المعارضة السورية تسعى للسيطرة على آخر معاقل النظام في درعا

القذائف الطائشة توقع قتلى وجرحى في الجانب الأردني

مقاتلون من الجيش السوري الحر يطلقون النار من دبابة باتجاه قوات النظام في درعا أمس (رويترز)
مقاتلون من الجيش السوري الحر يطلقون النار من دبابة باتجاه قوات النظام في درعا أمس (رويترز)
TT

المعارضة السورية تسعى للسيطرة على آخر معاقل النظام في درعا

مقاتلون من الجيش السوري الحر يطلقون النار من دبابة باتجاه قوات النظام في درعا أمس (رويترز)
مقاتلون من الجيش السوري الحر يطلقون النار من دبابة باتجاه قوات النظام في درعا أمس (رويترز)

انطلقت قوى المعارضة السورية يوم أمس (الخميس) في معركة السيطرة على مدينة درعا وهي آخر معاقل النظام السوري في محافظة درعا. ويشارك بالهجوم نحو 51 فصيلا يحاولون بشكل أساسي قطع طريق درعا - دمشق.
وقال مصدر عسكري بارز في الجبهة الجنوبية لـ«الشرق الأوسط»، إن «الهجوم بدأ الساعة السادسة من صباح يوم الخميس من سبعة محاور»، لافتا إلى أن «الهدف الرئيسي للفصائل المقاتلة قطع طريق الإمداد الرئيسي والوحيد لدى القوات النظامية إلى مدينة درعا، والمتمثّل بالأتوستراد الدولي الرابط بين محافظة درعا ومدينة دمشق». وأضاف المصدر: «كما تسعى الفصائل إلى إيقاف نشاط الثكنات العسكرية المنتشرة في محيط المدينة، لتخفيف القصف المدفعي والصاروخي على المدينة ومحيطها خلال المواجهات».
ومع احتدام المعارك في مدينة درعا الحدودية مع الأردن، أفاد مصدر حكومي أردني بسقوط قذيفة مصدرها الأراضي السورية على مدينة الرمثا شمال الأردن ما أدى إلى مقتل شاب عشريني وإصابة أربعة آخرين بجروح متوسطة. وقال المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «قذيفة أطلقت من الأراضي السورية وسقطت في مدينة الرمثا قرب الحدود مع سوريا، ما أدى إلى مقتل شاب عشريني وإصابة أربعة آخرين». وأضاف أن «الإصابات الأربعة جروح متوسطة وقد نقل المصابون إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم».
وأعلنت غرفة العمليات العسكرية التابعة للمعارضة المسلحة في مدينة درعا، عبرَ بيانٍ مصور عن إطلاقها عملية عسكرية «واسعة النطاق» تهدف للسيطرة على مدينة درعا وجميع المواقع العسكرية المحيطة بها، وذلك ضمن معركة أطلقوا عليها اسم (عاصفة الجنوب).
وأوضح ضياء الحريري مدير المكتب الإعلامي للفيلق الأول، أحد أبرز مكونات الجبهة الجنوبية التي تقاتل في جنوب سوريا، أن الهجوم على درعا يهدف إلى «تحرير المدينة مركز المحافظة»، مشيرا إلى أن الفصائل المقاتلة هي تلك المنضوية في إطار الجبهة الجنوبية مع «جبهة النصرة» و«حركة المثنى» و«حركة أحرار الشام». وذكر الحريري لوكالة الصحافة الفرنسية أنه «تم قطع طريق الإمداد الوحيد الذي يربط المحافظة بمواقع النظام في المدينة ويصل إليها من حي البانوراما في الجهة الجنوبية بالنار التي يطلقها المعارضون من مدفعية ثقيلة».
بالمقابل، أعلن التلفزيون السوري الرسمي، أن الجيش صد هجمات على عدد من المواقع العسكرية في جنوب سوريا. وأكدت وكالة «سانا» السورية الرسمية، أن «وحدات من الجيش والقوات المسلحة مدعومة بسلاح الجو كبّدت التنظيمات الإرهابية التكفيرية المرتبطة لوجستيا واستخباراتيا بكيان الاحتلال الإسرائيلى وغرف عمليات عمان خسائر فادحة في الأفراد والعتاد والآليات في ريف درعا». بدوره، أكد محافظ درعا محمد الهنوس أن «الوضع في مدينة درعا آمن وتحت السيطرة».
وأشار ناشطون معارضون إلى أن «قوات المعارضة قصفت منذ الساعات الأولى من صباح الخميس مواقع سيطرة قوات النظام في درعا البلد، وردت الأخيرة بقصف جميع القرى والبلدات التي تطوق مدينة درعا، حيث سقط أكثر من خمسين برميلا متفجرا في محيط هذه المناطق».
وأوضح الناشطون، أن «الهجوم يتم من عدة محاور أبرزها محور مخيم درعا، الذي يهدف للسيطرة على فرع المخابرات الجوية، ومحور طريق السد ويهدف لاقتحام الأبنية التي تتحصن فيها قوات النظام داخل السوق في مدينة درعا، وأيضا محور درعا البلد وهي جبهة تهدف للسيطرة على حي المنشية داخل درعا البلد». أما من الجهة الشرقية، فتخوض قوات المعارضة معارك للسيطرة على أبنية تتحصن فيها قوات النظام، وهي خط دفاع أول لفرع أمن الدولة وفرع الأمن الجنائي.
وفي حال نجحت فصائل المعارضة بالسيطرة على مدينة درعا فذلك، سيمكنها من السيطرة على 80 في المائة من محافظة درعا، ولن يتبقى أمامها إلا مدينتي ازرع والصنمين، وهي بوابة النظام وخط دفاعه الأول عن العاصمة دمشق.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.