يوفنتوس عملاق إيطاليا في أزمة... ومبابي صداع في رأس سان جيرمان

عبور منطقي لريال وسيتي لثمن نهائي دوري الأبطال... وأنشيلوتي يشيد بجراءة شاختار

مبابي سجل هدف سان جيرمان في مرمى بنفيكا من ركلة جزاء لكنه أثار الأجواء بتصريحاته (إ.ب.أ)
مبابي سجل هدف سان جيرمان في مرمى بنفيكا من ركلة جزاء لكنه أثار الأجواء بتصريحاته (إ.ب.أ)
TT

يوفنتوس عملاق إيطاليا في أزمة... ومبابي صداع في رأس سان جيرمان

مبابي سجل هدف سان جيرمان في مرمى بنفيكا من ركلة جزاء لكنه أثار الأجواء بتصريحاته (إ.ب.أ)
مبابي سجل هدف سان جيرمان في مرمى بنفيكا من ركلة جزاء لكنه أثار الأجواء بتصريحاته (إ.ب.أ)

طغت الهزيمة المريرة لعملاق إيطاليا يوفنتوس أمام مكابي حيفا الإسرائيلي صفر – 2، والأجواء المشحونة التي فجرها المتذمر كيليان مبابي نجم باريس جيرمان الفرنسي عقب التعادل 1 - 1 مع بنفيكا البرتغالي، على أحداث الجولة الرابعة لدوري أبطال أوروبا التي شهدت ضمان ريال مدريد الإسباني ومانشستر سيتي الإنجليزي بطاقتيهما إلى ثمن النهائي.
في المجموعة الثامنة، جاء الانتصار المفاجئ لمكابي حيفا على ضيفه يوفنتوس بمثابة ضربة شبه قاضية لفريق إيطاليا العملاق ومدربه ماسيميليانو أليغري، فيما اكتفى باريس سان جيرمان دون نجمه الأرجنتيني ليونيل ميسي بتعادل جديد أمام ضيفه بنفيكا البرتغالي 1 - 1 في لقاء أثارت فيه تصريحات مبابي برغبته في الرحيل يناير (كانون الثاني) المقبل أجواء غير صحية في النادي الباريسي.
وفي أول رد فعل لخسارة يوفنتوس أعرب أندريا أنييلي رئيس النادي عن شعوره بالخجل من أداء فريقه الذي أصبح على أعتاب الخروج المبكر من البطولة القارية حيث يحتل المركز الثالث بثلاث نقاط من فوز وحيد وثلاث هزائم، مبتعداً بفارق خمس نقاط عن كل من سان جيرمان المتصدر ووصيفه بنفيكا (بفارق الأهداف) بينما حصد مكابي ثلاث نقاط تساوى بها عملاق إيطاليا.
عن المركزين الأول والثاني بالمجموعة. ورغم ما يتردد من تسريبات عن قرب إقالة المدرب ماسيميليانو أليغري، أكد أنييلي: «كانت ليلة صعبة في فترة صعبة، إنها واحدة من الفترات الأكثر صعوبة، ولحظة تحمل المسؤولية، لذا أتواجد هنا». وأضاف: «في وضعية مثل هذه لا يتعلق الأمر بشخص واحد ولا إلقاء اللوم على أليغري وحده، إنها مسألة يتم التعامل معها كمجموعة بأكملها، نشعر بالخزي، نعتذر لجماهيرنا لأننا ندرك أنهم يشعرون بالعار في هذه اللحظة». وأكد أنييلي دعمه إلى أليغري وأنه سيبقى مدرباً ليوفنتوس.


ميليك لاعب يوفنتوس يبكي الهزيمة (رويترز)

