تركيا تجدد دعوتها للمصالحة بين النظام السوري والمعارضة

أعلنت القبض على 9 عناصر من داعش بعملية أمنية في الباب

جاويش أوغلو يلتقي ممثلي منظمات المجتمع المدني في ولاية هطاي (تويتر)
جاويش أوغلو يلتقي ممثلي منظمات المجتمع المدني في ولاية هطاي (تويتر)
TT

تركيا تجدد دعوتها للمصالحة بين النظام السوري والمعارضة

جاويش أوغلو يلتقي ممثلي منظمات المجتمع المدني في ولاية هطاي (تويتر)
جاويش أوغلو يلتقي ممثلي منظمات المجتمع المدني في ولاية هطاي (تويتر)

جددت تركيا دعوتها للمصالحة بين النظام السوري والمعارضة، والدخول في حوار من أجل الاتفاق على خريطة طريق لإقرار الدستور وإجراء الانتخابات مؤكدةً أنها تدعم وحدة سوريا.
وقال وزير الخارجية التركي، إن بلاده تدعم وحدة تراب سوريا ويجب عدم السماح بتقسيمها، مشددا على ضرورة إيجاد حل سياسي للقضية السورية وأنه يجب أن يتواصل النظام والمعارضة من أجل الاتفاق على دستور وخريطة طريق تشمل عملية انتخابية وفق قرار مجلس الأمن الدولي ذي الصلة.
وأضاف جاويش أوغلو، خلال لقاء مع ممثلي منظمات المجتمع المدني في ولاية هطاي الحدودية مع سوريا في جنوب البلاد ليل السبت – الأحد، أنه «من أجل استمرار وحدة سوريا وسلامتها، يجب أن تتوصل المعارضة المعتدلة والنظام إلى اتفاق على خريطة طريق، يستثني الإرهابيين» (في إشارة إلى أكراد سوريا).
وتابع أن هذا هو السبيل الوحيد لتأسيس الوحدة في سوريا، وبهذه الطريقة فقط يمكننا إعادة السوريين إلى بلادهم بأمان، بمن فيهم السوريون في تركيا الراغبون بالعودة.
وأكد وزير الخارجية التركي الذي كان يتحدث مع ممثلي المجتمع المدني ومجموعة من رجال الأعمال في تركيا، أن بدء العملية الانتقالية في سوريا سيكون أيضاً خطوة مهمة على صعيد المصالحة بين النظام والمعارضة، مضيفا «سنقدم الدعم اللازم لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة في سوريا تحت رعاية الأمم المتحدة».
ولفت جاويش أوغلو إلى أن اللجنة الدستورية لم تحقق أي نتيجة بعد 9 جولات، قائلا: «سنواصل العمل مع الدول الضامنة لمسار أستانة (روسيا، تركيا وإيران) لتحقيق نتيجة في الجولات القادمة، وبحثت هذه القضية مع نظيري الروسي والإيراني في نيويورك الشهر الماضي».
وقال جاويش أوغلو إن هناك من ينزعج من هذا الطرح، وأقول لهم: «أخبرونا إن كان هناك حل آخر، هل تقبلون أن تستمر هذه الحرب الأهلية لمدة 50 عاماً أخرى؟».
وسبق أن طالب جاويش أوغلو، في أغسطس (آب) الماضي، بمصالحة بين النظام والمعارضة السوريين كاشفا عن لقاء بينه وبين وزير الخارجية السوري وليد المقداد على هامش اجتماع دول عدم الانحياز في بلغردا العام الماضي، وتسبب ذلك في احتجاجات واسعة ضد تركيا في المناطق التي تسيطر عليها في شمال سوريا. كما كشفت أنقرة عن اتصالات مع نظام بشار الأسد من أجل إعادة مسار العلاقات إلى طبيعته قبل العام 2011، تجرى حاليا على مستوى جهازي المخابرات في البلدين مشيرة إلى إمكانية تصعيدها إلى أعلى مستوى عندما يحين الوقت المناسب.
ولفت جاويش أوغلو إلى المأساة المستمرة في سوريا منذ سنوات، وكذلك الأحداث المشابهة التي تشهدها ليبيا والعراق. وأكد أن تركيا تبذل قصارى جهدها من أجل ضمان عدم تعميق هذه المآسي، ومنع وقوع دول أخرى في هذا الوضع.
وشدد على ضرورة عدم السماح بتحول سوريا إلى وكر للإرهاب الموجه ضد تركيا، وعدم السماح بتقسيمها، قائلا إن بلاده على علم بالدعم المقدم من الغرب لحزب العمال الكردستاني، المصنف كمنظمة إرهابية لدى تركيا وأوروبا والولايات المتحدة، وذراعيه في سوريا حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري ووحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تعتبرها الولايات المتحدة والغرب أوثق حليف في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا. واعتبر أن هدف هذا الدعم هو ضمان مواصلة التنظيم (الوحدات الكردية) أجندته الانفصالية في شمال شرقي سوريا، من أجل تقسيم البلد.
وأكد أن تركيا تتخذ جميع أشكال التدابير وكل ما يلزم لمنع هذه الخطوات والحيلولة دون تقسيم سوريا.
من ناحية أخرى، أعلنت وزارة الداخلية التركية إلقاء القبض على 9 من عناصر داعش في عملية أمنية في مدينة الباب الواقعة ضمن ما يسمى بمنطقة «درع الفرات» الخاضعة لسيطرة تركيا والفصائل الموالية لها في حلب، شمال غربي سوريا.
وقالت الوزارة، في بيان الأحد، إن 4 من الإرهابيين الذين تم القبض عليهم قياديون في التنظيم الإرهابي، مشيرة إلى أن قيادة قوات الدرك في ولاية غازي عنتاب (جنوب تركيا) مع الوحدة المكلفة بأداء المهام شمال سوريا بالتعاون مع المخابرات التركية، أشرفوا على تنفذ العملية.
وأشار البيان إلى أن الإرهابيين التسعة تلقوا تدريبات على التفجير وصناعة المتفجرات وأعمال الاغتيال، وكانوا بصدد تنفيذ هجمات إرهابية داخل الأراضي التركية، وتمت مصادرة مواد إلكترونية في مكان إقامتهم في مدينة الباب السورية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.