«منتدى أصيلة» ناقش جهود الخليج في ترميم النظام الإقليمي العربي

جانب من المشاركين في ندوة «منتدى أصيلة» الثالثة (الشرق الأوسط)
جانب من المشاركين في ندوة «منتدى أصيلة» الثالثة (الشرق الأوسط)
TT

«منتدى أصيلة» ناقش جهود الخليج في ترميم النظام الإقليمي العربي

جانب من المشاركين في ندوة «منتدى أصيلة» الثالثة (الشرق الأوسط)
جانب من المشاركين في ندوة «منتدى أصيلة» الثالثة (الشرق الأوسط)

قال محمد بن عيسى، الأمين العام «مؤسسة منتدى أصيلة المغربي»، إن دول الخليج العربي واجهت تحديات كبرى، أبرزها استفحال التدخل الخارجي للقوى الإقليمية غير العربية، والتأثيرات المباشرة للأزمات الدولية وانعكاساتها على الطاقة والأمن الغذائي، ضمن موازين ورهانات الخريطة الإقليمية للمنطقة.
جاء ذلك في الجلسة الافتتاحية لثالثة ندوات «منتدى أصيلة»، حول موضوع «الخليج العربي: بين الشرق والغرب... المسألة الشرقية الجديدة»، التي عُفدت مساء أمس، حيث أشار بن عيسى إلى الأدوار الطلائعية التي اضطلعت بها الدول الخليجية في مساعي السلم والتنمية في المشرق العربي، منذ عقود طويلة، عبر الوساطة والدعم، لضمان الاستقرار السياسي والاقتصادي في الشرق الأوسط ودول أفريقيا، وجل مناطق الأزمات والصراع عبر العالم. ولهذا، يضيف بن عيسى، باتت مواقف هذه الدول تبتعد تدريجياً عن انحيازاتها التقليدية، بما يضمن أمنها واستقرارها، ومصالحها على المدى البعيد.
من جهته، قال جمال سند السويدي، مستشار رئيس دولة الإمارات نائب رئيس مجلس أمناء «مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية»، إن الإمارات «تبذل دوراً في ترميم النظام الإقليمي العربي، الذي يُعد من نتائج الربيع العربي، في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها دول عربية، وذلك بالاستثمار في نموذج التسامح الإماراتي، كعنصر مهم في تعزيز القوى الناعمة بالدولة»، مضيفاً أن الصورة الإيجابية التي تقدمها بلاده، بصفتها دولة التسامح «تعمل على بناء جسور التعاون والتواصل بين الثقافات، وتنبذ خطاب التطرف والعنف»، مبرزاً أن محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، «هو السند والداعم الكبير للتسامح، لكونه من أبناء مدرسة الشيخ زايد بن سلطان، وهي المدرسة التي أسست مبادئ التسامح وحب الخير والتعايش والاحترام، واحترام التنوع الثقافي والفكري والحضاري».
بدوره، قال نبيل يعقوب الحمر، مستشار ملك البحرين لشؤون الإعلام، إن التحولات التي شهدتها سياسات القوى الكبرى في التعاطي مع المنطقة العربية على وجه الخصوص، التي اتسمت بالتقلبات الحادة في أحيان كثيرة، والتدخلات الفجة في الشؤون الداخلية لهذه الدول، تحت شعارات مختلفة وواهية، كان آخرها محاولات فرض قيم مرفوضة دينياً واجتماعياً وإنسانياً وخلقياً على العالم العربي، مشيراً إلى أن الحرب الأوكرانية كشفت كثيراً من مواقف العالم الغربي، خصوصاً ما يتعلق بالحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية، والمبادئ والمفاهيم والإعلام الحر، التي ذهبت كلها أدراج الرياح عندما لامست الحرب العالم الغربي».

نبيل الحمر مستشار عاهل البحرين يتحدث في «منتدى أصيلة» (الشرق الأوسط)

وأضاف أن الغرب «مارس ضغوطاً كبيرة ومتعددة على دول الخليج، خصوصاً من أجل إحداث تحولات رئيسية في مواقفها بالنسبة للحرب، وقيامه بفتح الساحة العربية لإيران من أجل أن تعيث فيها إرهاباً ودماراً، خصوصاً أنه لم يكن من مصلحة دول الخليج أن تدخل طرفاً في هذه الحرب، أو في الصراع الدائر بين الدول الكبرى، لأنها تملك تاريخاً طيباً وعلاقات اقتصادية مستقرة، سواء مع روسيا أو الصين أو سائر الدول الشرقية».
وطوال تاريخها، يضيف الحمر، حاولت دول الخليج أن «تتجنب الصراعات وسياسات الاستقطاب من أي جهة كانت، واحتفظت بعلاقات متوازنة قائمة على الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية مع الجميع».
واعتبر أن الاستقرار والأمن الذي رسخته دول الخليج لعقود طويلة «خلق نهضة تنموية كبيرة ومثالية، انعكست إيجابياً على الشعوب التي زاد التحامها والتفافها حول أنظمتها، ما فوت فرصاً كثيرة لضرب هذه الأنظمة المستقرة، فيما كانت الشقة تتباعد أكثر وأكثر بين النظام الإيراني والشعب الذي عانى من فقر مدقع، إثر قيام هذا النظام بصرف مدخرات البلاد على منظماته الموالية، وأهدافه التوسعية في الخليج، وزعزعة الأمن والاستقرار فيه»، معتبراً أن الخليج العربي «يقود اليوم حراكاً دبلوماسياً لا شرقياً ولا غربياً، بل يضع مصالح شعوبه ومصالح الأمة العربية في المقدمة، وانتهج سياسات لم تعد قائمة على رد الفعل، بل الفعل، والعمل بما يحصن جبهته الداخلية إزاء أي محاولات لا تتماشى مع مصالحه.
من جهته، لفت خميس الجهيناوي، مؤسس ورئيس المجلس التونسي للعلاقات الدولية ووزير الخارجية التونسي الأسبق، إلى انفراد مجلس التعاون الخليجي بنجاعة في الأداء، ورغبة وإصرار مختلف الدول على تعزيز التعاون، وهو ما يتجلى في الأزمة الأخيرة بين قطر وعدد من دول الخليج في 2017 التي تمت معالجتها رغم الخلاف، ليواصل «مجلس التعاون الخليجي» عمله بثبات، وكذا حرص الدول الأعضاء على حضور الاجتماعات، حيث تفهموا الدرس الذي يفيد بعدم القدرة على مواجهة عالم مضطرب في إطار التفرقة بينهم. وأضاف الجهيناوي موضحاً أن دول الخليج لها «مقومات وإمكانات للقيام بدور يتجاوز المحيط الإقليمي العربي»، في إشارة إلى عملها على مقاربة النزاع اليمني، والمساهمة في رأب الصدع بين دول الخليج، بفضل الموارد التي تساعدها على القيام بدورها لحلحلة وترميم النزاعات العربية. كما أشار إلى تزايد اهتمام العالم بدول الخليج بعد الحرب الأوكرانية - الروسية، خصوصاً منها المنتجة للطاقة، وهي فرصة لأن تقوم بدور أكبر على الساحة الدولية.

جانب من الحضور في «منتدى أصيلة» (الشرق الأوسط)

بدورها، أوضحت سميرة رجب، المبعوث الخاص للديوان الملكي وزيرة الدولة لشؤون الإعلام المتحدثة الرسمية باسم الحكومة البحرينية سابقاً، أن الشرق الأوسط، خصوصاً العالم العربي «يُعد من أهم مفاتيح التنافس بين القوى العظمى، لما فيه من مزايا ذات علاقة مباشرة بنهوض القوى، والارتقاء في المنافسة فيما بينها للصعود إلى منزلة القوة الكبرى؛ فالمنطقة هي المنتج لأكبر معدل من الطاقة، من نفط وغاز طبيعي، في العالم، وتتميز بموقعها الجيوبولوتيكي ذي القيمة الجيواستراتيجية الأهم عالمياً». كما تطرقت رجب لما تتميز به دول الخليج العربي عموماً من مقومات يمكن أن تجعلها لاعباً أساسياً أكثر من أي وقت مضى، في إعادة بناء النظام الإقليمي العربي والنظام العالمي، ومن أهمها صعود قيادات جديدة شابة تحمل مبادئ الإصلاح السياسي والاقتصادي، والمزيد من الانفتاح على الثقافات والسياسات الإقليمية والعالمية، مع تحقيق نوع من الاستقرار السياسي والأمن الاجتماعي، وذلك بفضل الاستثمار في البنى التحتية المادية والبشرية، ما أدى إلى تحقيق الرفاهية الاجتماعية للمواطن الخليجي، وبالتالي المزيد من الأمن والاستقرار، إلى جانب التعاون والتنسيق والتوافق حول القضايا العربية المصيرية من جهة، والدعم الاقتصادي والاستثماري من جهة أخرى، كما أن لها دوراً رئيسياً في دعم القضية الفلسطينية.
وقالت رجب بهذا الخصوص إن دول الخليج «مشارك فاعل في النظام الدولي من خلال دورها في المساهمة في تحقيق السلم العالمي، ونبذ النزاعات والحروب... إلى جانب دورها في دعم وتمويل العمليات الإنسانية حول العالم، مشيرة إلى الأهمية الكبرى لدول الخليج «كأكبر مصدر للطاقة في العالم، والدور الذي يمكن أن تلعبه في تحقيق استقرار سوق الطاقة العالمية»، معتبرة أن الضغوط الكبيرة التي تُمارس على دول الخليج في الحرب الروسية - الأوكرانية، ورهانات استخدام النفط والغاز كسلاح ضد أو مع أي طرف من الأطراف، أظهرت تماسك الموقف الخليجي اتجاه تعزيز السلم العالمي، وتلبية حاجة الشعوب للطاقة، وحماية مصالحه القومية.
أما السفير التركي فولكان بوزكير، رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة (الدورة 75)، فعد أن الحرب الروسية - الأوكرانية ليست فقط بين دولتين، بل تنعكس سلباً على نمط العيش في دول أخرى، من خلال تأثيرها على الأمن الغذائي، بالإضافة إلى مشكلات على مستوى الطاقة بالنسبة لدول الغرب، وأيضاً على صعيد إقرار الأمن والاستقرار العالميين.
وشدد الدبلوماسي التركي على ضرورة تركيز دول الخليج العربي والشرق الأوسط على مسألة الأمن الطاقي، والتعاون الأمني في مجال محاربة التطرف والإرهاب والقضايا الاستراتيجية، مشيراً إلى أن استقرار الخليج هو استقرار لشمال أفريقيا والشرق الأوسط والعالم.


مقالات ذات صلة

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

العالم العربي تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

أعلن النائب التونسي ثابت العابد، اليوم (الثلاثاء) تشكيل «الكتلة الوطنية من أجل الإصلاح والبناء»، لتصبح بذلك أول كتلة تضم أكثر من 30 نائباً في البرلمان من مجموع 151 نائباً، وهو ما يمثل نحو 19.8 في المائة من النواب. ويأتي هذا الإعلان، بعد المصادقة على النظام الداخلي للبرلمان المنبثق عمن انتخابات 2022 وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي برلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية، لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي. ومن المنت

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي مصر تبدأ تحريكاً «تدريجياً» لأسعار سلع تموينية

مصر تبدأ تحريكاً «تدريجياً» لأسعار سلع تموينية

بدأت مصر في مايو (أيار) الحالي، تحريكا «تدريجيا» لأسعار سلع تموينية، وهي سلع غذائية تدعمها الحكومة، وذلك بهدف توفير السلع وإتاحتها في السوق، والقضاء على الخلل السعري، في ظل ارتفاعات كبيرة في معدلات التضخم. وتُصرف هذه السلع ضمن مقررات شهرية للمستحقين من أصحاب البطاقات التموينية، بما يعادل القيمة المخصصة لهم من الدعم، وتبلغ قيمتها 50 جنيهاً شهرياً لكل فرد مقيد بالبطاقة التموينية.

محمد عجم (القاهرة)
العالم العربي «الوطنية للنفط» في ليبيا تنفي «بشكل قاطع» دعمها أطراف الحرب السودانية

«الوطنية للنفط» في ليبيا تنفي «بشكل قاطع» دعمها أطراف الحرب السودانية

نفت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا «بشكل قاطع»، دعمها أياً من طرفي الحرب الدائرة في السودان، متوعدة بتحريك دعاوى قضائية محلياً ودولياً ضد من يروجون «أخباراً كاذبة»، وذلك بهدف «صون سمعتها». وأوضحت المؤسسة في بيان اليوم (الاثنين)، أنها «اطلعت على خبر نشره أحد النشطاء مفاده أن المؤسسة قد تتعرض لعقوبات دولية بسبب دعم أحد أطراف الصراع في دولة السودان الشقيقة عن طريق مصفاة السرير»، وقالت: إن هذا الخبر «عارٍ من الصحة». ونوهت المؤسسة بأن قدرة مصفاة «السرير» التكريرية «محدودة، ولا تتجاوز 10 آلاف برميل يومياً، ولا تكفي حتى الواحات المجاورة»، مؤكدة التزامها بـ«المعايير المهنية» في أداء عملها، وأن جُل ترك

جمال جوهر (القاهرة)
العالم العربي طرفا الصراع في السودان يوافقان على تمديد الهدنة

طرفا الصراع في السودان يوافقان على تمديد الهدنة

أعلن كلّ من الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» تمديد أجل الهدنة الإنسانية في السودان لمدة 72 ساعة إضافية اعتباراً من منتصف هذه الليلة، وذلك بهدف فتح ممرات إنسانية وتسهيل حركة المواطنين والمقيمين. ولفت الجيش السوداني في بيان نشره على «فيسبوك» إلى أنه بناء على مساعي طلب الوساطة، «وافقت القوات المسلحة على تمديد الهدنة لمدة 72 ساعة، على أن تبدأ اعتباراً من انتهاء مدة الهدنة الحالية». وأضاف أن قوات الجيش «رصدت نوايا المتمردين بمحاولة الهجوم على بعض المواقع، إلا أننا نأمل أن يلتزم المتمردون بمتطلبات تنفيذ الهدنة، مع جاهزيتنا التامة للتعامل مع أي خروقات». من جهتها، أعلنت قوات «الدعم السريع» بقيادة م

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
العالم العربي «السفر عكس التيار»... سودانيون يعودون إلى الخرطوم رغم القتال

«السفر عكس التيار»... سودانيون يعودون إلى الخرطوم رغم القتال

في وقت يسارع سودانيون لمغادرة بلادهم في اتجاه مصر وغيرها من الدول، وذلك بسبب الظروف الأمنية والمعيشية المتردية بالخرطوم مع استمرار الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، يغادر عدد من السودانيين مصر، عائدين إلى الخرطوم. ورغم تباين أسباب الرجوع بين أبناء السودان العائدين، فإنهم لم يظهروا أي قلق أو خوف من العودة في أجواء الحرب السودانية الدائرة حالياً. ومن هؤلاء أحمد التيجاني، صاحب الـ45 عاماً، والذي غادر القاهرة مساء السبت، ووصل إلى أسوان في تمام التاسعة صباحاً. جلس طويلاً على أحد المقاهي في موقف حافلات وادي كركر بأسوان (جنوب مصر)، منتظراً عودة بعض الحافلات المتوقفة إلى الخرطوم.


​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.