فصول «سرقة القرن» العراقية تتوالى... والبرلمان يستضيف مسؤولين من «المالية»

القضاء يستدعي نائباً سابقاً بتهمة الإضرار بالمال العام

TT

فصول «سرقة القرن» العراقية تتوالى... والبرلمان يستضيف مسؤولين من «المالية»

تتوالى فصول قضية سرقة 3.7 تريليون دينار (نحو 2.5 مليار دولار) من أموال التأمينات الضريبية والجمركية، أو ما باتت تعرف محلياً بـ«سرقة القرن»، والتي أثارت، ولا تزال، غضب العراقيين وأحدثت صدمة شديدة الوقع لجهة حالة الاستهتار بالمال العام التي بلغتها مافيات الفساد في مقابل ضعف الدولة العاجزة عن حماية موارد شعبها وثرواته.
وفي حين استضافت لجنة النزاهة البرلمانية، أمس، كبار المسؤولين في وزارة المالية، أصدرت محكمة الكرخ قراراً باستدعاء عضو من اللجنة المالية في الدورة السابقة بتهمة الإضرار العمدي بالمال العام.
وقالت لجنة النزاهة البرلمانية، في بيان، الأربعاء، إنها «استضافت وزير المالية بالوكالة السابق إحسان عبد الجبار ووكيل الوزارة طيف سامي ومدير (مصرف الرافدين) ومدير الدائرة القانونية في وزارة المالية، ومعاون مدير عام دائرة الضرائب ومسؤولين آخرين، حول سرقة مليارين ونصف المليار دولار من أمانات هيئة الضرائب، ويشهد الاجتماع حيثيات سرقة 2.5 مليار دولار».
وأعلنت عضو اللجنة المالية سروة عبد الواحد في مؤتمر صحافي بمبنى البرلمان أن اللجنة «ستعد تقريراً شاملاً لتشخيص المسؤول الرئيس عن سرقة القرن وجميع المسؤولين عن هذه السرقات». وشددت على «أهمية قيام القضاء العراقي بدور فاعل، ولا يمكن خروج المتهمين بكفالة مالية».
وقامت محكمة تحقيق الكرخ، أمس، باستقدام عضو باللجنة المالية في مجلس النواب للدورة السابقة. وذكر بيان للقضاء أن «محكمة تحقيق الكرخ الثانية المختصة بقضايا النزاهة قررت استقدام أحد أعضاء اللجنة المالية في مجلس النواب للدورة السابقة عن تهمة الإضرار العمدي بأموال الدولة وفق أحكام المادة (340) من قانون العقوبات؛ لإصداره توصية بصرف الأمانات الضريبية قبل إتمام التدقيقات من قبل الجهات الرقابية».
ويشير معظم المصادر المطلعة على ملف القضية إلى أن النائب المشار إليه في بيان المحكمة هو هيثم الجبوري رئيس اللجنة المالية في البرلمان السابق والمستشار الاقتصادي الحالي لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.
وهذا ما يؤكده الحقوقي سعد حسين الذي يعتقد أن «السرقة تمت بتخطيط رئيسي من اللجنة المالية ورئيسها هيثم الجبوري، وبتواطؤ كبير من رئيس ديوان الرقابة المالية ومكتب رئيس الوزراء»، وأن «تواطؤ هيئة النزاهة في إهدار الإخبار الذي ورد إليها في بداية عملية السرقة في شهر أغسطس (آب) لسنة 2021 قد فوّت الفرصة في منع وقوع السرقة».
ويقول الحقوقي سعد حسين لـ«الشرق الأوسط» إنه توصل لهذه القناعة بعد اطلاعه الدقيق على الوثائق التحقيقية (نحو 40 وثيقة) المتعلقة بسرقة التأمينات الضريبية.
ويعدد حسين مجموعة من المعطيات التي وردت في وثائق التحقيق؛ منها أن «حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي تحسست من خطورة صلاحية الصرف لدى الهيئة العامة للضرائب، فقيدت الصلاحية بتدقيق ديوان الرقابة المالية في إجراء يسبق الصرف (مشار للكتاب بالوثيقة 10)».
