أسبوع الموضة العربي يؤكد إمساك مصمميه بالخيوط لنسج قصصهم الخاصة

محاولات المنطقة في ترسيخ مكانتها كمؤثر عالمي... مستمرة

أثمر التعاون بين «باربي» ومصمم الأزياء اللبناني جان لوي سبجي عن تشكيلة مستلهمة من الأيقونة العالمية - من عرض إلسي جارا
أثمر التعاون بين «باربي» ومصمم الأزياء اللبناني جان لوي سبجي عن تشكيلة مستلهمة من الأيقونة العالمية - من عرض إلسي جارا
TT

أسبوع الموضة العربي يؤكد إمساك مصمميه بالخيوط لنسج قصصهم الخاصة

أثمر التعاون بين «باربي» ومصمم الأزياء اللبناني جان لوي سبجي عن تشكيلة مستلهمة من الأيقونة العالمية - من عرض إلسي جارا
أثمر التعاون بين «باربي» ومصمم الأزياء اللبناني جان لوي سبجي عن تشكيلة مستلهمة من الأيقونة العالمية - من عرض إلسي جارا

بعد أيام على انتهاء دورة الموضة العالمية في باريس، انطلق أسبوع الموضة العربي بدبي. لسان حاله يقول إن من حقه أن يكون امتداداً لهذه الدورة العالمية، وإن دبي تستحق أن تكون العاصمة الخامسة فيها. «لم لا وهو يمتلك كل المقومات الأساسية؟» حسب ما يؤكده جاكوب براين مؤسس الأسبوع ورئيسه التنفيذي.
ومع أنه يتمتع، مثل غيره من أسابيع الموضة بكل عناصر الإبهار والنشاطات التي تزيد من دسامته، فإنه يختلف عنها بجمعه عروض الأزياء الراقية (الهوت كوتور) لخريف وشتاء 2022 – 2023 والأزياء الجاهزة لربيع وصيف 2023. ربما يكون السبب أن خريف وشتاء دبي لا يطول كثيراً وقد لا يفرقه عن ربيعها وصيفها سوى شهر أو شهرين على الأكثر، كما قد يكون لتقريب الصورة وتسهيلها أمام عشاق الموضة في المنطقة.
وسواء كان هذا أو ذاك، فإن الأسبوع الذي يُقام بشراكة استراتيجية بين مجلس الأزياء العربي وحي دبي للتصميم التابع لمجموعة تيكوم، رسَخ اسمه في خريطة الموضة كحاضن للمواهب والشركات الناشئة في مجالات التصميم والإبداع. فهو لا يتضمن عروض أزياء فحسب بل يشمل أيضاً فعاليات كثيرة ونقاشات تخدم الموضة وتُسلط الضوء عليها. هذا الموسم يحتفي برائدات أعمال ساهمن في بناء مستقبل جديد على مستوى المنطقة من خلال #SheCreates التي تُنظمها «ميتا».


شهدت منصّات العرض تشكيلات رجالية للمصمم رايان فرنونديز

نجاح هذا الأسبوع وصموده في وجه التغيرات والمحاولات المتفرقة، يفتح جدلاً بدأ منذ فترة حول مدى أهمية منطقة الشرق الأوسط كسوق منتج ومُبدع في مجال الموضة، وفي الوقت المشاكل التي عرقلت محاولاته في أن يكون له أسبوع مُوحد بمستوى عالمي ينضم إلى عواصم العالم الأربعة بشكل رسمي. فعدا أن المنطقة تشهد في الوقت الحالي اهتماماً بصناعة الموضة، فإن حركة شبابية قوية تشُد من أزره سواء تعلق الأمر بالإبداع أو الاستهلاك. أسماء كانت بالأمس القريب مغمورة، أصبحت متوفرة في محلات مثل «هارودز» و«سيلفريدجز» وعلى مواقع تسوق عالمية مثل «ماتشزفاشن دوت كوم» و«مايتيريزا» و«نيت أبورتيه» وغيرها. الفضل يعود في المقام الأول إلى فتح دول الخليج العربي المجال أمام كل الطاقات المتوفرة لديها لإثبات نفسها محلياً وفرضها عالمياً بخلق برامج ومشاريع متعددة تستهدف أن تكون نداً وليس مجرد مستهلك، بدأت تُعطي ثمارها. المثير في الأمر أن هذا الانتعاش أشعل وطيس المنافسة بين دبي والرياض والدوحة للفوز بلقب عاصمة الموضة في المنطقة. كل واحدة لها مؤهلاتها وقدراتها وطاقاتها واستراتيجياتها. القاسم المشترك بينها أنه لا واحدة منها تريد حصر نفسها في خانة المستهلك أو المتلقي بعد الآن. وليس أدل على هذا القرار الذي أصدرته المملكة العربية السعودية يكون للشركات الدولية التي ترغب في دخول السوق السعودي مقر داخل المملكة عوض إدارة أعمالها من الخارج لتستفيد من الداخل. من جهة أخرى، فإن التطور الاقتصادي والسياسي السريع يستلزم من صناع الموضة العالمية التواجد على الأرض لفهم ثقافة البلد وشخصيته ومن ثم ترجمته بطريقة بعيدة عن الكليشيهات والصور النمطية التي اكتفى بها واستغلها طويلاً.


