توقيع أول اتفاق بين فلسطين والفاتيكان يتضمن اعترافًا بالدولة ويعزز دور الكنيسة

الفاتيكان: نأمل أن يسهم في صنع السلام.. وإسرائيل: متسرع ويتغاضى عن حقوق اليهود

جنود إسرائيليون بجانب سيارة استخدمت في هجوم على حاجز بقعوت في الضفة أمس (أ.ب)
جنود إسرائيليون بجانب سيارة استخدمت في هجوم على حاجز بقعوت في الضفة أمس (أ.ب)
TT

توقيع أول اتفاق بين فلسطين والفاتيكان يتضمن اعترافًا بالدولة ويعزز دور الكنيسة

جنود إسرائيليون بجانب سيارة استخدمت في هجوم على حاجز بقعوت في الضفة أمس (أ.ب)
جنود إسرائيليون بجانب سيارة استخدمت في هجوم على حاجز بقعوت في الضفة أمس (أ.ب)

وقعت فلسطين والكرسي الرسولي «دولة الفاتيكان»، في حاضرة الفاتيكان، يوم أمس، أول اتفاق شامل يتضمن اعتراف الفاتيكان بدولة فلسطين، ويحدد وضع الكنيسة الكاثوليكية في الأراضي الفلسطينية.
وقام وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي والمطران بول غالاغر وزير خارجية الكرسي الرسولي، بتوقيع الاتفاق الذي وضعت أسسه في مايو (أيار) الماضي، ووصفه الفلسطينيون بخطوة نوعية تكرس تاريخا مهما من العلاقات.
وقال المالكي في كلمة له بهذه المناسبة: «هذا الاتفاق تاريخي، لم يكن ممكنا من دون الدعم والالتزام الشخصي للرئيس محمود عباس.. إنه اتفاق يساهم في تعزيز العلاقات الخاصة بين دولة فلسطين والكرسي الرسولي، ويبني على الاتفاق الأساسي بين منظمة التحرير الفلسطينية والكرسي الرسولي الموقع في عام 2000».
وأضاف: «أؤكد مجددا التزام دولة فلسطين بتنفيذ هذا الاتفاق التاريخي، نصا وروحا، والقيام بكل ما من شأنه أن يساهم في تعميق أواصر الصداقة بين الطرفين».
ويشتمل الاتفاق على اعتراف رسمي من قبل الكرسي الرسولي بدولة فلسطين، واعترافا بحق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير المصير والعيش بحرية وكرامة في دولته المستقلة، الخالية من آثار الاحتلال.
كما يتضمن رؤية الطرفين المشتركة للسلام والعدالة في المنطقة، وحماية الحريات الأساسية، ووضع وحرمة الأماكن المقدسة، وسبل تعزيز وجود الكنيسة الكاثوليكية وتعزيز أنشطتها في دولة فلسطين.
ويساهم هذا الاتفاق ويطور من الوضع الحالي الذي تتمتع بموجبه الكنيسة الكاثوليكية بالحقوق والامتيازات والحصانات، ويشيد بدورها المركزي في حياة العديد من الفلسطينيين. كما تدعم الاتفاقية رؤية تحقيق السلام في المنطقة وفقا للقانون الدولي وعلى أساس حل الدولتين اللتين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن، على أساس حدود عام 1967.
ويعزز الاتفاق العلاقة بين الطرفين بتضمنه لأحكام جديدة تتعلق بوضع فلسطين الخاص كمهد للديانة المسيحية وأرض الديانات السماوية، وينص على ضمان احترام الحرية والكرامة والتسامح والتعايش المشترك والمساواة للجميع.
ويوجد نحو 100 ألف كاثوليكي في إسرائيل والأراضي الفلسطينية معظمهم فلسطينيون، وعبّر الفاتيكان أمس عن أمله في أن تستخدم الاتفاقية نموذجا لدول عربية ومسلمة أخرى «فيما يتعلق بحرية العقيدة والضمير».
وبدوره، قال المالكي: «يأتي هذا الاتفاق في مرحلة تتسم بازدياد التطرف والعنف والجهل الذي يهدد النسيج الاجتماعي والهوية الثقافية والتراث الإنساني في المنطقة. وفي ظل هذا الوضع، تؤكد دولة فلسطين التزامها بمكافحة التطرف، وتعزيز التسامح وحرية الديانة والضمير وصيانة حقوق جميع مواطنيها بالتساوي. هذه هي القيم والمبادئ التي تعبر عن تطلعات ومعتقدات الشعب الفلسطيني وقيادته، وهي الركائز التي نستند إليها في سعينا المستمر إلى تجسيد دولتنا المستقلة والديمقراطية».
وكان الطرفان توصّلا في مايو (أيار) الماضي إلى هذا الاتفاق الذي جاء في نصه إقامة الفاتيكان علاقات دبلوماسية مع «دولة فلسطين».
وكان الفاتيكان استخدم للمرة الأولى عبارة «دولة فلسطين» في فبراير (شباط) 2013، إثر قبول فلسطين كدولة بصفة مراقب في الأمم المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012.
ورحب الفاتيكان بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في عام 2012 بالاعتراف بدولة فلسطينية، لكن من دون اعتراف رسمي، وصار يشير إلى دولة فلسطين بشكل غير رسمي، مشيرا إلى مصطلح الدولة في المناسبات البروتوكولية فقط.
وقال كبير الأساقفة بول غالاغر وزير خارجية الفاتيكان عند التوقيع أمس، إنه يأمل في أن تكون المعاهدة «حافزا يضع نهاية حاسمة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ فترة طويلة، الذي يتسبب في معاناة الطرفين».
ودعا غالاغر إلى استئناف مفاوضات سلام تجري مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين تقود إلى حل الدولتين. وقال: «هذا يتطلب بالتأكيد قرارات شجاعة، لكنه سيقدم أيضا إسهاما كبيرا للسلام والاستقرار في المنطقة».
وأغضبت المعاهدة التي جعلت اعتراف الفاتيكان بفلسطين أمرا واقعا منذ عام 2012 إسرائيل التي وصفتها بأنها «خطوة متسرعة تضر باحتمالات المضي قدما نحو اتفاقية سلام».
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية: «إن هذه الخطوة المتسرعة تمس بفرص التوصل إلى تسوية سلمية وتضر بالمسعى الدولي لإقناع الفلسطينيين بالعودة إلى المفاوضات المباشرة مع إسرائيل». كما أعربت وزارة الخارجية «عن أسفها لتغاضي الاتفاق عن حقوق الشعب اليهودي في أرض إسرائيل والأماكن المقدسة لليهود في أورشليم القدس».
وأضافت الوزارة أن «إسرائيل ستقوم بدراسة تفاصيل الاتفاق وانعكاساته على التعاون مع الفاتيكان في المستقبل».
ومع التوقيع الرسمي، تكون الفاتيكان الدولة رقم 136 التي تعترف بفلسطين رسميا، وجاء أول اعتراف رسمي بالدولة الفلسطينية في عام 1988 من مجموعة من الدول، أبرزها العراق واليمن وتركيا والكويت والبحرين والجزائر، وآخر اعتراف العام الماضي من السويد. ويشكل ذلك نحو 70 في المائة من عدد الأعضاء الإجمالي في الأمم المتحدة. مقابل 160 دولة من بين 193 دولة أعضاء في الأمم المتحدة تعترف بإسرائيل.



