق وقف لإطلاق النار في أوكرانيا بهدف إعادة تسليح كييف بأسلحة متطورة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف في صورة مع أحد الجنود الأوكرانيين الذين أصيبوا في الحرب (د.ب.أ)

شولتس في كييف بعد طول غياب... واتهامات باستغلاله الزيارة لأغراض انتخابية

زار المستشار الألماني أوكرانيا بعد عامين ونصف العام من الغياب وفي وقت تستعد فيه بلاده لانتخاب عامة مبكرة، واتهمته المعارضة باستغلال الزيارة لأغراض انتخابية.

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس لدى وصوله إلى أوكرانيا (حسابه عبر منصة إكس)

شولتس في زيارة مفاجئة لأوكرانيا... ويعلن عن مساعدات عسكرية جديدة

وصل المستشار الألماني أولاف شولتس إلى أوكرانيا، الاثنين، في زيارة لم تكن معلنة مسبقاً للتأكيد على دعم برلين لكييف في حربها ضد روسيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025، في وقتٍ تتنامى فيه الحاجات بسبب النزاعات والتغير المناخي.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة عن العمل الإنساني لعام 2025»، إن الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والفقراء، يدفعون الثمن الأعلى «في عالم مشتعل».

سودانيون فارُّون من المعارك بمنطقة الجزيرة في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

وفي ظل النزاعات الدامية التي تشهدها مناطق عدة في العالم؛ خصوصاً غزة والسودان وأوكرانيا، والكلفة المتزايدة للتغير المناخي وظروف الطقس الحادة، تُقدِّر الأمم المتحدة أن 305 ملايين شخص في العالم سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، العام المقبل.

أطفال يحملون أواني معدنية ويتزاحمون للحصول على الطعام من مطبخ يتبع الأعمال الخيرية في خان يونس بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح «أوتشا»، في تقريره، أن التمويل المطلوب سيساعد الأمم المتحدة وشركاءها على دعم الناس في 33 دولة و9 مناطق تستضيف اللاجئين.

وقال فليتشر: «نتعامل حالياً مع أزمات متعددة... والفئات الأكثر ضعفاً في العالم هم الذين يدفعون الثمن»، مشيراً إلى أن اتساع الهوة على صعيد المساواة، إضافة إلى تداعيات النزاعات والتغير المناخي، كل ذلك أسهم في تشكُّل «عاصفة متكاملة» من الحاجات.

ويتعلق النداء بطلب جمع 47.4 مليار دولار لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لسنة 2025، وهو أقل بقليل من نداء عام 2024.

وأقر المسؤول الأممي، الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الأمم المتحدة وشركاءها لن يكون في مقدورهم توفير الدعم لكل المحتاجين.

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا... الصورة في كييف يوم 8 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح: «ثمة 115 مليون شخص لن نتمكن من الوصول إليهم»، وفق هذه الخطة، مؤكداً أنه يشعر «بالعار والخوف والأمل» مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة»، للمرة الأولى من توليه منصبه.

وعَدَّ أن كل رقم في التقرير «يمثل حياة محطمة» بسبب النزاعات والمناخ «وتفكك أنظمتنا للتضامن الدولي».

وخفضت الأمم المتحدة مناشدتها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار، من 56 ملياراً في العام السابق، مع تراجع إقبال المانحين على تقديم الأموال، لكنها لم تجمع إلا 43 في المائة من المبلغ المطلوب، وهي واحدة من أسوأ المعدلات في التاريخ. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار؛ أي نحو نصف الأموال التي تلقتها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا لاتخاذ خيارات صعبة، فخفّضوا المساعدات الغذائية 80 في المائة في سوريا، وخدمات المياه في اليمن المعرَّض للكوليرا. والمساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي إنفاق الأمم المتحدة، التي لم تفلح لسنوات في تلبية احتياجات ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها. وعلى الرغم من وقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب بعض الإنفاق في إطار الأمم المتحدة، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فإنه ترك ميزانيات المساعدات في الأمم المتحدة بلا تخفيض. لكن مسؤولين ودبلوماسيين يتوقعون تقليل الإنفاق في ولايته الجديدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جانبه، قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «الولايات المتحدة علامة استفهام كبيرة... أخشى أننا ربما نتعرض لخيبة أمل مريرة؛ لأن المزاج العام العالمي والتطورات السياسية داخل الدول ليست في مصلحتنا». وكان إيغلاند قد تولّى منصب فليتشر نفسه من 2003 إلى 2006. والمشروع 2025، وهو مجموعة من المقترحات المثيرة للجدل التي وضعها بعض مستشاري ترمب، يستهدف «الزيادات المسرفة في الموازنة» من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولم تردَّ الإدارة التي يشكلها ترامب على طلب للتعليق. وأشار فليتشر إلى «انحلال أنظمتنا للتضامن الدولي»، ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين. وعند سؤال فليتشر عن تأثير ترمب، أجاب: «لا أعتقد أنه لا توجد شفقة لدى هذه الحكومات المنتخبة». ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحد التحديات هو استمرار الأزمات لفترة أطول تبلغ عشر سنوات في المتوسط. وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، إن بعض الدول تدخل في «حالة أزمة دائمة». وحلّت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا في المركزين الثاني والثالث لأكبر المانحين لميزانيات الأمم المتحدة للمساعدات، هذا العام. وقالت شارلوت سلينتي، الأمين العام لمجلس اللاجئين الدنماركي، إن إسهامات أوروبا محل شك أيضاً في ظل تحويل التمويل إلى الدفاع. وأضافت: «إنه عالم أكثر هشاشة وعدم قابلية على التنبؤ (مما كان عليه في ولاية ترمب الأولى)، مع وجود أزمات أكثر، وإذا كانت إدارة الولايات المتحدة ستُخفض تمويلها الإنساني، فقد يكون سد فجوة الاحتياجات المتنامية أكثر تعقيداً».