زوجات الأنبياء الحلقة (9): والهة.. شجعت أهلها على الفساد.. أفشت أسرار لوط وحرضت على الملائكة

زوجات الأنبياء الحلقة (9):  والهة.. شجعت أهلها على الفساد.. أفشت أسرار لوط وحرضت على الملائكة
TT

زوجات الأنبياء الحلقة (9): والهة.. شجعت أهلها على الفساد.. أفشت أسرار لوط وحرضت على الملائكة

زوجات الأنبياء الحلقة (9):  والهة.. شجعت أهلها على الفساد.. أفشت أسرار لوط وحرضت على الملائكة

لبشاعة أفعالها ضد زوجها نبي الله ورسوله لوط عليه السلام، توعد القرآن الكريم والهة بالعذاب الشديد في آيات كثيرة، في عدة سور، منها التحريم، والأعراف، والحجر، والنمل، والعنكبوت، وهود، والشعراء.
إنها ثانية الزوجتين الخائنتين اللتين ضرب الله عز وجل بهما المثل للذين كفروا في قوله تعالى: «ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امرأة نُوحٍ وَامْرَأَة لُوطٍ».... (التحريم: 10).
تحالفت مع قومها الضالين الفاسدين المنحرفين عن الخلق الحميد، الذين يأتون الفاحشة ما سبقهم بها من أحد من العالمين. أفشت أسرار زوجها لوط عليه السلام، وحرضت قومها «السافلين» على ضيوفه من الملائكة الذين نزلوا عليه في صورة آدميين لمعاقبة الفجرة الفاسقين.
في حديثه عن والهة قال «معجم أعلام النساء في القرآن الكريم» لمؤلفه عماد الهلالي: «كانت كافرة مشركة، لم تؤمن بزوجها، وكانت تعاديه، وتشجع قومها على اللواط وإتيان الذكران.
لما أنزل الله العذاب على قوم النبي لوط لانغماسهم في اللواط والفحشاء والموبقات، وأمطر عليهم حجارة من سجيل، وجاءتهم الزلازل وقلبت ديارهم عاليها سافلها فأهلكتهم، كانت - والهة - من جملة من شملهم العذاب والهلاك.
ومن أعمالها الشريرة أنها كانت عينا لقومها على من يكون عند لوط من الضيوف».
أول ناد للعراة
كان الأجدر بوالهة أن تتحلى بأخلاق زوجها النبي لوط عليه السلام، وتبذل جهودها مخلصة في تأييد دعوته، ودعم رسالته بين قومها في «سدوم» ولكنها اختارت خيانة زوجها، ومعاداة دعوته.
أوقفت نشاطها على مراقبة حركة زوجها لحساب قومها الذين بلغ فسادهم حد التعري وكشف عوراتهم وسوءاتهم، والتفاخر بذلك، فيما يمكن اعتباره أول ناد للعراة في التاريخ.
كان واجبها أن تقف إلى جوار زوجها لوط وهو يدعو قومها إلى الإيمان بالله تعالى، والطهارة، والعفة، ونبذ الزنا واللواط، والفاحشة، ولكنها أبت إلا أن تكون عونا لهم على زوجها ودعوته.
لقد واجههم لوط عليه السلام، وحاول مرات كثيرة أن ينتشلهم من الفجور الذي سقطوا فيه دون جدوى.. قال تعالى: «كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلا عَلَى رَبِّ الْعالمينَ * أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعالمينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بل إنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ».. (الشعراء: 160 - 166).
وتحكي سورة العنكبوت جانبا مهما من جهود لوط مع قومه لإنهاء فسادهم، وتقويم سلوكهم، قال تعالى: «وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَة مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعالمينَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ.»... (العنكبوت: 28 و29).
وتكشف الحقائق الدينية والتاريخية أن قوم لوط لم يستجيبوا لدعوته، وتمادوا في فسادهم، وأعلنوا تحديه.. «فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ».. (العنكبوت: 29 و30).
وهددوه بالطرد من مدينتهم إذا لم يتوقف عن دعوتهم إلى نبذ الفساد.. «قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ».. (الشعراء: 167).
وما كان الله تعالى ليتركهم على فسادهم وسوء سلوكهم، فأرسل رسله من الملائكة - ومنهم جبريل عليه السلام - لمعاقبتهم.
إفشاء أسرار لوط
استضاف لوط عليه السلام هؤلاء الملائكة في بيته دون أن يدري بهم أحد من قومه، غير أن زوجته الخائنة والهة سارعت بإفشاء هذا السر، وإبلاغ قومها أن لوطا يستضيف أناسا في بيته قائلة: إن في بيت لوط رجالا ما رأيت مثل وجوههم قط.
وهكذا حرضت والهة قومها على ضيوف نبي الله لوط، فما كان من قومها إلا أن هرعوا إلى منزل لوط بغية الاعتداء عليهم.. قال تعالى: «وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ * وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رجل رَّشِيدٌ».. (هود: 77 – 78).
يقول الدكتور شعيب غباشي الأستاذ بجامعة الأزهر في كتابه «أعلام النساء في القرآن الكريم»: وجاء الموعد، فاستأذن جبريل عليه السلام في هلاكهم فأذن له، فاحتمل الأرض التي كانوا عليها وأهوى بها حتى سمع أهل سماء الدنيا صياح كلابهم، وأوقد تحتهم نارا ثم قلبها بهم، قال تعالى: «فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَإليها سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَة مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَة عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِي مِنَ الظَّالِمِينَ ببعِيدٍ».. (هود: 82 - 83).
ومضى الدكتور غباشي قائلا: «ولما سمعت امرأة لوط الهدة - آثار العقاب - قالت: وا قوماه، فأرسل عليها حجرا فأدركها فقتلها، ونجى الله لوطا وأهله المؤمنين به إلا امرأته، فإنها كانت للوط خائنة، وبالله كافرة».
إن المتأمل في سلوك والهة زوجة نبي الله لوط سيجد أنها اختارت العداء لزوجها ورسالته، وأصمت أذنيها عن سماع دعوة الخير، وأوقفت جهودها على الكيد لدين الله عز وجل، والتآمر على المؤمنين، وفي مقدمتهم زوجها لوط.
منعها سوء أخلاقها، وقسوة قلبها، وشدة حقدها من التأثر بنبوة زوجها، فلم تؤمن بدعوته، ولم تتأثر بإيمانه، وصلاحه، وانغمست في كفرها وعنادها وخيانتها حتى أهلكها الله عز وجل.
إن نساءنا وفتياتنا مطالبات بوعي حقيقة أن اتباع الهوى والبعد عن الحق ومجافاة الأخلاق الفاضلة وهجر القيم الدينية السمحة من شأنها أن تقود المرء إلى الهلاك كما كان مصير والهة الخائنة.