واشنطن تعاقب أفراداً وكيانات على صلة بتمويل الحوثيين

وزارة الخزانة الأميركية فرضت عقوبات متلاحقة على كيانات وأفراد مرتبطين بالحوثيين (رويترز)
وزارة الخزانة الأميركية فرضت عقوبات متلاحقة على كيانات وأفراد مرتبطين بالحوثيين (رويترز)
TT

واشنطن تعاقب أفراداً وكيانات على صلة بتمويل الحوثيين

وزارة الخزانة الأميركية فرضت عقوبات متلاحقة على كيانات وأفراد مرتبطين بالحوثيين (رويترز)
وزارة الخزانة الأميركية فرضت عقوبات متلاحقة على كيانات وأفراد مرتبطين بالحوثيين (رويترز)

فرّضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة شملت أفراداً وشركات وسفناً على صلة بشبكة سعيد الجمل الذي يقيم في إيران ويتولى إدارة الأموال للجماعة الحوثية وتسهيل تهريب الأسلحة والنفط بدعم من الحرس الثوري الإيراني.

وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، في بيان، أن بلاده فرضت  عقوبات على 5 شركات و5 أفراد، وأدرجت 8 سفن كممتلكات محظورة بسبب علاقاتها بسعيد الجمل، وهو الناشط المالي الحوثي المدرج على لائحة العقوبات الأميركية.

وفي حين يتخذ الجمل من إيران مقراً له بدعم من «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني، قال البيان إن «الدعم الإيراني للمجموعات الإرهابية الإقليمية يستمر في زعزعة استقرار الشرق الأوسط».

وأضاف البيان أن الإيرادات من شبكة «الجمل» تدر الأموال التي تمكن الحوثيين من شن هجمات إقليمية، بما في ذلك تعطيل الشحن الدولي في الممرات المائية الحيوية. وأشار إلى أن هذه هي الدفعة الحادية عشرة من العقوبات التي فرضتها واشنطن على شبكة سعيد الجمل.

