15 رسالة إلكترونية «مفقودة» تقض مضجع كلينتون مع اقتراب الانتخابات

لجنة التحقيق في هجوم بنغازي: السجل غير الكامل لخطابات الوزيرة السابقة يثير تساؤلات جدية

كلينتون تتحدث أمام المؤتمر السنوي للعمد الأميركيين في سان فرانسيسكو السبت الماضي (أ.ب)
كلينتون تتحدث أمام المؤتمر السنوي للعمد الأميركيين في سان فرانسيسكو السبت الماضي (أ.ب)
TT

15 رسالة إلكترونية «مفقودة» تقض مضجع كلينتون مع اقتراب الانتخابات

كلينتون تتحدث أمام المؤتمر السنوي للعمد الأميركيين في سان فرانسيسكو السبت الماضي (أ.ب)
كلينتون تتحدث أمام المؤتمر السنوي للعمد الأميركيين في سان فرانسيسكو السبت الماضي (أ.ب)

قالت وزارة الخارجية الأميركية إن هيلاري كلينتون لم تسلم الوزارة 15 رسالة على الأقل من بريدها الإلكتروني الشخصي ترجع إلى الفترة التي كانت فيها وزيرة للخارجية، وهو ما يقوض زعمها بأن الرسائل التي قدمتها وعددها 30 ألف رسالة هي السجل الكامل.
وعلمت وزارة الخارجية أن سجل البريد الإلكتروني ليس كاملا بعدما تلقى مشرعون أميركيون يحققون في الهجوم الذي شن في 2012 على البعثة الدبلوماسية الأميركية في بنغازي بليبيا بضع رسائل لم يكشف النقاب عنها في السابق من سيدني بلومنثال وهو صديق قديم ومستشار غير رسمي لكلينتون. وقال مسؤول بوزارة الخارجية في رسالة بالبريد الإلكتروني مساء أول من أمس «يوجد عدد محدود من 15 حالة لم نتمكن من تحديد كل محتواها أو أجزاء منه. موضوع تلك الرسائل الخمس عشرة غير مرتبط بهجمات 2012 في بنغازي».
يذكر أن غالبية العاملين الحكوميين مطالبون باستخدام البريد الإلكتروني الحكومي، وتعرضت كلينتون لانتقادات بأنها انتهكت قواعد حفظ السجلات والشفافية باستخدامها بريدها الشخصي في عملها عندما كانت وزيرة للخارجية. وقال تري غودي العضو الجمهوري بمجلس النواب ورئيس اللجنة التي تحقق في هجوم بنغازي أن السجل غير الكامل للبريد الإلكتروني لكلينتون «يثير تساؤلات جدية». وأضاف قائلا في بيان «هذا له آثار تتجاوز هجوم بنغازي بليبيا وعمل لجنتنا. هذا يظهر بصورة قاطعة أن إدارتها للبريد الإلكتروني بنفسها وهو ما دقق فيه محاموها فيما بعد نتج عنه سجل عام غير كامل». بدوره، قال بلومنثال إنه قدم إلى لجنة غودي في الكونغرس كل الوثائق التي كتبها حول ليبيا. وأضاف: «إذا كان هناك لغط حول محتويات، أو عدد، أو حفظ، أو عدم حفظ، وثائق بنغازي، فقد قدمت كل ما عندي عن هذا الموضوع». وكان غودي انتقد بلومنثال للمعلومات التي قدمها إلى كلينتون حول الهجوم على بنغازي. كما انتقد كلينتون لأنها أخفت بعض رسائل بلومنثال.
وأمس، نفى نيك ميريل، المتحدث باسم حملة كلينتون لانتخابات الرئاسة المقبلة، مجددًا تورط كلينتون في أي تلاعب بوثائق الخارجية، بما في ذلك وثائق الهجوم على بنغازي. وقال ميريل في بيان «قدمت الوزيرة كل ما عندها. قدمت أكثر من 55000 وثيقة من وثائق وزارة الخارجية عندما كانت وزيرة هناك، بما في ذلك الرسائل من السيد بلومنثال».
قبل شهرين، استدعت لجنة غودي الكونغرس بلومنثال، بعد أن نشرت مصادر تابعة للحزب الجمهوري بأن كلينتون كانت لديها معلومات مسبقة بشأن الهجوم، وأن بلومنثال له صلة بهذه المعلومات. وحينها، قالت وكالة «أسوشييتد برس» الإخبارية بأن لجنة غودي عندها «عدد من الأسئلة» تريد أن تسألها لبلومنثال، منها خطابات عن هجوم بنغازي أرسلها إلى كلينتون عندما كانت وزيرة للخارجية، بينما لم يكن هو موظفا في الخارجية، ومنها مقالة رأي كتبها ودافع فيه عن كلينتون. وأيضا، تبرعات أرسلها إلى مؤسسة كلينتون الخيرية.
يذكر أن رسائل بلومنثال عن هجوم بنغازي كانت أثارت العام الماضي ضجة عندما كشفها موقع «هاكرز» (قرصان الإنترنت). وتضمنت الرسائل تقارير استخباراتية عن الهجوم، مما يدل على أن بلومنثال كانت لديه معلومات عن الهجوم لم تكن متوفرة لأعضاء الكونغرس في ذلك الوقت. في وقت لاحق، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» رسائل من البريد الإلكتروني الخاص بكلينتون. وتوجد في بعض الرسائل إشارات إلى تقارير استخباراتية إلى مساعدين لها في وزارة الخارجية، كان بلومنثال واحدا منهم. وقالت الصحيفة بأن هذه الرسائل جزء من أكثر من 300 رسالة عن ليبيا سلمتها، قبل شهور قليلة، الخارجية الأميركية إلى لجنة غودي. وهي ليست الرسائل التي يعتقد أنها في مجموعة وثائق الخارجية الأميركية التي وضعتها كلينتون في حسابها الخاص في الإنترنت، والتي يدور جدل حولها في الوقت الحاضر لأن كلينتون قالت: إنها مسحت بعض الوثائق في بريدها الخاص لأنها كانت عن مواضيع شخصية وعائلية.
في نفس الوقت، انتقد أعضاء ديمقراطيون في الكونغرس تحقيقات غودي. ووصفوه بأنه «هجوم سياسي» على المرشَّحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة المقبلة.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.