الصراعات الملتهبة... تحاصر خريطة العرب

6 من أبرز 10 صراعات بالعالم تقع في منطقة الشرق الأوسط وحولها

الصراعات الملتهبة... تحاصر خريطة العرب
TT

الصراعات الملتهبة... تحاصر خريطة العرب

الصراعات الملتهبة... تحاصر خريطة العرب

لم تخلُ خريطة العالم يوماً من صراعات ملتهبة. أغلب تلك الصراعات اندلع في قلب قارات العالم القديم (آسيا، وأفريقيا، وأوروبا)، والقليل منها طال العالم الجديد. وبينما يقف العالم اليوم «خائفاً يترقب» من حرب عالمية ثالثة على وقع تصاعد القتال في أوكرانيا، واحتمالات تمدد أطراف المواجهة، فإن صراعات ملتهبة أخرى لا تقل احتداماً، وإن بدت أقل بروزاً على أجندة الاهتمامات العالمية، المتخمة بمتابعة مجريات الحرب الروسية- الأوكرانية، بينما تواصل صراعات عدة اشتعالها في جنبات الخريطة العالمية، وفي القلب منها منطقة الشرق الأوسط، صاحبة النصيب الأوفى من تلك الصراعات المحتدمة.
ويُقدِّر «مرصد الصراعات العالمية» التابع لمجلس العلاقات الخارجية بالولايات المتحدة، بؤر الصراع الساخنة التي لا تزال مضطرمة خلال العام الحالي حول العالم، بنحو 27 صراعاً. ويصنف المرصد تلك البؤر في 3 مجموعات: «متفاقمة»، و«لا تتغير»، و«تتحسن». ويخلص المرصد بعد دراسة مستفيضة لطبيعة تلك الصراعات ومآلاتها، إلى رؤية مثيرة للتشاؤم، مفادها أنه لا يوجد صراع واحد يوصف بأنه «يتحسن».
وبحسب خبراء دوليين ومحللين سياسيين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن تداعيات تلك الصراعات المحتدمة في منطقة الشرق الأوسط وحولها، تبدو أكثر تعقيداً مما يتصور كثيرون؛ لأنها تستقطب تدخلات قوى إقليمية ودولية تدير مصالحها عبر وكلاء محليين، وهو ما يمثل مؤشراً ليس فقط على إطالة أمد تلك الصراعات؛ بل التهديد الدائم بتطورها وامتدادها إلى أطراف ومناطق مجاورة، وهو ما يضاعف حدة الخطر والتهديد.
- أفريقيا... أرض الفرص والمخاطر
وبحسب تقرير أعدته مجموعة الأزمات الدولية، فإن 6 من أصل أبرز 10 صراعات في العالم خلال العام الحالي، تقع داخل منطقة الشرق الأوسط أو في تخومها، إذ أشار التقرير إلى أن الصراعات بين إسرائيل والفلسطينيين، وفي اليمن، وأفغانستان، وإثيوبيا، وإيران، وانتشار الإرهاب في دول الساحل والصحراء بأفريقيا، تحتل صدارة قائمة الصراعات الأكثر بروزاً خلال 2022، وتضاف إليها الصراعات الساخنة في أوكرانيا، وميانمار، وبين الصين وتايوان، وأخيراً الصراع في هاييتي.

د. سيد غنيم

ولا تقتصر تهديدات بؤر الصراع المحيطة بمنطقة الشرق الأوسط على الصراعات داخل المنطقة العربية؛ إذ تبدو القارة الأفريقية أرضاً للفرص وللمخاطر أيضاً، فوفقاً لتقرير صندوق السلام لعام 2021 -وهو مؤسسة فكرية أميركية- تقع 11 دولة من بين 15 دولة هي الأكثر هشاشة في العالم، في قارة أفريقيا.
كما أن الانهيار البطيء للدول في منطقة الساحل والصحراء، وتمدد الجماعات الجهادية الإرهابية من مالي إلى البلدان المجاورة، مثل النيجر وبوركينا فاسو. واضطراب الأوضاع عقب الانقلابات العسكرية التي شهدتها مالي وتشاد وغينيا، يضع تلك المنطقة في قلب عاصفة الصراعات التي لا تهدأ. وإذا أضفنا الحرب الأهلية المتواصلة إلى الآن في إثيوبيا منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، باستثناء هدنة هشة لنحو 5 أشهر فقط قبل تجدد القتال في أغسطس (آب) الماضي، فإن «قوس الصراعات» الأفريقية يتسع ليشمل شرق القارة وغربها.

