حملت أمس 20 منظمة وجمعية حقوقية تونسية سلطات البلاد مسؤولية تزايد ضحايا «قوارب الموت»، ونددت بـ«سياسات الدولة وأجهزتها التي لم تراع واجباتها تجاه مواطنيها، ولا معاناة أهالي المفقودين وأهالي جرجيس»، وذلك على إثر فاجعة غرق مركب هجرة غير نظامية منذ 21 سبتمبر (أيلول) الماضي، داعية إلى وقفة تضامنية مع ضحايا فاجعة جرجيس (جنوب شرقي)، وكل ضحايا الهجرة غير النظامية. كما حملت هذه المنظمات السلطات التونسية مسؤولية غياب استراتيجية وطنية للهجرة، تكون قادرة على دمج المهاجرين وضمان لحقوقهم. ومن جانبه، هدد الاتحاد المحلي للشغل (نقابة العمال) بشن إضراب عام عن العمل وطالب بتنحية والي مدنين بسبب فشل السلطات الجهوية في التفاعل مع هذا الملف الاجتماعي المعقد.
وتزامنت هذه التطورات مع انتشال قوات خفر السواحل التونسية 11 جثة متحللة لمهاجرين غير قانونيين قبالة سواحل محافظة المهدية بوسط شرق البلاد، على ما أفاد متحدث رسمي أول من أمس. وقال الناطق الرسمي باسم خفر السواحل، حسام الدين الجبابلي، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه تم جمع عينات من الجثث للقيام بعمليات تحليل الحمض النووي من قبل الطب الشرعي.
والأربعاء تظاهر المئات من سكان مدينة جرجيس (جنوب شرق) لمطالبة السلطات بالبحث عن المهاجرين المفقودين، ونددوا أيضاً بدفن تونسيين في مقابر مهاجرين، في وقت تعرف فيه الشواطئ التونسية عودة قوية لظاهرة الهجرة بشكل غير قانوني من تونس إلى تركيا، ثم صربيا ومنها إلى دول أوروبية. لكن السلطات التونسية تجد صعوبات في عمليات اعتراض المهاجرين، أو إنقاذهم بسبب نقص المعدات.
ومع تحسن الأحوال الجوية في تونس تتزايد وتيرة محاولات الهجرة غير النظامية انطلاقاً من السواحل التونسية والليبية نحو إيطاليا وتنتهي أحياناً بحوادث غرق.
وفيما أعلنت وزارة الدفاع التونسية الثلاثاء أنها أنقذت نحو مائتي مهاجر نهاية الأسبوع الماضي، غالبيتهم من التونسيين، كشفت أحدث الأرقام الرسمية اعتراض أكثر من 22500 مهاجر قبالة السواحل التونسية منذ بداية العام الحالي، وموت 12 تونسياً إثر غرق مركبهم قبالة السواحل الشرقية للبلاد، مطلع سبتمبر الماضي
في غضون ذلك، اندلعت مواجهة غير مباشرة بين الرئاسة التونسية وحركة النهضة، بزعامة راشد الغنوشي، وذلك بعد أن رفض كمال بن عمارة، رئيس بلدية مدينة بنزرت المنتمي لحركة النهضة، طلب سمير عبد اللاوي، والي بنزرت الذي عينه الرئيس قيس سعيد بتزيين المدينة، انتظاراً لزيارة رئاسية احتفالاً بذكرى جلاء المستعمر الفرنسي، حيث أعلن بن عمارة رفض الأهالي تزيين المدينة استعداداً لاستقبال الرئيس سعيد في عيد الجلاء (15 أكتوبر (تشرين الأول) من كل سنة). وتجاوز الخلاف بين الطرفين حدود المراسلات العلنية، التي قاما بنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، ليخلف حالة من الجدل السياسي حول مدى قانونية الموقف، الذي اتخذه كل طرف من الطرفين.
وفي تبريره لرفض الطلب، قال رئيس بلدية بنزرت إن سكان المدينة رفضوا صرف أموال بمناسبة هذه الذكرى الوطنية بسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه تونس، معتبراً أن من مهام البلدية الإصغاء للسكان والاستجابة لمطالبهم، وفق القانون المنظم لسير الجماعات المحلية (البلديات)، مؤكداً عدم تخصيص أي مصاريف لتزيين المدينة هذه السنة، بسبب ما اعتبره تعرض المدينة للتهميش، وأضاف بن عمارة أنه تلقى عريضة وقعها مجموعة من سكان المدينة يطالبون فيها رئيس الجمهورية بالاطلاع على «واقع المدينة دون مساحيق»، ودعا والي المنطقة إلى «مزيد من التعقل، وعدم اتخاذ أي إجراءات مخالفة للقانون، ومعارضة للمطالب المشروعة لأبناء بنزرت»، على حد تعبيره.
من جهة ثانية، طالب حراك (25 يوليو) المساند للرئيس سعيد بحل المجالس البلدية بعد اتهام عدد من أعضائها بالتورط في دعم مرشحين على حساب بقية المرشحين للانتخابات البرلمانية، التي ستجرى في 17 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل. واعتبر أن مسألة التعريف بالتوقيعات في مقر البلديات قد أحدثت لبساً كبيراً، خصوصاً بعد تسجيل تدخل بعض أعضاء المجالس البلدية وممثلين على المعتمدين والولاة لفائدة بعض المرشحين للبرلمان المقبل.
وفي هذا السياق، قال محمود بن مبروك، رئيس المكتب السياسي لحراك (25 يوليو) في مؤتمر صحافي إن العديد من المستشارين البلديين «أرهبوا الناخبين، وضغطوا عليهم للحصول على التزكيات الضرورية (400 تزكية لكل مترشح) لأطراف بعينها، فضلاً عن أن دفاتر التعريف بالتوقيعات يتم إخراجها من البلديات إلى منازل المستشارين البلديين، ويتم تضمين أسماء مزكين بعضهم في عداد الأموات»، على حد تعبيره.
حقوقيون يحمّلون السلطات التونسية مسؤولية تزايد ضحايا «قوارب الموت»
حقوقيون يحمّلون السلطات التونسية مسؤولية تزايد ضحايا «قوارب الموت»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة