تشاد: عائلات تبحث عن أبنائها بعد مظاهرات الخميس

الحكومة تتحرك دبلوماسياً وتقارير أممية عن توقيف 500 ناشط سياسي

من المظاهرات التي جرت الخميس في العاصمة نجامينا (رويترز)
من المظاهرات التي جرت الخميس في العاصمة نجامينا (رويترز)
TT

تشاد: عائلات تبحث عن أبنائها بعد مظاهرات الخميس

من المظاهرات التي جرت الخميس في العاصمة نجامينا (رويترز)
من المظاهرات التي جرت الخميس في العاصمة نجامينا (رويترز)

تجوب عائلات تشادية منذ يومين المستشفيات في العاصمة نجامينا، بحثاً عن جثث أبنائها المفقودين بعد مشاركتهم في مظاهرات خرجت الخميس الماضي للمطالبة برحيل الرئيس الانتقالي محمد إدريس ديبي، ولأنها غير مرخصة فقد تحولت إلى صدامات مع قوات الأمن، استخدم فيها الرصاص الحي، ما أسفر عن سقوط 50 قتيلاً حسب حصيلة الحكومة، وأكثر من 70 قتيلاً حسب ما تقول المعارضة.
وتوجهت العائلات إلى المستشفيات بحثاً عن جثث أبنائها المفقودين منذ يوم المظاهرات. وبالفعل تعرفت بعض العائلات على جثث أبنائها من بين القتلى، بعد أن أتاحت لها السلطات الفرصة، في مشاهد خيم عليها الحزن. فمدينة نجامينا التي استعادت الهدوء، تعيش منذ الخميس أجواء مأتم كبير، وسط حالة طوارئ وحظر تجوال ليلي فرضتهما السلطات للسيطرة على الوضع.
ولكن ليس كل المفقودين قتلى؛ فالمعارضة ومنظمات حقوق الإنسان، تتحدث عن حملة اعتقالات واسعة في صفوف الشباب أعقبت المظاهرات، وقالت بعض التقارير إنها شملت منذ الخميس أكثر من 500 شخص، وهؤلاء لا يمكن الوصول لهم، حسب ما تقول المعارضة.
وفيما يزداد الاحتقان في الشارع، أعلنت الحكومة التشادية أن وزير العدل محمد أحمد الهابو أصدر السبت، تعليمات للنيابة العامة في المدن التي وقعت فيها المظاهرات، بالشروع في إجراءات فتح تحقيقات معمقة حول الأحداث، وأن التعليمات كانت واضحة: «تجب ملاحقة أي شخص، مدنياً كان أو عسكرياً، يثبت تورطه في الأحداث».
كما أصدرت الحكومة قراراً بتعليق عمل سبعة أحزاب سياسية لمدة ثلاثة أشهر. وهي أحزاب معارضة كانت قد دعت إلى التظاهر يوم الخميس الماضي، احتجاجاً على تمديد المرحلة الانتقالية عامين إضافيين. وخضعت مقرات هذه الأحزاب للتفتيش من طرف عناصر الشرطة.
ونشر زعيم «تيار التغيير» المعارض نجاح ماسرة، تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، قال فيها، إن مقرات حزبه «تتعرض للنهب من قبل قوات الأمن التي اقتحمتها». واعتبر أن السلطات بذلك تخرق قواعد الديمقراطية، وأضاف: «بعد إطلاق النار على 70 شخصاً وقتلهم، واعتقال وإصابة آخرين، يهاجمون الآن المباني والوثائق»، وفق تعبيره.
ولكن الحكومة التشادية التي عُينت قبل أسبوع نتيجة حوار وطني شامل وسيادي، تتهم هذه الأحزاب بالتورط في مخطط لإدخال البلاد في «عصيان شعبي ومسلح بدعم من قوى خارجية»، وهي التهمة التي وردت على ألسنة أغلب السياسيين الموالين للسلطة، خصوصاً حين استهدف متظاهرون مقرات بعض الأحزاب السياسية الموالية للسلطة، وتخريب بعض رموز الدولة.
في غضون ذلك، عقد وزير الدولة للشؤون الخارجية محمد صالح النظيف، اجتماعاً مع أعضاء السلك الدبلوماسي في تشاد، وعبر أمامهم عن أسفه للأحداث التي شهدتها البلاد يوم الخميس، مشيراً إلى أن بلاده تسعى خلال الفترة المقبلة إلى انتهاج «دبلوماسية منفتحة». وعبر عن رغبة الحكومة الجديدة في «الاستماع للشركاء»، وقال إن الدبلوماسية التي كلف بتجسيدها «تقوم على التبادل والحوار في ظل الاحترام المتبادل».
ولكن أحداث الخميس وإن كانت قد عمقت الأزمة الداخلية في تشاد، إلا أنها أيضاً زادت من تعقيد الوضع في الخارج، خصوصاً أن الأمم المتحدة أعلنت أمس (السبت) على لسان مفوضها السامي لحقوق الإنسان أنها تلقت تقارير حول الوضع في تشاد تؤكد، تورط أفراد الشرطة وقوات الأمن في «قتل متظاهرين بالرصاص الحي»، ولكن التقارير نفسها، تحدثت أيضاً عن «أعمال عنف وتخريب تورط فيها المتظاهرون».
ودعت الأمم المتحدة جميع الأطراف في تشاد، إلى «ضبط النفس»، متحدثة في السياق ذاته، عن حملة اعتقال واسعة تقوم بها قوات الأمن في صفوف السياسيين، ومشيرة إلى أن تقاريرها تؤكد توقيف أكثر من 500 شخص في العاصمة نجامينا ومدن عديدة أخرى، على خلفية المظاهرات. وقال المتحدث باسم مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة: «جميع من اعتقلوا فقط لأنهم مارسوا حقهم في التعبير والتجمهر السلمي، يجب الإفراج عنهم فوراً».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: ما بين 10 آلاف و20 ألفاً فرّوا من السودان إلى تشاد