تميزت الكثير من العروض بدمجها الكلاسيكي بـ «السبور»

عدة فعاليات تُنظم حالياً بهدف تسليط الضوء على المهارات والإمكانيات المحلية، نذكر منها مؤتمر ومعرض «مستقبل الموضة» الذي أطلق في عام 2019 برعاية هيئة الأزياء السعودية ويراد منه التركيز على الاستدامة والتنوع والابتكار. هناك أيضاً فعالية 100 براند سعودي. تضم كما يشير عنوانها إلى 100 من مصممي الأزياء السعوديين تم اختيارهم للمشاركة في برامج تدريبية لمدة عامٍ كامل بقيادة خبراء صناعة الأزياء العالمية في مجالات متنوعة. تشمل هذه الدورات تحديد استراتيجيات أداء المبيعات، واستراتيجيات العلاقات العامة والتسويق، كما طرق البحث عن العميل وتحديده، والابتكار والتكنولوجيا. كل هذا بموازاة تعريف العالم بهم. أكبر سلاح تعتمده السعودية في الفوز باللقب شبابها. فـ70 في المائة من مجموع سكانها في سن تحت الـ40 ولهم دراية عالية بخبايا الموضة، كما يعتزون بهويتهم ويعملون على فرضها لتغيير صورة نمطية طالما أكل عليها الزمن وشرب.
الدوحة بدورها تُقدم نفسها كداعم للمواهب الشابة من خلال فعالية «فاشن تراست أرابيا» FTA. في نهاية هذا الشهر ستحتفل بدورتها الرابعة، حيث ستمنح ستة مصممين في مجالات مختلفة جائزة، أو بالأحرى منحة مالية تتراوح بين 100000 و200000 دولار بالإضافة إلى دورات تدريبية في عواصم مختلفة من العالم، علماً بأن هناك شراكة بين منظمة «فاشن تراست أرابيا» وموقع التسوق الإلكتروني «ماتشز فاشن دوت كوم» لتوفير تصاميمهم على الموقع، فضلاً عن دورات تدريبية مجالات متعددة تخدمهم على المدى البعيد.
ربما تكون الكويت تأخرت في دخول هذا المجال بالمقارنة رغم أنها كانت عاصمة الموضة العربية في السبعينات من القرن الماضي. هذا العام، قررت تصحيح الوضع. أطلقت أول مبادرة لها بعنوان (عود فاشن توكس OUD FASHION TALKS)، وهو مؤتمر عادت فيه إلى تاريخها القديم لربط جسر بين مصمميها الشباب والعالم، بالإضافة إلى وضع حجر الأساس لبنية تحتية مستدامة وطويلة المدى.
المشكلة لحد الآن في منطقة من المُفترض أن يكون لها أسبوع بمستوى عالمي نظراً لإمكانياتها الهائلة، أن الفكرة وُلدت منذ عهد قريب فقط. كانت هناك محاولات من جهات مختلفة، غلب عليها الحماس وافتقدت إلى رؤية مستقبلية واضحة، ما يجعلها تغيب بالسرعة نفسها التي تظهر بها. لحد الآن يبقى السبق لدبي بحكم الأقدمية. هي الأخرى تطالعنا بين الفينة والأخرى بأسبوع جديد تحت مسميات مختلفة. لكن يبقى أسبوع الموضة العربي من بين أقوى الأسابيع في الساحة. بنُسخته الــ21 يؤكد مصداقيته بصموده وتطوره في كل موسم.
وهذا ما تؤكده خديجة البستكي، نائب الرئيس لحي دبي للتصميم بقولها: «تشهد صناعة الموضة في منطقتنا انتعاشاً مثيراً، سواء تعلق الأمر بالأزياء النسائية أو الرجالية. فسكان المنطقة يتمتعون بذوق عالٍ ويفهمون خبايا الموضة. هذا عدا عن القوة الشرائية في دول مجلس التعاون الخليجي على وجه الخصوص. كل هذا يجعلها مؤثراً على الساحة العالمية». وتشير خديجة أيضاً إلى أن لبنان كان في السابق هو البوصلة أو مهد المبدعين في مجال الموضة «لكننا الآن نرى أن مواهب من المنطقة الخليجية فرضوا أنفسهم». هناك مثلاً علامة «بوغيسا» و«نتالي تراد» و«سمسم» والمصمم رامي العلي وغيرهم من الأسماء التي انطلقت من دبي إلى العالمية بفضل أسلوبهم أولاً وبفضل نجمات ظهرن بإبداعاتهم في المحافل العالمية من مثيلات ريهانا وهيلين ميرن وجيسيكا تشاستاين وبيونسي. هناك أيضاً المصمم الكويتي يوسف الجسمي الذي صمم زياً مرصعاً بأحجار شواروفسكي لكايلي جينر وطفلتها، والعلامة السعودية «ديث باي دولز» Death by Dolls المفضلة لدى كل من ريتا أورا وبريتني سبيرز، من دون أن أنسى أسماء مهمة مثل مايكل تشينكو وأماتو.
خديجة البستكي، التي ربطت شراكة مع مجلس الأزياء العربي منذ سنة تقريباً، تعترف بأنها لم تتردد في الأمر «لأن الرؤية كانت واحدة، تتمثل في جعل دبي مركزاً عالمياً للإبداع. إضافة إلى أن أسبوع الموضة العربي أكد استمراريته بالنظر إلى أننا نتابع الآن نسخته الـ21». تتابع: «إذا كانت العروض التي تابعناها هذا الأسبوع هي المقياس، فإن المستقبل مُطمئن ومُبشَر في الوقت ذاته».
مكمن قوته، حسب مؤسسه جاكوب أبريان، نجاحه في ربط شراكات مع جهات مهمة مثل فيدرالية الهوت كوتور الفرنسية. بهذا تمكَن من فتح المجال أمام مصممين شباب من الشرق والغرب للتعرف على أعمال بعضهم البعض أولاً والتعاون ثانياً.
ما يُحسب لجاكوب أبريان أنه واكب الكثير من تطورات الموضة في المنطقة. فهم سريعاً أن تقديم عروض لخدمة جانبي الترفيه والإبداع وحدهما لا يكفيان. لا بد أن ترافقهما حركة بيع وشراء لضمان استمراريته. من هذا المنظور اجتهد في استقطاب مشترين وربط شراكات عالمية مهمة. بالنسبة له يجب أن «يكون أسبوع الموضة العربي منصة يستطيع من خلالها المصمم استعراض قدراته ومواهبه، وفي الوقت ذاته جذب الاستثمار والدعم». يتذكر كيف كان الأمر في البدايات «منذ سبع سنوات تقريباً، لم يكن المصمم المحلي قادراً على جذب الاهتمام لوحده. كان من الضروري دعوة مصممين من أمثال جون بول غوتييه وأيريس فان هيربن وأنطونيو ماراس وماركيزا وبلومارين وموسكينو لإضفاء عنصر الإبهار عليه. بل وجذب الحضور. مع الوقت لم تعد هناك حاجة لذلك، بعد أن أصبح لمصممين بأسماء عربية مكانة كفيلة بإنجاحه. فهذه الأسماء المحلية تفهم ثقافة المنطقة جيداً، الأمر الذي يساعدها على الإمساك بكل خيوطها لتنسج منها حكايتها بلغتها.


مقالات ذات صلة

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة النجمة المصرية نيللي كريم كما ظهرت في عرض هنيدة الصيرفي (هيئة الأزياء)

الرياض... لقاء الثقافة والأناقة

غالبية العروض في الدورة الثانية من أسبوع الرياض منحتنا درساً ممتعاً في كيف يمكن أن تتمازج الثقافة والهوية بروح الشباب التواقة للاختلاف وفرض الذات.

