كررت أوكرانيا اتهاماتها لإيران بانتهاك حظر يفرضه مجلس الأمن بالقرار 2231 على نقل المسيّرات القادرة على الطيران لمسافة تزيد على 300 كيلومتر، داعيةً خبراء الأمم المتحدة إلى فحص مسيّرات إيرانية الصنع تستخدمها القوات الروسية في هجماتها ضد أهداف مدنية، في طلب دعمته الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
لكنَّ روسيا نفت هذه الاتهامات، محذرةً في الوقت ذاته من مغبة الاستجابة للطلب الأوكراني.
وجاء ذلك خلال جلسة مغلقة عقدها مجلس الأمن مساء أمس (الأربعاء)، بطلب من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة حول بيع إيران مئات من الطائرات المسيّرة لروسيا، فيما يعد انتهاكاً للقرار 2231 الذي صادق على الاتفاق النووي، المعروف رسمياً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، وكذلك للنظر في طلب قدمه المندوب الأوكراني الدائم لدى الأمم المتحدة سيرغي كيسليتسيا، عبر رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وأعضاء مجلس الأمن حول هذه المسألة.
وعلمت «الشرق الأوسط» من دبلوماسيين أن مندوبي الدول الغربية أيّدوا بشدة ادّعاء أوكرانيا أن المسيّرات نُقلت إلى روسيا في انتهاك للقرار 2231 الذي أيَّد الاتفاق النووي بين إيران وما كانت تسمى «مجموعة 5+1» للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن: الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا، بالإضافة إلى ألمانيا، بهدف كبح النشاطات النووية الإيرانية ومنع إيران من تطوير سلاح نووي.
ورفع مجلس الأمن العقوبات الأممية عامذاك عبر آلية «سناب باك» لإعادة فرضها تلقائياً في حال مخالفة إيران لالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي.
وبعد اجتماع مجلس الأمن، قال الناطق باسم البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيت إيفانز، في بيان، إن بلاده انضمت إلى المملكة المتحدة وفرنسا في الدعوة إلى إحاطة في شأن «الأدلة الأخيرة على أن روسيا اشترت بشكل غير قانوني طائرات من دون طيار إيرانية الصنع تستخدمها في حربها على أوكرانيا»، مضيفاً أن «التحليل الأوّلي يشير إلى أن هذه المسيّرات نُقلت من إيران إلى روسيا في انتهاكٍ صريح لأحكام قرار مجلس الأمن الرقم 2231».
وتوقع أن يكون الاجتماع «هو الأول من بين الكثير من المحادثات في الأمم المتحدة حول كيفية تحميل إيران وروسيا المسؤولية عن عدم الامتثال للالتزامات التي يفرضها مجلس الأمن». وأكد أن «هناك أدلة كثيرة» على أن روسيا تستخدم المسيّرات الإيرانية الصنع في «هجمات وحشية ومتعمدة ضد شعب أوكرانيا، بما في ذلك ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية الحيوية».
وكرر المندوب الفرنسي نيكولا دي ريفيير، أن الطائرات المسيّرة سُلِّمت من إيران إلى روسيا وتُستخدم في أوكرانيا في انتهاك للقرار. وقال إنه خلال المناقشة المغلقة في المجلس نفت روسيا ذلك واستشهد ببيان من المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، الذي قال (الثلاثاء)، إن «معدات روسية تحمل تسميات روسية مستخدمة في أوكرانيا»، مضيفاً أنه «لا يوجد أحد في العالم يصدق تصريحات السيد بيسكوف» الذي «كان يكذب منذ البداية» عندما قال في 23 فبراير (شباط) الماضي، أي قبل يوم واحد من بدء الغزو الروسي، إن روسيا لن تغزو أوكرانيا أبداً.