ولدى سؤاله عما إذا كان سيتم الإبقاء على أليغري خوفاً من الآثار المالية التي ستترتب على إقالته، أجاب رئيس النادي الأكثر تتويجاً في إيطاليا: «لا، الأمر ليس كذلك أبداً، لا يمكن أن يكون خطأ المدرب إذا لم نفز بالتحام وحيد داخل الملعب، يوفنتوس دائماً ما يقيم المواقف في نهاية العام، دائماً ما أعارض فكرة الإقالة خلال الموسم، وسأواصل التفكير بالطريقة نفسها».
من جهته، أكد أليغري التزامه باستكمال المشوار وأنه لن يرحل عن الفريق رغم التعصر المستمر الموسم الجاري حيث يحتل يوفنتوس المركز الثامن بالدوري الإيطالي برصيد 13 نقطة وبفارق عشر نقاط خلف المتصدر نابولي.
وتمسك أليغري بمواصلة الكفاح قائلاً: «لم أفكر أبداً في الاستقالة، عندما يصبح التحدي أكثر صعوبة، يجب أن تواجهه بشجاعة وإصرار وحماس».
وضمن المجموعة نفسها ورغم إحرازه هدف السبق لسان جيرمان من ركلة جزاء قبل أن يرد بنفيكا بالتعادل، خلفت تصريحات مبابي برغبته مغادرة الفريق الباريسي يناير المقبل اعتراضاً على مركزه في الملعب وأيضاً وعود لم تتحقق من الإدارة، أصداء سلبية بالنادي الفرنسي وجماهيره.
وكان مبابي (23 عاماً) قد مدد عقده مع سان جيرمان قبل انطلاق الموسم الحالي، في الوقت الذي كان بوسعه الرحيل في صفقة انتقال حر، لكن بطل الدوري الفرنسي أقنعه بالبقاء مقابل أن يصبح اللاعب الأعلى دخلاً على مستوى العالم. وبعد بضعة أشهر من إغلاق مسألة الرحيل، يبدو أن فصلاً جديداً في قصة مبابي قد بدأ، حيث يتردد أن علاقته بسان جيرمان قد تدهورت.
ووجه نجم منتخب فرنسا السابق تييري هنري انتقادات لمبابي بسبب الشائعات المنتشرة حول رغبة الأخير في الرحيل بسبب لعبه في مركز المهاجم الصريح بجانب «وعود كاذبة» حصل عليها من إدارة النادي. وقال هنري: «لا أحد يرغب في أن يسلط الناس الضوء على الجوانب التي لا يجيدها في اللعب. أنت فقط لا تحب ذلك».
ويلعب مبابي كمهاجم صريح في خطة 3 - 4 - 3 التي يعتمدها المدرب كريستوف غالتييه، مع وجود ليونيل ميسي والبرازيلي نيمار على طرفي الملعب، مما لا يتيح له الحرية التي يحظى بها في منتخب فرنسا حيث يلعب خلف أوليفييه جيرو.
وأضاف هنري أسطورة آرسنال ومنتخب بلاده السابق: «مصلحة النادي أكبر من أي فرد. لكن هل يجعلونه يشعر بأن النادي هو الشيء الأهم أم جعلوه يشعر بأنه أهم من النادي نفسه؟».
وضرب هنري، الهداف التاريخي لمنتخب فرنسا برصيد 51 هدفاً، المثل بتجربته مع برشلونة.
وشرح: «سأحكي قصتي. لم أحب اللعب على الطرف في برشلونة. كرهت ذلك. لكني فعلته من أجل الفريق. «لم أحب ذلك حتى بعد 100 مباراة، لا أعلم عدد أهدافي مع فرنسا، كان لزاماً علي أن ألعب على اليسار. لم أسمع أي شخص يقول يا لها من لفتة طيبة أن تذهب لليسار بدلاً من لاعبين لديهم أهداف ومباريات أقل. هناك قاعدة واحدة: إذا طلب منك المدرب أن تفعل شيئاً، فعليك فعله».
وفي وقت أكدت فيه إدارة سان جيرمان عدم تلقيها أي شكوى أو رغبة من مبابي بالرحيل، أبدى المدرب غالتييه دهشته إزاء الشائعات.
وأثنى غالتييه على أداء وتركيز مهاجمه خلال المباراة أمام بنفيكا وقال عقب اللقاء: «تحدثنا كثيراً بشأنه في هذا المساء. لم أتحدث معه بشأن هذا الأمر، حيث كان الهدف هو الحفاظ على التركيز في المباراة».
وأضاف: «لقد قدم الكثير وأظهر أنه لاعب رائع، وجه تركيزه إلى المباراة والبطولة. تركيزنا جميعاً كان منصباً على اللعب كمجموعة، من الشائعات، نصنع معلومات، ومن المعلومات نصدر بيانات. أرى أنه شيء مفاجئ للغاية أن يتردد ذلك قبل ساعات قليلة من مباراة مهمة للغاية».
وفي المجموعة السادسة وبفضل هدف تعادل متأخر قاتل لمدافعه الألماني أنطونيو روديغر في مرمى شاختار دونيتسك الأوكراني حسم ريال مدريد بطاقة العبور لثمن النهائي.
وبدا ريال في طريقه للهزيمة الأولى في جميع المسابقات منذ 8 مايو (أيار) في الدوري المحلي ضد جاره أتلتيكو (صفر - 1)، وذلك بتخلفه حتى الدقيقة الخامسة من الوقت بدل الضائع قبل أن يهديه روديغر التعادل والتأهل بكرة رأسية أصيب على إثرها، رافعاً رصيده إلى 10 نقاط في الصدارة بفارق أربع نقاط أمام لايبزيغ الألماني الفائز على مضيفه سلتيك الاسكوتلندي 2 - صفر، وخمس أمام شاختار.
واعترف الإيطالي كارلو أنشيلوتي مدرب الريال: «لم نلعب جيداً ولكن هذا الفريق لا يستسلم أبداً. تأهلنا إلى الدور الـ16 في ليلة سيئة وهذا أمر جيد».
وتابع: «غير شاختار أسلوب لعبه من أجل إشراك لاعبين كانوا قادرين على قطع تمريراتنا بين الخطوط، لذا كان علينا اللعب على الأطراف. ولكن هذا التكتيك لم يكن فعالاً بالنسبة لنا وعندما سجلوا، صعبوا الأمور علينا».
من جهته، كال إيغور يوفيتشفيتش مدرب شاختار المديح لفريقه قائلاً إنه كافح من أجل جعل الشعب الأوكراني لكي يشعر بالفخر.
وأوضح بعد المباراة: «أنا فخور بأن فريقي أظهر شخصيته. في هذه الأوقات الصعبة، التي مررنا بها في الأيام العشرة الماضية، أن ننزل إلى أرض الملعب ونقدم هذا المستوى من كرة القدم... يجب أن ننحني لتحية الفريق. أن نلعب بهذه الطريقة ضد ريال مدريد، وأن نشعر بالحزن بعد المباراة... نشعر أننا فقدنا نقطتين وهذا شيء نفخر به».
وفي المجموعة السابعة وبغياب هدافه النرويجي إرلينغ هالاند من أجل بعض الراحة، حسم مانشستر سيتي تأهله رغم تعادله السلبي مع مضيفه كوبنهاغن في لقاء أكمله بعشرة لاعبين لمدة ساعة بعد طرد الإسباني سيرخيو غوميز وأهدر فيه ركلة جزاء عبر الجزائري رياض محرز، وذلك بفضل تعادل بوروسيا دورتموند الألماني 1 - 1 مع ضيفه إشبيلية الإسباني. وأكد الإسباني جوسيب غوارديولا مدرب سيتي أنه لم يرغب في المجازفة بهالاند لأنه كان «منهكاً للغاية».
وقال غوارديولا إن هالاند الذي أحرز 20 هدفاً خلال 13 مباراة مع سيتي: «أنهى المباراة أمام ساوثهامبتون وهو في حالة إنهاك شديد ولم يتعافِ بشكل جيد، لذا قررنا عدم المخاطرة به».
ورفع سيتي رصيده إلى 10 نقاط في الصدارة وضمن بالتالي أحد المركزين الأولين المؤهلين بعد أن بات في رصيد دورتموند سبع نقاط مقابل اثنتين لكل من إشبيلية وكوبنهاغن.
وفي المجموعة الخامسة، جدد تشيلسي الإنجليزي فوزه على مضيفه ميلان الإيطالي الذي لعب غالبية المباراة بعشرة لاعبين بعد طرد المدافع السابق للنادي اللندني فيكايو توموري في الدقيقة 18، وتفوق عليه 2 - صفر بعد أن اكتسحه بثلاثية نظيفة الأسبوع الماضي.
ورفع النادي اللندني رصيده إلى 7 نقاط مقابل 6 لريد سالزبورغ النمساوي وأربع لدينامو زغرب اللذين تعادلا 1 - 1 في كرواتيا، وأربع لميلان.


مقالات ذات صلة

مورينيو يزرع جهاز تسجيل للحكم خلال تعادل روما

الرياضة مورينيو يزرع جهاز تسجيل للحكم خلال تعادل روما

مورينيو يزرع جهاز تسجيل للحكم خلال تعادل روما

استعان جوزيه مورينيو مدرب روما بفكرة مستوحاة من روايات الجاسوسية حين وضع جهاز تسجيل على خط جانبي للملعب خلال التعادل 1 - 1 في مونزا بدوري الدرجة الأولى الإيطالي لكرة القدم أمس الأربعاء، مبررا تصرفه بمحاولة حماية نفسه من الحكام. وهاجم مورينيو، المعروف بصدامه مع الحكام دائما، دانييلي كيفي بعد المباراة، قائلا إن الحكم البالغ من العمر 38 عاما «أسوأ حكم قابله على الإطلاق». وقال المدرب البرتغالي «لست غبيا، اليوم ذهبت إلى المباراة ومعي مكبر صوت، سجلت كل شيء، منذ لحظة تركي غرفة الملابس إلى لحظة عودتي، أردت حماية نفسي».

«الشرق الأوسط» (روما)
الرياضة نابولي يؤجل فرصة التتويج بالدوري الإيطالي بنقطة ساليرنيتانا

نابولي يؤجل فرصة التتويج بالدوري الإيطالي بنقطة ساليرنيتانا

أهدر نابولي فرصة حسم تتويجه بلقب الدوري الإيطالي لكرة القدم للمرة الأولى منذ 33 عاماً، بتعادله مع ضيفه ساليرنيتانا 1 - 1 في منافسات المرحلة الثانية والثلاثين، الأحد، رغم خسارة مطارده لاتسيو على أرض إنتر 1 - 3. واحتاج نابولي الذي يحلّق في صدارة جدول ترتيب الدوري إلى الفوز بعد خسارة مطارده المباشر، ليحقق لقبه الثالث في «سيري أ» قبل 6 مراحل من اختتام الموسم. لكن تسديدة رائعة من لاعب ساليرنيتانا، السنغالي بولاي ديا، في الشباك (84)، أجّلت تتويج نابولي الذي كان متقدماً بهدف الأوروغوياني ماتياس أوليفيرا (62). ولم يُبدِ مدرب نابولي، لوتشيانو سباليتي، قلقاً كبيراً بعد التعادل قائلاً: «يشعر (اللاعبون) ب

«الشرق الأوسط» (نابولي)
الرياضة إرجاء مباراة نابولي وساليرنيتانا إلى الأحد لدواعٍ أمنية

إرجاء مباراة نابولي وساليرنيتانا إلى الأحد لدواعٍ أمنية

أُرجئت المباراة المقررة السبت بين نابولي المتصدر، وجاره ساليرنيتانيا في المرحلة الثانية والثلاثين من الدوري الإيطالي لكرة القدم إلى الأحد، الساعة 3 بعد الظهر بالتوقيت المحلي (13:00 ت غ) لدواعٍ أمنية، وفق ما أكدت رابطة الدوري الجمعة. وسبق لصحيفة «كورييري ديلو سبورت» أن كشفت، الخميس، عن إرجاء المباراة الحاسمة التي قد تمنح نابولي لقبه الأول في الدوري منذ 1990. ويحتاج نابولي إلى الفوز بالمباراة شرط عدم تغلب ملاحقه لاتسيو على مضيفه إنتر في «سان سيرو»، كي يحسم اللقب قبل ست مراحل على ختام الموسم. وكان من المفترض أن تقام مباراة نابولي وساليرنيتانا، السبت، في الساعة 3 بالتوقيت المحلي (الواحدة ظهراً بتو

«الشرق الأوسط» (نابولي)
الرياضة نابولي لوضع حد لصيام دام ثلاثة عقود عن التتويج بلقب الدوري الإيطالي

نابولي لوضع حد لصيام دام ثلاثة عقود عن التتويج بلقب الدوري الإيطالي

بدأت جماهير نابولي العد التنازلي ليوم منشود سيضع حداً لصيام دام ثلاثة عقود عن التتويج في الدوري الإيطالي في كرة القدم، إذ يخوض الفريق الجنوبي مواجهة ساليرنيتانا غدا السبت وهو قادر على حسم الـ«سكوديتو» حسابياً. وسيحصل نابولي الذي يتصدر الدوري متقدماً بفارق 17 نقطة عن أقرب مطارديه لاتسيو (78 مقابل 61)، وذلك قبل سبع مراحل من نهاية الموسم، على فرصته الأولى لحسم لقبه الثالث في تاريخه. ويتوجب على نابولي الفوز على ساليرنيتانا، صاحب المركز الرابع عشر، غدا السبت خلال منافسات المرحلة 32، على أمل ألا يفوز لاتسيو في اليوم التالي في سان سيرو في دار إنتر ميلان السادس.