وفي يوليو (تموز) 2021، والكلام لحسين، «اقترح رئيس اللجنة المالية هيثم الجبوري على وزير المالية حصر التدقيق بالهيئة من دون الحاجة إلى تدقيق ديوان الرقابة المالية (وثيقة 7)».
أضاف حسين: «نال اقتراح رئيس اللجنة المالية تأييد هيئة الضرائب وديوان الرقابة المالية الذي فاتح مكتب رئيس الوزراء (الكاظمي) بالتأييد (مشار إليه بالوثيقة 10)، فأجاب مكتبه إجابة غامضة تحتمل الموافقة والرفض؛ حيث أوصى بتطبيق المادة (26) من قانون الإدارة المالية، وهي التي تفيد بالتعامل مع الأمانات التي لا يطالب بها أصحابها على أنها إيراد للدولة بعد 5 سنوات (وثيقة 9)».
ويستغرب حسين من أن «كتاب مكتب رئيس الوزراء وُجّه إلى الديوان والضرائب والجمارك دون مكتب وزير المالية، فيما اللجنة البرلمانية صاحبة الاقتراح خاطبت وزير المالية، فلماذا لم يُعلم الوزير بالرد؟». ويواصل أن «هيئة الضرائب استشعرت غموض الرد، فاتصلت برئيس ديوان الرقابة المالية هاتفياً ليبلغها عن أن مضمون كتاب مكتب رئيس الوزراء يُقصد به الموافقة على المقترح (هامش رئيس هيئة الضرائب وثيقة 9)».
ولزيادة اطمئنان هيئة الضرائب، بحسب حسين، «تدخل رئيس اللجنة المالية هيثم الجبوري مرة أخرى وفاتح وزير المالية (وثيقة 8)، ليؤكد أن مضمون كتاب رئيس الوزراء يخص الموافقة على المقترح ويطالب الوزير بالعمل بموجبه».
ويضيف أنه «وبالتوازي مع استحصال الموافقات، باشر (السُراق) بتسجيل شركات جديدة أو بالاستحواذ على شركات قائمة، فصدرت إجازتي تأسيس لشركتين من الشركات المتورطة في شهر يوليو (تموز)؛ هما (بادية المساء) و(رياح بغداد). وبعد موافقة وزير المالية - إثر تدخلات الديوان والهيئة واللجنة المالية – جرى الإيعاز بالصرف من دون تدقيق الديوان، وافتتح الصرف بسبعة صكوك لصالح (شركة القانت للمقاولات العامة)».
من جهة أخرى، نفت سلطة الطيران المدني، أمس الأربعاء، مغادرة طائرة خاصة تحمل 4 مليارات إلى تركيا.
وذكرت السلطة في بيان، أنها «تنفي ما جاء في تصريح النائبة عالية نصيف أن هناك طائرة خاصة غادرت مطار بغداد الدولي وعلى متنها 4 مليارات دولار إلى تركيا».
وأكدت أن «مطار بغداد الدولي توجد فيه ملاكات من مختلف التشكيلات الحكومية الأمنية والمدنية التي تراقب وتتابع حركة المسافرين وعمليات تهريب الأموال، علماً بأن غرفة العمليات يشترك فيها أمن المطار وجهاز المخابرات والشركة الأمنية، وأن إخراج العملات والمسكوكات الذهبية من اختصاص هيئة الجمارك العامة وجمرك مطار بغداد، ولا يمكن أن يتواطأ الجميع لتمرير هذه الكميات الكبيرة من الأموال، إضافة إلى أن الشركة الأمنية التي تتهمها النائبة لم تباشر أعمالها خلال المدة التي ذكرتها».
وفي سياق آخر، طالب رئيس كتلة «حقوق» البرلمانية المقربة من «كتائب حزب الله»، أمس، القضاء بمنع سفر رئيس الوزراء المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي، على خلفية إضراره بالمال العام؛ وفق قوله.
وكان القضاء أصدر الأسبوع الماضي أمراً ولائياً بإيقاف صرف 70 مليار دينار (نحو 50 مليون دولار) لمكتب رئيس الوزراء.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