وزاد: «الآن سيخبرنا (بيسكوف) بأن روسيا لم تشترِ طائرات إيرانية من دون طيار. لذلك، أعتقد أن مصداقيته صفر»، مضيفاً: «لذلك نحن قلقون للغاية من ذلك».
وكتب نائب المندوبة البريطانية جيمس كاريوكي على «تويتر» بعد الاجتماع أن «إيران عليها التزامات بعدم تصدير هذه الأسلحة. وكعضو في الأمم المتحدة، تتحمل إيران مسؤولية عدم دعم حرب العدوان الروسية».
في المقابل، أفاد نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة ديميتري بوليانسكي، بعد الاجتماع، أن المركبات الجوية من دون طيار أو المسيّرات التي يستخدمها الجيش الروسي في أوكرانيا «مصنوعة في روسيا، لذا فهذه كلها ادعاءات لا أساس لها».
واتهم الدول الغربية بأنها تواصل «ممارساتها المخزية المعتادة» بمحاولة الضغط على إيران من خلال توجيه مثل هذه الاتهامات في شأن انتهاكها للقرار 2231.
وفي تعبير عن خشية موسكو من إرسال لجنة أممية للتحقق من استخدام المسيّرات الإيرانية في الحرب، حذّر بوليانسكي من أن بلاده ستعيد تقييم تعاونها مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وموظفيه إذا أرسل خبراء إلى أوكرانيا لتفقد الطائرات المسيّرة.
وقال إن على غوتيريش وموظفيه «الامتناع عن المشاركة في أي نشاطات تفتيش غير قانونية». وأضاف: «وإلا سنعيد تقييم تعاوننا معهم، وهو ما لا يخدم مصالح أحد. نحن لا نريد أن نفعل ذلك، لكن لن يكون هناك خيار آخر». ولم يذكر بوليانسكي مزيداً من التفاصيل.
وكان الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، قد قال قبل الاجتماع إنه «من حيث السياسة، نحن مستعدون دائماً لفحص أي معلومات وتحليل أي معلومات تقدمها لنا الدول الأعضاء». وامتنع دوجاريك عن التعليق على تصريحات بوليانسكي.
وكذلك رفض المندوب الإيراني أمير سعيد إرافاني «بشكل قاطع، الادعاءات التي لا أساس لها عن أن إيران نقلت طائرات من دون طيار لاستخدامها (في) الصراع في أوكرانيا». واتهم دولاً لم يسمها بمحاولة إطلاق حملة تضليل «لإقامة علاقة خاطئة» مع قرار الأمم المتحدة الرقم 2231.
وأضاف أن بلاده «تؤكد بشكل راسخ أن أياً من صادراتها من الأسلحة، بما في ذلك الطائرات من دون طيار، لا تنتهك القرار 2231».
وفي رسالة إلى غوتيريش، قال السفير الإيراني إن دعوة أوكرانيا لخبراء الأمم المتحدة «تفتقر إلى أي أساس قانوني». ودعا غوتيريش إلى «منع أي سوء استخدام» للقرار ولمسؤولي الأمم المتحدة بشأن القضايا المتعلقة بالحرب الأوكرانية.
وقال وزير الدفاع الإستوني هانو بيفكور، خلال زيارة لواشنطن إن روسيا تعتمد على الطائرات المسيّرة بسبب قلة الإمدادات ونجاح أوكرانيا في حماية أجوائها. وأضاف أن الروس «يدركون أنهم في الجو لا يملكون سيطرة حالياً، لأن هناك دفاعاً جوياً من الجانب الأوكراني. فقدوا الكثير من الطائرات».
موسكو وطهران ترفضان التحقق أممياً من استخدام مسيّرات إيرانية في أوكرانيا
روسيا تلوِّح بـ«إعادة تقييم» العلاقة مع غوتيريش... والغرب يحذِّر من عواقب انتهاك القرار 2231
موسكو وطهران ترفضان التحقق أممياً من استخدام مسيّرات إيرانية في أوكرانيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة