العبادي يتعهد بالكشف عن أسباب سقوط الرمادي.. ويتوعد «داعش» في الموصل

رئيس الوزراء العراقي أكد أن التحقيق انتهى ولا يزال قيد الدراسة

صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الوزراء حيدر العبادي متوسطا صحافيين في صورة تذكارية على هامش الاحتفال بعيد الصحافة العراقية في بغداد أمس
صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الوزراء حيدر العبادي متوسطا صحافيين في صورة تذكارية على هامش الاحتفال بعيد الصحافة العراقية في بغداد أمس
TT

العبادي يتعهد بالكشف عن أسباب سقوط الرمادي.. ويتوعد «داعش» في الموصل

صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الوزراء حيدر العبادي متوسطا صحافيين في صورة تذكارية على هامش الاحتفال بعيد الصحافة العراقية في بغداد أمس
صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الوزراء حيدر العبادي متوسطا صحافيين في صورة تذكارية على هامش الاحتفال بعيد الصحافة العراقية في بغداد أمس

كشف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن التحقيق في سقوط الرمادي قد انتهى، فيما توعد تنظيم داعش في الموصل، حيث بدأ التنظيم المتطرف يجمع قواته هناك. وقال العبادي في كلمة ألقاها في احتفال نقابة الصحافيين العراقيين، بمرور 146 عامًا، على صدور أول صحيفة عراقية الذي أقيم في فندق الرشيد ببغداد أمس: «خسرنا الرمادي في مرحلة من المراحل»، مؤكدا أن «التحقيق في سقوطها انتهى وما زال قيد الدراسة بعد شهر فقط من سقوط المدينة».
وأضاف العبادي أن «الانسحاب لم يكن مخولاً»، لافتا إلى «وجود وقفات بطولية ومقاتلين صمدوا». وأوضح العبادي أن العراق هو «البلد الوحيد الذي يحارب الإرهاب بشكل منتظم»، مؤكدا «وجود معلومات استخباراتية ستكسر أطواق الإرهاب وحلقات وصلها». وفيما ثمن العبادي دور الصحافة بوصفها «تلعب دورا كبيرا في نقل الحقائق واتخاذ القرار»، فقد أكد أنها «بحاجة إلى رقابة ذاتية، من خلال محاربة الإشاعات والأكاذيب ودحض الإشاعات التي تطلقها عصابات (داعش) الإرهابية، لشق النسيج الوطني والاجتماعي، للشعب العراقي».
وأقر العبادي بأن «عصابات (داعش) الإرهابية نجحت في شق النسيج الوطني في عدد من المناطق»، مشددًا في الوقت نفسه على «ضرورة مساعدة المواطنين على التعايش السلمي، ورفض السياسات التي حاول نشرها البعث الصدامي من خلال الممارسات التعذيبية التي انتهجها في وقت سابق». وبرر العبادي حملة الاعتقالات الأخيرة التي جرت في بعض مناطق العاصمة بغداد بأنها أدت إلى الحصول على «معلومات مهمة ستؤدي إلى كسر أطواق الإرهاب وحلقات وصلها»، مشيرا إلى أن «الاعتقالات الأخيرة كشفت عن الكثير من الخلايا الإرهابية، التي تحاول تخريب أمن ووحدة المنطقة، وتنشر الرعب بين المواطنين من خلال نشر الأكاذيب والإشاعات المغرضة».
وبشأن معركة الموصل المرتقبة، قال العبادي إن «أهالي الموصل يمدون القوات الأمنية بالمعلومات الاستخبارية المهمة، وإن عصابات (داعش) الإرهابية تنفذ مجموعة من الأعمال الإرهابية ضد الآمنين، مما يدل على رفض أهالي الموصل الوجود الداعشي».
وحول الجدل الذي أثير بشأن عملية الانسحاب من الرمادي، وهو ما أدى إلى سقوط المدينة بيد تنظيم داعش، فقد أكد الشيخ رافع عبد الكريم الفهداوي، شيخ عشيرة البوفهد التي لم تنسحب من أرض المعركة، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الانسحاب لم يكن مبررًا، وقد قلنا ذلك منذ البداية لكن لم يسمعنا أحد، إذ إن قائد العمليات في وقتها (اللواء الركن محمد خلف الدليمي) الذي تسلم القيادة وكالة على أثر إصابة قائد العمليات الأصلي اللواء قاسم المحمدي انسحب بطريقة خاطئة، وتوجه نحو النخيب (على حدود كربلاء) بينما كان يفترض به الانسحاب شرقًا، إذ إن قطاعاتنا كانت تقاتل، وكان كل ما تحتاج إليه هو التعزيزات فقط».
في السياق ذاته، أكد الشيخ غسان العيثاوي أحد شيوخ الأنبار ورجال الدين فيها، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «تنظيم داعش كان قد سيطر بسهولة على منطقة البوفراج بسبب عدم وجود استعدادات كافية من قبل القوات الموجودة في المنطقة، ومن ثم راح يخترق الخطوط القتالية باتجاه مقر قيادة عمليات الأنبار». وبشأن ما قيل عن إعلان ساعة الصفر لبدء معركة تحرير الأنبار، التي أدت إلى سقوطها في النهاية، قال العيثاوي إن «هناك عددًا من شيوخ العشائر والسياسيين ممن تركوا الأنبار ويقيمون في بغداد وهؤلاء ومن باب المزايدات هم من كانوا يقدمون معلومات مضللة للعبادي، سواء عن عدد مقاتليهم أو طبيعة الاستعدادات من قبل أهالي الأنبار من مقاتلي العشائر، بينما الوضع على الأرض مختلف تماما، إذ إن الكثير منهم إما لا يملكون أي قوة على الأرض أو أن ما يمتلكونه قليل بالقياس إلى ما يعلنونه من تصريحات لوسائل الإعلام».
إلى ذلك، شدد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراق حامد المطلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «الحكومة ليست جادة بالكامل في عملية تسليح العشائر التي تبدي استعدادًا كبيرًا لمقاتلة (داعش)، بينما يجري الاعتماد على قطعات عسكرية لم يجر بناؤها بناء صحيحا على مستوى التدريب والتجهيز».
وأشار المطلك إلى أن «(داعش) هو المستفيد الوحيد من هذا التباطؤ في تسليح العشائر، لأن هذه العشائر ستكون صيدا سهلا له، وهو ما يضعف همتها في القتال، بينما هي مستعدة للتضحية في سبيل تحرير مناطقها».
ميدانيا، أعلن قائد عمليات الأنبار أن قواته قتلت 30 عنصرا من مسلحي تنظيم داعش بمعارك تطهير قضاء كرمة الفلوجة (65 كلم شرق مدينة الرمادي). وقال اللواء الركن قاسم المحمدي لـ«الشرق الأوسط» إن «معلومات استخبارية وأمنية دقيقة مكنت القوات الأمنية من تنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق استهدفت تجمعات تنظيم داعش في مناطق البو خنفر والبو كريطي والشهابي ومحيط مركز قضاء كرمة الفلوجة، مما أسفر عن مقتل 30 عنصرًا من تنظيم داعش الإرهابي».
وأضاف المحمدي أن «سبع عجلات كان يستقلها ويستخدمها عناصر التنظيم تم تدميرها مع تفجير سيارتين مفخختين نوع (كيا)، بالإضافة إلى تدمير منصة لإطلاق الصواريخ».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.