آيات عرابي: أصعب تسعين دقيقة على الهواء مع يوسف شاهين

مذيعة الـ«إيه آر تي» تقول لـ «الشرق الأوسط» إن قطاعا عريضا من البشر ما زال يؤمن بالكلمة المطبوعة

آيات عرابي
آيات عرابي
TT

آيات عرابي: أصعب تسعين دقيقة على الهواء مع يوسف شاهين

آيات عرابي
آيات عرابي

الإعلامية آيات عرابي، مذيعة مصرية بدأت حياتها الإعلامية في القناة الثالثة بالتلفزيون المصري، قبل أن تنتقل للمشاركة في البرنامج الشهير «صباح الخير يا مصر» على القناة الفضائية المصرية، ومنه انطلقت للعالمية بعد أن هاجرت إلى الولايات المتحدة حيث تعمل في راديو وتلفزيون العرب (إيه آر تي)، وتهتم بتقديم البرامج الخاصة بالأسرة العربية في الولايات المتحدة، كما أنها صاحبة أول مجلة عربية نسائية في أميركا وهي مجلة «نون النسوة» التي حققت انتشارا معقولا بين العرب المقيمين بالولايات المتحدة وحصلت على جائزة الصحافة الأولى من حاكم ولاية نيوجيرسي كأحسن عمل صحافي. وحول تلك الرحلة الإعلامية، كان معها هذا الحوار.
* كيف بدأت حياتك المهنية كصحافية؟
- بدأت حياتي المهنية مذيعة في القناة الثالثة بالتلفزيون المصري ومقدمة برامج، ثم جرى انتدابي للعمل في قطاع الأخبار بالقناة الأولى لأقدم الركن الثقافي ببرنامج «صباح الخير يا مصر»، الذي كان - ولا يزال - أشهر البرامج، مع عدد من الزملاء، ثم قدمت برنامج «طلائع النصر» وكان من أقرب البرامج إلى نفسي، حيث كان يقدم من داخل القوات المسلحة المصرية لتصوير إنجازات الجيش بقواته المختلفة والوقوف على أحدث الأسلحة والتدريبات والمناورات.
* هل تذكرين مواقف صعبة في البدايات أو أثناء رحلتك الإعلامية؟ وهل أصبحت في لحظة معينة على يقين بأنك اخترت الوظيفة المناسبة؟
- بالطبع، مررت بمواقف صعبة، وخصوصا في التعامل مع سياسات التلفزيون المصري البيروقراطية، أو من خلال الهواء. وعلى سبيل المثال، أذكر لقاء من خلال الركن الثقافي مع المخرج يوسف شاهين، عقب فوزه بجائزة الإخراج السينمائي من مهرجان «كان»، وكان مقدرا للقاء 30 دقيقة، ولكن نظرا لعدد المكالمات الكثيرة، ومن ضمنها مكالمة من وزير الإعلام آنذاك صفوت الشريف، امتد اللقاء لما يزيد على ساعة ونصف الساعة، والذي صعب الموضوع أن المخرج يوسف شاهين كان ضعيف السمع وكنت اضطر إلى أن أتحدث بصوت عال أو أهمس له في أذنه، فكانت أصعب ساعة ونصف الساعة على الهواء. ولكني دائما كنت على قناعة بصحة اختياري، كما أن الإعلام ليس وظيفة إلا في الدول الشمولية. الإعلام رسالة تتضمن آلاف التفاصيل الصغيرة، ولكنها رسالة تثقيف وتوعية وصدق، ونقل للحقيقة كما هي، وليست زرعا لمفاهيم بعينها في رأس المشاهد.
* كيف تختارين برامجك وأعمالك الإعلامية؟
- بالنسبة لاختيار برامجي، فهذه كانت مشكلة عندما كنت أعمل في التلفزيون المصري، الذي تحد سياساته من قدرة الإعلامي على التجديد، لأنه يلزمك بخط معين ممنوع تخطيه ونوعية برامج واحدة. ولكن بشكل عام، عندما أتيحت لي الفرصة بعد هجرتي إلى أميركا وعملي في راديو وتلفزيون العرب (إيه آر تي) كنت أفضل اختيار البرامج الخاصة بالأسرة والمرأة، وحقوقها المهضومة في مجتمعاتنا، حيث اكتشفت أن كثيرا من المصريين والعرب قضية حرية المرأة بالنسبة إليهم ليست سوى مجموعة من الشعارات، يرفعونها من أجل الترفيه والتشدق بها في المجتمعات، بينما تعامل المرأة كجارية من العصور الوسطى.
* كيف نجحت في الجمع بين الصحافة والإعلام وكيف تفضين الاشتباك بينهما؟