«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
TT

«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل

يدرك الجزء الثالث من مسلسل «للموت» أنّ الخطأ ممنوع، ومع ذلك تلقّفته أخطاء على شكل مبالغات. حوَّل تونس أرضاً لبنانية - سورية، وأعاد بطلتيه «سحر»، ماغي بوغصن، و«ريم»، دانييلا رحمة، إلى عالم المافيا بحجّة واهية بعد توبة لم تدم. وهو كرّر المحفوظ غيباً في المسلسلات المشتركة: فتيات ومخدرات ورجال وسلاح ودولارات مُسددة بعشرات الآلاف لارتكاب جرائم. ذلك يحاكي جانب «الأكشن» ويضمن اشتعال الأحداث. جانبه الآخر أشدّ واقعية؛ إنسانه يمكن تصديقه.
على الورق أن يضمن مكاناً في المنافسة الرمضانية، فالمسلسل يطلّ بعد موسمين قالا الكثير. تُوزّع كاتبته نادين جابر سطورها بين الحقيقة والخيال. تتجرأ في الطرح وتُجدّد المقاربة، باستعمال «حيل» تصطدم أحياناً بالهشاشة. لِمَ تونس والمطاردات السوريالية في شوارعها؟ أهكذا تعود البطلتان إلى بحيرة الدم؟ ماذا عن «القوى الخارقة» و«الحاسة السادسة»، فتكشفان (خصوصاً «سحر») المستور والمعلن، ويقع جميع الرجال في غرامهما!
إنها الدراما ولا مفرّ من توابل تُنكّه الطبخة. هنا، يخرج المسلسل من كونه «واقعياً» ويسبح حيث تتكاثر الحيتان. هذا الموسم، تدخل امرأة على الخط؛ ويكاد عنصر اللعب مع الرجال يعلن خواتيمه لولا رغبة «شفيق» (اللافت كميل سلامة) بالانتقام. هذه المرأة هي «كارما» (أداء متفوق لورد الخال)، فتضرب بيد من حديد وتمسك الزمام، إلى أن يطال شرّها ابنتها فتُذعن للمصير.

ورد الخال تتألق بشخصية «كارما» (لقطة من المسلسل)