السلطة الفلسطينية تتهم جهات إقليمية بالوقوف خلف المسلحين بالضفة

العميد أنور رجب المتحدث باسم قوات الأمن الفلسطينية يتحدث عن عمل الأجهزة الأمنية في مخيم جنين خلال مؤتمر صحافي بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (رويترز)
العميد أنور رجب المتحدث باسم قوات الأمن الفلسطينية يتحدث عن عمل الأجهزة الأمنية في مخيم جنين خلال مؤتمر صحافي بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (رويترز)
TT

السلطة الفلسطينية تتهم جهات إقليمية بالوقوف خلف المسلحين بالضفة

العميد أنور رجب المتحدث باسم قوات الأمن الفلسطينية يتحدث عن عمل الأجهزة الأمنية في مخيم جنين خلال مؤتمر صحافي بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (رويترز)
العميد أنور رجب المتحدث باسم قوات الأمن الفلسطينية يتحدث عن عمل الأجهزة الأمنية في مخيم جنين خلال مؤتمر صحافي بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (رويترز)

اتهمت السلطة الفلسطينية جهات إقليمية بالسعي لتصعيد الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، مستخدمةً المسلحين في مناطق في الضفة الغربية، فيما تعهدت بأن العملية في مخيم جنين شمال الضفة، ستستمر حتى السيطرة على المخيم.

وقال الناطق باسم قوى الأمن الفلسطينية، العميد أنور رجب، في مؤتمر صحافي في جنين، الخميس: «بعض الجهات الإقليمية تحاول تصعيد الأوضاع في فلسطين، من خلال الخارجين على القانون»، مهاجماً بعض وسائل الإعلام، التي قال إنها تبث الأكاذيب عن جنين.

وتشن السلطة عملية في جنين ضد مسلحين في المخيم، منذ نحو 4 أسابيع، في بداية تحرك هو الأقوى والأوسع من سنوات طويلة، ويُفترض أن يطول مناطق أخرى، في محاولةٍ لاستعادة المبادرة وفرض السيادة، لكنّ المسلحين في المخيم رفضوا تسليم أسلحتهم وأنفسهم، مما حوَّل العملية إلى مكلفة بشرياً، ومثار جدل داخلي.

أحد أفراد قوات الأمن الفلسطينية يقف حارساً ببندقية هجومية في مخيم جنين شمال الضفة الغربية المحتلة (أرشيفية - أ.ف.ب)

وتستمر العملية في جنين ضد المسلحين على الرغم من الخسائر البشرية والمادية، وتوسُّع الخلافات، والاتهامات الداخلية بين السلطة وفصائل أخرى، وعلى صعيد النسيج الاجتماعي، وعلى الرغم من أن إسرائيل بدأت عملية هي الأخرى ضد مناطق في شمال الضفة بعد هجوم مسلح قُتل فيه، الاثنين الماضي، 3 إسرائيليين قرب قلقيلية.

وأكد رجب أنه منذ بدء العملية منتصف الشهر الماضي قُتل 3 من المسلحين، واعتقل 247 من الخارجين عن القانون، 41 منهم تعرضوا للإصابة خلال مقاومتهم الاعتقال واشتباكهم مع الأجهزة الأمنية.

وقال رجب: «أبطلنا مفعول 17 سيارة مفخخة، وتم تفجير مركبتين، وسيطرنا على 3 معامل لتصنيع العبوات والمتفجرات، وجميعها كانت بين أماكن سكنية للمواطنين، كما سيطرنا على 16 موقعاً يستخدمها المسلحون لتخزين الأسلحة والغذاء، بعضها في مساجد أو جمعيات خيرية».