«الشرق الأوسط» (روما)
الرياضة كأس إيطاليا: مواجهة بين إنتر ويوفنتوس في خضم جدل بسبب العنصرية

كأس إيطاليا: مواجهة بين إنتر ويوفنتوس في خضم جدل بسبب العنصرية

سيكون إياب نصف نهائي كأس إيطاليا في كرة القدم بين إنتر وضيفه يوفنتوس، الأربعاء، بطعم المباراة النهائية بعد تعادلهما ذهاباً بهدف لمثله، وفي خضمّ أزمة عنوانها العنصرية. ولا يزال يوفنتوس يمني نفسه بالثأر من إنتر الذي حرمه التتويج بلقب المسابقة العام الماضي عندما تغلب عليه 4 - 2 في المباراة النهائية قبل أن يسقطه في الكأس السوبر 2 - 1. وتبقى مسابقة الكأس المنقذ الوحيد لموسم الفريقين الحالي على الأقل محلياً، في ظل خروجهما من سباق الفوز بلقب الدوري المهيمن عليه نابولي المغرّد خارج السرب. لكن يوفنتوس انتعش أخيراً بتعليق عقوبة حسم 15 نقطة من رصيده على خلفية فساد مالي وإداري، وبالتالي استعاد مركزه الثال

«الشرق الأوسط» (ميلانو)

من عصر دي ستيفانو إلى حقبة كارفاخال... ريال مدريد يواصل صنع المعجزات

الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)
الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)
TT

من عصر دي ستيفانو إلى حقبة كارفاخال... ريال مدريد يواصل صنع المعجزات

الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)
الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)

في مايو (أيار) 2004، قام طفل يبلغ من العمر 12 عاماً بشعر أصفر طويل ينتظره مستقبل مشرق، بوضع قميص ريال مدريد الأبيض بجوار أحد الأعمدة الموجودة في ملعب التدريب بالنادي الموجود به لوح من الغرانيت عليه العبارة الشهيرة «يحترم ماضيه، ويتعلم من حاضره، ويؤمن بمستقبله». وفي اليوم الأول من يونيو (حزيران) 2024، كان هذا الطفل، الذي أصبح رجلا يبلغ من العمر 32 عاماً بلحية رمادية وصنع تاريخاً حافلاً، يرتدي هذا القميص على ملعب ويمبلي، وقفز ليسجل برأسه في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا ليقود النادي الملكي لاستكمال أعظم إنجاز في تاريخه على الإطلاق. وأشير بهذا إلى داني كارفاخال.

لقد مر عشرون عاماً تقريباً منذ ذلك اليوم في عام 2004. في ذلك اليوم، وقف كارفاخال، وهو طفل صغير في أكاديمية الناشئين، إلى جانب ألفريدو دي ستيفانو، البالغ من العمر 78 عاماً، والذي يعد أهم لاعب في تاريخ أندية كرة القدم، ورمزا لكل شيء: الرجل الذي غيّر وصوله عام 1953 ريال مدريد ولعبة كرة القدم إلى الأبد، والذي شكّل أسطورة النادي وهويته. والآن، عندما يتعلق الأمر ببطولة دوري أبطال أوروبا؛ تلك المسابقة التي يشعر ريال مدريد بأنها أصبحت ملكا له، أصبح كارفاخال يتفوق على دي ستيفانو. قد يبدو هذا سخيفاً للبعض، لكن هذا هو ما حدث مؤخراً.

