الأزمة الأوكرانية تفتح باباً أفريقياً جديداً لمصر

القاهرة لتعزيز التعاون الزراعي مع دول القارة لتلافي تأثيرات الحرب

وزير الزراعة المصري خلال لقائه نظيره الغابوني (وزارة الزراعة المصرية)
وزير الزراعة المصري خلال لقائه نظيره الغابوني (وزارة الزراعة المصرية)
TT

الأزمة الأوكرانية تفتح باباً أفريقياً جديداً لمصر

وزير الزراعة المصري خلال لقائه نظيره الغابوني (وزارة الزراعة المصرية)
وزير الزراعة المصري خلال لقائه نظيره الغابوني (وزارة الزراعة المصرية)

يبدو أن الأزمة الروسية - الأوكرانية، قد فتحت باباً جديداً للتعاون بين مصر ودول أفريقية، خصوصاً في مجال الزارعة والحفاظ على الأمن الغذائي، بهدف تلافي تأثيرات الحرب المستمرة منذ فبراير (شباط) الماضي. وأكد وزير الزارعة واستصلاح الأراضي المصري السيد القصير، أن «الدول الأفريقية حالياً في أشد الاحتياج إلى التعاون والتكامل خصوصاً في ظل التحديات العالمية مثل الأزمة الروسية - الأوكرانية والتغيرات المناخية التي لها تأثير كبير على قطاع الزراعة والعاملين به».
وبحث وزير الزراعة المصري، خلال لقائه أمس (الثلاثاء)، مع نظيره الغابوني تشارلز مافي إيلا، «تفعيل أوجه التعاون الثنائي بين البلدين في المجالات الزراعية المختلفة»، مؤكداً، حسب بيان صحافي، «دعم الحكومة المصرية لدولة الغابون، تنفيذاً لتوجيهات رئاسية توصي بدعم الدول الأفريقية في كل المجالات المتعلقة بقطاع الزراعة وبخاصة الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي».
وخلص الاجتماع إلى الاتفاق على «سرعة الانتهاء من إعداد مذكرة التفاهم المقترحة بين الجانبين في مجال الثروة السمكية فضلاً عن إمكانية إنشاء مزرعة مشتركة يمكن من خلالها نقل التكنولوجيات الحديثة في مجال الزراعة إلى الغابون، وتشكيل لجنة فنية زراعية مشتركة من الجانبين لتنفيذ ومتابعة ما يتم الاتفاق عليه»، حسب البيان الصحافي.
وتشمل مجالات التعاون بين مصر والغابون الثروة السمكية والداجنة، واستنباط أصناف تقاوي المحاصيل الاستراتيجية عالية الإنتاجية من الأرز والذرة، وتطوير الميكنة الزراعية وتعزيز فرص الاستثمار، إضافةً إلى التعاون في مجال البحوث الزراعية والتدريب وبناء قدرات الكوادر البشرية، حسب الوزير المصري.
بدوره أشار وزير الزراعة الغابوني إلى إمكانية التعاون في زراعة وتحسين إنتاجية الأرز والذرة، وتحدث عن «فرص الاستثمار الزراعي المتاحة في بلاده».
وأنشأت مصر 10 مزارع نموذجية مشتركة في 9 دول أفريقية، تتضمن زامبيا، وزنزبار، والنيجر، والكونغو الديمقراطية، ومالي، وتوغو، وأوغندا، وإريتريا، وجنوب السودان، حسب تقرير صدر أخير عن مركز المعلومات الصوتية والمرئية بوزارة الزارعة المصرية، أشار إلى أن هذه المزارع تهدف إلى «تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر ودول القارة السمراء ودعم الاستثمار الزراعي خارج الحدود».
وكان وزير الزراعة المصري قد أكد في تصريحات سابقة أن «مصر نجحت في تعميق التعاون الزراعي مع الدول الأفريقية، واستعادة دورها الريادي في القارة»، لافتاً إلى «التوسع في مشروع إنشاء مزارع مشتركة مع الدول الأفريقية».
التعاون مع الدول الأفريقية يمتد إلى مجال الري والموارد المائية، حيث عقد وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، لقاءً مساء الاثنين، مع وزير الدولة للطاقة والموارد المائية في الصومال محمد عبد الله فارح، على هامش «أسبوع القاهرة للمياه»، تناول «تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، ومناقشة موقف مذكرة التفاهم المقترحة للتعاون بين الجانبين تمهيداً لتوقيعها»، وأكد وزير الري المصري «استعداد بلاده لدعم الصومال في مجالات استكشاف الخزانات الجوفية وحفر الآبار في المناطق البعيدة عن مصادر المياه السطحية، وتصميم وتأهيل وتشغيل المنشآت المائية، وتطهير قنوات الري، وإجراء الدراسات الهيدرولوجية للأودية والأنهار، وتقديم دورات تدريبية للكوادر الفنية الصومالية»، حسب بيان صحافي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم