تصعيد يمهّد للحسم في خيرسون وقلق أوكراني من «هجوم مباغت» في الشمال

قصف متبادل لمدن أوكرانية يستهدف قطاع الطاقة

مدنيون نُقلوا من خيرسون لدى وصولهم إلى بلدة دجانكوي في شبه جزيرة القرم (رويترز)
مدنيون نُقلوا من خيرسون لدى وصولهم إلى بلدة دجانكوي في شبه جزيرة القرم (رويترز)
TT

تصعيد يمهّد للحسم في خيرسون وقلق أوكراني من «هجوم مباغت» في الشمال

مدنيون نُقلوا من خيرسون لدى وصولهم إلى بلدة دجانكوي في شبه جزيرة القرم (رويترز)
مدنيون نُقلوا من خيرسون لدى وصولهم إلى بلدة دجانكوي في شبه جزيرة القرم (رويترز)

شهدت ساعات الصباح الأولى، الجمعة، استئنافاً لعمليات القصف الروسي على مواقع أوكرانية خلف خطوط التماس، بعد مرور ساعات قليلة على إعلان السلطات الانفصالية الموالية لموسكو تعرض عدد من المدن في مناطق الجنوب لقصف أوكراني استهدف منشآت للطاقة. وأعلنت السلطات الأوكرانية الجمعة أن سلسلة من الانفجارات هزت مدينتي خاركيف وزابوريجيا في وقت مبكر من ساعات الصباح. وقال إيغور تيريخوف رئيس بلدية خاركيف إن الصواريخ أصابت منشأة صناعية في المدينة مضيفاً أن رجال الإنقاذ لم يقيموا حجم الأضرار بعد أو يتأكدوا من وقوع إصابات.
لكن أوليغ سينيجوبوف حاكم منطقة خاركيف أكد أن خمسة أشخاص على الأقل أصيبوا.
في المقابل، أعلنت موسكو عن مقتل أربعة في قصف أوكراني استهدف مدينة خيرسون الخاضعة لسيطرة روسيا في أوكرانيا. وقال كيريل ستريموسوف نائب الحاكم الإقليمي الذي عينته موسكو اليوم الجمعة إن أربعة أشخاص قتلوا عندما سقطت قذيفة صاروخية أوكرانية على معبر للعبارات في مدينة خيرسون ليلة الجمعة. وذكرت السلطات في المنطقة التي أعلنت روسيا ضمها الشهر الماضي، هذا الأسبوع أنها تخطط لإجلاء ما بين 50 ألفاً و60 ألف شخص خلال الأيام الستة المقبلة وسط تصاعد الضغوط من هجوم مضاد أوكراني.
وبدا أن أوكرانيا انتقلت إلى استهداف مواقع لتوليد الطاقة في المناطق التي تسيطر عليها موسكو رداً على الضربات الروسية المركزة على محطات توليد الطاقة في المناطق الأوكرانية. وأفاد مصدر في «المركز المشترك لمراقبة وتنسيق القضايا المتعلقة بجرائم الحرب في أوكرانيا» بأن سكان أكثر من 30 قرية في مقاطعة لوغانسك انقطعت عنهم إمدادات الكهرباء والاتصالات نتيجة عمليات القصف باستخدام الصواريخ الأميركية من طراز «هيمارس»، وزاد أنه نتيجة القصف الذي جرى ليل الجمعة تضررت المباني السكنية والمحطات الفرعية المركزية والجنوبية.
في وقت سابق، ذكرت المصادر أنه في الساعة 1.52 من صباح الجمعة بتوقيت موسكو، أطلقت القوات الأوكرانية خمسة صواريخ على المنطقة. وقال نائب رئيس إدارة منطقة خيرسون الموالي لموسكو كيريل ستريموسوف، ليلة الجمعة إن القصف الأوكراني للمنطقة سوف يواجه بـ«رد صارم».
وعكس القصف المتبادل على منشآت حيوية تحولاً في مسار المعارك، التي لم تعد تقتصر على المواجهات الدائرة على خطوط التماس. وكان الجيش الروسي ركز هجومه خلال الأيام الأخيرة على قطاع الطاقة ومنشآت البنى التحتية في عدد من المدن الأوكرانية. وقالت كييف إن روسيا دمرت ثلاثين في المائة من محطات الطاقة الأوكرانية خلال أسبوع. وبعد سلسلة من الضربات الروسية على بنيتها التحتية، حدت أوكرانيا الخميس من استهلاك الكهرباء لسكانها وللشركات.
وفي كييف، حضّ رئيس بلدية المدينة فيتالي كليتشكو الشركات والمتاجر والمقاهي والمطاعم على «التوفير قدر الإمكان» في الإضاءة والإعلانات المضيئة. وفي العديد من المناطق الأخرى، دعت السلطات المحلية السكان إلى تقليل استهلاكهم.