عندما فاز ريال مدريد بدوري أبطال أوروبا عام 1960 بعد الفوز على إينتراخت فرنكفورت 7 - 3 في مباراة من أعظم المباريات عبر التاريخ (ب.أ)

لقد فاز عدد قليل من اللاعبين بنفس عدد بطولات دوري أبطال أوروبا التي فاز بها كارفاخال، حيث نجح خمسة لاعبين في الحصول على اللقب ست مرات، من بينهم أربعة من زملاء كارفاخال: فبعد الفوز على بوروسيا دورتموند في المباراة النهائية بهدفين دون رد على ملعب ويمبلي، انضم كارفاخال ولوكا مودريتش وناتشو فرنانديز وتوني كروس إلى باكو خينتو - الذي ظل رقمه القياسي المتمثل في أكثر اللاعبين فوزا بالبطولة صامدا لمدة 58 عاماً - كأكثر اللاعبين فوزا باللقب على الإطلاق. ويُعد كارفاخال هو اللاعب الوحيد من هذا الجيل الذي شارك أساسياً في جميع المباريات النهائية الست، على الرغم من أنه خرج مستبدلا في مباراتين منها. وقال كارفاخال والدموع في عينيه بعد الفوز على بوروسيا دورتموند في المباراة النهائية التي سجل فيها هدفا: «لقد جئت إلى هنا وأنا طفل صغير، والآن أنا هنا. سيكون من الصعب للغاية أن يكسر أحد هذا الرقم الذي حققناه».

لقد كان هناك كثير من الصور، وكثير من التصريحات، وكثير من اللحظات، التي ستظل خالدة في الأذهان بعد فوز «الميرنغي» بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الـ 15 – نعم المرة الخامسة عشرة، هل تصدقون هذا؟ لقد كانت هذه هي آخر مباراة للنجم الألماني توني كروس، الذي أعلن اعتزاله كرة القدم بنهاية الموسم الحالي. وسجل راقص السامبا البرازيلي فينيسيوس جونيور هدفاً أخر في المباراة النهائية للبطولة الأقوى في القارة العجوز، وهو لا يزال في الثالثة والعشرين من عمره، وهو الأمر الذي جعل المدير الفني لريال مدريد، كارلو أنشيلوتي، يرشح النجم البرازيلي للفوز بجائزة أفضل لاعب في العالم لهذا العام، قائلاً: «إنه يستحق الكرة الذهبية بلا شك». وقال جود بيلينغهام، الذي لا يزال في العشرين من عمره، إنه ظل متماسكاً حتى رأى أمه وأباه بعد المباراة. وأشاد بيلينغهام بأنشيلوتي قائلاً: «إنه يعرف جيدا ما يفعله». لقد فاز ريال مدريد باللقب هذا الموسم، بنفس الطريقة التي رأيناها من قبل، حيث يبدو الفريق عرضة للهزيمة في بعض الأوقات، لكنه يعود بكل قوة ويحسم الأمور تماماً لصالحه في نهاية المطاف.

كارفاخال وفرحة افتتاح التهديف لريال مدريد (أ.ب)

لم يكن أحد يشك في قدرة ريال مدريد على حسم اللقب، لم يخسر النادي الملكي أي مباراة نهائية في هذه البطولة منذ عام 1981، فقد لعب الفريق تسع مباريات نهائية وفاز بها جميعا. وقال كروس: «يبدو أنه لا يمكن هزيمتنا في مثل هذه المباريات. إنه لأمر جنوني أن أتساوى مع خينتو كأكثر اللاعبين فوزا بلقب هذه البطولة، وهو أمر لم أتخيل أبدا أنني سأحققه». ولا يقتصر الأمر على فوز ريال مدريد بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الخامسة عشرة في تاريخه فحسب، لكن النادي الملكي فاز أيضا بست من هذه البطولات في آخر عشر سنوات: من لشبونة 2014 إلى لندن 2024. وسيبقى إنجاز خينتو - لاعب ريال مدريد الوحيد الذي فاز بأول خمس كؤوس أوروبية في الفترة بين عامي 1956 و1960 قبل أن يفوز باللقب للمرة السادسة في عام 1966- خالداً.