وأكد أن العملية طالت التمويل الخارجي للمسلحين، وهو تمويل -كما قال- يستهدف إدامة حالة الفوضى وتعزيزها. وحسبه، فقد اعتقلت السلطة 8 أشخاص متورطين بتمويل المسلحين في جنين وسيطرت على كثير من الخطوط التي كان يصل إليهم من خلالها التمويل الخارجي، وشمل ذلك «مصادرة مبالغ ضخمة من الدولار والشيقل كانت في طريقها للخارجين عن القانون».

وشدد رجب على أن الحملة هدفها بسط سيادة القانون في الأراضي الفلسطينية، وستستمر «حتى اعتقال كل الخارجين عن القانون وتفكيك هذه الحالة داخل المخيم».

مسلحون خلال تشييع جثمان الصحافية الفلسطينية شذى الصباغ في مخيم جنين (أرشيفية - رويترز)

الإعلان عن أن الحملة مستمرة، جاء على الرغم من عدة تدخلات ومطالبات مسؤولين وفصائل ومنظمات أهلية بالوصول إلى توافق داخلي خشية تمدد الاقتتال إلى مناطق أخرى في الضفة.

وكلَّفت الاشتباكات الفلسطينيين أكثر من 12 قتيلاً، نصفهم من الأجهزة الأمنية، وبينهم الصحافية شذى صباغ، وأب وابنه، وجميعهم يقول المسلحون إن السلطة قتلتهم، فيما تقول السلطة إن المسلحين هم الفاعلون.

وتدعم «منظمة التحرير الفلسطينية» وحركة «فتح» العملية في جنين، فيما تندد بها حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وفصائل. وانتقل هذا الخلاف الواسع إلى مواقع التواصل الاجتماعي بين فريق يؤيد عملية السلطة وآخر يعارضها، وتحول إلى مناسبة للشتم والتخوين والتحريض والتهديد.

تأتي اشتباكات جنين في مرحلة حساسة، وتعد اختباراً مهماً لقدرة السلطة على فرض نفسها في الضفة الغربية قبل قطاع غزة.

وحسب القناة 12 العبرية فإن كثيرين في إسرائيل «يراقبون عن كثب تصرفات السلطة الفلسطينية في جنين ووضعوا إنذاراً نهائياً في محادثات مغلقة مع كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية، وأبلغوهم أنه إذا لم تأخذ السلطة زمام الأمور وتمكنت من التصرف، فإن إسرائيل ستدخل إلى هناك (مخيم جنين) وستتصرف».

تشييع أحد أفراد الأمن الفلسطيني بعد مقتله داخل مخيم جنين (أرشيفية - رويترز)

وترفض السلطة ربط العملية بإسرائيل، وتقول إنها مهمة للمصالح العليا للشعب الفلسطيني. لكنّ الإسرائيليين تحركوا في الضفة من جديد، وبدأوا عملية واسعة في الشمال، تستثني حتى الآن مخيم جنين. وبدأت العملية بعد قتل 3 إسرائيليين في هجوم تبنَّته «كتيبة جنين» التي تشتبك السلطة معها في مخيم جنين.

وتعهدت إسرائيل بالوصول إلى المنفّذين ومرسليهم. وتقول إسرائيل أيضاً إن إيران تحاول إشعال الضفة من خلال «حماس» و«الجهاد».

وقالت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية إنه خلال الأيام الماضية، نفّذت القوات الإسرائيلية عملية واسعة في منطقة الأغوار وشمال الضفة استهدفت كتائب «حماس» و«الجهاد» التي تعمل بتمويل وحماية إيرانية. وتتهم مصادر إسرائيلية إيران بالعمل على إنشاء جبهة في شمال الضفة.

وأشارت «معاريف» إلى أن الجيش الإسرائيلي يستعد لسيناريوهات متطرفة تشمل اختراق جدار الفصل ومحاولات للاستيلاء على مستوطنات في مناطق التماس في سيناريو يحاكي هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وبعد هجوم الاثنين، وسَّعت إسرائيل عمليتها في الضفة الغربية وحوَّلتها إلى «ساحة رئيسية» في خريطة التهديدات.