جميلة حلفيشي (لندن)

7 فائزين بجوائز «فاشن تراست آرابيا» ومراكش ثامنهم

الأميرة المغربية لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فاريس والفائزين بجوائز 2024 (خاص)
الأميرة المغربية لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فاريس والفائزين بجوائز 2024 (خاص)
TT

7 فائزين بجوائز «فاشن تراست آرابيا» ومراكش ثامنهم

الأميرة المغربية لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فاريس والفائزين بجوائز 2024 (خاص)
الأميرة المغربية لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فاريس والفائزين بجوائز 2024 (خاص)

منذ 6 سنوات، اختارت الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فارس، الشهر العاشر من السنة لكي يكون مناسبة متجددة للاحتفال بالمصممين الناشئين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وهي مبادرة باتت عالمية، اسمها «فاشن تراست آرابيا»، هدفها اكتشاف المصممين الصاعدين ودعمهم مادياً ومعنوياً ولوجيستياً. فإلى جانب مبالغ مالية مهمة تتراوح بين 100 ألف و200 ألف دولار، يتلقون تدريبات في بيوت أزياء عالمية، وتفتح لهم منصات ومحال عالمية مثل «هارودز» أبوابها لتستعرض إبداعاتهم أمام زبائنها.

من الفائزين بجوائز هذا العام (خاص)

هذا العام كانت الجوائز من نصيب 7 مشاركين، هم نادين مسلم من مصر في جانب الأزياء الجاهزة، وياسمين منصور، أيضاً من مصر عن جانب أزياء السهرة، في حين كانت جائزة المجوهرات من نصيب سارة نايف آل سعود ونورا عبد العزيز آل سعود ومشاعل خالد آل سعود، مؤسسات علامة «APOA) «A Piece of Art) من المملكة العربية السعودية.

أما جائزة الإكسسوارات، فكانت من نصيب ريم حامد من مصر، وجائزة فرانكا سوزاني، وتقدر بـ50 ألف دولار، للموهبة الصاعدة سيلويا نزال وهي فلسطينية - أردنية، بينما حصلت بتول الرشدان من الأردن على جائزة Fashion Tech، وكل من زافي غارسيا وفرانكس دي كريستال على جائزة البلد الضيف: إسبانيا.

شكَّل قصر البديع خلفية رائعة في ليلة من الأحلام والتاريخ (خاص)

لم يفز أي مغربي في هذه الدورة، باستثناء المصمم شرف تاجر مؤسس علامة «كازابلانكا» الذي حصل على جائزة شرفية بوصفه رجل أعمال. لكن فازت مراكش بالجائزة الكبرى بلا منازع. كانت المضيف والضيف القوي في الوقت ذاته. حضورها كان طاغياً وجمالها آسراً تجلى في مبانيها وقدرات حرفييها على تحويل الأحجار إلى لوحات فنية سواء في زخارف الجدران أو جص الأسقف أو فسيفساء الأرضيات، فضلاً عن فخامة الأبواب. ليست مبالغة إن قلنا إنها، أي مراكش، سرقت الأضواء وألهبت وسائل التواصل الاجتماعي. كانت خير تغيير للدوحة، البلد الأم. فالفعالية التي شهدت الدوحة ولادتها منذ 6 سنوات واحتفلت فيها لحد الآن بكل نسخها السابقة، بما فيها اثنتان؛ الأولى افتراضية بسبب جائحة «كورونا» وما ترتب عليها من منع السفر، والأخرى أُلغيت بسبب أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول) في العام الماضي، وما ترتب عليها من حالة نفسية لم تفتح النفس على الاحتفال. ومع ذلك فإن إلغاء السفر لم يحرم الفائزين من أخذ فرصهم. فقد تسلموا جوائزهم ونالوا نصيبهم من التدريب والتطوير بفضل التكنولوجيا.