ويظل فريق عام 1966 متفرداً للغاية، حيث كان ريال مدريد قد خرج من البطولة لأول مرة في عام 1960 - على يد برشلونة - وخسر المباراة النهائية في عامي 1962 و1964. وكان دي ستيفانو قد رحل، ولم يكن النادي في حالة جيدة من الناحية الاقتصادية. وكان الفريق الذي تغلب على نادي بارتيزان في نهائي عام 1966 مكوناً بالكامل من اللاعبين الإسبان. وإذا كان ذلك يساهم في عدم النظر إلى الفريق الحالي على أنه يحاكي الجيل الذهبي لريال مدريد، الذي فاز بأول خمس كؤوس أوروبية، فهناك عناصر أخرى تدعم ذلك أيضاً، وهي أن ذلك الفريق هو الذي بنى وشكّل هوية ريال مدريد، وكان فريقا لا يقهر، وهيمن على الساحة الكروية بشكل قد لا يضاهيه أو يحاكيه هذا الجيل. وبدلاً من ذلك، فاز الفريق الحالي لريال مدريد ببعض بطولاته الأوروبية خلال السنوات الأخيرة بصعوبة شديدة، بل وبقدر كبير من الحظ في نظر البعض. وكان هناك اتفاق على أن الفوز ببطولة عام 2022 كان «سخيفاً» بضع الشيء، إن جاز التعبير، ثم جاءت الخسارة الثقيلة برباعية نظيفة أمام مانشستر سيتي في العام التالي كأنها «عادلة» تماماً، لكي تعكس القوة الحقيقية للفريق.

ومع ذلك، وكما قال كروس بعد تلك الخسارة أمام مانشستر سيتي: «ليس من الطبيعي أن نفوز بدوري أبطال أوروبا طوال الوقت. آخر مرة سمعت فيها أن هناك نهاية حقبة في هذا النادي كانت في عام 2019، لذلك نحن بخير». لقد كان النجم الألماني محقا تماماً في تلك التصريحات، فقد كان ريال مدريد على ما يرام، بل وكان أفضل من أي ناد آخر. لقد فاز النادي بست كؤوس أوروبية في عقد واحد من الزمان، وهو إنجاز لا يضاهيه أي إنجاز آخر، بما في ذلك الإنجاز التاريخي الذي حققه النادي في الخمسينات والستينات من القرن الماضي. في بعض الأحيان تكون بحاجة إلى الابتعاد قليلاً عن التاريخ الذي تصنعه لكي تدرك حجم الإنجازات التي حققتها بالفعل. الزمن يغير التصورات: يُنظر إلى الماضي بشكل مختلف، وفي يوم من الأيام سيصبح ما يفعله النادي حالياً ماضياً، وسيُنظر إليه على أنه شيء استثنائي.

لم يكن ريال مدريد في الخمسينات والستينات من القرن الماضي فريقا غير قابل للهزيمة أيضا، لكن لا يوجد أي شيء يمكن أن ينتقص من حجم الإنجازات التي حققها ذلك الفريق. وخلال السنوات الخمس الأولى التي فاز فيها ريال مدريد بكأس أوروبا، كان بطلا لإسبانيا مرتين، في حين فاز أتلتيك وبرشلونة بلقب الدوري ثلاث مرات خلال تلك الفترة. وعندما فاز ريال مدريد بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة السادسة، كان أتلتيكو مدريد هو من فاز بلقب الدوري المحلي. وكانت خمسة فرق - أتلتيك وبرشلونة وأتلتيكو مدريد وديبورتيفو وفالنسيا - أبطال إسبانيا عندما كان ريال مدريد بطلاً لأوروبا.

لكن ما المشكلة في ذلك؟ يكفي ريال مدريد فخرا أنه فاز بستة ألقاب لدوري أبطال أوروبا في عقد واحد فقط من الزمان! وفي الواقع، يمتلك الفريق الحالي لريال مدريد سجلا أفضل من الجيل الذهبي فيما يتعلق بعدد مرات الفوز بلقب الدوري. ويجب الإشارة هنا إلى أنه بعد عام 1966، بقي ريال مدريد 32 عاماً دون أن ينجح في الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا. لقد عاد ليفوز باللقب الأوروبي في عامي 2000 و2002، على الرغم من أن الفرق التي فازت باللقب في المرات السابعة والثامنة والتاسعة كانت مختلفة بشكل كبير، والدليل على ذلك أن روبرتو كارلوس وراؤول وفرناندو مورينتس كانوا هم اللاعبين الثلاثة فقط الذين شاركوا في المباريات النهائية الثلاث لهذه البطولات، وسجل زيدان ذلك الهدف الخرافي في نهاية أول موسم له مع النادي الملكي.

