أسبوع الموضة العربي يؤكد إمساك مصمميه بالخيوط لنسج قصصهم الخاصة

محاولات المنطقة في ترسيخ مكانتها كمؤثر عالمي... مستمرة

أثمر التعاون بين «باربي» ومصمم الأزياء اللبناني جان لوي سبجي عن تشكيلة مستلهمة من الأيقونة العالمية - من عرض إلسي جارا
أثمر التعاون بين «باربي» ومصمم الأزياء اللبناني جان لوي سبجي عن تشكيلة مستلهمة من الأيقونة العالمية - من عرض إلسي جارا
TT

أسبوع الموضة العربي يؤكد إمساك مصمميه بالخيوط لنسج قصصهم الخاصة

أثمر التعاون بين «باربي» ومصمم الأزياء اللبناني جان لوي سبجي عن تشكيلة مستلهمة من الأيقونة العالمية - من عرض إلسي جارا
أثمر التعاون بين «باربي» ومصمم الأزياء اللبناني جان لوي سبجي عن تشكيلة مستلهمة من الأيقونة العالمية - من عرض إلسي جارا

بعد أيام على انتهاء دورة الموضة العالمية في باريس، انطلق أسبوع الموضة العربي بدبي. لسان حاله يقول إن من حقه أن يكون امتداداً لهذه الدورة العالمية، وإن دبي تستحق أن تكون العاصمة الخامسة فيها. «لم لا وهو يمتلك كل المقومات الأساسية؟» حسب ما يؤكده جاكوب براين مؤسس الأسبوع ورئيسه التنفيذي.
ومع أنه يتمتع، مثل غيره من أسابيع الموضة بكل عناصر الإبهار والنشاطات التي تزيد من دسامته، فإنه يختلف عنها بجمعه عروض الأزياء الراقية (الهوت كوتور) لخريف وشتاء 2022 – 2023 والأزياء الجاهزة لربيع وصيف 2023. ربما يكون السبب أن خريف وشتاء دبي لا يطول كثيراً وقد لا يفرقه عن ربيعها وصيفها سوى شهر أو شهرين على الأكثر، كما قد يكون لتقريب الصورة وتسهيلها أمام عشاق الموضة في المنطقة.
وسواء كان هذا أو ذاك، فإن الأسبوع الذي يُقام بشراكة استراتيجية بين مجلس الأزياء العربي وحي دبي للتصميم التابع لمجموعة تيكوم، رسَخ اسمه في خريطة الموضة كحاضن للمواهب والشركات الناشئة في مجالات التصميم والإبداع. فهو لا يتضمن عروض أزياء فحسب بل يشمل أيضاً فعاليات كثيرة ونقاشات تخدم الموضة وتُسلط الضوء عليها. هذا الموسم يحتفي برائدات أعمال ساهمن في بناء مستقبل جديد على مستوى المنطقة من خلال #SheCreates التي تُنظمها «ميتا».