العالم العربي الأمم المتحدة: ما بين 10 آلاف و20 ألفاً فرّوا من السودان إلى تشاد

الأمم المتحدة: ما بين 10 آلاف و20 ألفاً فرّوا من السودان إلى تشاد

فرّ ما بين 10 آلاف و20 ألف شخص من المعارك الجارية في السودان بحثاً عن ملاذ في تشاد المجاورة، وفقاً لفرق تابعة لمفوضية الأمم المتّحدة السامية لشؤون اللاجئين موجودة على الحدود. ووفق وكالة الصحافة الفرنسية، قالت المفوضية، في بيان اليوم (الخميس)، إنّ «غالبية الوافدين هم من النساء والأطفال... تعمل المفوضية عن كثب مع الحكومة التشادية وشركائها لتقييم احتياجاتهم وإعداد استجابة مشتركة».

«الشرق الأوسط» (جنيف)
الخليج مباحثات سعودية ـ تشادية تناقش آفاق التعاون والمسائل المشتركة

مباحثات سعودية ـ تشادية تناقش آفاق التعاون والمسائل المشتركة

التقى الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، في جدة، (الاثنين)، محمد إدريس ديبي رئيس المجلس العسكري الانتقالي في تشاد، وجرى خلال اللقاء استعراض أوجه العلاقات الثنائية بين البلدين وآفاق التعاون في مختلف المجالات، إلى جانب بحث عدد من المسائل ذات الاهتمام المشترك. حضر اللقاء من الجانب السعودي، الأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبد العزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، والأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية، والدكتور مساعد العيبان وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني، والمهندس خالد الفالح وزير الاستثمار، وأحمد قطان المستشار بالديوان الملكي، وعامر ال

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج لقاء سعودي - تشادي يبحث المسائل المشتركة

لقاء سعودي - تشادي يبحث المسائل المشتركة

بحث الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، الاثنين، مع محمد إدريس ديبي، رئيس المجلس العسكري الانتقالي في تشاد، المسائل ذات الاهتمام المشترك. جاء ذلك خلال لقاء جمعهما في جدة، واستعرضا فيه أوجه العلاقات الثنائية بين البلدين وآفاق التعاون في مختلف المجالات.

