الكرملين يشيد بقرار {أوبك بلس} خفض الإنتاج

وصف لجوء أميركا إلى الاحتياطي بـ«الفوضى» في أسواق النفط

جاء قرار خفض الإنتاج ليوازن بين العرض والطلب في أسواق النفط (رويترز)
جاء قرار خفض الإنتاج ليوازن بين العرض والطلب في أسواق النفط (رويترز)
TT

الكرملين يشيد بقرار {أوبك بلس} خفض الإنتاج

جاء قرار خفض الإنتاج ليوازن بين العرض والطلب في أسواق النفط (رويترز)
جاء قرار خفض الإنتاج ليوازن بين العرض والطلب في أسواق النفط (رويترز)

ما زالت أصداء قرار أوبك بلس، خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يومياً، تتزايد بعد أن أشاد، أمس الأحد، الكرملين بقرار المجموعة التي تتكون من الدول المصدرة للنفط (أوبك) وحلفائها من خارج المنظمة، والتي نجحت، وفق موسكو، في مواجهة ما وصفته بالفوضى التي تبثها الولايات المتحدة في أسواق الطاقة العالمية.
وأبدى البيت الأبيض غضبه بعد قرار أوبك بلس خفض الإنتاج يوم الأربعاء الماضي، إذ يأمل بايدن في الحيلولة دون ارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة مرة أخرى قبل انتخابات التجديد النصفي التي يسعى فيها حزبه الديمقراطي جاهداً للحفاظ على هيمنته على الكونغرس.
واستجابت الأسعار لقرار أوبك بلس وارتفع خام برنت ليقترب من 100 دولار للبرميل، غير أن الأسعار كانت قد تراجعت من مستويات 120 دولاراً للبرميل، نتيجة عوامل ليست فنية في أسواق النفط، مثل قوة الدولار التي جعلت أسعار الخامات والسلع المقومة بالعملة الأميركية أكثر ارتفاعاً على الدول التي تملك عملات أخرى، فضلا عن موجة البنوك المركزية في رفع أسعار الفائدة لمعالجة التضخم.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أمس، إنه من الرائع أن «يتصدى هذا العمل المتوازن الرصين المدروس من جانب الدول التي تتخذ موقفاً مسؤولاً داخل أوبك لتصرفات الولايات المتحدة». ونقلت وكالات أنباء روسية عن بيسكوف قوله: «هذا على الأقل يتصدى للفوضى التي يسببها الأميركيون». في إشارة إلى لجوء الإدارة الأميركية إلى الاحتياطي الاستراتيجي النفطي.
ووصفت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين قرار أوبك بلس لخفض إنتاج النفط بأنه «غير مفيد وغير حكيم» للاقتصاد العالمي، حسبما ذكرت صحيفة «فايننشال تايمز». وأضافت الوزيرة: «نحن قلقون للغاية بشأن الدول النامية والمشاكل التي تواجهها».
وقال بيسكوف إن الولايات المتحدة بدأت تفقد صوابها بسبب قرار أوبك وتحاول ضخ كميات إضافية من احتياطياتها في السوق. وأضاف بيسكوف: «إنهم يحاولون التلاعب باحتياطياتهم النفطية من خلال ضخ كميات إضافية في السوق. مثل هذه اللعبة لن تؤدي إلى أي نتيجة جيدة».
كان الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي، قد استبق كل هذه التصريحات، بتوضيح الوضع في أسواق النفط، فأكد في مؤتمر صحافي بعد اجتماع أوبك يوم الأربعاء، أن أسعار النفط ارتفعت أقل بكثير من سلع الطاقة الأخرى مثل الغاز والفحم، مستعيناً بجدول أسعار.
وأعاد الأمير عبد العزيز بن سلمان التأكيد على هدف ورسالة منظمة أوبك، التي تستهدف استقرار السوق لدفع الاقتصاد العالمي، وسط توقعات بركود اقتصادي عالمي ناتج من تداعيات جيوسياسية لا تمت بأساسيات أسواق النفط بصلة.
وقال: «ما نقوم به ضروري لكل الدول المصدرة للنفط حتى الدول التي خارج منظمة أوبك بلس... سنواصل الإيفاء بالتزاماتنا تجاه الأسواق»، موضحاً أن أوبك بلس تجاوزت الأحداث الكارثية في العالم.
وبين الدعم الروسي والرفض الأميركي، لقرار أوبك بلس، أكد هيثم الغيص، الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، يوم الجمعة، أن أهداف خفض إنتاج النفط التي اتفق عليها المنتجون في «أوبك» ستتيح لهم مزيداً من الإمدادات لضخها في حالة حدوث أي أزمات. وقال الغيص إن «قرار أوبك الأخير ليس من دولة ضد دولة، وليس من دولتين أو ثلاث ضد مجموعة دول أخرى... القرار مبني على أرقام وحقائق ووقائع، من كثير من الجهات العالمية، تشير إلى احتمال كبير بحدوث ركود اقتصادي». وقال إن «أوبك وتحالف أوبك قررا استباق الأمور».
ولدى سؤاله عن العقوبات واقتراح الاتحاد الأوروبي وضع سقف لسعر النفط الروسي، قال الغيص إنه لا يمكنه التعليق على الأمر. وأضاف أن معالم العقوبات وآلية تطبيقها ليست واضحة لذا «لا نستطيع أن نعلق على شيء ليس واضحاً تماماً». وقال أيضاً إن «أوبك» لا تستهدف الأسعار، بل «نستهدف ميزان العرض والطلب، وهذا بالنهاية يصب في مصلحة الاقتصاد العالمي ونموه».
وتتوقع فيتول لتجارة الطاقة أن يقترب متوسط تداول برنت من 100 دولار بنهاية العام. وقال كريس بيك، عضو اللجنة التنفيذية لشركة فيتول ورئيس مجلس إدارة (في تي تي آي)، قبل اجتماع أوبك، إنه يتوقع أن يقترب سعر خام برنت من 100 دولار للبرميل بحلول نهاية العام. وأضاف أن القيمة السوقية لخام برنت تتراوح بين 80 و100 دولار للبرميل. وعدلت أوبك وتيرة الاجتماعات الشهرية لتصبح كل شهرين للجنة المراقبة الوزارية المشتركة (JMMC). ومنحها سلطة عقد اجتماعات إضافية، أو طلب اجتماع وزاري في أي وقت لمعالجة تطورات السوق إذا لزم الأمر. مع عقد الاجتماع الوزاري لمنظمة أوبك وخارجها كل ستة أشهر. ومن المقرر أن تعقد المجموعة الاجتماع الوزاري الرابع والثلاثين لأوبك وحلفائها في 4 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.


