«أساور من ذهب»... إطلالة على تاريخ صناعة «المعدن النفيس»

كتاب جديد يوثق الجانب الاجتماعي للحرفة في مصر

خبير المجوهرات والكاتب الصحافي وليد فاروق (الشرق الأوسط)
خبير المجوهرات والكاتب الصحافي وليد فاروق (الشرق الأوسط)
TT

«أساور من ذهب»... إطلالة على تاريخ صناعة «المعدن النفيس»

خبير المجوهرات والكاتب الصحافي وليد فاروق (الشرق الأوسط)
خبير المجوهرات والكاتب الصحافي وليد فاروق (الشرق الأوسط)

تتميز مصر بتاريخ طويل في مجال التنقيب عن الذهب وصناعته، ويحتفظ متحف تورينو بإيطاليا بأول خريطة لمناجم الذهب في العالم قدّمها قدماء المصريين على ورق البردي، حيث تُظهر مواقع مناجم الذهب والتلال الجبلية التي تحتوي بين مكوناتها على «عروق الذهب»، كما تُبرز الاكتشافات الأثرية المتعاقبة مهارتهم في مجال تصنيعه، وفي العصر الحديث ظهرت عائلات برعت في مجال المشغولات الذهبية.
وفي كتاب صدر حديثاً لخبير المجوهرات والكاتب الصحافي وليد فاروق تحت عنوان «أساور من ذهب... حكايات وأسرار سوق الذهب في مصر» نطالع إطلالة على أحداث ووقائع وشخصيات خلال القرن العشرين أثرت في هذه الصناعة التي لا تزال تشغل مصر، وتحاول المنافسة فيها عالمياً، وفق فاروق الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الذهب على مر العصور كانت له أهميته في مصر، فيعد تاريخه جزءاً من تاريخها، وشاهداً على فترات الازدهار والإخفاق، راصداً ما وصلت إليه من فن وإبداع.
حرص فاروق على تناول تاريخ الصاغة في العصر الحديث، لأنه في حين تتوافر كتب كثيرة عن المجوهرات عند المصري القديم مثل كتاب «مجوهرات الفراعنة» لسيريل الدريد، أو كذلك متفرقات حول الحليّ الإسلامية في مصر، فإننا لا نجد مادة في الحقبة الحديثة سوى كتاب للدكتور علي زين العابدين «المصاغ الشعبي في مصر»، وفيه تحدث عن مصاغ المرأة لكن بصورة ليست اجتماعية سردية، حسب فاروق.

ومن أكثر فصول الكتاب تشويقاً الفصل الثاني الذي يتناول فيه أهم الجواهرجية والعائلات في تاريخ مصر مثل عائلة السرجانية التي تم تدشين محلاتها عام 1776م، وعائلة شفيق غالي التي تم تدشين محلاتها عام 1800م، إلى جانب تاريخ عائلة مسعودة، وهي واحدة من العائلات اليهودية التي سيطرت على سوق الذهب لنحو 150 عاماً.
كما يتطرق الكتاب إلى دور الأرمن في انتشار الأفكار والتصاميم الأوروبية بالسوق المحلية، وارتباط سر إقبال المصريين على عيار 18 بهم، ويكشف عن أن ما يُعرف الآن بـ«الذهب القشرة» كان في الأصل فكرة يهودية خالصة وذلك بهدف استعادة سيطرتهم على سوق الذهب مرة أخرى من أيدي الأرمن بعد الصراع الذي نشب بين الطرفين على سوق الذهب.
كما يسلّط الضوء على ظهور بعض العلامات التجارية في وقت مبكر من تاريخ مصر مثل علامة «السمكة» وعلامة «الزرافة»، والتي اختصت بالذهب عيار 21، وكذلك علامة «الجمل».

ويتناول الكتاب بسرد شيق قطع المصوغات التي كانت منتشرة في السوق المصرية، وتعرضت معظمها للاندثار، رغم أنه كان لكل قطعة اسم وحكاية، يقول الكاتب: «من أنواع الحلي التي ارتدتها المرأة المصرية خلال القرنين 19 و20 وتعد جزءاً من ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة هي الأقراط بأسماء مختلفة، مثل (شباك الحسين) و(الساقية) و(المروحة) و(الحلق المخرطة) و(خاتم سليمان)، و(شماريخ) و(السد العالي)، و(فريال)، وحلق (مخرطة شفتيشي بلوزة)، إلى جانب مجموعة متنوعة من الحليّ مثل (ورق شجر بدبلة)، و(الكردان) بأنواعه المختلفة».
مفردات الحليّ في القرن الماضي كانت تحمل مسميات مختلفة، لأن الصانع كان يسجل التصميم واسمه في مصلحة الدمغة والموازين، ولا يحق لأي صائغ أو ورشة تقليده وطرحه بالأسواق إلا بناءً على موافقة مكتوبة من صاحب المنتج، تقدم للمصلحة عند الدمغ.
ويشير الكتاب إلى أنه «كانت هناك قطع ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالإرث الاجتماعي مثل حلق «هَنَانِي». الذي وفق الموروث الشعبي يَحول دون تعدد الزوجات! وهو من الأقراط الشعبية التي كانت ترتديها المرأة المصرية، بشكل واسع الانتشار حتى منتصف القرن العشرين، وكان في الغالب يقدمه الرجل لزوجته، ويُصنع من الذهب عيار 21، ويتكون شكل الحلق من بعض الرموز، بتكرار فردي7 أو 5، حيث تمنع الأعداد الفردية في المعتقدات الشعبية من «التثنية»، ما يمنع زواج الرجل على زوجته من امرأة أخرى.