ويليام ديفيسون

ويبدو الصراع الإثيوبي متجهاً نحو سيناريو حافة الهاوية، بما يعنيه من تأثيرات سلبية على وحدة الدولة وسلامة دول الإقليم، وهو ما يشرحه كبير محللي الشؤون الإثيوبية في «مجموعة الأزمات الدولية»، ويليام ديفيسون، لـ«الشرق الأوسط»، بقوله: «إن إثيوبيا دولة كبيرة ومهمة في الإقليم، ولها حدود مشتركة مع عدة دول، كما أن غياب حكومات قوية ومستقرة بالبلاد يدفع الأمور في كثير من الأحيان نحو التقلب، وهو ما ينعكس بالتبعية على علاقات أديس أبابا بدول المنطقة، ليس فقط فيما يتعلق بالنزاعات الحدودية كما حدث مع السودان في منطقة (الفشقة)؛ بل إن تلك الأزمات والصراعات الداخلية التي تشهدها إثيوبيا تلقي بظلالها على العلاقات مع دول مثل مصر والسودان فيما يتصل بأزمة (سد النهضة)».
ويضيف الخبير الدولي الذي عمل لسنوات طويلة مراقباً ومحللاً للأوضاع السياسية والميدانية بمنطقة شرق أفريقيا، أن التركيز الإثيوبي على اتخاذ خطوات دبلوماسية مهمة من أجل التوصل إلى حل للخلاف مع القاهرة والخرطوم بشأن السد «يتراجع بوضوح مع ازدياد تعقد الأزمة الداخلية»، فالقيادة الإثيوبية تبدو «مشتتة الذهن» بسبب التحديات الأمنية والانقسامات الداخلية التي تصاعدت في الفترة الأخيرة، وهو ما يدفع الحكومة إلى «التركيز أحياناً على البعد الخارجي، وإلقاء اللوم على مصر والسودان لتخفيف الضغوط المرتبطة بالأزمات الداخلية المتصاعدة، وبالتالي تتحول الأزمة الداخلية إلى واحدة من العقبات التي تحول دون التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث».