وتعهدت وزارة الخارجية الأميركية بمواصلة استخدام الأدوات المتاحة لاستهداف تدفقات هذه المصادر من الإيرادات غير المشروعة، وأوضحت أنه تم اتخاذ إجراءات وزارة الخزانة حسب الأمر التنفيذي رقم 13224 لسلطة مكافحة الإرهاب، بصيغته المعدلة.

وفي وقت سابق من يوم الخميس، كانت وزارة الخزانة الأميركية قد أعلنت العقوبات الجديدة، على الأفراد الخمسة والسفن الثماني والشركات الخمس، وقالت إنها «متورطة في عمليات نقل وبيع النفط الإيراني لصالح المسؤول المالي الحوثي سعيد الجمل».

وتشمل العقوبات - بحسب «الخزانة الأميركية» - مشغلي السفن وقباطنتها الذين أسهموا في نقل النفط غير المشروع، إذ إن هذه العائدات من هذه الأنشطة «تسهم بشكل مباشر في تمويل الهجمات الحوثية في المنطقة، بما في ذلك الهجمات الصاروخية وهجمات الطائرات المسيرة على إسرائيل والسفن التجارية العابرة للبحر الأحمر».

عنصر حوثي خلال حشد في صنعاء غداة مقتل زعيم حركة «حماس» الفلسطينية يحيى السنوار (إ.ب.أ)

وقال برادلي سميث، وكيل وزارة الخزانة الأميركية بالإنابة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية: «يعتمد الحوثيون بشكل كبير على الشبكة الدولية التي يديرها سعيد الجمل وشركاؤه لنقل وبيع النفط الإيراني، ما يعزز حملتهم العنيفة».

وأضاف سميث: «وزارة الخزانة ملتزمة باستخدام كل الأدوات المتاحة لوقف هذا المصدر الأساسي للعائدات غير المشروعة التي تموّل أنشطة الحوثيين المزعزعة للاستقرار».

ويعتمد الجمل في شبكته - وفق البيان - على شركات وهمية وشركاء في دول عدة لتسهيل بيع النفط الإيراني.

عقوبات متلاحقة

في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، كانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات جديدة على فرد وكيانات متورطة في تهريب الأسلحة إلى الجماعة الحوثية المدعومة من إيران.

وذكر بيان «الخارجية» حينها أن هؤلاء الميسرين والموردين مكنوا الجماعة الحوثية «الإرهابية» من الاستحواذ على مواد ومكونات ثنائية الاستخدام ومن الدرجة العسكرية لتصنيع ونشر صواريخ متطورة وطائرات مسيرة تهدد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.

وشملت العقوبات كياناً مرتبطاً بشحنات تجارية غير مشروعة للحوثيين، وسفينتين تابعتين لذلك الكيان؛ الأولى تولت نقل شحنات بالنيابة عن شبكة المسؤول المالي للحوثيين سعيد الجمل والأخرى تابعة لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية.

المتحدث باسم الجماعة الحوثية (يسار) في أحدث لقاء له في مسقط مع وزير خارجية إيران (أ.ف.ب)

وفي يونيو (حزيران) الماضي، فرضت واشنطن عقوبات على 3 أشخاص و6 كيانات للتورط في تسهيل وشراء الأسلحة للجماعة الحوثية، وشملت العقوبات سفينة مشارِكة في تهريب الأسلحة للجماعة المدعومة من إيران، وشركات مقارها الصين وسلطنة عمان والإمارات.

وشملت العقوبات فرداً مقيماً في الصين يدعى علي عبد الوهاب محمد الوزير، المنتمي للحوثيين، و«يلعب دوراً رئيسياً في شراء المواد التي تُمكّن قوات الحوثيين من تصنيع أسلحة تقليدية متقدمة داخل اليمن».

ويستخدم الوزير شركة مقرها الصين تدعى «قوانغتشو تسنيم التجارية المحدودة»، للحصول على المعدات وشحنها إلى اليمن، والشركة مملوكة بالكامل لشركة «تسنيم التجارية المحدودة»، ومقرها هونغ كونغ، والمدرجة على لائحة العقوبات.

كما شملت العقوبات شخصاً يدعى معاذ أحمد محمد الحيفي، والشركة التي يديرها تدعى «الشركة الدولية للواجهة الرقمية الذكية المحدودة»، ومقرها سلطنة عمان؛ حيث قام بتسهيل شراء ونقل مكونات صواريخ «كروز»، بالتنسيق مع كبار قيادات الحوثيين.

وبحسب «الخزانة الأميركية»، أدت أنشطة الحيفي دوراً رئيسياً عام 2020 في هجمات الحوثيين التي استهدفت منشأة «أرامكو السعودية» باستخدام صاروخ «كروز».

كما فرضت «الخزانة الأميركية» عقوبات على سفينة «أوتاريا» التي ترفع علم الكاميرون وتعمل لصالح شركة «ستيلر ويف مارين إل إل سي» ومقرها في الإمارات.