- ليس هناك أي اشتباك في الحقيقة، فالإعلام هو ابن الصحافة، الفرق هو أن الاتصال بين الإعلام التلفزيوني وجمهوره يكاد يكون مباشرا، بينما الاتصال بين الصحافي وقرائه يكون عن طريق وسيط ورقي، ولكن ما زال قطاع عريض من البشر يؤمن بالكلمة المطبوعة، وتجربتي في «نون النسوة» خير شاهد على هذا، فالمجلة حققت انتشارا معقولا بين العرب المقيمين بالولايات المتحدة رغم انتشار وسائل الإعلام المرئية، بل وحصلت على جائزة الصحافة الأولى من حاكم ولاية نيوجيرسي كأحسن عمل صحافي، بل عدوا «نون النسوة» ثورة في عالم الصحافة المهجرية، حيث تعد المجلة الأولى للمرأة العربية في أميركا.
* بحكم وجودك بأميركا كيف تقيمين الإعلام العربي في تناوله القضايا؟ وإلى أي مدى يتواكب مع الغرب؟
- الإعلام العربي، بشكل عام، يسير في ركب حكوماته. والإعلام المصري يحتاج إلى تطهير حقيقي، ووضع منظومة جديدة من الألف إلى الياء، ووضع قوانين صارمة، وإعادة تفكير في معايير اختيار الإعلاميين وحمايتهم ماديا حتى في القنوات الخاصة، لأن ممولي القنوات هم من يحددون سياسة الإعلامي أو المذيع بأموالهم.
* من كان قدوتك في الإعلام؟
- في الإعلام العربي، الإعلامية الكبيرة ليلى رستم، وعلى المستوى الغربي كريستيان أمانبور.
* هل تذكرين أول عمل إعلامي أو قصة إعلامية قدمتها على الشاشة؟
- أول عمل إعلامي قدمته على الشاشة كان على شاشة القناة الثالثة، وكان برنامج «ريبورتاج» عن مشكلة القمامة في مدينة الخانكة بمحافظة القليوبية.
* من كاتبك المفضل محليا وعالميا؟
- نجيب محفوظ وفيكتور هوغو.
* ما الموقع الإلكتروني المفضل لديك؟
- موقع صحيفة «واشنطن بوست».
* ما عدد ساعات العمل خلال الأسبوع؟
- ليس هناك وقت محدد للعمل، فالإعلامي ليس موظفا يرتبط بساعات عمل.
* كيف توفقين بين ارتباطات عملك الإعلامي والمسؤوليات الأسرية؟
- هذه المسألة كانت تسبب مشاكل لي في مصر. أما اليوم، ونظرا لطبيعة الحياة هنا في أميركا، لم تعد مشكلة كما كانت في السابق.
* هل لديك فريق عمل خاص يساعدك في البرامج التلفزيونية؟
- في التلفزيون المصري، كان هناك فريق عمل بالطبع من موظفي التلفزيون المصري، وأحيانا كان لي الحرية في اختيار المعدين، أما في «إيه آر تي» فكنت أعد برامجي بنفسي.
* ما الشروط التي يجب توافرها في الصحافي للعمل معك؟
- المهنية ثم المهنية ثم المهنية، وبالطبع الانشغال بقضايا الوطن.
* هل من المهم في رأيك، وجود الصحافي المتخصص بتغطية أخبار معينة مثل أن تكون لديه معرفة خاصة بتنظيم القاعدة أو أفغانستان أو العراق؟
- الصحافي يجب أن يكون واسع الثقافة ودائم الاطلاع، ويجب أن يكون لديه قدر من الثقافة، وخصوصا مع ما يجري من أحداث، وأعتقد أن الصحافي يجب أن يجيد اللغة الإنجليزية، لأن المصادر الإنجليزية أكثر ثراء في المعلومات وحيادية في التناول.
* هل تستطيعين وصف ما تعنيه عبارة الصحافي الناجح أو الإعلامي الناجح؟
- أن يكون حياديا.
* ما نصيحتك للصحافيين الشباب في بداية حياتهم الإعلامية؟
- أن يتقي الله في الكلمة لأنها أمانة.
* ما أنجح قصة إعلامية قدمتها على الشاشة حتى الآن؟
- قصة امرأة أردنية تعرفت على زوجها عن طريق إحدى قريباتها، ولأنه من عائلة مشهورة وغنية من الأردن تزوجته، ولكن عندما جاءت إلى أميركا عاملها معاملة سيئة وتعمد ضربها وإهانتها إلى أن اتصل الجيران بالبوليس، وانتهت الزيجة بحبس الزوج الذي ارتضى لنفسه أن يعيش في أميركا وتكون له صديقة يعاشرها، في حين يعامل زوجته معاملة سيئة.



فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
TT

فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)

قد يكون من الواجب المهني الاعتراف بأن الجميع أخطأ في قراءة مجريات المعركة الانتخابية، والمؤشرات التي كانت كلها تقود إلى أن دونالد ترمب في طريقه للعودة مرة ثانية إلى البيت الأبيض. وترافق ذلك مع حالة من الإنكار لما كانت استطلاعات الرأي تُشير إليه عن هموم الناخب الأميركي، والأخطاء التي أدّت إلى قلّة التنبُّه لـ«الأماكن المخفية»، التي كان ينبغي الالتفات إليها.

لا ثقة بالإعلام الإخباري

وبمعزل عن الدوافع التي دعت جيف بيزوس، مالك صحيفة «واشنطن بوست»، إلى القول بأن «الأميركيين لا يثقون بوسائل الإعلام الإخبارية» لتبرير الامتناع عن تأييد أي من المرشحيْن، تظل «الحقيقة المؤلمة» أن وسائل الإعلام الأميركية، خصوصاً الليبرالية منها، كانت سبباً رئيسياً، ستدفع الثمن باهظاً، جراء الدور الذي لعبته في تمويه الحقائق عن الهموم التي تقضّ مضاجع الأميركيين.

صباح يوم الأربعاء، ومع إعلان الفوز الكاسح لترمب، بدا الارتباك واضحاً على تلك المؤسسات المكتوبة منها أو المرئية. ومع بدء تقاذف المسؤوليات عن أسباب خسارة الديمقراطيين، كانت وسائل الإعلام هي الضحية.

وفي بلد يتمتع بصحافة فعّالة، كان لافتاً أن تظل الأوهام قائمة حتى يوم الانتخابات، حين أصرت عناوينها الرئيسية على أن الأميركيين يعيشون في واحد من «أقوى الاقتصادات» على الإطلاق، ومعدلات الجريمة في انخفاض، وعلى أن حكام «الولايات الحمراء» يُضخّمون مشكلة المهاجرين، وأن كبرى القضايا هي المناخ والعنصرية والإجهاض وحقوق المتحولين جنسياً.

في هذا الوقت، وفي حين كان الجمهوريون يُسجلون زيادة غير مسبوقة في أعداد الناخبين، والتصويت المبكر، ويستفيدون من التحوّلات الديموغرافية التي تشير إلى انزياح مزيد من الناخبين ذوي البشرة السمراء واللاتينيين نحو تأييد ترمب والجمهوريين، أصرّت العناوين الرئيسية على أن كامالا هاريس ستفوز بموجة من النساء في الضواحي.

جيف بيزوس مالك «واشنطن بوست» (رويترز)

عجز عن فهم أسباب التصويت لترمب

من جهة ثانية، صحيفة «وول ستريت جورنال»، مع أنها محسوبة على الجمهوريين المعتدلين، وأسهمت استطلاعاتها هي الأخرى في خلق صورة خدعت كثيرين، تساءلت عمّا إذا كان الديمقراطيون الذين يشعرون بالصدمة من خسارتهم، سيُعيدون تقييم خطابهم وبرنامجهم السياسي، وكذلك الإعلام المنحاز لهم، لمعرفة لماذا صوّت الأميركيون لترمب، ولماذا غاب ذلك عنهم؟

في أي حال، رغم رهان تلك المؤسسات على أن عودة ترمب ستتيح لها تدفقاً جديداً للاشتراكات، كما جرى عام 2016، يرى البعض أن عودته الجديدة ستكون أكثر هدوءاً مما كانت عليه في إدارته الأولى، لأن بعض القراء سئِموا أو استنفدوا من التغطية الإخبارية السائدة.

