باتيلي يؤكد أولوياته في تحديد «مسار توافقي» للانتخابات الليبية

المشري اعتبر تغيير المناصب السيادية «أمراً حتمياً»

باتيلي خلال اجتماعه مع باشاغا في بنغازي أمس (المبعوث الأممي)
باتيلي خلال اجتماعه مع باشاغا في بنغازي أمس (المبعوث الأممي)
TT

باتيلي يؤكد أولوياته في تحديد «مسار توافقي» للانتخابات الليبية

باتيلي خلال اجتماعه مع باشاغا في بنغازي أمس (المبعوث الأممي)
باتيلي خلال اجتماعه مع باشاغا في بنغازي أمس (المبعوث الأممي)

أعلن رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، عبد الله باتيلي، الذي انتقل إلى شرق البلاد، أمس (السبت)، لمواصلة اجتماعاته، أن أولويته - ضمن أولويات أخرى - «تكمن في تحديد مسار توافقي لإجراء انتخابات شاملة وذات مصداقية في أقرب وقت ممكن».
وقدم باتيلي، كشف حساب باجتماعات أسبوعه الأول منذ توليه مهام عمله، وقال عبر «تويتر» في سلسلة تغريدات هي الأولى من نوعها: «أنا هنا للعمل مع كل الإخوة والأخوات في ليبيا»، لافتاً إلى أنه سيلتقي بجميع الأطراف، بما في ذلك ممثلو المجتمع المدني والنساء والشباب.
وأوضح أنه شدد خلال ما وصفه بـ«مناقشات مثمرة» مع المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، على الحاجة إلى إيجاد حل سلمي ومستدام لليبيا، وشدد على أهمية الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار وتوحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية، مشيراً إلى أنه حثّ أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة عن الشرق، على مواصلة جهودهم للحفاظ على الهدنة.
وقال إنه استمع إلى رؤى عماد السايح، رئيس المفوضية العليا للانتخابات، حول كيفية تعزيز الجهود لإجراء الانتخابات، وأوضح أنه ناقش في طرابلس مع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة، سبل تعزيز استقلالية المؤسسة الوطنية للنفط كمؤسسة سيادية.
وقال باتيلي، إنه ناقش (الاثنين) الماضي في مدينة القبة، مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، خيارات الحل السياسي، لافتاً إلى أنه أكد لرئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ونائبه عبد الله اللافي، أن حل الأزمة الليبية يجب أن يأتي من الليبيين أنفسهم.
ونوّه إلى أن أسبوعه الأول شمل الاجتماع برئيس حكومة «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة، ووزيرة خارجيته نجلاء المنقوش، اللذين أعربا عن دعمهما للمساعي الحميدة للأمم المتحدة.
https://twitter.com/Bathily_UNSMIL/status/1584145628988575744?s=20&t=5oCJsQ6cIZoHqGSjlbYTOA
وأعرب باتيلي، لدى لقائه مجموعة من النساء في بنغازي، بينهن أكاديميات ومحاميات وناشطات، كجزء من الجهود المتواصلة الرامية لجمع الآراء من مختلف الأطراف الليبية المعنية حول أنجع السبل نحو السلام والاستقرار، عن أنه يود الاستماع إلى خريطة الطريق التي لديهن، ليس فقط في شؤون المرأة، بل عن كل جوانب الأزمة، في إشارة منه إلى التزامه بأن هذا اللقاء هو الأول من عدد من اللقاءات.
https://twitter.com/UNSMILibya/status/1583900498192920578?s=20&t=QXZMgfr4WhpHx4wQrDLtJw
وكان باتيلي، قد أكد في اجتماعه مساء أمس مع فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الموازية، الذي وصفه برئيس الوزراء من قبل مجلس النواب، أن «السبيل للخروج من الأزمة، أن يجتمع الليبيون معاً لإيجاد حل ليبي».
كما أبلغ باشاغا التزامه والتزام الأمم المتحدة بتيسير ودعم الجهود الليبية لتجاوز المأزق السياسي من أجل تحقيق السلام والاستقرار للشعب الليبي.
https://twitter.com/UNSMILibya/status/1583895830989537280?s=20&t=e68NbeO4P-GjMKfz5cgQ_A
من جهة أخرى، غازل الدبيبة وحكومته، الحكومة الإيطالية الجديدة، حيث بارك لرئيستها جورجيا ميلوني، أداءها اليمين الدستورية، كأول سيدة في إيطاليا تشغل هذا المنصب.
وبعدما تمنى لها التوفيق، أعرب في بيان مقتضب عبر «تويتر»، مساء أمس، عن تطلعه لاستمرار ما وصفه بالتعاون الهادف بين البلدين في ملفات الهجرة والطاقة.
https://twitter.com/Dabaibahamid/status/1583825104408313856?s=20&t=feGI0EUp07Ob8P8I_zeZCw
بدورها، هنأت نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية بحكومة الدبيبة، أنطونيو تجاني لتعيينه وزيراً للخارجية ونائباً لرئيسة وزراء إيطاليا، وقالت في «تغريدة» مماثلة عبر «تويتر»: «نتطلع إلى مواصلة تعاوننا التاريخي الموثوق به، مواصلة المسار الذي بدأته مع صديقي العزيز».
من جهته، اعتبر خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، أن «تغيير كل المناصب السيادية أمر حتمي ولا رجوع عنه»، وقال في تصريحات تلفزيونية مساء أمس: «اتفقنا مع مجلس النواب على ضرورة تغيير كل المناصب السيادية، ومحافظ المصرف المركزي الصديق الكبير».
وقال إن حكومة الدبيبة «لا تستطيع السيطرة على البلاد وإجراء الانتخابات، وهناك شبهات فساد كبيرة جداً تحوم حولها، وعدد كبير من قادتها في السجون، والانتخابات تتطلب توحيد الأجسام والمؤسسات السيادية، ولا نعني بها شخصاً معيناً لمعاقبته أو مكافأته».
وتابع: «موقفنا واضح أننا ندعو لاختيار حكومة جديدة بدلاً من الدبيبة وباشاغا، تكون قادرة على إنجاز الانتخابات، وحكومة باشاغا غير توافقية، حيث لم تمر بالشفافية المطلوبة».
وبينما قال أعضاء في مجلس النواب، إن تغيير المناصب السيادية سيكون حزمة واحدة، شكك بعض أعضاء مجلس الدولة في أن يتم في المدة الزمنية المحددة قبل مطلع العام الحالي.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».