دراسة: نظام التوصيل الجزيئي قد يعزز أدوية العلاج المناعي للسرطان

دراسة: نظام التوصيل الجزيئي قد يعزز أدوية العلاج المناعي للسرطان
TT

دراسة: نظام التوصيل الجزيئي قد يعزز أدوية العلاج المناعي للسرطان

دراسة: نظام التوصيل الجزيئي قد يعزز أدوية العلاج المناعي للسرطان

توصلت دراسة جديدة إلى أن نظام التوصيل الجزيئي الذي يبحث عن السرطان يمكن أن يعزز أدوية العلاج المناعي؛ فقد أظهر باحثون من جامعة «رود آيلاند» وجامعة «ييل» نهجًا جديدًا واعدًا لتقديم عوامل العلاج المناعي لمحاربة السرطان.
ويتضمن النهج الجديد ربط عامل علاج مناعي يسمى ناهض «STING» بجزيء يبحث عن حمض يسمى «pHLIP» (ببتيد إدخال منخفض الأس الهيدروجيني). حيث تستهدف جزيئات pHLIP درجة الحموضة العالية للأورام السرطانية وتوصيل شحنة العلاج المناعي مباشرة إلى الخلايا في البيئة الدقيقة للورم. وبمجرد تسليمها، تشغل ناهضات اللدغة الاستجابة المناعية الفطرية للجسم لمحاربة الورم.
ففي دراسة نُشرت بمجلة «Frontiers of Oncology»، أظهر الفريق أن جرعة واحدة فقط من تركيبة ناهض pHLIP-STING قضت على أورام القولون والمستقيم (حتى الأورام الكبيرة والمتقدمة) في الفئران. كما طورت الفئران المعالجة مناعة دائمة، ما مكّن أجهزتها المناعية من التعرف على السرطان ومكافحته بعد فترة طويلة من اختفاء الأورام الأولية، وذلك وفق ما نشر موقع «ميديكال إكسبريس» الطبي المتخصص.
وبينما يحذر الباحثون من أن النتائج في الفئران لا تُترجم دائمًا إلى البشر، لكنها تضع الأساس لتجربة سريرية محتملة تختبر السلامة والفعالية لدى مرضى السرطان.
وفي توضيح أكثر لهذا الأمر، قالت الدكتورة يانا ريشيتنياك أستاذة الفيزياء في «URI» المؤلفة الكبيرة للبحث الجديد «ما نظهره هنا هو أنه باستخدام pHLIP لاستهداف الأورام من خلال حموضتها يمكننا من أن نلاحق بنجاح مجموعة متنوعة من أنواع الخلايا المختلفة داخل البيئة المكروية للورم وتحقيق تأثيرات علاجية تآزرية ومثيرة للغاية».