شهدت منصّات العرض تشكيلات رجالية للمصمم رايان فرنونديز

نجاح هذا الأسبوع وصموده في وجه التغيرات والمحاولات المتفرقة، يفتح جدلاً بدأ منذ فترة حول مدى أهمية منطقة الشرق الأوسط كسوق منتج ومُبدع في مجال الموضة، وفي الوقت المشاكل التي عرقلت محاولاته في أن يكون له أسبوع مُوحد بمستوى عالمي ينضم إلى عواصم العالم الأربعة بشكل رسمي. فعدا أن المنطقة تشهد في الوقت الحالي اهتماماً بصناعة الموضة، فإن حركة شبابية قوية تشُد من أزره سواء تعلق الأمر بالإبداع أو الاستهلاك. أسماء كانت بالأمس القريب مغمورة، أصبحت متوفرة في محلات مثل «هارودز» و«سيلفريدجز» وعلى مواقع تسوق عالمية مثل «ماتشزفاشن دوت كوم» و«مايتيريزا» و«نيت أبورتيه» وغيرها. الفضل يعود في المقام الأول إلى فتح دول الخليج العربي المجال أمام كل الطاقات المتوفرة لديها لإثبات نفسها محلياً وفرضها عالمياً بخلق برامج ومشاريع متعددة تستهدف أن تكون نداً وليس مجرد مستهلك، بدأت تُعطي ثمارها. المثير في الأمر أن هذا الانتعاش أشعل وطيس المنافسة بين دبي والرياض والدوحة للفوز بلقب عاصمة الموضة في المنطقة. كل واحدة لها مؤهلاتها وقدراتها وطاقاتها واستراتيجياتها. القاسم المشترك بينها أنه لا واحدة منها تريد حصر نفسها في خانة المستهلك أو المتلقي بعد الآن. وليس أدل على هذا القرار الذي أصدرته المملكة العربية السعودية يكون للشركات الدولية التي ترغب في دخول السوق السعودي مقر داخل المملكة عوض إدارة أعمالها من الخارج لتستفيد من الداخل. من جهة أخرى، فإن التطور الاقتصادي والسياسي السريع يستلزم من صناع الموضة العالمية التواجد على الأرض لفهم ثقافة البلد وشخصيته ومن ثم ترجمته بطريقة بعيدة عن الكليشيهات والصور النمطية التي اكتفى بها واستغلها طويلاً.


تميزت الكثير من العروض بدمجها الكلاسيكي بـ «السبور»