وفي إشارة إلى توقع مزيد من التصعيد في استهداف البنى التحتية الحيوية، اتهمت أوكرانيا الجانب الروسي بالسعي إلى تدمير سد قريب من خيرسون. وأوردت كييف تقارير عن قيام موسكو بزرع ألغام في سد لتوليد الطاقة الكهرومائية قرب خيرسون في جنوب البلاد، من أجل التسبب «بكارثة» في هذه المنطقة التي بدأت القوات الروسية خلال الأيام الماضية بإخلائها في مواجهة تقدم القوات الأوكرانية.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمام مجلس الاتحاد الأوروبي الخميس إن «روسيا تمهد عمداً الأرضية لكارثة واسعة في جنوب أوكرانيا». وأضاف أن القوات الروسية «قامت بتلغيم السد ووحدات محطة كاخوفكا لتوليد الطاقة الكهرومائية» التي تعد من أكبر المنشآت من هذا النوع في أوكرانيا، موضحاً أنه إذا انفجر فستصبح «أكثر من ثمانين بلدة بما فيها خيرسون في منطقة فيضانات سريعة».
وأشار زيلينسكي إلى أن ذلك «يمكن أن يقوض إمدادات المياه لجزء كبير من جنوب أوكرانيا» وقد يؤثر على تبريد مفاعلات محطة الطاقة النووية زابوريجيا التي تحصل على مياهها من هذه البحيرة الاصطناعية التي يبلغ حجمها 18 مليون متر مكعب. وكتب ميخايلو بودولياك أحد مستشاري زيلينسكي في تغريدة على «تويتر» أن هدف روسيا هو وقف تقدم القوات الأوكرانية في المنطقة وحماية القوات الروسية.
وكانت الإدارة الروسية لمنطقة خيرسون قد أعلنت بدء عمليات إجلاء مدنيين. وتم إجلاء 15 ألف شخص الخميس من هذه المنطقة التي ضمتها موسكو حسب الإدارة التي أوضحت أنها تخطط لنقل «خمسين ألفاً إلى ستين ألفاً» آخرين خلال أيام إلى الضفة الأخرى لنهر دنيبر. فيما أقر الجنرال سيرغي سوروفيكين الذي عين مؤخراً قائداً للعمليات الروسية في أوكرانيا أن الوضع في خيرسون «صعب جداً».
ورأى أمين مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني أوليكسي دانيلوف أنه يجري «التحضير لترحيل جماعي للسكان الأوكرانيين» إلى روسيا «من أجل تغيير التشكيل العرقي للأراضي المحتلة».
* قلق أوكراني
وفي مقابل القصف المتبادل والتصعيد الميداني الذي يمهد كما يقول الطرفان لمعركة حاسمة في خيرسون، بدا أن القلق الأوكراني يتزايد من احتمال فتح جبهة جديدة في شمال البلاد بهدف عرقلة تقدم القوات الأوكرانية جنوباً. وقال أوليكسي غروموف المسؤول في هيئة الأركان العامة الأوكرانية لصحافيين إن «التهديد باستئناف الهجوم على الجبهة الشمالية من قبل القوات المسلحة الروسية يزداد».
وأضاف: «هذه المرة، قد يكون الهجوم في غرب الحدود البيلاروسية لقطع طرق الإمداد الرئيسية للأسلحة والمعدات العسكرية الأجنبية» التي تصل من بولندا خصوصاً.
وفي هذا الإطار، أكد زيلينسكي للمجلس الأوروبي أن الاقتراح الأوكراني بنشر بعثة مراقبة دولية على الحدود بين أوكرانيا وبيلاروسيا «يزداد أهمية يوماً بعد يوم».
وكانت موسكو ومينسك قد أعلنتا قبل أيام استكمال تشكيل «وحدات مشتركة» على الحدود البيلاروسية – الأوكرانية، وقالت مينسك إن هدف الخطوة مواجهة «تزايد التهديدات الحدودية على أمن بيلاروسيا» في حين نظر خبراء إلى هذه الخطوة بصفتها تحضيراً لهجوم مشترك من جهة الشمال الغربي في حال واجهت موسكو صعوبات إضافية في مناطق الجنوب.
على صعيد موازٍ، قال البيت الأبيض الخميس إن إيران أرسلت جنوداً إلى شبه جزيرة القرم لمساعدة الجيش الروسي. وفرض الغرب عقوبات على إيران الخميس لتسليمها طائرات مسيرة انتحارية إلى روسيا، لكن طهران تنفي ذلك بينما وصفت موسكو هذه المعلومات بأنها «افتراضات غريبة». وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي بشأن الهجمات بطائرات مسيرة على مدن وبنى تحتية في أوكرانيا: «نعتقد أن العسكريين الإيرانيين كانوا على الأرض في شبه جزيرة القرم وساعدوا روسيا في هذه العمليات».


