المعارضة السودانية ترحب بقبول الجيش مقترح دستور المحامين

تحالف «الحرية والتغيير» يقدم رؤيته للعملية السياسية

رئيس مجلس السيادة السوداني (أ.ب)
رئيس مجلس السيادة السوداني (أ.ب)
TT

المعارضة السودانية ترحب بقبول الجيش مقترح دستور المحامين

رئيس مجلس السيادة السوداني (أ.ب)
رئيس مجلس السيادة السوداني (أ.ب)

أنهى تحالف المعارضة السوداني «الحرية والتغيير» الجدل الذي ساد الساحة السياسية خلال الأيام الماضية، المتعلق بالوصول إلى تسوية سياسية بين المدنيين والعسكريين، بطرح رؤيته للعملية السياسية، وتتضمن تشكيل سلطة مدنية كاملة على مستويات رئاسة الدولة والوزراء والمجلس التشريعي (البرلمان).
وقال خالد عمر يوسف، عضو المكتب التنفيذي لتحالف «الحرية والتغيير» ووزير شؤون مجلس الوزراء في حكومة عبد الله حمدوك، في مؤتمر صحافي، أمس، إن المجلس المركزي للتحالف استند على «إعلان المؤسسة العسكرية قبول مشروع الدستور الانتقالي الذي أعدته نقابة المحامين، والخروج من العملية السياسية، وتكوين جيش وطني موحد، وتشكيل مجلس للأمن والدفاع يترأسه رئيس وزراء مدني تختاره قوى الثورة». وأوضح يوسف، الذي كان يتحدث للصحافيين من مقر «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، أن الرؤية التي وضعها تحالفه، ووزّعها على الصحافيين قبيل بدء المؤتمر الصحافي، تتضمن قضية العدالة الانتقالية وتفكيك نظام الرئيس المعزول عمر البشير الذي حكم البلاد لمدة 3 عقود.
واشترط يوسف لقبول أي حل سياسي اقترابه من تصور «(الحرية والتغيير) للترتيبات الدستورية التي تكمل مهام الثورة. وأُطرنا أن المكون العسكري قبل الدستور الانتقالي لنقابة المحامين أساساً لترتيبات نقل السلطة للمدنيين، ما نعده مؤشراً إيجابياً لأننا شاركنا في صناعته... فهو أساس جيد لترتيبات الوضع الانتقالي. وعليه فقد كوّنت (قوى الحرية والتغيير) لجنة اتصال مصغرة، أجرت اتصالات غير رسمية مع اللجنة الدولية الرباعية، والآلية الدولية الثلاثية، والمكون العسكري، لتعرف ما يعني قبولهم للدستور الانتقالي كأساس لمرحلة الانتقال».
وتابع يوسف: «ما وردنا أنهم يقبلون فعلاً بالخروج من الحياة السياسية، وفقاً لما أتى به الدستور الانتقالي المقترح»، الذي ينص على أن تكون هياكل السلطة كلها مدنية على المستويات السيادية والتنفيذية والتشريعية، وتكوين «مجلس الأمن والدفاع برئاسة رئيس الوزراء»، والتزام القوات المسلحة والقوات العسكرية بالمهام المنصوص عليها في الدستور والقانون. وأضاف يوسف «هذا يمكن أن نطلق عليه الإشارة الإيجابية التي يمكن أن نلتقطها وأن نبدأ البناء عليها بالنقاش الجدي».
وأوضح يوسف أن رؤية تحالفه تتمسك باتفاقية سلام جوبا الموقعة مع الحركات المسلحة، وكفالة كافة الحقوق التي منحها لأطرافه، مع مراجعتها بالتوافق مع الأطراف الموقعة، بغض النظر عن الخلاف السياسي بين التحالف وقادة تلك الحركات على دعمها لإجراءات الجيش في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021. وأضاف أن «حركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاق السلام تعتبر جزءاً رئيسياً من قوى الثورة، وهي تحظى باحترامنا رغم التباينات التي تفرقنا في بعض القضايا».
وقال يوسف إن الرؤية التي يقدمها تحالفه تتضمن ما أطلق عليه «أسس ومبادئ الحل السياسي المفضي لإنهاء الوضع الحالي»، نافياً أن تكون «حلاً ثنائياً»، وأضاف أن «ما يشاع بكثافة أن تحالف الحرية والتغيير يريد حلاً ثنائياً، لا أساس له من الصحة، وأن أي حل سياسي يجب أن يتسم بصفة الشمول ويؤدي إلى تحقيق غايات الثورة». وقسّم يوسف القوى في الساحة السياسية إلى ما أطلق عليه «قوى الثورة، وهي تتكون من تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، ولجان المقاومة، والقوى السياسية الأخرى، وقوى الكفاح المسلح، ومنظمات المجتمع المدني وتجمعات المهنيين»، وهي القوى التي ناهضت النظام السابق.
وأضاف: «لقوى الثورة الدور الأهم خلال الترتيبات الانتقالية، وأن تقود المرحلة الانتقالية، وتختار رئيس الوزراء ورأس الدولة». أما من أطلق عليها «قوى الانتقال» فهي القوى التي كانت لها ارتباطات شمولية سابقة، أو شاركت في النظام السابق قبل سقوطه، لكنها تناهض إجراءات الجيش في 25 أكتوبر 2021 و«أعلنت التزامها بقضايا الثورة جملة وتفصيلاً»، فلها الحق في المشاركة في عملية الانتقال من خلال المجالس التشريعية، أما الذين دعموا تلك الإجراءات ولا يزالون يدعمونها، فلا مكان لهم في الترتيبات الانتقالية.
وتناولت الرؤية، وفقاً ليوسف، أولوية معالجة الأزمة المعيشية، وتتطلب أن تتولى وزارة المالية مسؤولية المال العام، وتمنع «التجنيب والتهريب»، وأن المعالجة لهذه الأزمة مرتبطة ارتبطاً وثيقاً بـ«تفكيك بنية نظام 30 يونيو (حزيران) 1989» لسيطرته على مفاصل الاقتصاد، وتطوير مناهج تفكيكه.
وحدد رؤية «الحرية والتغيير» فترة انتقالية مدتها 24 شهراً، تعقبها انتخابات حرة ونزيهة، يتم الإعداد لها بخلق الاستقرار وعودة النازحين واللاجئين، وتفكيك سيطرة رموز النظام السابق على مفاصل اقتصاد البلاد. ونفى يوسف بشدة وجود أي اتفاق بين تحالفه والعسكريين في الوقت الراهن، وقال إن كل ما يثار من ضجة حالياً، وكان مصدراً للأخبار، أن تحالفه أبلغ بقبول «المكون العسكري» لمشروع الدستور المقدم من اللجنة التسييرية للنقابة كأساس لنقل السلطة للمدنيين.
وأوضح يوسف أن كلاً من قائد القوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) أعلنا في تصريحات متعددة التزامهما بتسليم السلطة للمدنيين والخروج خارج العملية السياسية. وأضاف: «بالنسبة لـ(الحرية والتغيير) مطلبنا ومطلب الشعب هو خروج المؤسسة العسكرية من السياسة... ونقل السلطة للمدنيين والاتفاق على ترتيبات دستورية انتقالية تضمن استكمال مهام ثورة ديسمبر (كانون الأول)».
وأعدت مؤسسات التحالف صياغة رؤية سياسية مقدمة للرأي العام والقوى الديمقراطية والشريكة في الدستور الانتقالي، للوصول لرؤية تفصيلية لترتيبات نقل السلطة لمدنيين، وقال يوسف: «نؤكد أن (الحرية والتغيير) لن تذهب في حل منفرد»، وأكد أن تحالف الحرية والتغيير في «أقوى حالاته» ولا توجد انقسامات داخله، قائلاً: «التباين داخل جسم واسع مثل (الحرية والتغيير) يعد مصدر قوة وتماسك».


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

وفاة أكثر من 73 شخصاً في ولاية الجزيرة بالسودان بسبب تفاقم الوضع الصحي

سودانيون فارون من ولاية الجزيرة يصلون إلى منطقة قريبة من مدينة القضارف شرق البلاد في 2 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
سودانيون فارون من ولاية الجزيرة يصلون إلى منطقة قريبة من مدينة القضارف شرق البلاد في 2 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

وفاة أكثر من 73 شخصاً في ولاية الجزيرة بالسودان بسبب تفاقم الوضع الصحي

سودانيون فارون من ولاية الجزيرة يصلون إلى منطقة قريبة من مدينة القضارف شرق البلاد في 2 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
سودانيون فارون من ولاية الجزيرة يصلون إلى منطقة قريبة من مدينة القضارف شرق البلاد في 2 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

قالت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان إن أكثر من 73 شخصاً لاقوا حتفهم في مدينة الهلالية ومناطق مجاورة بولاية الجزيرة بسبب تفاقم الوضع الصحي.

وجاء في بيان للجنة، اليوم (الأربعاء): «تواجه مناطق شرق الجزيرة في السودان كارثة إنسانية متفاقمة، نتيجة لهجمات عنيفة ومستمرة تشنها ميليشيا (الدعم السريع)».

وتابعت: «يعاني مستشفى الصباغ الريفي، الذي يعد المحطة الرئيسية لتقديم الرعاية الطبية للنازحين، من تدفق هائل للمرضى يفوق طاقته الاستيعابية، ويعاني من نقص حاد في الكوادر الطبية والأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية».

وأضافت: «يعيش النازحون في مدينة حلفا الجديدة وقراها في أوضاع مأساوية، حيث ينامون في العراء دون مأوى أو أغطية، ويفتقرون إلى مصادر مياه شرب نظيفة».

وطالبت اللجنة المجتمع الإقليمي والدولي «بالتدخل الفوري لوقف هذه المأساة الإنسانية».

وتصاعد العنف في ولاية الجزيرة بشرق السودان في الأسابيع الأخيرة، وقالت الأمم المتحدة إن نحو 135 ألف شخص نزحوا منها إلى ولايات أخرى.

وأدت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» التي اندلعت في أبريل (نيسان) 2023 إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد، بالإضافة إلى نزوح الملايين.