عدة فعاليات تُنظم حالياً بهدف تسليط الضوء على المهارات والإمكانيات المحلية، نذكر منها مؤتمر ومعرض «مستقبل الموضة» الذي أطلق في عام 2019 برعاية هيئة الأزياء السعودية ويراد منه التركيز على الاستدامة والتنوع والابتكار. هناك أيضاً فعالية 100 براند سعودي. تضم كما يشير عنوانها إلى 100 من مصممي الأزياء السعوديين تم اختيارهم للمشاركة في برامج تدريبية لمدة عامٍ كامل بقيادة خبراء صناعة الأزياء العالمية في مجالات متنوعة. تشمل هذه الدورات تحديد استراتيجيات أداء المبيعات، واستراتيجيات العلاقات العامة والتسويق، كما طرق البحث عن العميل وتحديده، والابتكار والتكنولوجيا. كل هذا بموازاة تعريف العالم بهم. أكبر سلاح تعتمده السعودية في الفوز باللقب شبابها. فـ70 في المائة من مجموع سكانها في سن تحت الـ40 ولهم دراية عالية بخبايا الموضة، كما يعتزون بهويتهم ويعملون على فرضها لتغيير صورة نمطية طالما أكل عليها الزمن وشرب.
الدوحة بدورها تُقدم نفسها كداعم للمواهب الشابة من خلال فعالية «فاشن تراست أرابيا» FTA. في نهاية هذا الشهر ستحتفل بدورتها الرابعة، حيث ستمنح ستة مصممين في مجالات مختلفة جائزة، أو بالأحرى منحة مالية تتراوح بين 100000 و200000 دولار بالإضافة إلى دورات تدريبية في عواصم مختلفة من العالم، علماً بأن هناك شراكة بين منظمة «فاشن تراست أرابيا» وموقع التسوق الإلكتروني «ماتشز فاشن دوت كوم» لتوفير تصاميمهم على الموقع، فضلاً عن دورات تدريبية مجالات متعددة تخدمهم على المدى البعيد.
ربما تكون الكويت تأخرت في دخول هذا المجال بالمقارنة رغم أنها كانت عاصمة الموضة العربية في السبعينات من القرن الماضي. هذا العام، قررت تصحيح الوضع. أطلقت أول مبادرة لها بعنوان (عود فاشن توكس OUD FASHION TALKS)، وهو مؤتمر عادت فيه إلى تاريخها القديم لربط جسر بين مصمميها الشباب والعالم، بالإضافة إلى وضع حجر الأساس لبنية تحتية مستدامة وطويلة المدى.
المشكلة لحد الآن في منطقة من المُفترض أن يكون لها أسبوع بمستوى عالمي نظراً لإمكانياتها الهائلة، أن الفكرة وُلدت منذ عهد قريب فقط. كانت هناك محاولات من جهات مختلفة، غلب عليها الحماس وافتقدت إلى رؤية مستقبلية واضحة، ما يجعلها تغيب بالسرعة نفسها التي تظهر بها. لحد الآن يبقى السبق لدبي بحكم الأقدمية. هي الأخرى تطالعنا بين الفينة والأخرى بأسبوع جديد تحت مسميات مختلفة. لكن يبقى أسبوع الموضة العربي من بين أقوى الأسابيع في الساحة. بنُسخته الــ21 يؤكد مصداقيته بصموده وتطوره في كل موسم.
وهذا ما تؤكده خديجة البستكي، نائب الرئيس لحي دبي للتصميم بقولها: «تشهد صناعة الموضة في منطقتنا انتعاشاً مثيراً، سواء تعلق الأمر بالأزياء النسائية أو الرجالية. فسكان المنطقة يتمتعون بذوق عالٍ ويفهمون خبايا الموضة. هذا عدا عن القوة الشرائية في دول مجلس التعاون الخليجي على وجه الخصوص. كل هذا يجعلها مؤثراً على الساحة العالمية». وتشير خديجة أيضاً إلى أن لبنان كان في السابق هو البوصلة أو مهد المبدعين في مجال الموضة «لكننا الآن نرى أن مواهب من المنطقة الخليجية فرضوا أنفسهم». هناك مثلاً علامة «بوغيسا» و«نتالي تراد» و«سمسم» والمصمم رامي العلي وغيرهم من الأسماء التي انطلقت من دبي إلى العالمية بفضل أسلوبهم أولاً وبفضل نجمات ظهرن بإبداعاتهم في المحافل العالمية من مثيلات ريهانا وهيلين ميرن وجيسيكا تشاستاين وبيونسي. هناك أيضاً المصمم الكويتي يوسف الجسمي الذي صمم زياً مرصعاً بأحجار شواروفسكي لكايلي جينر وطفلتها، والعلامة السعودية «ديث باي دولز» Death by Dolls المفضلة لدى كل من ريتا أورا وبريتني سبيرز، من دون أن أنسى أسماء مهمة مثل مايكل تشينكو وأماتو.
خديجة البستكي، التي ربطت شراكة مع مجلس الأزياء العربي منذ سنة تقريباً، تعترف بأنها لم تتردد في الأمر «لأن الرؤية كانت واحدة، تتمثل في جعل دبي مركزاً عالمياً للإبداع. إضافة إلى أن أسبوع الموضة العربي أكد استمراريته بالنظر إلى أننا نتابع الآن نسخته الـ21». تتابع: «إذا كانت العروض التي تابعناها هذا الأسبوع هي المقياس، فإن المستقبل مُطمئن ومُبشَر في الوقت ذاته».
مكمن قوته، حسب مؤسسه جاكوب أبريان، نجاحه في ربط شراكات مع جهات مهمة مثل فيدرالية الهوت كوتور الفرنسية. بهذا تمكَن من فتح المجال أمام مصممين شباب من الشرق والغرب للتعرف على أعمال بعضهم البعض أولاً والتعاون ثانياً.
ما يُحسب لجاكوب أبريان أنه واكب الكثير من تطورات الموضة في المنطقة. فهم سريعاً أن تقديم عروض لخدمة جانبي الترفيه والإبداع وحدهما لا يكفيان. لا بد أن ترافقهما حركة بيع وشراء لضمان استمراريته. من هذا المنظور اجتهد في استقطاب مشترين وربط شراكات عالمية مهمة. بالنسبة له يجب أن «يكون أسبوع الموضة العربي منصة يستطيع من خلالها المصمم استعراض قدراته ومواهبه، وفي الوقت ذاته جذب الاستثمار والدعم». يتذكر كيف كان الأمر في البدايات «منذ سبع سنوات تقريباً، لم يكن المصمم المحلي قادراً على جذب الاهتمام لوحده. كان من الضروري دعوة مصممين من أمثال جون بول غوتييه وأيريس فان هيربن وأنطونيو ماراس وماركيزا وبلومارين وموسكينو لإضفاء عنصر الإبهار عليه. بل وجذب الحضور. مع الوقت لم تعد هناك حاجة لذلك، بعد أن أصبح لمصممين بأسماء عربية مكانة كفيلة بإنجاحه. فهذه الأسماء المحلية تفهم ثقافة المنطقة جيداً، الأمر الذي يساعدها على الإمساك بكل خيوطها لتنسج منها حكايتها بلغتها.


