التعاون المصري - الأفريقي... «أولوية سياسية» عززتها أزمات عالمية

تقرير رسمي أكد أن التكامل الاقتصادي والتنموي «مطلب حتمي»

السيسي خلال حضوره إحدى القمم الأفريقية (أرشيفية - الرئاسة المصرية)
السيسي خلال حضوره إحدى القمم الأفريقية (أرشيفية - الرئاسة المصرية)
TT

التعاون المصري - الأفريقي... «أولوية سياسية» عززتها أزمات عالمية

السيسي خلال حضوره إحدى القمم الأفريقية (أرشيفية - الرئاسة المصرية)
السيسي خلال حضوره إحدى القمم الأفريقية (أرشيفية - الرئاسة المصرية)

بات التكامل التنموي مع دول القارة الأفريقية «مطلباً حتمياً»، وفق تقرير حكومي مصري، أكد أن دعم وتعزيز أطر التعاون مع الدول الأفريقية، من «أولويات السياسة المصرية خلال الفترة الحالية».
وأظهر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، منذ توليه السلطة قبل نحو 8 سنوات، اهتماماً لافتاً بقارة أفريقيا، باعتبارها «تشكّل أمناً قومياً مصرياً وأمناً غذائياً واقتصادياً»، كما تشير النائبة الدكتورة سماء سليمان وكيل لجنة الشؤون الخارجية والعربية والأفريقية بمجلس الشيوخ المصري.
وقالت سليمان، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأزمات العالمية المتتالية بداية من جائحة كورونا وصولاً إلى الحرب الروسية الأوكرانية، عززت أهمية التوجه المصري نحو التكامل الأفريقي، خصوصاً أن السوق الأفريقية تمثل إحدى أهم الأسواق الواعدة، وظهر ذلك في التكالب الدولي على القارة».
وتسعى مصر إلى أن تكون «شريكاً أساسياً» في عملية التنمية مع الدول الأفريقية، وتفعيل أجندة أفريقيا (2063)، عن طريق البدء في الربط بين طرفي القارة الشمالي والجنوبي، عبر مشروع الممر الملاحي النهري بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط من خلال مجرى نهر النيل ليكون حجر الأساس للسوق الأفريقية المشتركة، بحسب تقرير أصدره الأربعاء «مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار» بمجلس الوزراء المصري.
وسيعمل الممر على أن تكون مصر المنفذ الرئيسي لبضائع أفريقيا إلى العالم، وسيساعد الدول الأفريقية التي ليس لها حدود بحرية على أن تصل بضائعها إلى السواحل الشمالية للقارة من خلال نهر النيل، وهو ما سيؤدي – وفقاً للتقرير - إلى «نهضة اقتصادية لكل من تنزانيا وكينيا وأوغندا ورواندا وبوروندي والكونغو الديمقراطية وجنوب السودان والسودان وغيرها». وسيعمل على «خفض نسب الفقر في دول حوض النيل».
ولفت التقرير الرسمي إلى تسجيل مصر تقدماً بنسبة 20 في المائة في تنفيذ الجزء الخاص بها في تطوير شبكة الطرق، التي تعد أداة أساسية لها لتعزيز التكامل الإقليمي والتجارة مع الدول المجاورة؛ كذلك سجلت إثيوبيا معدل إتمام 100 في المائة في تنفيذ الطرق السريعة عبر أفريقيا والانتهاء من المستويات التشغيلية لسكة حديد إثيوبيا - جيبوتي، واستكمال الطريق إلى السودان، وكينيا، والصومال، وجيبوتي.
وتنفذ الحكومة المصرية بالتعاون مع عدد من الشركات، العديد من مشروعات البنية التحتية، وأعمال الطرق الكبرى، والمشروعات السكنية، والصحية، وحفر العديد من الآبار الجوفية والسدود ومحطات توليد الكهرباء في الدول الأفريقية.
وتعد أفريقيا من بين أقل المناطق تكاملاً في البنية التحتية بالعالم، وتقف التجارة البينية في القارة عند 15 في المائة مقابل 67 في المائة في أوروبا و52 في المائة في جنوب شرق آسيا. ومن المأمول أن تعمل تلك الطرق على تقليل زمن نقل البضائع، وجعل القارة منطقة جذب لرجال الأعمال والمستوردين والمصدرين.
وأشار التقرير إلى أن مصر ثالث أكبر اقتصاد في أفريقيا من حيث الناتج المحلي الإجمالي بعد نيجيريا وجنوب أفريقيا؛ حيث يسهم الناتج المحلي الإجمالي المصري بنسبة 12.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للقارة.
وأكد المركز، في تقريره، أن مصر تُعد مركزاً رئيسياً للتصنيع في القارة؛ حيث تمثل 22 في المائة من القيمة المضافة الصناعية القارية، وهي حصة ظلت إلى حد ما مستقرة في العقدين الماضيين، كما تعمل على زيادة تلك الحصة مع الدول الأعضاء للكوميسا والدول الأفريقية ككل، رغم مواجهة التعاون الاقتصادي مع أفريقيا بعض التحديات، منها مدى التزام الدول بإلغاء التعريفة الجمركية.
وتحتاج مصر إلى تشجيع الشركات المحلية للمشاركة في مشروعات التنمية في أرجاء القارة الأفريقية، كما يشير التقرير، إلى «تعظيم الاستفادة من منطقة التجارة الحرة القارية، وتعزيز القدرة على الوصول إلى أسواق جديدة».