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم تشاد: مخاوف من تضرر المساعدات الإنسانية بعد الأزمة مع ألمانيا

تشاد: مخاوف من تضرر المساعدات الإنسانية بعد الأزمة مع ألمانيا

أثارت الأزمة الدبلوماسية بين تشاد وألمانيا في أعقاب الطرد المتبادل لسفيري البلدين، مخاوف عميقة بشأن انعكاسات الأزمة على المساعدات الإنسانية التي تقدمها دول ومؤسسات غربية مانحة لتشاد، التي تعد من بين أكثر دول العالم فقرا، كما تستضيف ما يزيد على مليون من اللاجئين والنازحين. وتبادل البلدان اللذان تجمعهما علاقات دبلوماسية منذ عام 1960 طرد السفيرين خلال الأيام القليلة الماضية، إذ طلبت ألمانيا (الثلاثاء) من سفيرة تشاد لديها، مريم علي موسى، مغادرة البلاد خلال 48 ساعة، وذلك رداً على تحرك مماثل قامت به الدولة الواقعة في وسط أفريقيا (الجمعة). ونقلت وكالة «رويترز» عن وزارة الخارجية الألمانية قولها إن الخ

العالم تشاد تطرد سفير ألمانيا بحجة «سلوكه الفظ»

تشاد تطرد سفير ألمانيا بحجة «سلوكه الفظ»

طرد السفير الألماني في تشاد الذي أعلنته الحكومة «شخصا غير مرغوب فيه» بسبب «سلوكه الفظّ»، مساء السبت، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤولين في العاصمة التشادية نجامينا. وكانت الحكومة التشادية أعلنت الجمعة أنها طلبت من السفير الألماني مغادرة البلاد خلال 48 ساعة، بسبب «عدم احترامه الممارسات الدبلوماسية». وقال وزير الخارجية التشادي، محمد صالح النظيف، إن «سفير ألمانيا في تشاد يان كريستيان غوردون كريكه سافر على متن طائرة (إير فرانس) مساء السبت». وأكد المتحدث باسم الحكومة عزيز محمد صالح مغادرة السفير.

«الشرق الأوسط» (نجامينا)

جزر المحيط الهادئ تعزز أمنها بعد اجتماع القادة... وترفض قطع العلاقة بتايوان

زعماء دول المحيط الهادئ خلال الاجتماع الثالث والخمسين لزعماء منتدى جزر المحيط الهادئ في نوكو ألوفا، تونغا 29 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)
زعماء دول المحيط الهادئ خلال الاجتماع الثالث والخمسين لزعماء منتدى جزر المحيط الهادئ في نوكو ألوفا، تونغا 29 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)
TT

جزر المحيط الهادئ تعزز أمنها بعد اجتماع القادة... وترفض قطع العلاقة بتايوان

زعماء دول المحيط الهادئ خلال الاجتماع الثالث والخمسين لزعماء منتدى جزر المحيط الهادئ في نوكو ألوفا، تونغا 29 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)
زعماء دول المحيط الهادئ خلال الاجتماع الثالث والخمسين لزعماء منتدى جزر المحيط الهادئ في نوكو ألوفا، تونغا 29 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

أقر منتدى جزر المحيط الهادئ خطة لتعزيز أعداد الشرطة بين أعضائه، مما يقلل الحاجة إلى الاعتماد على القوى الخارجية في الأزمات، حيث أيدت جزر سليمان حليفة الصين الأمنية المبادرة التي تمولها أستراليا، اليوم (الجمعة)، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال رئيس وزراء جزر كوك مارك براون، رئيس المنتدى، في اليوم الأخير من اجتماع سنوي لزعماء دول جزر المحيط الهادئ، إن الكتلة المكونة من 18 دولة لديها القدرة على الاضطلاع بدور قوي ونشط في الأمن الإقليمي.