العلاج المناعي المستهدف

العلاج المناعي هو نهج جديد لمكافحة السرطان؛ فلكي ينجو السرطان وينتشر، تحتاج الأورام للاختباء من جهاز المناعة. وفي بعض الحالات تقوم بذلك عن طريق التعبير عن البروتينات التي تعمل كأجهزة لإخفاء المناعة (خداع الجهاز المناعي للاعتقاد بأن الخلايا السرطانية هي خلايا أصلية طبيعية).
ويهدف العلاج المناعي الجديد إلى تعطيل أجهزة الإخفاء هذه.
وتتمثل إحدى طرق إزالة الأورام باستخدام مثبطات نقاط التفتيش المناعية؛ وهي عقاقير أثبتت فعاليتها بعلاج مجموعة متنوعة من السرطانات. لكن هذه الأدوية لا تعمل على جميع الأورام.
وفي حين أنها تعمل بشكل جيد على الأورام «الساخنة» المناعية مع الكثير من الالتهابات، فهي أقل فعالية بكثير في الأورام «الباردة» غير الملتهبة.
فقد تم تطوير ناهضات STING (محفز لجين InterferoN) كوسيلة لتحويل الأورام الباردة إلى أورام ساخنة ما يجعلها أكثر عرضة للاستجابة المناعية (يحدث ذلك عن طريق التسبب بإطلاق الخلايا للإنترفيرون؛ وهو نوع من بروتين العلم الأحمر الذي ينبه الجهاز المناعي للغزاة الأجانب). ولقد بدا هذا النهج واعدًا في المختبر. لكن ثبت أن إعطاء ناهض اللدغة على المرضى يمثل تحديًا، وفق ريشيتنياك، التي تؤكد «يمكن أن تؤثر المركبات على الخلايا السليمة، ما يؤدي إلى آثار جانبية كبيرة وتأثيرات علاجية متواضعة. ومع ذلك، إذا كانت هناك طريقة لاستهداف ناهضات اللدغة على وجه التحديد للخلايا السرطانية فليس فقط الخلايا السرطانية ولكن أيضًا الخلايا المناعية الكامنة داخل الورم؛ فقد تزيد من فعاليتها بشكل كبير. وهنا يأتي دور pHLIP».
وPHLIP عبارة عن ببتيد (سلسلة من الأحماض الأمينية) مشتق من بكتيريورودوبسين، وهو بروتين غشائي يمكّن بعض الكائنات وحيدة الخلية من تحويل الضوء إلى طاقة. وقد أظهر البحث الذي قاده دونالد إنجلمان من جامعة ييل أن pHLIP له صلة خاصة بالبيئات الحمضية.
ويوضح إنجلمان وهو مؤلف مشارك بهذه الدراسة «عندما يصادف pHLIP غشاء خلويا مع درجة حموضة محايدة، فإنه سيبقى على السطح لفترة وجيزة ثم يبتعد. ولكن إذا كان في بيئة حمضية فإن الببتيد ينثني بشكل حلزون ويعبر غشاء الخلية ويبقى هناك».
وعندما انضمت ريشيتنياك إلى مختبر إنجلمان كباحثة ما بعد الدكتوراه عام 2003، خطرت لها فكرة محاولة استخدام هذا الحلزون للبحث عن الخلايا السرطانية (إذ ان من المعروف أن الخلايا السرطانية الخبيثة تميل إلى أن تكون شديدة الحموضة) جنبًا إلى جنب مع إنجلمان وزميله الفيزيائي أوليغ أندرييف. وتعمل ريشيتنياك منذ عقدين على تطوير pHLIP كآلية توصيل للبحث عن السرطان.
وبيّن الفريق أنه يمكنه ربط الجزيئات بجزء من الببتيد pHLIP الذي يدخل غشاء الخلية. حيث يمكن أن تكون جزيئات الشحن هذه عوامل تشخيصية تساعد الأطباء على رؤية الأورام بشكل أكثر وضوحًا، أو السموم التي تقتل الخلايا السرطانية، أو المعدلات المناعية مثل ناهض اللدغة.
ونظرًا لأن pHLIP لا يدخل إلا الخلايا في البيئات شديدة الحموضة، فيمكنه استهداف الخلايا السرطانية مع ترك الخلايا السليمة بمفردها.
وتوجد حاليًا تجربتان سريريتان جاريتان تختبران سلامة مركبات pHLIP في مرضى السرطان. ويستمر الفريق في البحث عن طرق جديدة لاستخدام الببتيد.
اما في هذه الدراسة الجديدة فيهدف الباحثون إلى معرفة ما إذا كان pHLIP يمكن أن يستهدف بنجاح جزيئات العلاج المناعي التي تتسبب بمهاجمة الجهاز المناعي للأورام.

الأورام المستأصلة

ولاختبار ما إذا كان الاستهداف عبر pHLIP سيزيد من فعالية نشاط ناهض STING، أعطى الباحثون 20 فأرًا مصابًا بأورام القولون والمستقيم الصغيرة (100 ملليمتر مكعب) حقنة واحدة من ناهض pHLIP-STING. وفي غضون أيام اختفت الأورام تمامًا في 18 فأرًا. كما عالج الفريق 10 فئران مصابة بأورام أكبر (400 إلى 700 مليمتر مكعب) بحقنة واحدة. كما شهدت سبعة من تلك الفئران استئصال الورم.
وللمقارنة، تلقت 10 فئران حقن ناهض اللدغة غير المستهدفة فظلت الأورام في جميع الفئران، على الرغم من تباطؤ متواضع في النمو لفترة قصيرة.
ويبدو أن العلاج أيضًا قد حفز الذاكرة المناعية في الفئران المعالجة؛ فعندما حُقنت الخلايا السرطانية في الفئران التي ظلت خالية من الورم لمدة 60 يومًا، لم تتطور أورام جديدة في تلك الفئران. ويشير ذلك إلى أنه بمجرد أن يتم تهيئة الجهاز المناعي لمهاجمة الخلايا السرطانية فإنه يستمر في القيام بذلك دون علاج إضافي.
وعن ذلك يقول الباحثون إن المعدلات المرتفعة لاستئصال الورم مشجعة، لكن الأمر المشجع أيضًا هو حقيقة أن ناهض pHLIP-STING يبدو أنه يستهدف أنواعًا متعددة من الخلايا السرطانية. حيث تحتوي الأورام على أكثر من مجرد خلايا سرطانية. لدى العديد منها سدى (وهو نوع من طلاء الخلايا غير السرطانية التي تشكل حاجزًا فيزيائيًا وكيميائيًا يحمي الورم من جهاز المناعة البشري).
وفي دراسة بنية الورم في الساعات التي أعقبت حقن ناهض pHLIP-STING، وجد الباحثون انخفاضًا ملحوظًا في الخلايا اللحمية.
وتضيف ريشيتنياك «السدى دمر بشكل أساسي. حقيقة أننا نقوم بتعديل سلوك مجموعة متنوعة من الخلايا في سدى الورم وكذلك الخلايا السرطانية نفسها تعني أننا نحث إشارات إنترفيرون بشكل تآزري بأنواع متعددة من الخلايا ونعالج الورم بأكمله. هذه هي الميزة باستخدام الحموضة كهدف لنا... نحن قادرون على ملاحقة الورم بأكمله بدلاً من مجرد أنواع معينة من الخلايا».
ويستدرك الباحثون بالقول «إن هناك المزيد من العمل في المستقبل قبل أن يمكن استخدام علاج ناهض pHLIP-STING في البشر، لكن النتائج الأولية واعدة. ولأن العلاجات القائمة على pHLIP قد تمت الموافقة عليها بالفعل للتجارب السريرية، يأمل الفريق أن يتمكن من المضي قدمًا بسرعة».


