تساقط شبكات تهريب البشر في تونس

توفر تذاكر سفر للمهاجرين إلى صربيا وتركيا ونقلهم إلى أوروبا

متعلقات لمهاجرين من أفريقيا بعد تحطم المركب الذي كان يحملهم قبالة جزيرة كيثيرا جنوب اليونان (أ.ب)
متعلقات لمهاجرين من أفريقيا بعد تحطم المركب الذي كان يحملهم قبالة جزيرة كيثيرا جنوب اليونان (أ.ب)
TT

تساقط شبكات تهريب البشر في تونس

متعلقات لمهاجرين من أفريقيا بعد تحطم المركب الذي كان يحملهم قبالة جزيرة كيثيرا جنوب اليونان (أ.ب)
متعلقات لمهاجرين من أفريقيا بعد تحطم المركب الذي كان يحملهم قبالة جزيرة كيثيرا جنوب اليونان (أ.ب)

يبدو أن المشروع الذي أطلقه الاتحاد الأوروبي ومكتب الأمم المتحدة الإقليمي المعنيّ بمكافحة المخدرات والجريمة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدعم دول شمال أفريقيا، قبل 3 سنوات، لم يؤتِ ثماره بشكل مأمول بتفكيك شبكات تهريب المهاجرين والاتجار، وعلى الرغم أن مسؤولاً أمنياً في تونس كشف عن تفكيك شبكات لتهريب البشر إلى دول الاتحاد الأوروبي عبر رحلات منظمة إلى دولتيْ تركيا وصربيا. جهات حقوقية تؤكد أن عدد المهاجرين يرتفع بشكل كبير إلى أوروبا. وفيما ذكر المتحدث باسم الحرس الوطني حسام الجبابلي أن التحقيقات أفضت إلى ضبط 4 شبكات ووكالتيْ سفر تقوم بتوفير تذاكر السفر والإقامة وتسهيل عمليات العبور إلى تركيا وصربيا؛ ومنها إلى دول الاتحاد الأوروبي. وأكد الجبابلي توقيف 14 شخصاً، وإدراج تونسيين وأجانب بالتفتيش، ومباشرة قضايا ضدّهم بتهمة «تكوين شبكة إجرامية بغاية التسفير والاتّجار بالبشر وتهريب المهاجرين وغسل الأموال».
وكشف الجبابلي عن ضبط مبالغ مالية و3 وحدات إعلامية وحاسوب وطباعة وجوازات سفر وحجوزات لرحلات جوية ونزل في دولة صربيا وصور لوصولات وحوالات بريدية جرى إرسالها من طرف الراغبين في السفر وكمية من السجائر الأجنبية المهرَّبة.
وزادت وتيرة المهاجرين غير الشرعيين إلى دول أوروبا، خلال الـ10 سنوات الماضية، لتطلق مشروعاً، بالتعاون مع الأمم المتحدة ودول الساحل الشمالي لأفريقيا؛ لتفكيك الشبكات الإجرامية المنظمة المتورطة في تهريب المهاجرين والاتجار بالأشخاص، وذلك عبر تحسين قدرات الضباط والسلطات المعنية على كشف واعتراض الشبكات الإجرامية، وتعزيز قدراتهم بالتحقيق في قضايا تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر، وبناء مهارات ومعارف لإنفاذ القانون.
إلا أن بعض الجهات الحقوقية في تونس اعتبرت الإعلان عن تفكيك تلك الشبكات في تونس يكشف أن العمليات لم تعد سرّية، بل مفضوحة بعد تحركات الجهات الأمنية، إذ أطلق الرئيس التونسي قيس سعيد تفاعلاً مع ملف الهجرة غير الشرعية، بعد الاحتقان الشعبي الذي عرفته مدينة جرجيس (جنوب شرقي تونس)، إثر فقدان18 شخصاً من أبنائها وفقدان عمليات التواصل معهم منذ يوم21 سبتمبر (يلول) الماضي، ليعلن سعيد أنه «يستوجب أولاً معالجة الأسباب الاقتصادية والاجتماعية من أجل القضاء على ظاهرة الهجرة غير النظامية، قبل الاعتماد على المقاربة الأمنية فقط».
ويضيف أن «البحر تحوَّل إلى أداة للخروج من تونس بسبب عوامل داخلية وخارجية»، مؤكداً أن ظاهرة الهجرة غير النظامية أصبحت لا تستثني أياً من الفئات الاجتماعية؛ إذ تستقطب الأطفال والعائلات على حد السواء، داعياً إلى التصدي لظاهرة الهجرة غير النظامية بصفة عامة، وحماية السواحل البحرية التونسية، لافتاً إلى بروز آليات وأدوات جديدة مستخدمة في الهجرة غير النظامية في السنوات الأخيرة. ووسط هذه التصريحات فإن عدة منظمات حقوقية تونسية؛ من بينها الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، يستبعدان أن تتوصل الحلول الأمنية إلى حل معضلة الهجرة غير الشرعية.
وكشف رمضان بن عمر، المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، عن دخول نحو 15 ألف مهاجر تونسي، هذا العام، إلى أوروبا، وذلك عبر تركيا وصربيا، ومثلهم وصلوا إلى السواحل الإيطالية في رحلات سرّية عبر البحر، وهو ما يؤكد أن مسلك تركيا - صربيا بات منافساً كبيراً لمسار الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عبر البوابة الإيطالية. كما أكد مصطفى عبد الكبير، رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، فقدان نحو 500 تونسي، منذ بداية هذا العالم، مطالباً بإيجاد خطة وطنية يشارك فيها الحرس البحري والبحارة والمنظمات وجميع الأطراف لوضع خطة للإنقاذ في حالات فشل عمليات الهجرة، مؤكداً تسجيل مآسٍ في الهجرة البرية عبر صربيا وتركيا، خاصة أن الهجرة غير النظامية كثيرة في ظل الأوضاع الاجتماعية الصعبة في تونس أو غيرها من الدول الأفريقية الأخرى.