مقالات ذات صلة

الزيادة الكبيرة في مخزونات الوقود الأميركية تخفّض أسعار النفط

الاقتصاد خزانات تخزين النفط الخام في منشأة «إينبريدج» في شيروود بارك في أفق مدينة إدمونتون في كندا (رويترز)

الزيادة الكبيرة في مخزونات الوقود الأميركية تخفّض أسعار النفط

انخفضت أسعار النفط لليوم الثاني على التوالي، يوم الخميس، بعد زيادة كبيرة في مخزونات الوقود في الولايات المتحدة أكبر مستخدم للنفط في العالم.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد شعار «شل» خلال المؤتمر والمعرض الأوروبي لطيران رجال الأعمال في جنيف (رويترز)

«شل» تحذر من ضعف تداول الغاز الطبيعي المسال والنفط في الربع الأخير من العام

قلّصت شركة شل توقعاتها لإنتاج الغاز الطبيعي المُسال للربع الأخير وقالت إن نتائج تداول النفط والغاز من المتوقع أن تكون أقل بكثير من الأشهر الـ3 الماضية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سفن الشحن راسية قبالة الساحل وتتقاسم المساحة مع منصات النفط قبل التوجه إلى ميناء لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)

النفط يرتفع بدعم تراجع المخزونات الأميركية

ارتفعت أسعار النفط، يوم الأربعاء، مع تقلص الإمدادات من روسيا وأعضاء منظمة «أوبك»، وبعد أن أشار تقرير إلى انخفاض آخر بمخزونات النفط الأميركية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد ضباط تفتيش الهجرة يرتدون بدلات واقية يتفقدون ناقلة تحمل النفط الخام المستورد في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ في الصين (أرشيفية - رويترز)

أسعار النفط ترتفع وسط مخاوف متزايدة من تعطل الإمدادات

عكست أسعار النفط الانخفاضات المبكرة يوم الثلاثاء، مدعومةً بمخاوف من تقلص الإمدادات الروسية والإيرانية في مواجهة العقوبات الغربية المتصاعدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد منصة النفط والغاز البحرية «إستر» في المحيط الهادئ في سيل بيتش بكاليفورنيا (أ.ف.ب)