لم تعد بوغصن ورحمة تقفان أمام كاميرا فيليب أسمر بكونهما ممثلتين. تستبدلان بكيانهما الشخصيتين وتتوهّجان فيهما. تقدّمانهما على طريقة ذوبان السكر في الماء لبلوغ المحلول الواحد المُحلّى. الثلاثية مع الخال تتألق.
عوامل قوة المسلسل (إنتاج «إيغل فيلمز»، «MTV» و«شاهد») تغلب ثغراته. فالنص مشغول لحبس الأنفاس، وإن مرّت حلقات باردة. الحوارات بعيدة عن السطح. وهناك أشعار تُقال على ألسنة الشخصيات، وأوجاع وحكم حياة. يحدث ذلك أمام عين مخرج ينتشل الجمال من أقصى القهر. كادراته ناطقة واختياره لـ«اللوكيشنات» خلّاق. أمامه، يعطي الممثلون الإحساس الصائب والـ«ريأكشن» المطلوب، فلا تتكاثر الدعسات الناقصة حول الأقدام. فيليب أسمر فنان المسلسل.
خطايا «كارما» المتوارثة عن الأب تصيب العائلة بأسرها. تمتلئ الشخصية بدوافع ارتكاب الشر، من دون مبرر يمنح سلوكها أسباباً تخفيفية. لكنها إنسان، والبشر خَطَأة. فإلى جانب السوء، تستطيع الحب ولفرط كثافته يصبح مَرضياً تجاه الرجل وشبه هوسي تجاه ابنتها بعد موت ابنها ضحية الأثمان المترتّبة على الصفقات.
يحرص مهيار خضور ويامن الحجلي عن الانفعال الموزون. الأول يجيد التردد ومراجعة الحسابات، ثم الخلاص بالحب. والآخر فنان في غضبه وألم الذاكرة، يقلّب صفحات مضيئة عنوانها حب العُمر. خلطُ أوراق يعيدهما إلى المعدن الطيب قبل توحّش الظروف، فيتحالفان على الجَمعة بعد قطيعة.
ذلك العالم الفانتازيّ ظلّ شاهداً على مشاعر صادقة وعطف لا مشروط. «سحر» و«ريم» جدليتان في كل حالاتهما؛ في خصامهما وصُلحهما. وَقْعٌ فريد في الدراما العربية، غير مفهوم إلا لأمهات لم ينجبن ولأوفياء هم عملة نادرة في زمن الغدر. عنوان المسلسل «للموت»، منبعه عاطفة لا يبررها إلا القادرون على العطاء.

ثنائي البطولة من سوريا يامن الحجلي (يمين) ومهيار خضور (لقطة من المسلسل)

المقلب الواقعي يبلغ جماله الإنساني في رندة كعدي بشخصية «حنان». العطف وأمومة العالم في العيون والملامح واللسان والقلب. لم يعد الحي فقيراً وهجرت أحوال ناسه الويلات؛ مع ذلك، تعتصره المعاناة حيث المال يصطدم بمنغّصات الحياة ودورة الزمن على البشر؛ فيؤدي أحمد الزين مشهداً بديعاً لرجل بلا ذاكرة، تآكل بالألزهايمر، وتقدّم كعدي أنبل دروس مواجهة السرطان بإرادة التغلّب عليه، وسط عويل ختام اللحام البارعة وتكاتف الأسرة رغم الامتحانات القاسية.
تُلقي نادين جابر على وسام صباغ بشخصية «محمود» قيمتين إنسانيتين يؤديهما بالدمع: إسقاط النظرة الذكورية حيال المرأة المطلّقة، وإعلاء صوت المواطن الشريف. ومن باب الانتخابات النيابية، يُبيّن المسلسل مدى تجذّر الفساد اللبناني وقدرة أزلامه على سحق الأنقياء.
مرة أخرى، تؤكد الكاتبة حق الأم بحضانة أطفالها وإنْ انحازت القوانين للأب. ورغم مسحة الكآبة الطافحة على وجه دوجا حيجازي، فقد قدّمت آلام الأمهات المنسلخات عن أولادهن بالظلم والقوة. يمرّر المسلسل رسائل نبيلة بصوت صريح حيناً وبرمزية فنية حيناً آخر. لا يكتفي بالتحوّل مسرحاً لغلبة المبالغة وسطوة البطولات؛ بل يتبنّى مواقف ويُذكّر بقضايا تمسّ الصميم، تستوجب التحديث وإعادة النظر.
ينطبق على المسلسل عدُّه مسلسلَ كل شيء، ففيه خليط يخاطب الجميع. يصبح أبطاله بعضاً من الناس، الجدد منهم والقدماء. ريان حركة بشخصية «لميس»، أداء عفوي منساب، اختزالها مؤثر لثمن الزواج المبكر وتطوّر أفكار الإنسان. كارول عبود بدور «سارية» القناع الترفيهي لنفس طمّاعة تجيد إمساك تفاصيلها. فادي أبي سمرا حالة خاصة؛ ومن تونس فاطمة بن سعيدان بشخصية «جاكو» بطعم العسل.
يكتمل الأداء الجماعي مع فايز قزق ومحمد عقيل وعلي منيمنة وسحر فوزي ورانيا عيسى وساشا دحدوح وعلي سكر وروزي الخولي ومنير شليطا وسلطان ديب وأوس وفائي ومارلين نعمان... مع خليل أبو عبيد والطفلة تالين بورجيلي بشخصية «خلود» المُحمّلة عذابات الكبار.