مقالات ذات صلة

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

العالم العربي القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

كشفت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» عن سلسلة اتصالات، ستجريها القاهرة مع السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب و«الجيش الوطني»، لإطلاع المعنيين فيهما على نتائج زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا أخيراً. وأدرجت المصادر هذه الاتصالات «في إطار التنسيق والتشاور بين السلطات المصرية والسلطات في المنطقة الشرقية». ولم تحدد المصادر توقيت هذه الاتصالات، لكنها أوضحت أنها تشمل زيارة متوقعة إلى القاهرة، سيقوم بها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني». وكان خالد المشري رئيس المجلس الأعلى الدولة الليبي، ناقش مساء السبت مع وزير الخارجية ا

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

أعلنت الحكومة الجزائرية عن «خطة عاجلة» لوقف نزيف الأطباء الذين يهاجرون بكثرة، كل عام، إلى أوروبا وبخاصة فرنسا، بحثاً عن أجور عالية وعن ظروف جيدة لممارسة المهنة. وتفيد إحصاءات «مجلس أخلاقيات الطب»، بأن 15 ألف طبيب يشتغلون في المصحات الفرنسية حالياً، وقد درسوا الطب في مختلف التخصصات في الجزائر. ونزل موضوع «نزيف الأطباء» إلى البرلمان، من خلال مساءلة لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد الحق سايحي، حول ما إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لهذه المشكلة التي تتعاظم من سنة لأخرى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

يبدأ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم زيارة إلى تونس تستمر حتى الأربعاء بدعوة من نظيره التونسي نبيل عمار، لإعلان استكمال المراحل المؤدية إلى إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في كثير من الملفات الشائكة والعالقة على رأسها ملف الإرهاب، واستقبال الساحة السورية لآلاف من الشباب التونسيين المنضوين في صفوف التنظيمات الإرهابية. وأوردت مختلف وسائل الإعلام التونسي أخباراً حول الزيارة، وبقراءات عدة، من بينها التأكيد على أنها «ترجمة للتوازنات الجيوسياسية الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، ومن بينها السعي نحو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية». وكانت مؤسسة الرئاسة التونسية صورت عودة ا

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

دعت «الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب» -أحد ممثلي ناشري الصحف في البلاد- أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إلى إسقاط مشروع قانون صادقت عليه الحكومة، يقضي بإنشاء لجنة مؤقتة لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» المنتهية ولايته، بدل إجراء انتخابات. وجاءت هذه الدعوة في وقت ينتظر فيه أن يشرع مجلس النواب في مناقشة المشروع قريباً. وذكر بيان لـ«الفيدرالية» مساء السبت، أنه تلقى «بارتياح، التصدي القوي والتلقائي لهذا المشروع من طرف الرأي العام المهني، والمجتمع المدني، وفاعلين جمعويين وسياسيين، وشخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة»، معتبراً: «إن هذا الموضوع لا يهم باستهداف منظمات مهن

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم العربي باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، إنه باقٍ في منصبه «إلى أن تتفق الأطراف الليبية كافة على قوانين انتخابية يُرحب بها دولياً، والبدء في الإعلان عن مواعيد محددة للاستحقاق الانتخابي...

جاكلين زاهر (القاهرة)

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.