أسعار النفط تواصل التراجع في ظل توقعات وفرة المعروض وقوة الدولار

واصلت أسعار النفط خسائرها للجلسة الثانية على التوالي يوم الثلاثاء بفعل تصحيح فني بعد صعود الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

مسح «بنك إنجلترا»: الشركات البريطانية تتوقع زيادة الأسعار وتقليص العمالة

نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
TT

مسح «بنك إنجلترا»: الشركات البريطانية تتوقع زيادة الأسعار وتقليص العمالة

نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)

أظهر مسحٌ أجراه «بنك إنجلترا»، يوم الخميس، على أكثر من ألفَي شركة، أن الشركات البريطانية تتوقَّع رفعَ الأسعار وتقليص أعداد الموظفين رداً على زيادة مساهمات أصحاب العمل في الضمان الاجتماعي التي ستدخل حيز التنفيذ في أبريل (نيسان) المقبل.

وأشارت النتائج إلى أن 61 في المائة من الشركات تتوقَّع انخفاضاً في الأرباح، و54 في المائة تخطِّط لزيادة الأسعار، و53 في المائة تتوقَّع تقليص العمالة، في حين تعتزم 39 في المائة منها تقليص زيادات الأجور؛ نتيجة لزيادة التأمين الوطني، التي تم إعلانها في موازنة 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقد أظهرت استطلاعات أخرى انخفاضاً في معنويات الأعمال وتراجعاً في نوايا التوظيف والاستثمار، منذ إعلان وزيرة المالية، راشيل ريفز، زيادة قدرها 25 مليار جنيه إسترليني (31 مليار دولار) في ضرائب الرواتب. وقد أسهم تباطؤ الاقتصاد في إثارة القلق في الأسواق المالية بشأن مستويات الدين العام في المملكة المتحدة، مما دفع تكاليف الاقتراض إلى الارتفاع بشكل حاد هذا الأسبوع. كما أظهرت أرقام منفصلة، يوم الخميس، من «جمعية وكالات التوظيف» انخفاضاً في الطلب على الموظفين الجدد، وهو الانخفاض الأكبر منذ أغسطس (آب) 2020.

ومن جانبه، يراقب «بنك إنجلترا» - الذي يدرس احتمالية خفض أسعار الفائدة مجدداً - تأثير تكاليف التوظيف المرتفعة على التضخم من خلال زيادة الأسعار أو تقليص الوظائف، وانخفاض الاستثمار، ونمو الأجور، مما قد يبطئ من النشاط الاقتصادي.

وعلق روب وود، كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة في «بانثيون ماكرو إيكونوميكس»، قائلاً إن مسح بنك إنجلترا يشير إلى أن الزيادات الضريبية تؤدي إلى دفع الأسعار للأعلى بشكل أكبر، بينما التأثير في التباطؤ أقل مما أظهرته استطلاعات مؤشر مديري المشتريات.

وأضاف: «لا تزال الأسئلة الأساسية للمسح تشير إلى تضخم مستمر وزيادة في الأجور، مع ضعف أقل حدة في سوق العمل مقارنة بالمسوحات النوعية، وهو ما يستدعي أن تتبنى لجنة السياسة النقدية خفض أسعار الفائدة بشكل تدريجي فقط».

وارتفع تضخم أسعار المستهلكين البريطاني إلى أعلى مستوى له في 8 أشهر ليصل إلى 2.6 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، مع توقعات من «بنك إنجلترا» بأن التضخم سيواصل الارتفاع في 2025، ولن يعود إلى هدفه البالغ 2 في المائة حتى عام 2027، مما يحد من احتمالية خفض أسعار الفائدة عن مستواها الحالي، البالغ 4.75 في المائة.

وأظهر مسح «بنك إنجلترا»، الذي أُجري بين 6 و20 ديسمبر (كانون الأول)، أن الشركات تخطط لرفع الأسعار بنسبة 3.8 في المائة على مدار الأشهر الـ12 المقبلة، بزيادة قدرها 0.1 نقطة مئوية عن التوقعات في الأشهر الثلاثة حتى نوفمبر. وظل نمو الأجور المتوقع للعام المقبل ثابتاً عند 4 في المائة على أساس المتوسط المتحرك لثلاثة أشهر في ديسمبر.

