مواجهات مدينة جاسم أفشلت مخطط «داعش» في الجنوب السوري

اعتمد على «الخلايا المدنية» و«الذئاب المنفردة» واستغل تردي الأوضاع المالية والأمنية

آليات لأحد التنظيمات التي شاركت في دحر «داعش» بمدينة جاسم (تويتر)
آليات لأحد التنظيمات التي شاركت في دحر «داعش» بمدينة جاسم (تويتر)
TT

مواجهات مدينة جاسم أفشلت مخطط «داعش» في الجنوب السوري

آليات لأحد التنظيمات التي شاركت في دحر «داعش» بمدينة جاسم (تويتر)
آليات لأحد التنظيمات التي شاركت في دحر «داعش» بمدينة جاسم (تويتر)

تدل الأحداث الأخيرة التي شهدتها محافظة درعا في جنوب سوريا؛ وتحديداً مدينة جاسم، على أن خلايا تنظيم «داعش» الإرهابي، أثبتت قدرتها على التكيف مع المتغيرات الأمنية في هذه المنطقة، التي تنتشر فيها فصائل محلية، وقوات نظامية وأمنية، وحواجز ونقاط عسكرية كثيرة.
واللافت أنه مع كل ذلك الانتشار الأمني والعسكري، وتنوعه، ظهرت تلك الخلايا الإرهابية من جديد، ونفذت عمليات عدّة؛ بل تبين من المواجهات الأخيرة أنها كانت تملك مقرات، ومركز تسليح وتصنيع للمتفجرات، ومحكمة شرعية... والأمر برمته يثير أسئلة كبيرة عن كيفية حدوث ذلك؟
قيادي في «اللواء الثامن»، وهو أبرز الفصائل المحلية المسلحة في درعا، والمدعوم من غرفة العمليات الروسية في حميميم، قال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «لتنظيم (داعش) خلفية في مناطق حوض اليرموك قبل إنهاء وجوده هناك عام 2018، عدا عن عوامل جغرافية وأمنية واقتصادية، تجعل محافظة درعا منطقة جغرافية واسعة لا يمكن ضبطها ومراقبتها بشكل كامل، وتكثر فيها المغاور الصخرية والأودية والتضاريس التي يفضلها التنظيم لعمليات التحصين والتخفي، إضافة إلى الحالة الأمنية العشوائية وانتشار السلاح والفصائل والولاءات المختلفة، والتنافس بين الأطراف على الخزان البشري فيها لتشكيل قوة عسكرية موالية لها تحقق مصالحها، فضلاً عن تراخي الجهات المسؤولة المنتشرة فيها؛ سواء المحلية والحكومي».
وأضاف القيادي نفسه أن «التنظيم الإرهابي استغل ذلك كله لتمرير مشاريعه، وانتهاز فرصة انشغال الأطراف بمصالحها. كما استفاد من تردي الحالة المادية والاقتصادية العامة لإعادة تجنيد عناصره السابقين مقابل رواتب شهرية مجزية، حيث كانت المجموعة الأخيرة في مدينة جاسم تقدم لكل عنصر مرتباً شهرياً يتراوح بين 300 و400 دولار أميركي، مقابل تنفيذ عمليات قتل واغتيال واستهداف شخصيات مدنية أو محسوبة على المعارضة أو النظام في المنطقة؛ وفق اعترافات لأحد عناصر الخلية».
وأشار إلى أن «داعش» استغل أيضاً عمليات النزوح التي ترافق السوريين منذ سنوات، «فاشترى أو استأجر المنازل الخالية بين المدنيين في مدينة جاسم، وكان عناصره يقدمون أنفسهم على أنهم نازحون من مناطق مختلفة. ومع ازدياد عددهم وعدم استجابتهم لمطالب أبناء المدينة ووجهائها بخروج الغرباء غير المعروفة خلفياتهم منها، أجرت الفصائل المحلية عمليات مراقبة ورصد أثبتت تورطهم في جرائم خطف وقتل، وبذلهم مساعي لإعادة هيكلة التنظيم في جنوب سوريا عموماً وإحضار قادة من جنسيات غير سورية لإدارة أمورهم، ثم التحريض على قادة وعناصر المعارضة السابقة، وتنفيذ عمليات ضد قوات النظام في الوقت نفسه، للدفع نحو انهيار اتفاق التسوية بين الجميع».
وعدّ القيادي في «اللواء الثامن» أن «خطر (داعش) لم ينته؛ سواء في درعا وسوريا بشكل عام (...) خصوصاً أنه يعتمد سياسة الثأر والانتقام من الجماعات المعارضة والنظامية، ويتبع تكتيك (الذئاب المنفردة) المعروف لدى الجماعات الإرهابية المتطرفة، والذي يعتمد على انخراط العناصر ضمن المدنيين، وارتداء ملابسهم والتحدث بلهجتهم، وحلق اللحى والشعر، والانتشار بشكل خلايا صغيرة في أماكن ومناطق عدة من دون أن تعرف كل مجموعة بالثانية وعملها، ثم اعتماد أسلوب الهجوم المباغت بهدف تنفيذ عمليات تحقق أكبر الخسائر من دون هدف السيطرة على الأرض».
وأكد أن الأحداث الأخيرة في مدينة جاسم «قضت على أكبر خلية تابعة للتنظيم في جنوب سوريا، وأمكن إفشال مخططه»، مبيناً أن «الأساليب التي اتبعها قادة وأمراء (داعش) الإرهابي للوصول إلى مناطق التسويات والتوغل فيها، كانت عبر طرق عدة؛ منها التهريب من بادية السويداء مقابل مبالغ مالية كبيرة، أو عبر استخدام بطاقات شخصية مزورة، حيث عثرت الفصائل المحلية على بعضها مع عدد من عناصره وقادته الذين قتلوا أثناء اقتحام مقراتهم في مدينة جاسم مؤخراً، وهي تعود لمدنيين مخطوفين ومفقودين من درعا والسويداء. كما عثر في تلك المقرات على أجهزة تواصل لاسلكية وعبوات معدة للتفجير وأحزمة ناسفة وأسلحة مزودة بكاتم للصوت».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.