دراسة فريدة على الجيوب الأنفية توفر معطيات لفهم التطور البشري

احد الفرضيات تقول أن إنسان نياندرتال كان يتمتع بجيوب أنفية كبيرة يُعتقد أنها مكّنته من التكيّف مع المناخ البارد (رويترز)
احد الفرضيات تقول أن إنسان نياندرتال كان يتمتع بجيوب أنفية كبيرة يُعتقد أنها مكّنته من التكيّف مع المناخ البارد (رويترز)
TT

دراسة فريدة على الجيوب الأنفية توفر معطيات لفهم التطور البشري

احد الفرضيات تقول أن إنسان نياندرتال كان يتمتع بجيوب أنفية كبيرة يُعتقد أنها مكّنته من التكيّف مع المناخ البارد (رويترز)
احد الفرضيات تقول أن إنسان نياندرتال كان يتمتع بجيوب أنفية كبيرة يُعتقد أنها مكّنته من التكيّف مع المناخ البارد (رويترز)

أجرى عدد من علماء الأنثروبولوجيا القديمة أول دراسة واسعة النطاق على الجيوب الأنفية لمعظم الأنواع البشرية والرئيسيات الكبيرة، نشرت أمس (الجمعة)، سعوا من خلالها إلى توفير معطيات تساهم في فهم التطور البشري، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وشرح عالم الأنثروبولوجيا القديمة في المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي أنطوان بالزو أن الجيوب الجبهية «تشارك في التوازن الفيسيولوجي للوجه المرتبط بالتنفس». إلا أن الغموض لا يزال يلف أصل وتطور هذه التجاويف الموجودة فوق الحاجز الأنفي، القريب جداً من الدماغ.
وأوضح بالزو وهو المعد الرئيسي للدراسة المنشورة في «سيانس أدفانسز» أنها أول بحث يحدد موضع الجيوب الأنفية وشكلها وحجمها من خلال «أكثر من ستين عينة تنتمي إلى نحو 20 نوعاً».
https://twitter.com/ScienceAdvances/status/1583518547803705344?s=20&t=URVwiwQJ5ql-dS-EvvcQWw
وأشار العالم إلى أن الحصول على مسح ضوئي «لكل المتحجرات البشرية تقريباً» كان متاحاً بفضل تعاون فريق كبير متعدد الجنسية، وهو أمر غير مألوف في مجال الأنثروبولوجيا، إذ غالباً ما تحجم المؤسسات التي تمتلك متحجرات عن إجراء دراسات مشتركة مع أطراف أخرى.
ولاحظت الدراسة للمرة الأولى فرقاً واضحاً جداً بين مجموعتين كبيرتين، يتمثل في أن ثمة ارتباطاً مباشراً بين حجمي الجيوب الأمامية والأدمغة لدى القردة العليا، أي الشمبانزي والبونوبو والغوريلا، وكذلك لدى الأنواع الأولى من الخط البشري، على غرار أناسي الساحل التشادي (Sahelanthropus tchadensis) أو «توماي»، والقردة الجنوبية («لوسي») وإنسان بويزي الجانبي.
إلا أن الأمر يختلف كلياً بالنسبة للسلالة البشرية مع الجنس البشراني (Homo)، كالإنسان المنتصب قبل نحو مليوني عام. وشرح بالزو أن الزيادة في حجم جمجمة الأنواع في الجنس البشراني تتواكب مع «تحول الجيوب بشكل عام بطريقة أصغر بالنسبة إلى حجم الجمجمة وأكثر ارتباطاً بشكل الوجه». تضاف إلى ذلك اختلافات قوية، بما في ذلك داخل النوع نفسه، وخصوصاً بالنسبة للإنسان العاقل، سلف الإنسان الحديث.
ويعيد هذا التنوع النظر في عدد من الفرضيات، كتلك القائلة بأن لإنسان نياندرتال جيوباً أنفية كبيرة يعتقد أنها مكنته من التكيف مع المناخ البارد. وتظهر الدراسة تالياً أن «العامل المناخي لا يبدو الوحيد المؤثر على حجم الجيوب الأنفية الأمامية» لدى الإنسان العاقل، على قول بالزو الذي أضاف «لم يحدث ذلك لدى الإنسان العاقل، لذلك لا يوجد سبب ليكون حدث لدى إنسان نياندرتال».
وأضافت الدراسة معطيات جديدة فيما يتعلق بخصائص المجموعات البشرية، وتقود إلى أسئلة عن تصنيف ثلاث عينات من الجنس البشراني (بترالونا وبودو وبروكن هيل) غير قابلة في الوقت الراهن للتصنيف، لديها جيوب أنفية عملاقة - وقد تساعد أبحاث بالزو مستقبلاً في تحديد الأنواع التي تنتمي إليها.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
TT

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

بعيداً عن التكلس السياسي الذي تعانيه ليبيا، انطلق في العاصمة طرابلس مهرجان للفيلم الأوروبي تحت إشراف بعثة الاتحاد الأوروبي إلى البلاد، بالتعاون مع الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون، في خطوة تستهدف توسيع الشراكة الثقافية وكسر حاجز الانقسام، من خلال تجميع الليبيين بالثقافة والفن.

وتشارك في النسخة الأولى من المهرجان، التي انطلق الأحد، 5 سفارات أوروبية عاملة في ليبيا، بأعمال يتم عرضها للجمهور مجاناً لمدة 5 أيام، تنتهي الخميس المقبل. وعبّر سفير بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، نيكولا أورلاندو، عن سعادته لافتتاح أول مهرجان سينمائي ليبي - أوروبي في طرابلس، إلى جانب الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون، وسفارات فرنسا وألمانيا وإيطاليا ومالطا وإسبانيا. وعدّ هذا الحدث «علامة فارقة في الشراكة الثقافية بين ليبيا والاتحاد».

ويعرض مساء اليوم (الاثنين) فيلم «راعي البقر من الحجر الجيري» المقدم من سفارة مالطا، بقاعة الهيئة العامة للسينما والمسرح في شارع الزاوية بطرابلس، التي دعت الجمهور للاستمتاع بمشاهدته.

البوستر الترويجي لفيلم «فتاة عادت» الإيطالي (إدارة المرجان)

وبجانب الفيلم المالطي، فإن العروض المفتوحة للجمهور تتضمن، وفق ما أعلنت إدارة المهرجان، ورئيس بعثة الاتحاد، «طفلة عادت» من إيطاليا، و«قصر الحمراء على المحك»، إسباني، ويعرض الثلاثاء، ثم «كليو» (ألمانيا) الذي يعرض للجمهور الأربعاء، على أن يختتم المهرجان بفيلم «عاصفة» الفرنسي.

ولوحظ أن الدول المشاركة في المهرجان حرصت على تروّج الأعمال المشاركة، من هذا المنطلق دعا المركز الثقافي الفرنسي والسفارة الفرنسية في ليبيا الجمهور الليبي لحضور الفيلم الفرنسي الذي أخرجه كريستيان دوغواي، وقالا في رسالة للجمهور الليبي: «نحن في انتظاركم لتشاركونا هذه اللحظة السينمائية الاستثنائية».

جانب من افتتاح مهرجان الفيلم الأوروبي في طرابلس (البعثة الأوروبية إلى ليبيا)

وكان رئيس هيئة السينما والمسرح والفنون، عبد الباسط بوقندة، عدّ مبادرة الاتحاد لإقامة المهرجان «خطوة إيجابية في مسار الشراكة بين ليبيا، متمثلة في هيئة السينما والمسرح والفنون، والاتحاد الأوروبي والدول الخمس المشاركة».

وأضاف بوقندة، في كلمة الافتتاح، الذي بدأ الأحد بعرض الأفلام، أن المناسبة «تفتح آفاقاً واسعة في مجالات السينما كواحدة من أهم أنواع التواصل بين الشعوب ومرآة عاكسة لكثير من القضايا الاجتماعية والإنسانية والثقافية التي تسهم بفاعلية في توعية الناس، وتدفع بهم تجاه الارتقاء والإحساس بالمسؤولية».

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي (السفارة الفرنسية لدى ليبيا)

وخلال مراسم الافتتاح، عُرض فيلم «شظية» الليبي الذي أنتج في الثمانينات، من تأليف الأديب الليبي المعروف إبراهيم الكوني، ويحكي قصة معاناة الليبيين مع الألغام التي زرعت في صحراء ليبيا خلال الحرب العالمية الثانية، وراح ضحيتها كثير من المواطنين في مدن ومناطق مختلفة من البلاد.

وبجانب العروض السينمائية في ليبيا، تُجمّع الفنون في ليبيا عادةً من فرقت بينهم السياسة، ويحشد المسرح على خشبته ممثلين من أنحاء البلاد، كانت قد باعدت بينهم الآيديولوجيات في زمن ما، يحكون جميعاً أوجاعهم عبر نصوص ولوحات إبداعية، ويفتحون نوافذ جديدة للتلاقي والحوار بعيداً عن النزاع والانقسام السياسي.

وسبق أن تعطلت الحركة الفنية المسرحية في ليبيا، مُتأثرة بالفوضى الأمنية التي شهدتها ليبيا عقب اندلاع ثورة «17 فبراير» التي أسقطت نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011. لكن مع الاستقرار النسبي الذي تشهده ليبيا يظل الرهان على الفن في اختبار الانقسام السياسي، الذي ضرب البلاد، لتوحيد الليبيين.