د. سعيد الصديقي

ويبدي ديفيسون تخوفه بوضوح من أن «إطالة أمد الصراع وامتداده إلى دول مجاورة، وتفاقم حالة الانقسام الداخلية في إثيوبيا، قد تُنتج تداعيات خطيرة على امتداد منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي، وهي منطقة هشة أمنياً وسياسياً، الأمر الذي قد يؤدي إلى مزيد من التفكك، وظهور مزيد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يفتح المجال أمام نشاط جماعات إرهابية وأطراف فاعلة غير نظامية، لتجد لها موضع قدم بالمنطقة».
- خصوصية لافتة لـ«دول المسرح»
وتكتسب الصراعات الملتهبة في المنطقة العربية وحولها خصوصية لافتة، لا تقتصر فقط على الأمد الزمني؛ بل تمتد إلى التشابك والتعقيد، بالنظر إلى تعدد القوى الفاعلة في الصراع، وتداخل المصالح، الأمر الذي يصنع خريطة ملتبسة وبالغة التعقيد من التقاطعات بين الأطراف الداخلية والخارجية، وهي في معظمها خريطة متحركة زمانياً ومكانياً. وتمثل الأزمتان السورية والليبية نموذجاً لهذه الحالة من التداخل بين ما هو داخلي وما هو خارجي، فالصراعات في المناطق الملتهبة رهينة مسارين رئيسيين -حسبما يرى زميل «أكاديمية ناصر العسكرية العليا»، والأستاذ الزائر بـ«الناتو» و«الأكاديمية العسكرية الملكية» ببروكسل، اللواء دكتور سيد غنيم- يتجسد المسار الأول في تأثير عناصر الأزمة الداخلية، وهي الأطراف المتصارعة، بينما يتجلى المسار الثاني في القوى الإقليمية أو الدولية الفاعلة، وذات المصلحة في هذا الصراع.
ويؤكد غنيم لـ«الشرق الأوسط»، أنه «من العبث تصور أن هناك مؤامرات كونية تدير الصراعات الساخنة في العالم، فهناك دائماً صراعات مصالح تحوِّل العالم إلى شقين: شق فاعل في مسار الأزمات، والآخر ما نسميه (دول المسرح)، أي الدول التي تجري على أراضيها الصراعات المسلحة أو الأزمات الملتهبة، وللأسف الشديد فقد توسع مفهوم (دول المسرح) في منطقتنا العربية ليشمل 5 دول، هي: سوريا، والعراق، واليمن، وليبيا، ولبنان الذي انضم أخيراً، بينما يمكن تلخيص الدول الفاعلة في إقليمنا الشرق أوسطي في قوى غير عربية (تركيا، وإيران، وإسرائيل)، وقوى عربية (السعودية، والإمارات، وقطر، ومصر)، وأخيراً تراجع الدور القطري لأسباب عديدة، واقتصر الدور المصري على حماية ضرورات الأمن القومي وتأمين الحدود».
ويرى غنيم أن عديداً من بؤر الصراعات الملتهبة في المنطقة العربية وحولها، تجتذب اهتمام القوى الإقليمية والدولية بشكل لافت، معتبراً أن هذا الانجذاب «أمر طبيعي» بالنظر إلى ما تتمتع به المنطقة من أهمية عالمية على مستوى أمنَي الطاقة والملاحة الدوليين، فالمنطقة تتحكم في أكبر موارد الطاقة العالمية من نفط وغاز، كما أنها تشرف على أهم المضايق والشرايين الملاحية التي تتحكم في حركة التجارة العالمية، وكذلك قناة السويس التي تعد الشريان الملاحي الأهم.
- «صراع تاريخي» في فلسطين
ولا يقف الأمر عند «جغرافية» بؤر الصراع؛ بل يمتد كذلك إلى «تاريخيتها»، فالمنطقة تحتضن واحداً من أقدم الصراعات التي لم تعرف الهدوء، ولا تزال بلا أفق لحل قريب، وهو الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني. ويقدّر الباحث الفلسطيني جهاد الحرازين، أنه «من غير المتصور حدوث استقرار في المنطقة في ظل استمرارية الاحتلال الإسرائيلي، وانتهاكاته المستمرة للقانون الدولي والمعاهدات والمواثيق الدولية». ويقول الحرازين لـ«الشرق الأوسط»، إن «استمرار الاقتحامات، وسياسات التهجير المتعمد من الأحياء العربية في الأرض المحتلة، وانتزاع المنازل المملوكة للفلسطينيين، معاناة مستمرة ومتواصلة منذ عام 1948، ما يجعل الصراع تاريخياً بحق».
وبشأن تقديره للدور الدولي في المرحلة الراهنة، يعتقد الحرازين أنه «إذا توفرت الإرادة الدولية لدى القوى الفاعلة، وخصوصاً الولايات المتحدة والدول الأوروبية، باتجاه إطلاق عملية سلام، فهي قادرة على ذلك»، مستدركاً: «لكن يبدو أن سياسة الكيل بمكيالين ما زالت المسيطرة على المواقف والأفكار؛ بل إن تلك القوى توفر غطاءً قانونياً وسياسياً للاحتلال الإسرائيلي، عبر آليات أممية، منها حق النقض (الفيتو)».
- ثمن باهظ يدفعه العالم