وأضاف في مؤتمر صحافي في تونغا، إن جزر المحيط الهادئ «منطقة تعاون ودعم وعمل مشترك، وليس منطقة تنافس ومنطقة حيث تسعى الدول الأخرى إلى محاولة اكتساب ميزة علينا».

ورفض زعماء دول المحيط الهادئ دعوات تدعمها بكين إلى قطع العلاقات مع تايوان، قائلين إن التحالف الإقليمي سيبقي سياساته المستمرة منذ عقود. وفي البيان الختامي أعاد زعماء الكتلة تأكيد اتفاق وُقّع عام 1992 سمح بإجراء محادثات مع تايبيه.

وكانت جزر سليمان، الشريك الرئيسي للصين في جنوب المحيط الهادئ، مارست ضغوطا لتجريد تايوان من وضعها كشريك في منتدى جزر المحيط الهادئ، ما أثار غضب بعض حلفاء تايبيه.

وهذا المنتدى منقسم بين دول تقيم علاقات دبلوماسية مع بكين وأخرى، مثل جزر مارشال وبالاو وتوفالو، حليفة لتايوان التي أرسلت نائب وزير خارجيتها تيان تشونغ-كوانغ إلى تونغا سعيا لتعزيز العلاقات مع حلفائها في جزر المحيط الهادئ، الذين يتناقص عددهم.

وفي السنوات الخمس الماضية، قطعت جزر سليمان وكيريباتي وناورو علاقاتها الدبلوماسية مع تايوان لصالح الصين.

ومن المقرر تنظيم الانتخابات في بالاو هذا العام، وستكون علاقاتها مع تايوان، وتحول محتمل لصالح الصين، من أبرز قضايا الحملة الانتخابية.

ويرى بعض المحللين أن الخطة لإنشاء وحدة شرطة إقليمية لجزر المحيط الهادئ، يتم نشرها للتعامل مع الحوادث الكبرى هي خطوة من جانب أستراليا لمنع الوجود الأمني المتزايد للصين في المنطقة، وسط تنافس استراتيجي بين بكين وواشنطن.

وقالت جزر سليمان خلال المنتدى الجمعة، وهي دولة تربطها علاقات أمنية بأستراليا، أكبر عضو في المنتدى، وكذلك الصين، التي ليست عضواً في المنتدى، إنها وافقت على مبادرة الشرطة في المحيط الهادئ.

وصرّح رئيس وزراء جزر سليمان جيريميا مانيلي: «نحن نؤيد أيضاً، كجزء من تطوير هذه المبادرة، أهمية التشاور الوطني... لذلك نحن نقدّر حقاً المبادرة».

وقال رئيس وزراء تونغا سياوسي سوفاليني، إن ذلك من شأنه أن يعزز بنية الأمن الإقليمي الحالية. وأضاف أن الزعماء وافقوا أيضاً على شروط مهمة تقصّي الحقائق إلى كاليدونيا الجديدة، التي مزقتها أشهر من أعمال الشغب، لإجراء محادثات مع الأطراف المعنية لمحاولة حل الأزمة.

وأظهر البيان الختامي أن المنتدى قَبِل الإقليمين الأميركيين غوام وساموا الأميركية كعضوين مشاركين.

وأكد سوفاليني رئيس وزراء تونغا، الحاجة إلى المزيد من الموارد لمنطقة المحيط الهادئ للتخفيف من آثار تغير المناخ، وحض الدول المانحة على المساهمة للوصول إلى هدف تمويل أعلى يبلغ 1.5 مليار دولار.