ومن الطرائف التاريخية التي يتناولها الكتاب وتدل على أهمية الذهب في المجتمع المصري كوسيلة لتأمين المستقبل، أن الجواهرجي أحمد عباسي -وفق رواية ابنه للكاتب- كان يفتح محله في الساعة 6 صباحاً بعد انتهاء موسم بيع المحاصيل الزراعية خصوصاً محصول القطن، ليستقبل الفلاحين وكبار المزارعين الذين يأتون من الصعيد ليشتروا لعائلاتهم المشغولات الذهبية من عيار 21، وبعضهم كان يشتري بمقدار 5 أو 6 كيلوغرامات من المشغولات الذهبية، وكانوا ينظرون للذهب كحفظ لقيمة الأموال وأفضل وسيلة للاستثمار.

وفي فصل «سر الصنعة» يتناول الفصل طرق صناعة الذهب القديمة والحديثة وكيف أثرت التكنولوجيا الحديثة على إنتاجه في مصر، ويقدم تقديرات لحجم تجارة الذهب وعدد العاملين وعدد الورش والشركات، كما يتناول أهم العملات الذهبية والتذكارية التي صدرت خلال القرن العشرين مثل الجنية الذهب.



الخفافيش تتكيف مع فقدان السمع بخطة بديلة

الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
TT

الخفافيش تتكيف مع فقدان السمع بخطة بديلة

الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)

كشفت دراسة أميركية عن استراتيجية بديلة تلجأ إليها الخفافيش عندما تفقد قدرتها على السمع، وهي حاسة أساسية تستخدمها للتوجيه عبر تقنية الصدى الصوتي.

وأوضح الباحثون من جامعة جونز هوبكنز أن النتائج تثير تساؤلات في إمكانية وجود استجابات مشابهة لدى البشر أو الحيوانات الأخرى، مما يستدعي إجراء مزيد من الدراسات المستقبلية، ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية (Current Biology).

وتعتمد الخفافيش بشكل أساسي على حاسة السمع للتنقل والتواصل عبر نظام تحديد المواقع بالصدى (Echolocation)، إذ تُصدر إشارات صوتية عالية التّردد وتستمع إلى صدى ارتدادها عن الأشياء المحيطة لتحديد موقعها واتجاهها. وتعد هذه القدرة إحدى الحواس الأساسية لها.

وشملت الدراسة تدريب الخفافيش على الطيران في مسار محدد للحصول على مكافأة، ومن ثم تكرار التجربة بعد تعطيل مسار سمعي مهمٍّ في الدماغ باستخدام تقنية قابلة للعكس لمدة 90 دقيقة.

وعلى الرغم من تعطيل السمع، تمكنت الخفافيش من إتمام المسار، لكنها واجهت بعض الصعوبات مثل التصادم بالأشياء.

وأوضح الفريق البحثي أن الخفافيش تكيفت بسرعة بتغيير مسار طيرانها وزيادة عدد وطول إشاراتها الصوتية، مما عزّز قوة الإشارات الصدوية التي تعتمد عليها. كما وسّعت الخفافيش نطاق الترددات الصوتية لهذه الإشارات، وهي استجابة عادةً ما تحدث للتعويض عن الضوضاء الخارجية، لكنها في هذه الحالة كانت لمعالجة نقص داخلي في الدماغ.

وأظهرت النتائج أن هذه الاستجابات لم تكن مكتسبة، بل كانت فطرية ومبرمجة في دوائر الدماغ العصبية للخفافيش.

وأشار الباحثون إلى أن هذه المرونة «المذهلة» قد تعكس وجود مسارات غير معروفة مسبقاً تعزّز معالجة السمع في الدماغ.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة، الدكتورة سينثيا موس، من جامعة جونز هوبكنز: «هذا السلوك التكيفي المذهل يعكس مدى مرونة دماغ الخفافيش في مواجهة التحديات».

وأضافت عبر موقع الجامعة، أن النتائج قد تفتح آفاقاً جديدة لفهم استجابات البشر والحيوانات الأخرى لفقدان السمع أو ضعف الإدراك الحسي.

ويخطط الفريق لإجراء مزيد من الأبحاث لمعرفة مدى تطبيق هذه النتائج على الحيوانات الأخرى والبشر، واستكشاف احتمال وجود مسارات سمعية غير معروفة في الدماغ يمكن أن تُستخدم في تطوير علاجات مبتكرة لمشكلات السمع لدى البشر.