مقالات ذات صلة

قديروف: هجوم مسيّرة أطلقتها أوكرانيا يسقط مدنيين في عاصمة الشيشان

أوروبا رئيس جمهورية الشيشان رمضان قديروف (رويترز)

قديروف: هجوم مسيّرة أطلقتها أوكرانيا يسقط مدنيين في عاصمة الشيشان

نقلت «وكالة الإعلام الروسية» عن رمضان قديروف رئيس الشيشان قوله اليوم الأربعاء إن طائرة مسيّرة أطلقتها أوكرانيا هاجمت العاصمة غروزني وتسببت في سقوط مدنيين.

«الشرق الأوسط» (غروزني)
أوروبا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (رويترز)

«الناتو» يدعو الغرب لتوفير «دعم كافٍ» لأوكرانيا لـ«تغيير مسار» الحرب

حضّ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مارك روته، الأربعاء، أعضاء الناتو على تزويد أوكرانيا بما يكفي من أسلحة لـ«تغيير مسار» الحرب.

«الشرق الأوسط» (بروكسل )
أوروبا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يمين) والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

حذر الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته في مقابلة مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» ترمب من أن الولايات المتحدة ستواجه «تهديداً خطيراً».

«الشرق الأوسط» (لندن )
المشرق العربي أشخاص ورجال إنقاذ سوريون يقفون بالقرب من أنقاض مبنى في موقع غارة جوية على حي في مدينة إدلب التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة في شمال سوريا، 2 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

أوكرانيا تحمّل روسيا وإيران مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا

قالت أوكرانيا، الاثنين، إن روسيا وإيران تتحملان مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا، حيث سيطرت «هيئة تحرير الشام» وفصائل حليفة لها على مساحات واسعة من الأراضي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي في أثينا 26 أكتوبر 2020 (رويترز)

لافروف يتهم الغرب بالسعي إلى وقف إطلاق النار لإعادة تسليح أوكرانيا

اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الدول الغربية، الاثنين، بالسعي إلى تحقيق وقف لإطلاق النار في أوكرانيا بهدف إعادة تسليح كييف بأسلحة متطورة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

التحقيق مع مدعي «الجنائية الدولية» بعد مزاعم عن «سوء سلوك جنسي»

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
TT

التحقيق مع مدعي «الجنائية الدولية» بعد مزاعم عن «سوء سلوك جنسي»

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)

تم اختيار مراقب من الأمم المتحدة لقيادة تحقيق خارجي في مزاعم سوء سلوك جنسي ضد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، وفقا لما علمته وكالة أسوشيتد برس أمس الثلاثاء.

ومن المرجح أن يثير هذا القرار مخاوف تتعلق بتضارب المصالح نظرا لعمل زوجة المدعي العام السابق في الهيئة الرقابية.

وقدم خان تحديثات حول التحقيقات الحساسة سياسيا التي تجريها المحكمة في جرائم حرب وفظائع في أوكرانيا وغزة وفنزويلا، وغيرها من مناطق النزاع خلال اجتماع المؤسسة السنوي هذا الأسبوع في لاهاي بهولندا. لكن الاتهامات ضد خان خيمت على اجتماع الدول الأعضاء الـ124 في المحكمة الجنائية الدولية.

فقد كشف تحقيق لوكالة أسوشيتد برس في أكتوبر (تشرين الأول) أنه بينما كان خان يعد أمر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو، كان يواجه في الوقت ذاته اتهامات داخلية بمحاولة الضغط على إحدى مساعداته لإقامة علاقة جنسية معها، واتهامات بأنه تحرش بها ضد إرادتها على مدار عدة أشهر.

وفي اجتماع هذا الأسبوع، قالت بايفي كاوكرانتا، الدبلوماسية الفنلندية التي تترأس حاليا الهيئة الرقابية للمحكمة الجنائية الدولية، للمندوبين إنها استقرت على اختيار مكتب الأمم المتحدة لخدمات الرقابة الداخلية، حسبما أفاد دبلوماسيان لوكالة أسوشيتد برس طلبا عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة المحادثات المغلقة.

وأعربت منظمتان حقوقيتان مرموقتان الشهر الماضي عن قلقهما بشأن احتمال اختيار الأمم المتحدة لهذا التحقيق بسبب عمل زوجة خان، وهي محامية بارزة في حقوق الإنسان، في الوكالة في كينيا بين عامي 2019 و2020 للتحقيق في

حالات التحرش الجنسي. وقال الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان ومبادرات النساء من أجل العدالة القائمة على النوع، في بيان مشترك إنه يجب أن يتم تعليق عمل خان أثناء إجراء التحقيق، ودعتا إلى «التدقيق الشامل في الجهة أو الهيئة المختارة للتحقيق لضمان عدم تضارب المصالح وامتلاكها الخبرة المثبتة».

وأضافت المنظمتان أن «العلاقة الوثيقة» بين خان والوكالة التابعة للأمم المتحدة تتطلب مزيدا من التدقيق. وقالت المنظمتان: «نوصي بشدة بضمان معالجة هذه المخاوف بشكل علني وشفاف قبل تكليف مكتب الرقابة الداخلية التابع للأمم المتحدة بالتحقيق».