هذه الحقائق تطرح مزيداً من التساؤلات حول الثمن الذي يدفعه العالم جراء هذه الصراعات الملتهبة، كما تثير مزيداً من علامات الاستفهام حول نجاعة ما يُطرح من حلول. فوفقاً لأحدث تقرير من «مؤشر السلام الدولي» الذي يصدر عن «معهد الاقتصاد والسلام» بالعاصمة الأسترالية، سيدني، فإن التكلفة الاقتصادية العالمية للصراعات المسلحة وللعنف بلغت 16.5 تريليون دولار في عام 2021، بينما توقعت مجموعة «الدول الهشة» التابعة للبنك الدولي أنه بحلول عام 2030، قد يعيش ما يصل إلى ثلثي الفقراء المدقعين في العالم في بلدان ذات أوضاع هشة ومتأثرة بالصراع والعنف، وهو ما يعني أن التكلفة التي يدفعها العالم جراء تلك الصراعات لا تقتصر على البعد الاقتصادي فقط. وهو ما يؤكده أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، بفاس، الدكتور سعيد الصديقي لـ«الشرق الأوسط»، فيرى أن النزاعات والحروب تعطل العجلة الاقتصادية كاملة، وتصيب سلاسل الإنتاج بالشلل، لذلك فهي تعيق كل المشروعات التنموية. والدول التي تشهد نزاعات داخلية أو تدخل في حروب دولية تحتاج إلى عقود حتى تستعيد عافيتها الاقتصادية، لذلك فإن هذه النزاعات لا تستنزف القدرات الاقتصادية للدول المعنية فقط؛ بل تلقي بعبء كبير على الأجيال المقبلة، كما أن تأثيراتها قصيرة وطويلة المدى تطول أيضاً الدول المجاورة.
ويعتقد الصديقي أن المنطقة العربية محاطة بحزام من التوترات والنزاعات، لا سيما من الجهتين الجنوبية والشرقية، وهذا له تأثير مباشر على دول المنطقة؛ لا سيما ما يتعلق بالتهديدات الأمنية العابرة للحدود، وموجات الهجرة واللجوء التي تكون الدول العربية لها إما دول العبور أو دول المقصد، لذلك فإن جانباً من معيقات تقدم الدول العربية يعود إلى هذا الجوار الإقليمي غير المستقر، والمعادي أحياناً.
- تهديدات مستجدة وحلول تقليدية
ويؤكد كثير من تحليلات بؤر الصراع الملتهبة في العالم أن طبيعة النزاع والعنف تغيرت بشكل كبير، منذ تأسيس الأمم المتحدة قبل 77 عاماً، فالنزاعات باتت أقل فتكاً عن ذي قبل؛ لكنها أطول أمداً، وأكثر تعقيداً وتطوراً؛ الأمر الذي يتطلب استجابات مبتكرة، تختلف عن تلك الحلول التقليدية التي تبنتها الأمم المتحدة طيلة العقود الماضية. وهي قضية تثير تبايناً واضحاً بين المختصين، فمن جانب يعتقد الدكتور سيد غنيم -الذي عمل تحت مظلة الأمم المتحدة في عدة مهام، منها منصب رئيس أركان عملية الأمم المتحدة لدعم السلام بنيبال، كما شارك في مهام أخرى لحفظ السلام والمساعدات الإنسانية في الصحراء الغربية ورواندا- أن «التهوين من دور الأمم المتحدة في التعامل مع النزاعات الدولية المسلحة أمر يعكس عدم فهم دقيق لدور المنظمة ورسالتها».
ويشير إلى أنه لمس خلال عمله تحت المظلة الأممية، حجم الجهود التي تبذل في إحلال السلام بعديد من المناطق الملتهبة عالمياً، وقد تحقق تلك الجهود نجاحاً ملموساً، كذلك الذي حققته البعثة الأممية التي شارك فيها في نيبال، وقد لا تحقق النجاح المنشود، كما هو الحال في سوريا وليبيا.
ويرجع غنيم السبب إلى تعقد وتشابك علاقات القوى الفاعلة في الأزمات، وطبيعة دورها بوصفها جزءاً من الأزمة أو من الحل، علاوة على أن مصالح القوى الدولية الكبرى، وعقبات التمويل والتدخلات السياسية والعسكرية والقانونية أحياناً (استخدام «الفيتو» في مجلس الأمن) قد تعرقل جهود الأمم المتحدة، وتحول دون تمكنها من التوصل إلى حل؛ لا سيما أن المنظمة الدولية ملتزمة بـ«مبدأ القبول»، أي موافقة جميع الأطراف المنخرطة في الصراع على الدور الأممي، وهي مسألة جوهرية في رسالة وعمل الأمم المتحدة، إلا أن الواقع يكشف أن صراعات المصالح سواء من جانب الأطراف الداخلية أو الإقليمية والدولية، تؤدي في كثير من الأحيان إلى عرقلة جهود الأمم المتحدة، وظهورها في مظهر الضعيف غير القادر على الحل.
في المقابل، يجزم الدكتور سعيد الصديقي بأن «دور الأمم المتحدة كان دائماً ضعيفاً للغاية في حل النزاعات الدولية، وجُل نجاحاتها يأتي بعد أن تتهيأ الشروط الملائمة، وخصوصاً التوافق بين الأطراف المتنازعة على الوضع القائم، لذلك فإن الدول تعتمد على نفسها أو على تحالفاتها الدولية والإقليمية لحماية مصالحها الوطنية».
ويرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، بفاس، أن البديل المثالي هو تشكيل منظومة عربية حقيقية وفعالة، كما هو الشأن في الاتحاد الأوروبي، وأميركا اللاتينية، والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، إلا أنه يستدرك قائلاً: «لكن مع الأسف، الظروف العامة في المنطقة غير ملائمة حالياً لإنشاء آليات فعالة للعمل العربي المشترك؛ لا على مستوى المنطقة كلها، ولا في جهات فرعية، مثل المنطقة المغاربية، بسبب عدم الثقة والتوجس اللذين يطبعان علاقات الدول العربية؛ لا سيما المتجاورة».