أنشيلوتي أكد أن الفوز بدوري الأبطال للمرة الـ15 كان أصعب من المتوقع (أ.ب)

وكان النادي قد بنى فريقه الغلاكتيكوس (العظماء) الشهير، لكنه تعثر، وواجه صعوبة كبيرة في الفوز باللقب العاشر، وظل الأمر على هذا النحو لأكثر من عقد من الزمان. وعلى مدار ستة أعوام متتالية، لم يتمكن ريال مدريد من تحقيق الفوز في الأدوار الإقصائية. لقد انتظر النادي اثني عشر عاماً، وهو ما بدا وكأنه وقت طويل للغاية، لكي يصل مرة أخرى إلى المباراة النهائية في لشبونة في عام 2014. وكان الفريق خاسراً أمام أتلتيكو مدريد حتى الدقيقة 92، قبل أن ينجح سيرخيو راموس في إحراز الهدف القاتل بضربة رأس قوية، لتكون بالتأكيد اللحظة الأكثر تأثيرا بعد ذلك في تاريخ ريال مدريد. وقال بول كليمنت، مساعد أنشيلوتي، في وقت لاحق: «كل صباح كل يوم عندما كان راموس يأتي، كنت أشعر بالرغبة في تقبيله». لقد كان الفريق ينتظر النهاية الأكثر صدمة، وكان كل شيء على وشك الانهيار، قبل أن يتدخل راموس وينقذ كل شيء.

وبدلا من ذلك، كانت هذه هي نقطة البداية والانطلاقة الحقيقية. لقد فاز ريال مدريد باللقب للمرة العاشرة. وبعد ذلك بعامين، فاز باللقب ثلاث مرات متتالية، في إنجاز استثنائي بكل تأكيد. لقد بدا الأمر وكأن النادي لن يكون قادرا على تكرار ذلك الأمر، خاصة بعد رحيل النجوم البارزين - كريستيانو رونالدو، وسيرخيو راموس، وغاريث بيل، وكاسيميرو، ورافائيل فاران - وكذلك المديرين الفنيين، حيث أقيل أنشيلوتي من منصبه في غضون عام واحد، ثم رحل زيدان، الذي بدأ مساعداً لأنشيلوتي وأصبح بعد ذلك المدير الفني الأكثر نجاحاً في البطولة.

لاعبو ريال مدريد يواصلون احتفالاتهم في حافلة جابت شوارع العاصمة (أ.ف.ب)

وكان ريال مدريد يعاني من أجل العثور على بديل مناسب. وفي أحد الأيام، تلقى خوسيه أنخيل سانشيز، المدير العام للنادي، مكالمة هاتفية من أنشيلوتي حول إمكانية تعاقد إيفرتون مع بعض لاعبي ريال مدريد على سبيل الإعارة. وخلال المحادثة، سأله أنشيلوتي عن الكيفية التي تسير بها عملية البحث عن مدير فني جديد، وقال له سانشيز إن الأمور لا تسير بشكل جيد. وعندئذ، قال أنشيلوتي مازحا: «حسناً، هناك مرشح واحد واضح، وهو أفضل مدرب في العالم (يعني نفسه)»، وقال: «هل نسيتم من قادكم للحصول على لقب دوري أبطال أوروبا للمرة العاشرة؟»، وفي اليوم التالي، تلقى أنشيلوتي اتصالاً بشأن توليه قيادة ريال مدريد، وفي غضون ثلاث سنوات، رفع ريال مدريد الكأس ذات الأذنين للمرة الحادية عشرة والمرة الثانية عشرة، ليكون هذا هو أفضل عقد من الزمان لأكبر ناد في العالم، بقيادة المدير الفني الأكثر نجاحاً على الإطلاق في هذه المسابقة، وبمشاركة أربعة من أنجح خمسة لاعبين في تاريخ النادي. أما كارفاخال الذي وضع الحجر الأول في ملعب التدريب قبل 20 عاماً، فكان هو من وضع اللمسة الأخيرة على الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الخامسة عشرة، في إنجاز استثنائي!

* خدمة «الغارديان»