مقالات ذات صلة

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

أفريقيا هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

بينما تستعد بريطانيا لتتويج الملك تشارلز الثالث (السبت)، وسط أجواء احتفالية يترقبها العالم، أعاد مواطنون وناشطون من جنوب أفريقيا التذكير بالماضي الاستعماري للمملكة المتحدة، عبر إطلاق عريضة للمطالبة باسترداد مجموعة من المجوهرات والأحجار الكريمة التي ترصِّع التاج والصولجان البريطاني، والتي يشيرون إلى أن بريطانيا «استولت عليها» خلال الحقبة الاستعمارية لبلادهم، وهو ما يعيد طرح تساؤلات حول قدرة الدول الأفريقية على المطالبة باسترداد ثرواتها وممتلكاتها الثمينة التي استحوذت عليها الدول الاستعمارية. ودعا بعض مواطني جنوب أفريقيا بريطانيا إلى إعادة «أكبر ماسة في العالم»، والمعروفة باسم «نجمة أفريقيا»، وا

أفريقيا «النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

«النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

مع تركيز مختلف القوى الدولية على أفريقيا، يبدو أن الاقتصادات الهشة للقارة السمراء في طريقها إلى أن تكون «الخاسر الأكبر» جراء التوترات الجيو - استراتيجية التي تتنامى في العالم بوضوح منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وتوقَّع تقرير صدر، (الاثنين)، عن صندوق النقد الدولي أن «تتعرض منطقة أفريقيا جنوب الصحراء للخسارة الأكبر إذا انقسم العالم إلى كتلتين تجاريتين معزولتين تتمحوران حول الصين وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المقابل». وذكر التقرير أن «في هذا السيناريو من الاستقطاب الحاد، ما يؤدي إلى أن تشهد اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى انخفاضا دائماً بنسبة تصل إلى 4 في الما

أفريقيا السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، اليوم (الثلاثاء)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة في السودان، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، بما يضمن أمن واستقرار ورفاهية البلاد وشعبها. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية السعودي، برئيس المفوضية، وتناول آخر التطورات والأوضاع الراهنة في القارة الأفريقية، كما ناقش المستجدات والموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا «مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

«مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب، التي تؤرق غالبية دول القارة الأفريقية، الأجندة الأوغندية، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، في شهر مايو (أيار) الجاري. ووفق المجلس، فإنه من المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان له، أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيناقش نتا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة «التطرف والإرهاب»، التي تقلق كثيراً من دول القارة الأفريقية، أجندة أوغندا، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في مايو (أيار) الحالي. ومن المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي؛ لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب الإرهابية» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة «الإرهاب» في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان، أنه سيناقش نتائج الحوار الوطني في تشاد، ولا سيما المسألتين ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

وفاة زعيم محلي في مالي اختطفه تنظيم «القاعدة»

تييرنو أمادو تال اختطفه تنظيم «القاعدة» وتوفي في ظروف غامضة (صحافة محلية)
تييرنو أمادو تال اختطفه تنظيم «القاعدة» وتوفي في ظروف غامضة (صحافة محلية)
TT

وفاة زعيم محلي في مالي اختطفه تنظيم «القاعدة»

تييرنو أمادو تال اختطفه تنظيم «القاعدة» وتوفي في ظروف غامضة (صحافة محلية)
تييرنو أمادو تال اختطفه تنظيم «القاعدة» وتوفي في ظروف غامضة (صحافة محلية)

أعلن تنظيم «القاعدة» أن زعيم مجموعة محلية يتمتع بنفوذ واسع في مالي ومنطقة غرب أفريقيا توفي حين كان رهينة بحوزة مجموعة تابعة للتنظيم، في حادثة أثارت ردود فعل غاضبة، ومطالب شعبية في مالي والسنغال بالانتقام من التنظيم الإرهابي.