مقالات ذات صلة

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

العالم العربي تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

أعلن النائب التونسي ثابت العابد، اليوم (الثلاثاء) تشكيل «الكتلة الوطنية من أجل الإصلاح والبناء»، لتصبح بذلك أول كتلة تضم أكثر من 30 نائباً في البرلمان من مجموع 151 نائباً، وهو ما يمثل نحو 19.8 في المائة من النواب. ويأتي هذا الإعلان، بعد المصادقة على النظام الداخلي للبرلمان المنبثق عمن انتخابات 2022 وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي برلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية، لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي. ومن المنت

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي مصر تبدأ تحريكاً «تدريجياً» لأسعار سلع تموينية

مصر تبدأ تحريكاً «تدريجياً» لأسعار سلع تموينية

بدأت مصر في مايو (أيار) الحالي، تحريكا «تدريجيا» لأسعار سلع تموينية، وهي سلع غذائية تدعمها الحكومة، وذلك بهدف توفير السلع وإتاحتها في السوق، والقضاء على الخلل السعري، في ظل ارتفاعات كبيرة في معدلات التضخم. وتُصرف هذه السلع ضمن مقررات شهرية للمستحقين من أصحاب البطاقات التموينية، بما يعادل القيمة المخصصة لهم من الدعم، وتبلغ قيمتها 50 جنيهاً شهرياً لكل فرد مقيد بالبطاقة التموينية.

محمد عجم (القاهرة)
العالم العربي «الوطنية للنفط» في ليبيا تنفي «بشكل قاطع» دعمها أطراف الحرب السودانية

«الوطنية للنفط» في ليبيا تنفي «بشكل قاطع» دعمها أطراف الحرب السودانية

نفت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا «بشكل قاطع»، دعمها أياً من طرفي الحرب الدائرة في السودان، متوعدة بتحريك دعاوى قضائية محلياً ودولياً ضد من يروجون «أخباراً كاذبة»، وذلك بهدف «صون سمعتها». وأوضحت المؤسسة في بيان اليوم (الاثنين)، أنها «اطلعت على خبر نشره أحد النشطاء مفاده أن المؤسسة قد تتعرض لعقوبات دولية بسبب دعم أحد أطراف الصراع في دولة السودان الشقيقة عن طريق مصفاة السرير»، وقالت: إن هذا الخبر «عارٍ من الصحة». ونوهت المؤسسة بأن قدرة مصفاة «السرير» التكريرية «محدودة، ولا تتجاوز 10 آلاف برميل يومياً، ولا تكفي حتى الواحات المجاورة»، مؤكدة التزامها بـ«المعايير المهنية» في أداء عملها، وأن جُل ترك

جمال جوهر (القاهرة)
العالم العربي طرفا الصراع في السودان يوافقان على تمديد الهدنة

طرفا الصراع في السودان يوافقان على تمديد الهدنة

أعلن كلّ من الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» تمديد أجل الهدنة الإنسانية في السودان لمدة 72 ساعة إضافية اعتباراً من منتصف هذه الليلة، وذلك بهدف فتح ممرات إنسانية وتسهيل حركة المواطنين والمقيمين. ولفت الجيش السوداني في بيان نشره على «فيسبوك» إلى أنه بناء على مساعي طلب الوساطة، «وافقت القوات المسلحة على تمديد الهدنة لمدة 72 ساعة، على أن تبدأ اعتباراً من انتهاء مدة الهدنة الحالية». وأضاف أن قوات الجيش «رصدت نوايا المتمردين بمحاولة الهجوم على بعض المواقع، إلا أننا نأمل أن يلتزم المتمردون بمتطلبات تنفيذ الهدنة، مع جاهزيتنا التامة للتعامل مع أي خروقات». من جهتها، أعلنت قوات «الدعم السريع» بقيادة م

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
العالم العربي «السفر عكس التيار»... سودانيون يعودون إلى الخرطوم رغم القتال

«السفر عكس التيار»... سودانيون يعودون إلى الخرطوم رغم القتال

في وقت يسارع سودانيون لمغادرة بلادهم في اتجاه مصر وغيرها من الدول، وذلك بسبب الظروف الأمنية والمعيشية المتردية بالخرطوم مع استمرار الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، يغادر عدد من السودانيين مصر، عائدين إلى الخرطوم. ورغم تباين أسباب الرجوع بين أبناء السودان العائدين، فإنهم لم يظهروا أي قلق أو خوف من العودة في أجواء الحرب السودانية الدائرة حالياً. ومن هؤلاء أحمد التيجاني، صاحب الـ45 عاماً، والذي غادر القاهرة مساء السبت، ووصل إلى أسوان في تمام التاسعة صباحاً. جلس طويلاً على أحد المقاهي في موقف حافلات وادي كركر بأسوان (جنوب مصر)، منتظراً عودة بعض الحافلات المتوقفة إلى الخرطوم.


«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
TT

«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)

حديث إسرائيلي عن «مقترح مصري» تحت النقاش لإبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، يأتي بعد تأكيد القاهرة وجود «أفكار مصرية» في هذا الصدد، واشتراط إسرائيل «رداً إيجابياً من (حماس)» لدراسته، الخميس، في اجتماع يترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

تلك الأفكار، التي لم تكشف القاهرة عن تفاصيلها، تأتي في «ظل ظروف مناسبة لإبرام اتفاق وشيك»، وفق ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مع ضغوط من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإطلاق سراح الرهائن قبل وصوله للبيت الأبيض، كاشفين عن أن «حماس» تطالب منذ طرح هذه الأفكار قبل أسابيع أن يكون هناك ضامن من واشنطن والأمم المتحدة حتى لا تتراجع حكومة نتنياهو بعد تسلم الأسرى وتواصل حربها مجدداً.

وكشفت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، عن أن «إسرائيل تنتظر رد حركة حماس على المقترح المصري لوقف الحرب على غزة»، لافتة إلى أن «(الكابينت) سيجتمع الخميس في حال كان رد (حماس) إيجابياً، وذلك لإقرار إرسال وفد المفاوضات الإسرائيلي إلى القاهرة».

فلسطيني نازح يحمل كيس طحين تسلمه من «الأونروا» في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)

ووفق الهيئة فإن «المقترح المصري يتضمن وقفاً تدريجياً للحرب في غزة وانسحاباً تدريجياً وفتح معبر رفح البري (المعطل منذ سيطرة إسرائيل على جانبه الفلسطيني في مايو/أيار الماضي) وأيضاً عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء، خلال حديث إلى جنود في قاعدة جوية بوسط إسرائيل إنه «بسبب الضغوط العسكرية المتزايدة على (حماس)، هناك فرصة حقيقية هذه المرة لأن نتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن».