صورة جماعية تظهر فيها الأميرة لالة حسناء والشيخة مياسة وتانيا فارس مع الفائزين لعام 2024 (خاص)

هذا العام، ولأول مرة، تخرج الفعالية من مسقط رأسها. جاء اختيار مراكش، تزامناً مع العام الثقافي «قطر - المغرب 2024»، وهي مبادرة تقود التبادل الثقافي وتشجع الحوار القائم على الخبرات المشتركة في شتى الفنون. وبما أن «الموضة لغة فنية» كما قال النجم المصري أحمد حلمي، منشط الحفل لهذا العام، كان من الطبيعي أن تُفكر «فاشن تراست آرابيا» في المشاركة في هذه الفعالية بكل قوتها، وهكذا على مدى 3 أيام و3 ليالٍ، شهدت المدينة حركة ربما تعوّدت عليها منذ سنوات طويلة، إلا أنها اكتسبت جمالية أكبر هذه المرة نظراً لنوعية الضيوف. فقد نجحت «فاشن تراست آرابيا» في أن تجمع في نفس المكان والزمان نجوم السينما ووسائل التواصل الاجتماعي والعارضات العالميات بصناع الموضة، لتكتمل الخلطة.

كارلا بروني والرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي حضرا الحفل (خاص)

فليس جديداً أن تجذب مراكش النجوم وصناع الموضة. تشدهم للاستقرار فيها أو لقضاء إجازاتهم أو إقامة مناسباتهم المهمة فيها، بدليل أن إيف سان لوران كان من عشاقها كذلك المصمم المخضرم روميو جيلي وغيره ممن استقروا فيها. الجديد أن «فاشن تراست آرابيا» كشفت لمَن سمعوا عنها ولم يُسعفهم الحظ بزيارتها من قبل خباياها وأسرارها الكامنة في معمارها الفريد وديكورات بيوتها العريقة وقصورها التاريخية وألوان صحاريها.

ماي ماسك والدة إيلون ماسك في الحفل (خاص)

يوم توزيع الجوائز، كان قصر البديع واحداً من هذه الأماكن. فيه تم استقبال الضيوف وتسليم الجوائز. كل ركن فيه كان يعبق بالتاريخ والحرفية، من أبوابه الخشبية إلى مياهه وهيبة أسواره التي تحكي كل طوبة بُنيت بها قصة وإنجازات بطولية. كل هذه التفاصيل شكلت خلفية رائعة لم يستطع الحضور المتميز، بدءاً من كارلا بروني إلى إيشا أمباني، ابنة الملياردير موكيش أمباني، رئيس شركة ريليانس أو ماي ماسك، والدة إيلون ماسك وغيرهن، منافستها بريقاً.

الأميرة لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فارس (خاص)

حضور الأميرة المغربية لالة حسناء الحفل وتقديمها جائزة «فاشن تراست آرابيا» للفائزة في فئة أزياء السهرة، ياسمين منصور، كان له مفعول السحر، لأنه وبكل بساطة وضع المكان في إطاره التاريخي المهيب، باستحضاره جلسات الملوك والأمراء وهم يحتفلون بالنجاحات والإنجازات بعد كل انتصار. كان واضحاً أن علاقتها بالشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني قوية وفخرهما بكل ما هو عربي ومغربي واضح. اختارت الأميرة قفطاناً عصرياً طُرِّز بالأصالة الممزوجة بالمعاصرة. بفخامة هادئة أبدعتها أنامل «معلم» محترف، لم يحتج إلى أي تطريزات براقة ومبالغ فيها. الشيخة المياسة بدورها استعملت لغة دبلوماسية راقية؛ حيث ارتدت فستاناً بتفاصيل مبتكرة من تصميم المغربي محمد بن شلال، الذي فاز بجائزة «فاشن تراست آرابيا» عام 2021 عن فئة أزياء المساء والسهرة. منذ ذلك الحين، وهو ينتقل من نجاح إلى آخر إلى حد أن أميرات أوروبا وملكة هولندا، ماكسيما، يعتمدن تصاميمه في المناسبات الرسمية والخاصة.

إنجازاته بعد حصوله على الجائزة لا تترك أدنى شك بأن الفعالية ليست مجرد حفل كبير يلتقي فيه النجوم بقدر ما هي جادة في أهدافها وتحمسها للمصممين العرب. وهذا ما تؤكده تانيا فارس، مؤسسة «فاشن تراست» التي بعد مسيرة طويلة في العمل مع مجلس الموضة البريطاني وغيره، تدعم مصمميها الشباب، رأت أن الوقت حان لتصوب أنظارها نحو المنطقة العربية. تقول: «انتبهت أننا لا نفتقر إلى المواهب، كل ما نفتقر إليه هو منصات وجهات تدعمها وتُخرج ما لديها من إمكانات ومهارات». وهكذا شكَّلت مع الشيخة المياسة ثنائياً ناجحاً، لا سيما أن وجهات النظر واحدة كذلك الأهداف.