وحتى مع متابعة المشاهدين لنتائج الانتخابات، يرى الخبراء أن تقييمات متابعة التلفزيون والصحف التقليدية في انحدار مستمر، ومن غير المرجّح أن يُغيّر فوز ترمب هذا المأزق. وبغضّ النظر عن زيادة عدد المشاهدين في الأمد القريب، يرى هؤلاء أن على المسؤولين التنفيذيين في وسائل الإعلام الإخبارية وضع مهامهم طويلة الأجل قبل مخاوفهم التجارية قصيرة الأجل، أو المخاطرة «بتنفير» جماهيرهم لسنوات مقبلة.

وهنا يرى فرانك سيزنو، الأستاذ في جامعة «جورج واشنطن» ورئيس مكتب واشنطن السابق لشبكة «سي إن إن» أنه «من المرجح أن يكون عهد ترمب الثاني مختلفاً تماماً عمّا رأيناه من قبل. وسيحمل هذا عواقب وخيمة، وقيمة إخبارية، وينشّط وسائل الإعلام اليمينية، ويثير ذعر اليسار». ويضيف سيزنو «من الأهمية بمكان أن تفكر هذه القنوات في تقييماتها، وأن تفكر أيضاً بعمق في الخدمة العامة التي من المفترض أن تلعبها، حتى في سوق تنافسية للغاية يقودها القطاع الخاص».

صعود الإعلام الرقمي

في هذه الأثناء، يرى آخرون أن المستفيدين المحتملين الآخرين من دورة الأخبار عالية الكثافة بعد فوز ترمب، هم صانعو الـ«بودكاست» والإعلام الرقمي وغيرهم من المبدعين عبر الإنترنت، الذين اجتذبهم ترمب وكامالا هاريس خلال الفترة التي سبقت الانتخابات. وهو ما عُدَّ إشارة إلى أن القوة الزائدة للأصوات المؤثرة خارج وسائل الإعلام الرئيسية ستتواصل في أعقاب الانتخابات.

وفي هذا الإطار، قال كريس بالف، الذي يرأس شركة إعلامية تنتج بودكاست، لصحيفة «نيويورك تايمز» معلّقاً: «لقد بنى هؤلاء المبدعون جمهوراً كبيراً ومخلصاً حقّاً. ومن الواضح أن هذا هو الأمر الذي يتّجه إليه استهلاك وسائل الإعلام، ومن ثم، فإن هذا هو المكان الذي يحتاج المرشحون السياسيون إلى الذهاب إليه للوصول إلى هذا الجمهور».

والواقع، لم يخسر الديمقراطيون بصورة سيئة فحسب، بل أيضاً تحطّمت البنية الإعلامية التقليدية المتعاطفة مع آرائهم والمعادية لترمب، وهذا ما أدى إلى تنشيط وسائل الإعلام غير التقليدية، وبدأت في دفع الرجال من البيئتين الهسبانيكية (الأميركية اللاتينية) والفريقية (السوداء) بعيداً عنهم، خصوصاً، العمال منهم.

يرى الخبراء أن تقييمات متابعة التلفزيون والصحف التقليدية في انحدار مستمر ومن غير المرجّح أن يُغيّر فوز ترمب هذا المأزق

تهميش الإعلام التقليدي

لقد كانت الإحصاءات تشير إلى أن ما يقرب من 50 مليون شخص، قد أصغوا إلى «بودكاست» جو روغان مع ترمب، حين قدم تقييماً أكثر دقة لمواقفه ولمخاوف البلاد من المقالات والتحليلات التي حفلت بها وسائل الإعلام التقليدية، عن «سلطويته» و«فاشيته» لتدمير المناخ وحقوق الإجهاض والديمقراطية. ومع ذلك، لا تزال وسائل الإعلام، خصوصاً الليبرالية منها، تلزم الصمت في تقييم ما جرى، رغم أن توجّه الناخبين نحو الوسائل الجديدة عُدّ تهميشاً لها من قِبَل الناخبين، لمصلحة مذيعين ومؤثّرين يثقون بهم. وبالمناسبة، فإن روغان، الذي يُعد من أكبر المؤثّرين، ويتابعه ملايين الأميركيين، وصفته «سي إن إن» عام 2020 بأنه «يميل إلى الليبرالية»، وكان من أشد المؤيدين للسيناتور اليساري بيرني ساندرز، وقد خسره الديمقراطيون في الانتخابات الأخيرة عند إعلانه دعمه لترمب. وبدا أن خطاب ساندرز الذي انتقد فيه حزبه جراء ابتعاده عن الطبقة العاملة التي تخلّت عنه، أقرب إلى ترمب منه إلى نُخب حزبه، كما بدا الأخير بدوره أقرب إلى ساندرز من أغنياء حزبه الجمهوري.