مقالات ذات صلة

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة النجمة المصرية نيللي كريم كما ظهرت في عرض هنيدة الصيرفي (هيئة الأزياء)

الرياض... لقاء الثقافة والأناقة

غالبية العروض في الدورة الثانية من أسبوع الرياض منحتنا درساً ممتعاً في كيف يمكن أن تتمازج الثقافة والهوية بروح الشباب التواقة للاختلاف وفرض الذات.

جميلة حلفيشي (لندن)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
TT

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها. بيوت الأزياء الكبيرة هي الأخرى تتسابق على حجز مكان رئيسي لها على هذه الواجهات لتسليط الضوء عليها وعلى إبداعاتها. فما لا يختلف عليه اثنان أن هذه الواجهات والزينة، بما في ذلك الأنوار التي تُزين الشوارع والساحات، تعد نقطة جذب سياحي تعتمد عليه لندن كل سنة. عادةً ما تبدأ الحجوزات قبل فترة طويلة.

وبما أن محلات «هارودز» معلمة ووجهة سياحية، فإن فرصة العرض فيها لا تقدر بثمن، وبالتالي فهي لا تمنح الفرصة لأيٍّ كان لاحتلال واجهاتها. لكنَّ «لورو بيانا» ليست أياً كان؛ فهي من أهم بيوت الأزياء العالمية حالياً. تصاميمها المترفة تجذب النظر وتحفز حركة البيع في الوقت ذاته، بدليل أنها من بين بيوت أزياء تعد على أصابع اليد الواحدة لا تزال تحقق الأرباح رغم الأزمة التي ألمَت بكثير من الأسماء الشهيرة.

احتلت «لورو بيانا» كل واجهات محلات «هارودز» بمناسبة الأعياد والاحتفالات (لورو بيانا)

هذا العام، أُتيحت لها الفرصة لتجعل 36 نافذة عرض في «هارودز» ملكها الخاص. لم يكن الأمر سهلاً. بدأت العمل عليه منذ أكثر من عام تقريباً ليأتي بصورة تسلط الضوء على تاريخها وإرثها وأيضاً مهارات حرفييها بشكل جيد، وهو ما مثَّلته «ورشة العجائب» Workshop of Wonders. فكرتُها استعراضُ خبراتهم في غزْل الصوف وأساليبهن الخاصة في المزج بين الحرفية والفن. هنا سيستمتع الناظر بقصة تُسرد من زاوية مدهشة تتبع رحلتهم، من المراعي و طرق عيش الخرفان والغزلان الخرفان وكيفية الحصول على المواد الخام وصولاً إلى المنتج النهائي.

ورشة العجائب

تتميز بديكورات متحرّكة ميكانيكية تُجسّد فكرة مسرح الدمى من خلال الآليات التي تحركها وراء الكواليس. أغلبها من الخشب لتعزيز الطابع اليدوي التقليدي. فهذه الورشة تعكس فكرة مفادها أنّ الطبيعة نفسها ورشة من الجمال والتفرد والكمال.

الجنود المجهولون أو الحرفيون أخذوا نصيبهم من الاحتفال باستعراض مهاراتهم أمام الضيوف (لورو بيانا)

تأتي التصاميم هنا مستوحاة من روح عشرينات القرن الماضي، وهي الحقبة التي أبصرت فيها الدار النور، ممّا يعزز الشعور بالعراقة من خلال استخدام القوام الخشبي والألوان الدافئة الممزوجة بلمسات من الذهب المطفي. تملأ المشهد، دمى مرسومة ومحاطة بسحب من الصوف المنسوج يدوياً. هنا أيضاً يُكشف الستار عن مجتمعات الحرفيين الماهرين Masters of Fibers والأماكن الساحرة حول العالم، حيث يعيش الماعز، والألباكا، وحيوان الأيل، والغزال. هنا كل شيء يتأرجح بين الواقع والخيال،

وخلال هذه الفترة، ستفتتح الدار متجرَين جديدَين في «هارودز»؛ الأوّل مخصّص لأزياء الصغار، والآخر للديكور المنزلي، إلى جانب منتجات وتصاميم حصرية تحتفي بتاريخ الدار وبموسم الأعياد.

الواجهة والنوافذ

الجميل في تصميم الواجهات أن التركيز لم يقتصر على عرض تصاميمها بشكل يُغري المتسوقين، بقدر ما جرى التركيز على أخذهم في رحلة ممتعة إلى أماكن بعيدة، لتُعرفهم من أين تُستورد الألياف النادرة قبل أن تتحول إلى رزمٍ قطنية ثم إلى أقمشة فاخرة، يُزيِن بعضها شجرة عيد ميلاد بارتفاع 17 متراً .

... وطبعاً لا تكتمل الإطلالات من دون حقائب تعكس اهتمام الدار بالتفاصيل (لورو بيانا)

صُممت كل نافذة بدقة لتحاكي تحفة فنية تروي مرحلة من تاريخ «لورو بيانا» وقصةً نجمُها الرئيسي أليافٌ وأنسجة خفيفة على شكل رزم تتحرك على حزام ناقل، لتتحوّل إلى قماش من خلال آلية مذهلة، وفي النهاية تتّخذ شكل شجرة عيد ميلاد بطول 17 متراً مزينة بالأقمشة وحلة العيد الفريدة.

نوافذ أخرى، تسرد فصولاً تتناول مواقع ومجتمعات «الحرفيين الماهرين» Masters of Fibers من منغوليا وأستراليا وجبال الأنديز وما بعدها، وصولاً إلى إيطاليا حيث يتم تحويل الألياف والمواد الخام إلى قطع لا تقدر بثمن.

منها ما يحكي قصص صوف الفيكونيا، ونسيج بيبي كشمير، وصوف الملوك وقماش «بيكورا نيراPecora Nera® وغيرها. النوافذ المخصّصة لـصوف الملوك مثلا تركز على عملية البحث عن أفضل المراعي الخضراء لخراف المارينو، وهي عملية تعود بنا إلى أواخر القرن الثامن عشر، حين وصل القبطان جيمز كوك إلى نيوزيلندا وأستراليا، حاملاً معه خراف المارينو لأول مرة. لدهشة الجميع، وجدت هذه الخراف مكانها المثالي، حيث حظيت بعناية مكثفة على يد المربّين المحليين ومنحتهم هذه الخراف بدورها أجود أنواع الصوف في العالم. أمّا نافذة Pecora Nera® فتروي رؤية وإبداع المزارعة النيوزيلندية فيونا غاردنر التي ركّزت على الخراف ذات اللون الداكن تحديداً. صوفها الثمين يتحوّل إلى ألياف طبيعية لا تحتاج إلى صبغات.