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكد، الأربعاء، استمرار جهود بلاده من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. وقال عبد العاطي، في مقابلة مع قناة «القاهرة الإخبارية»: «نعمل بشكل جاد ومستمر لسرعة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة»، مضيفاً: «نأمل تحكيم العقل ونؤكد أن غطرسة القوة لن تحقق الأمن لإسرائيل».

وأشار إلى أن بلاده تعمل مع قطر وأميركا للتوصل إلى اتفاق سريعاً.

يأتي الكلام الإسرائيلي غداة مشاورات في القاهرة جمعت حركتي «فتح» و«حماس» بشأن التوصل لاتفاق تشكيل لجنة لإدارة غزة دون نتائج رسمية بعد.

وكان عبد العاطي قد قال، الاثنين، إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

عبد العاطي أشار إلى أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى (اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

وكان ترمب قد حذر، الاثنين، وعبر منصته «تروث سوشيال»، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

دخان يتصاعد بعد ضربة إسرائيلية على ضاحية صبرا في مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأفاد موقع «أكسيوس» الأميركي بأن مايك والتز، مستشار الأمن القومي الذي اختاره ترمب، سيقابل وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمير، الأربعاء، لمناقشة صفقة بشأن قطاع غزة.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع أن «المقترح المصري، حسبما نُشر في وسائل الإعلام، يبدأ بهدنة قصيرة تجمع خلالها (حماس) معلومات كاملة عن الأسرى الأحياء والموتى ثم تبدأ بعدها هدنة بين 42 و60 يوماً، لتبادل الأسرى الأحياء وكبار السن، ثم يليها حديث عن تفاصيل إنهاء الحرب وترتيبات اليوم التالي الذي لن تكون (حماس) جزءاً من الحكم فيه»، مضيفاً: «وهذا يفسر جهود مصر بالتوازي لإنهاء تشكيل لجنة إدارة القطاع».

وبرأي مطاوع، فإن ذلك المقترح المصري المستوحى من هدنة لبنان التي تمت الأسبوع الماضي مع إسرائيل أخذ «دفعة إيجابية بعد تصريح ترمب الذي يبدو أنه يريد الوصول للسلطة والهدنة موجودة على الأقل».

هذه التطورات يراها الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية اللواء سمير فرج تحفز على إبرام هدنة وشيكة، لكن ليس بالضرورة حدوثها قبل وصول ترمب، كاشفاً عن «وجود مقترح مصري عُرض من فترة قريبة، و(حماس) طلبت تعهداً من أميركا والأمم المتحدة بعدم عودة إسرائيل للحرب بعد تسلم الرهائن، والأخيرة رفضت»، معقباً: « لكن هذا لا ينفي أن مصر ستواصل تحركاتها بلا توقف حتى التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن في أقرب وقت ممكن».

ويؤكد الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور أن «هناك مقترحاً مصرياً ويسير بإيجابية، لكن يحتاج إلى وقت لإنضاجه»، معتقداً أن «تصريح ترمب غرضه الضغط والتأكيد على أنه موجود بالمشهد مستغلاً التقدم الموجود في المفاوضات التي تدور في الكواليس لينسب له الفضل ويحقق مكاسب قبل دخوله البيت الأبيض».

ويرى أن إلحاح وسائل الإعلام الإسرائيلية على التسريبات باستمرار عن الهدنة «يعد محاولة لدغدغة مشاعر الإسرائيليين والإيحاء بأن حكومة نتنياهو متجاوبة لتخفيف الضغط عليه»، مرجحاً أن «حديث تلك الوسائل عن انتظار إسرائيل رد (حماس) محاولة لرمي الكرة في ملعبها استغلالاً لجهود القاهرة التي تبحث تشكيل لجنة لإدارة غزة».

ويرى أنور أن الهدنة وإن بدت تدار في الكواليس فلن تستطيع حسم صفقة في 48 ساعة، ولكن تحتاج إلى وقت، معتقداً أن نتنياهو ليس من مصلحته هذه المرة تعطيل المفاوضات، خاصة أن حليفه ترمب يريد إنجازها قبل وصوله للسلطة، مستدركاً: «لكن قد يماطل من أجل نيل مكاسب أكثر».