وكانت «جبهة تحرير ماسينا» التي تتبع تنظيم «القاعدة» وتنشط في وسط دولة مالي قد اختطفت الزعيم تييرنو أمادو تال، قبل أكثر من أسبوع حين كان يتحرك في موكب من أتباعه على متن عدة سيارات، على الحدود مع موريتانيا.

ويعد تال زعيم طريقة صوفية لها امتداد واسع في مالي والسنغال وموريتانيا، وعدة دول أخرى في غرب أفريقيا، ويتحدر من قبائل «الفلاني» ذات الحضور الواسع في الدول الأفريقية.

أمادو كوفا زعيم «جبهة تحرير ماسينا» الذي خطف أمادو تال... وأعلن عن وفاته (متداول- موقع «القاعدة»)

واشتهر تال بمواقفه المعتدلة والرافضة للتطرف العنيف واستخدام القوة لتطبيق الشريعة، كما كان يركز في خطبه وأنشطته على ثني شباب قبائل «الفلاني» عن الانخراط في صفوف تنظيم «القاعدة».

تال يتحدر من عائلة عريقة سبق أن أسست إمارة حكمت مناطق من مالي والسنغال وغينيا، خلال القرن التاسع عشر، وانهارت على يد الفرنسيين، ولكن العائلة ظلت حاضرة بنفوذها التقليدي.

تشير مصادر محلية إلى أن تال ظهر مؤخراً في موقف داعم للمجلس العسكري الحاكم في مالي، وخاصة رئيسه آسيمي غويتا، وكان ذلك السبب الذي دفع تنظيم «القاعدة» إلى استهدافه.

ولكن مصادر أخرى تشير إلى أن التنظيم الإرهابي كان ينوي اختطاف تال واستجوابه من أجل الحصول على معلومات تتعلق بالحرب الدائرة ضد الجيش المالي المدعوم من «فاغنر»، ولكن الأمور سلكت مساراً آخر.

ونشر أمادو كوفا، زعيم «جبهة تحرير ماسينا»، مقطعاً صوتياً جرى تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، أعلن فيه وفاة تال بعد عملية الاختطاف «أثناء نقله إلى موقع كان من المقرر استجوابه فيه».

وأشار زعيم الجماعة الإرهابية إلى أنهم كانوا ينوون تقديم تال للمثول أمام «محكمة» بخصوص تهمة «العمالة» لصالح السلطات المالية، مؤكداً أنه أثناء نقله نحو مكان المحاكمة «فارق الحياة»، وذلك بعد أن تعرض للإصابة خلال محاولة الاختطاف، وتسببت هذه الإصابة في وفاته بعد ذلك.

وكان التنظيم ينفي بشكل ضمني أن يكون قد «أعدم» زعيم طريقة صوفية لها انتشار واسع في دول غرب أفريقيا، ولكن الظروف التي توفي فيها لا تزالُ غامضة، وتثير غضب كثير من أتباعه الذين يقدرون بالملايين.

وقال أحد أفراد عائلة تال إنهم تأكدوا من صحة خبر وفاته، دون أن يكشف أي تفاصيل بخصوص الظروف التي توفي فيها، وما إن كانوا على تواصل بتنظيم «القاعدة» من أجل الحصول على جثمانه.

وتثير وفاة تال والظروف التي اكتنفتها مخاوف كثير من المراقبين، خاصة أنه أحد أبرز الشخصيات النافذة في قبائل «الفلاني»، وتوفي حين كان بحوزة أمادو كوفا الذي يتحدر من نفس القبائل، ويعد أحد أكبر مكتتبي شباب «الفلاني» في صفوف «جبهة تحرير ماسينا»، مستغلاً إحساس هذه القبائل بالغبن والتهميش.

ويزيد البعد القبلي من تعقيد تداعيات الحادثة، وسط مخاوف من اندلاع اقتتال عرقي في منطقة تنتشر فيها العصبية القبلية.

في هذه الأثناء لم يصدر أي تعليق رسمي من الحكومة المالية حول الحادثة التي أسالت الكثير من الحبر في الصحافة المحلية، كما حظيت باهتمام واسع في السنغال المجاورة.