قطع حصرية لـ«هارودز»

احتفالاً بالذكرى المئوية للدار وأسلوبها المتميز بالفخامة الهادئة، تم طرح مجموعة جاهزة للرجال والنساء، حصرياً في «هارودز». كان من الطبيعي أن تستمد إيحاءاتها من الأناقة البريطانية الكلاسيكية مطعَّمة بلمسات مستوحاة من الفروسية وأنماط المربعات، إضافةً إلى اللون الأخضر الأيقوني الخاص بـ«هارودز» و ألوان أخرى مستوحاة من أجواء العيد، مثل الأحمر والأبيض.

لم تستسهل «لورو بيانا» عملية تزيين 36 نافذة وكانت النتيجة مرآة لتاريخها وإرثها (لورو بيانا)

الإطلالات المسائية للمرأة في المقابل تتميز بفساتين طويلة من الحرير المطرّز يدوياً وفساتين محبوكة بقصات عمودية، إلى جانب قمصان ناعمة مصنوعة هي الأخرى من الحرير تم تنسيقها مع سراويل واسعة بسيطة بعيدة عن التكلّف. تضيف أحذية الباليه المسطحة المصنوعة من المخمل الأسود، والصنادل ذات الكعب العالي المطرزة بزهور الشوك الذهبية، لمسة نهائية راقية.

من جهته يتألق رجل «لورو بيانا» في كل المناسبات الرسمية والاحتفالات الموسمية، بفضل التشكيلة الواسعة من البدلات الرسمية.

متجران مؤقتان

سيجد زائر «هارودز» كل ما يطمح إليه من أزياء أو إكسسوارات مصنوعة من أجود أنواع الألياف (لورو بيانا)

بهذه المناسبة خصصت الدار متجرَين مؤقّتَين من وحي الأعياد. الأول في الباب 6، ويشمل عناصر مستوحاة من ورش العمل والأقمشة المطرّزة. تتوسطه طاولة عمل من الجلد مضاءة بمصباح علوي، بالإضافة إلى عجلة صناعية كبيرة تعرض المنتجات الجلدية والإكسسوارات. يمكن للزوّار هنا العثور على تشكيلة حصرية من ربطات العنق والقبّعات المصنوعة من الكشمير الفاخر للأطفال، والصوف، وقماش التويل الحريري بألوان هادئة أو مزيّنة بزخارف تحمل رموز الدب وزهرة الشوك وغيرها. أما للمنزل، فتتوفر تماثيل خشبية للماعز والألباكا، بالإضافة إلى نسخ محشوة منها على قواعد خشبية. وقد جرى تخصيص زاوية خاصة لإدخال اللمسات الشخصية على وشاح Grande Unita الأيقوني، حيث يمكن للعملاء تطريز الأحرف الأولى من أسمائهم.

استلهمت الدار الإيطالية كثيراً من التصاميم من الأجواء البريطانية العريقة... من الأشكال والقطع إلى الألوان (لورو بيانا)

أما المتجر الثاني بباب 9، فخُصّص لفنّ تقديم الهدايا وتجربة حصرية يمكن حجزها لمزيد من المتعة. تبدأ بتعريف الضيوف بعالم الحرف اليدوية، من خلال أشجار الأعياد المغلّفة بالصوف والكشمير، وحيوانات محشوة على شكل الماعز، والألباكا، وحيوان الأيل، والغزال، بالإضافة إلى رؤوس أقلام على شكل حيوانات. وتتجلّى بهجة موسم الأعياد في كرة الثلج المصنوعة من الخشب والزجاج التي تضم ماعز الكشمير محاطاً بحبّات الثلج المتطايرة. يستضيف هذا المتجر أيضاً ورشة عمل تُتيح للضيوف اختبار مهاراتهم في الحرف اليدوية أو تعلّم كيفية صنع زينة العيد وتغليف نماذج خشبية بالصوف.

تستمر فعاليّات Workshop of Wonders حتّى الثاني من يناير (كانون الثاني) 2025، وتُشكّل جزءاً مهماً وأساسياً من احتفالات الدار بعيدها المئة حول العالم، وبذكرى تأسيسها عام 1924 على يد بييترو لورو بيانا.