مقالات ذات صلة

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي ليس مجرد صداع عادي يعاني منه الجميع في وقتٍ ما، بل هو اضطراب عصبي معقد يمكن أن يُشعر المريض وكأن العالم قد توقف.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

د. حسن محمد صندقجي

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
TT

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)

تقام «أيام بنغلاديش» في حديقة السويدي بالعاصمة السعودية الرياض، والتي انطلقت لياليها، الثلاثاء، ضمن مبادرة تعزيز التواصل مع المقيمين التي أطلقتها وزارة الإعلام السعودية، بالشراكة مع الهيئة العامة للترفيه، تحت شعار «انسجام عالمي»، وتستمر حتى السبت، بهدف تعزيز التواصل الثقافي بين المجتمع السعودي والمقيمين، وإبراز التنوع الثقافي الغني الذي تحتضنه السعودية.

وتشهد الفعاليات عروضاً فنية متنوعة تقدمها الفرقة الشعبية، حيث تألق المشاركون بتقديم عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي، إلى جانب أغنيات مستوحاة من أعمال أبرز شعراء بنغلاديش.

عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي (الشرق الأوسط)

كما يضم الحدث منطقة مخصصة لعرض التراث البنغالي، حيث تُتيح للزوار فرصة استكشاف الجوانب الغنية للثقافة البنغالية عن قرب؛ إذ تشمل المنطقة معروضات للأزياء التقليدية المزينة بالزخارف اليدوية التي تعكس المهارة الحرفية والفنية المتميزة، حيث يتم عرض الساري البنغالي المصنوع من أقمشة الحرير والقطن الفاخرة، إضافة إلى الملابس التقليدية للرجال مثل البنجابي والدوتي، كما تعرض الإكسسوارات اليدوية التي تشتهر بها بنغلاديش، بما في ذلك المجوهرات التقليدية المصنوعة من المعادن والأحجار الكريمة، والحقائب والمطرزات التي تعكس ذوقاً فنياً عريقاً.

الفعاليات شملت استكشاف التراث البنغالي (الشرق الأوسط)

واشتملت الفعاليات على قسم مخصص للأطعمة من بنغلاديش؛ إذ يٌقدم للزوار فرصة تذوق أشهى الأطباق التقليدية التي تمثل المطبخ البنغالي المعروف بنكهاته الغنية وتوابله المميزة، وتشمل الأطباق المقدمة أكلات شهيرة مثل البرياني البنغالي، والداكا كاكوري كباب، وسمك الهيلشا المطهو بطرق تراثية، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الحلويات التقليدية مثل الروشا غولا والميزان لادّو.

وتضيف هذه المنطقة بعداً مميزاً للفعالية، حيث لا تقتصر التجربة على الفنون والعروض، بل تمتد لتشمل استكشاف التراث البنغالي بشكل متكامل يعكس الحياة اليومية والعادات والتقاليد، مما يجعلها تجربة غنية تُثري التفاعل الثقافي بين الزوار.

معروضات للأزياء التقليدية (الشرق الأوسط)

وحظيت الفعاليات منذ انطلاقها بإقبال واسع من الزوار الذين عبروا عن إعجابهم بجمال الفلكلور البنغالي وتنوع العروض الفنية المقدمة، كما أبدى العديد من الحاضرين تقديرهم لهذه المبادرات التي تسهم في تعزيز التفاهم والتفاعل بين الثقافات.

وأكّد المسؤولون أن هذه المبادرة تأتي جزءاً من سلسلة برامج ثقافية تهدف إلى تعزيز المشهد الثقافي في المملكة، بما يتماشى مع «رؤية السعودية 2030» التي تدعم التنوع والانفتاح الثقافي.