تركيا ترفض مجدداً تفتيش سفينة متجهة إلى ليبيا

«إيريني» اعتبرت الخطوة «انتهاكاً واضحاً» لمراقبة حظر الأسلحة

سفينة تابعة للعملية الأوروبية لمراقبة حظر الأسلحة المفروض على ليبيا (إيريني) (أ.ف.ب)
سفينة تابعة للعملية الأوروبية لمراقبة حظر الأسلحة المفروض على ليبيا (إيريني) (أ.ف.ب)
TT

تركيا ترفض مجدداً تفتيش سفينة متجهة إلى ليبيا

سفينة تابعة للعملية الأوروبية لمراقبة حظر الأسلحة المفروض على ليبيا (إيريني) (أ.ف.ب)
سفينة تابعة للعملية الأوروبية لمراقبة حظر الأسلحة المفروض على ليبيا (إيريني) (أ.ف.ب)

رفضت تركيا تفتيش إحدى السفن التابعة لها من طرف عناصر العملية الأوروبية لمراقبة حظر الأسلحة المفروض على ليبيا (إيريني)، في حادثة تكررت كثيراً بسبب موقف أنقرة من العملية الأوروبية منذ انطلاقها عام 2020.
وأعلنت قيادة «إيريني» رفض السلطات التركية طلب تفتيش السفينة «إم في ماتيلد إيه» قبل دخولها السواحل الليبية ليلة أمس، معربة عن استيائها للرفض التركي، الذي وصفته بأنه «انتهاك واضح» لمراقبة حظر الأسلحة على ليبيا. فيما ذكّرت قيادة العملية، في بيان، بدعوة مجلس الأمن جميع أعضاء الأمم المتحدة إلى التعاون مع عمليات التفتيش، التي تقودها في البحر المتوسط.
وكانت «إيريني» قد أعلنت في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي عن تقريرها لشهر سبتمبر (أيلول) الماضي، الذي أكد رصد ومراقبة 38 رحلة مشبوهة، والاستمرار في مراقبة 25 مطاراً، و16 ميناء ومحطات نفطية، والتحقيق في 156 سفينة تجارية عن طريق الاتصال اللاسلكي، وإجراء 18 زيارة للسفن بموافقة القادة.
وانطلقت العملية «إيريني» في 31 مارس 2020، عقب مؤتمر برلين الأول حول ليبيا، وعلى مدى عامين ونصف العام، أعلنت التحقيق في أكثر من 7298 سفينة، وأجرت في إطار المساعي الودية وبموافقة القادة نحو 385 زيارة إلى السفن التجارية، و24 عملية تفتيش، فيما بلغ عدد الرحلات المشبوهة التي تمت مراقبتها 1010 رحلات.
كما شاركت «إيريني» 40 تقريراً خاصاً مع لجنة خبراء الأمم المتحدة بشأن ليبيا، أشار معظمها إلى انتهاكات، أو انتهاكات محتملة لحظر الأسلحة، وأنشطة تهريب البترول. إضافة إلى إصدار 69 توصية لقوات إنفاذ القانون المختصة لتفتيش السفن المشبوهة في موانئ الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، تم تنفيذ 54 منها بالفعل، فيما جرى تحويل سفينتين من أصل 24 سفينة إلى ميناء دولة عضو بالاتحاد الأوروبي، وتمت مصادرة حمولتهما.
في سياق ذلك، أوضحت العملية الأوروبية أن تركيا رفضت صعود وتفتيش السفن المشبوهة في 8 مناسبات. كما رفضت في يوليو (تموز) الماضي السماح لعملية «إيريني» بتفتيش سفينة «إم في باربالي» المتجهة من إسطنبول إلى مصراتة.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية، نبيلة مصرالي، إن تركيا «عرقلت مجدداً مراقبة الاتحاد الأوروبي حظر الأسلحة، المفروض من الأمم المتحدة على ليبيا».
ومنذ البداية، ترفض تركيا عملية «إيريني» المنوط بها تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بفرض حظر الأسلحة على ليبيا، وتصفها بأنها «منحازة، وتعمل لصالح الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر».
وسبق أن اصطدمت تركيا مع قيادة عملية «إيريني»، بسبب إصرارها على تفتيش سفنها المتجهة إلى ليبيا إثر شكوك في حملها أسلحة إلى حكومة الوفاق الوطني الليبية السابقة، برئاسة فائز السراج، ثم إلى حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
وأرسلت تركيا آلافاً من قواتها، إلى جانب آلاف المرتزقة من الفصائل المسلحة الموالية لها في سوريا؛ للقتال إلى جانب قوات غرب ليبيا، التابعة لحكومة الوفاق السابقة، وذلك بموجب مذكرة تفاهم للتعاون العسكري والأمني، التي وقعها مع إردوغان في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، إلى جانب مذكرة التفاهم في مجال تحديد مناطق الصلاحية البحرية في البحر المتوسط. لكن مجلس النواب الليبي لم يصادق على المذكرتين حتى الآن. وتحتفظ تركيا حتى اليوم بآلاف من عناصر قواتها المسلحة، إلى جانب نحو 7 آلاف من المرتزقة السوريين من عناصر فصائل ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لها، على الرغم من المطالب الدولية بسحب المرتزقة والقوات الأجنبية، إذ تتمسك تركيا بأن وجودها العسكري في ليبيا «شرعي»، وأنه «لا يجب النظر إلى قواتها كقوات أجنبية».
ووافق البرلمان التركي على طلب الحكومة تمديد بقاء القوات العاملة في ليبيا لمدة 18 شهراً، اعتباراً من 2 يوليو ( تموز) الماضي. ورفضت تركيا على الدوام إجراء أي محادثات مع أطراف أخرى بشأن وجودها العسكري في ليبيا، باستثناء الحكومة الليبية، وتقول إنها تسعى لمساعدة ليبيا في إنشاء جيش موحد يجمع كل القوات بشرق وغرب البلاد، تحت مظلة واحدة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».