في اجتماع هو السادس، والرابع حضوريا، لوزراء دفاع 50 دولة في مجموعة الاتصال الخاصة بالمساعدة في الدفاع عن أوكرانيا، عقد في مقر حلف الناتو في بروكسل، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، إن «الالتزام بدعم أوكرانيا يمتد عبر جميع الفصول». وأضاف أن هذا الالتزام، «لا يتوقف على نتائج أي معركة معينة». وأوضح أوستن أن سلسلة الهجمات الصاروخية التي شنتها روسيا على مدن أوكرانية «تضع أهدافا ليس لها أغراض سياسية في مرمى النيران»، مدينا الهجمات الروسية الأخيرة. وقال إن الضربات الصاروخية الروسية على أوكرانيا كشفت «حقد ووحشية» حربها ووحدت المجتمع الدولي لدعم جهود أوكرانيا العسكرية للدفاع عن نفسها. وأكد أوستن أن الحلفاء سيواصلون «تعزيز قدرات أوكرانيا الدفاعية لتلبية الحاجة الماسة الآنية والبعيدة المدى». وقال «سنؤمن قذائف، وسنرى كيف نلبي حاجات الدفاع الجوي والصاروخي للأوكرانيين». وهو ما عد مؤشرا على نية الولايات المتحدة والدول الغربية مواصلة تزويد كييف بمنظومات دفاع جوية متطورة.
وتصاعدت وتيرة الحديث عن تلك المنظومات في الأيام الأخيرة، رغم التهديدات الروسية، بعدم تجاوز «الخطوط الحمراء»، في ظل ضغوط تتعرض لها إدارة بايدن والحكومات الغربية، سواء داخليا أو من أوكرانيا، لتسليمها تلك المنظومات. ويتردد حلفاء أوكرانيا في تزويدها بأنظمتهم الأكثر تطورا إذ يقر دبلوماسيون بأن كميات هذه الأسلحة محدودة في الدول نفسها. غير أن وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبريخت أكدت لدى وصولها، أنه تم تسليم أوكرانيا أول نظام دفاع ألماني مضاد للطائرات من الجيل الأخير «أيريس - تي». وقالت: «العام المقبل ستليه ثلاث أنظمة أخرى من هذا الطراز». وأوضحت مبررة مهلة التسليم الطويلة «إنها أنظمة معقدة جدا تستخدم أحدث التكنولوجيا» مضيفة «لكننا نفعل ما بوسعنا ليتم ذلك بأسرع ما يمكن». ووعدت الولايات المتحدة بأنظمة دفاع جوي من طراز «ناسامس»، على أن تسلم اثنين منهما قريبا لأوكرانيا. وتعهدت تسليم ستة أنظمة أخرى غير أنه يتعين تقديم طلب إلى الصناعة الدفاعية وقد لا يتم تأمينها قبل سنتين أو ثلاث. في هذه الأثناء قد يتجه الحلفاء إلى معدات عسكرية أقدم مثل صواريخ «هوك» الأميركية المضادة للطائرات التي تعود نماذجها الأولى إلى الحرب الباردة. غير أن تحديثها استمر حتى مطلع الألفية، بحسب مسؤولين أميركيين. ولم تعد الولايات المتحدة تستخدم هذه الصواريخ لكنها باعت الآلاف منها للعديد من الدول، وقد تتوجه إليها لتطلب منها إرسالها إلى أوكرانيا. وأشاد أوستن، بالمكاسب العسكرية الأوكرانية منذ سبتمبر (أيلول)، ووصفها بأنها «استثنائية»، وبأنها غيرت ديناميكيات الحرب. وأكد أوستن أن الولايات المتحدة التي قدمت حتى الآن مساعدات بقيمة 16.8 مليار دولار لأوكرانيا، ستعمل على مواصلة تلبية احتياجاتها لتعزيز دفاعاتها في مواجهة التطورات الميدانية، وستقف مع حلفائها إلى جانب المدافعين عن أوكرانيا. وقال إن الدول ذات «النيات الحسنة» وقفت بوجه الهجوم الروسي، التي اختار رئيسها الحرب، فيما اختارت أوكرانيا الدفاع عن نفسها. وفي إشارة إلى تداعيات الهجمات الصاروخية الأخيرة التي نفذتها روسيا ضد المدن الأوكرانية، قال أوستن إن تلك الاعتداءات، عمقت قرار الأوكرانيين في الدفاع عن نفسهم.
وأعلنت أوكرانيا الأربعاء استعادة بلدات عدة من الروس في جنوب البلاد، ورحبت بتسليمها نظاما دفاعياً جويا جديدا، متوقعة «حقبة جديدة» بعد يومين على القصف المكثف.
وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ إن مقر الناتو يستضيف وزراء الدفاع في «لحظة محورية لأمننا». وقال إن وزراء دفاع الحلف الـ30 سوف يناقشون الاحتياجات الأكثر إلحاحا لأوكرانيا مع وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، مضيفا أن المزيد من الدفاع الجوي» يمثل أولوية قصوى». وأشاد ستولتنبرغ بتقديم ألمانيا لنظام «إيريس تي» للدفاع الجوي لأوكرانيا، من أجل صد الهجمات الصاروخية في المستقبل. وقال: «بعض الحلفاء زودوا (كييف) بمثل هذه الأنظمة الدفاعية، لكن الأوكرانيين بحاجة إلى المزيد». وأوضح ستولتنبرغ «إنهم بحاجة إلى أنواع مختلفة من الدفاعات الجوية، أنظمة قصيرة المدى، بعيدة المدى، أنظمة مضادة للصواريخ الباليستية، لصواريخ كروز، للطائرات المسيرة. أنظمة مختلفة لمهام مختلفة».
ومن المتوقع أن يقرر وزراء الناتو زيادة مخزون الذخائر والمعدات لتعزيز قدرات الدفاع والردع للتحالف في ظل غزو روسيا لأوكرانيا. كما من المقرر أن يناقش الوزراء القدرات النووية للحلف قبل التدريبات النووية السنوية له، والحاجة لتوفير حماية أفضل للبنية التحتية المهمة، بعد أعمال تخريبية وقعت مؤخراً. ووجه السفير الأوكراني في ألمانيا، أندريه ميلنيك، الشكر إلى الحكومة الألمانية على توريد أول نظام للدفاع الجوي المتطور، الذي لم تنشره بعد برلين نفسها. وفي تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ)، قال ميلنيك الأربعاء إن هذه الخطوة تعني بالنسبة للناس في أوكرانيا حماية أفضل في مواجهة الهجمات. ووصف ميلنيك ما تم الاتفاق عليه من توريد ثلاثة أنظمة أخرى بأنه خطوة مهمة، وطالب باستكمال هذه الخطوة، مشددا على ضرورة أن تتخذ الحكومة الألمانية قرارات في هذا الصدد، «حتى لا نحصل على الأنظمة في عام 2024».
وأعلنت أوكرانيا أنها بدأت في تلقي أنظمة الدفاع الجوي التي كانت تطالب بها منذ أشهر لإسقاط الصواريخ الروسية بشكل أكثر فعالية، وذلك بعد يومين على القصف الروسي الذي استهدف بشكل خاص البنية التحتية للطاقة الأوكرانية، مما أدى إلى انقطاع الكهرباء والماء الساخن عن القرى والبلدات. وقال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف في تغريدة على «تويتر»، «بدأت حقبة جديدة من الدفاع الجوي» في أوكرانيا، مضيفاً أن «إيريس - تي الألمانية هنا بالفعل. «ناسامس» الأميركية ستأتي بعدها». وأضاف ريزنيكوف أن «هذه مجرد البداية»، مؤكداً «نحن بحاجة إلى المزيد. ليس هناك شك في أن روسيا دولة إرهابية. هناك واجب أخلاقي لحماية سماء أوكرانيا من أجل إنقاذ شعبنا». وطالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماع افتراضي لمجموعة السبع الثلاثاء، بالمساعدة في إنشاء «درع جوي» فوق أوكرانيا، محذراً من أن بوتين «لا يزال يملك وسائل للتصعيد».
بوتين أخطأ التقدير
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء أنّ نظيره الروسي أخطأ «بشكل واضح» في تقدير الوضع في أوكرانيا، مضيفاً أنه «أخطأ تماماً في تقدير» المقاومة التي سيواجهها. وأضاف في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية، «أعتقد أنه (بوتين) شخص عقلاني أساء التقدير بشكل كبير». وأوضح بايدن أن بوتين «كان يعتقد أنه سيتم استقباله بأياد مفتوحة، لكن أعتقد أن حساباته أخطأت تماما» معتبرا أنه «سوء تقدير تم دحضه من خلال المقاومة الشرسة داخل البلاد». وقال بايدن «أعتقد أن الخطاب وأهدافه لم تكن عقلانية. أعتقد أنه (بوتين) سيتم الترحيب به بأذرع مفتوحة، وأن هذا كان موطن الأم روسيا في كييف، وأنه حيث سيتم الترحيب به، وأعتقد أنه أخطأ تماما في التقدير». كذلك، وصف تلميح بوتين باستخدام سلاح نووي تكتيكي للدفاع عمّا يعتبره مكتسباته بـ«غير المسؤول». غير أنه أشار إلى أنه «لا يعتقد» بأنّ بوتين سيستخدم مثل هذه القنبلة، في تخفيف لتصريحات سابقة له، بأن بوتين «لا يمزح» في تهديداته النووية. وأكد بايدن، أنه لا يرى سببا وجيها للجلوس مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، وذلك ردا على سؤال عما إذا كان سيلتقي بوتين في قمة مجموعة العشرين التي ستعقد الشهر المقبل في إندونيسيا. وقال بايدن إن الأمر «سيعتمد على ما يريد (بوتين) التحدث عنه على وجه التحديد»، مضيفا أنه «إذا أراد بوتين مناقشة قضية نجمة كرة السلة الأميركية المسجونة، بريتني غرينير، فسيكون منفتحا على الحديث» معه. لكنه شدد على أن بوتين «تصرف بوحشية، أعتقد أنه ارتكب جرائم حرب. ولذا أنا لا أرى أي سبب منطقي للقائه الآن».