على صعيد آخر، هبطت أسهم شركة «ماركس آند سبنسر» البريطانية وبعض شركات التجزئة الأخرى يوم الخميس، حيث فقد القطاع مليارَي جنيه إسترليني (2.45 مليار دولار) من قيمته، مع تأثر التجارة الجيدة خلال موسم عيد الميلاد بتراجع ثقة المستهلك والضعف الاقتصادي.

ويستعد تجار التجزئة، الذين يواجهون أصلاً ضعفاً في معنويات المستهلكين، لتكاليف أعلى اعتباراً من أبريل المقبل، حيث من المتوقع أن ترتفع ضرائب أرباب العمل والحد الأدنى للأجور. كما ألقت قفزة في تكاليف اقتراض الحكومة البريطانية في الأيام الأخيرة بظلال من القلق على التوقعات الاقتصادية، مما ضاعف الضغوط على المالية العامة، ودفع المحللين إلى التحذير من احتمال الحاجة إلى زيادات ضريبية إضافية. ومع التوقعات بارتفاع التضخم، يتوقَّع تجار التجزئة عاماً صعباً.

وقال ستيوارت ماشين، الرئيس التنفيذي لشركة «ماركس آند سبنسر»، للصحافيين بعد إعلان تحقيق الشركة أعلى مبيعات للأغذية خلال موسم عيد الميلاد: «هناك ثقة حذرة من جانب العملاء». وعلى الرغم من النمو الأعلى من المتوقع بنسبة 8.9 في المائة في مبيعات المواد الغذائية و1.9 في المائة في مبيعات الملابس والمستلزمات المنزلية، فإن أسهم الشركة تراجعت بنسبة 6.5 في المائة. في المقابل، سجَّلت «تيسكو»، أكبر مجموعة سوبر ماركت في البلاد، زيادة في مبيعاتها بنسبة 4.1 في المائة، لكن أسهمها انخفضت بنسبة 1.3 في المائة.

وقال مات بريتزمان، محلل الأسهم في «هارغريفز لانسداون»: «لن يكون العام المقبل سلساً تماماً لشركات التجزئة الكبرى، حيث يستعد القطاع لمواجهة الزيادات الضريبية الوشيكة».

وبينما ساعدت مبيعات المواد الغذائية المزدهرة على دعم أداء «ماركس آند سبنسر» و«تيسكو»، إلا أن فئات أخرى شهدت تراجعاً. فقد تباطأ نمو شركة «غريغز» المتخصصة في الأطعمة السريعة في الأشهر الأخيرة من عام 2024، بينما سجَّلت شركة «بي آند إم» للتخفيضات انخفاضاً في المبيعات بنسبة 2.8 في المائة؛ مما أدى إلى انخفاض أسهمها بنسبتَي 10 في المائة و12 في المائة على التوالي.

وفي الوقت الذي شهدت فيه شركات التجزئة تراجعاً، ارتفع مؤشر الأسهم القيادية البريطانية الذي يركز على الأسواق العالمية بنسبة 0.5 في المائة.

وتستمر التحديات، إذ تقول الرئيسة التنفيذية لشركة «غريغز»، رويسين كوري، إن المستهلكين أصبحوا أكثر حذراً بشأن الإنفاق. وأضافت أن «النصف الثاني من عام 2024 كان مليئاً بالتحديات، وأعتقد أننا يجب أن نفترض أن هذا الأمر سيستمر حتى عام 2025».

وعلى الرغم من أن شركة «غريغز» قد حققت أداءً جيداً في السنوات الأخيرة، فإن نمو مبيعاتها الأساسي انخفض إلى 2.5 في المائة في الرُّبع الأخير من عام 2024، مقارنة بـ5 في المائة في الفترة السابقة.

من جانبها، حذَّرت أكبر شركة لتجارة الملابس في المملكة المتحدة من حيث القيمة السوقية، يوم الثلاثاء، من أن نمو المبيعات سيتباطأ في عام 205 - 2026؛ نتيجة لتأثير زيادة الضرائب الحكومية على مستويات التوظيف ورفع الأسعار.

وفيما يخص «تيسكو»، أظهر كين مورفي، رئيس الشركة، تفاؤلاً ملحوظاً. وأوضح أنه على الرغم من أن المستهلكين الذين «احتفلوا فعلاً بعيد الميلاد» سيكونون أكثر حرصاً على القيمة في يناير (كانون الثاني)، فإن هذه الظاهرة تُعدّ سمة تقليدية دائماً في بداية العام.