الانتخابات الرئاسية اللبنانية 2022: رقص في الهاوية

وسط تفاقم الأزمات الإقليمية والدولية

جانب من الجلسة الأولى لانتخاب الرئيس في البرلمان اللبناني
جانب من الجلسة الأولى لانتخاب الرئيس في البرلمان اللبناني
TT

الانتخابات الرئاسية اللبنانية 2022: رقص في الهاوية

جانب من الجلسة الأولى لانتخاب الرئيس في البرلمان اللبناني
جانب من الجلسة الأولى لانتخاب الرئيس في البرلمان اللبناني

أوشك رئيس الجمهورية الـ13 للبنان، ميشال عون، على نقل ما تبقى من حقائب حزمها من القصر الجمهوري في منطقة بعبدا بمحافظة جبل لبنان، إلى منزله الجديد في منطقة الرابية (شرق بيروت)، الذي ينتقل إليه مساء الاثنين 31 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي مع انتهاء ولايته. 6 سنوات أمضاها عون في سدة الرئاسة، عايش خلالها البلد أصعب التحديات، وواجه - ولا يزال - أكبر الأزمات في تاريخه الحديث. أزمات يرجح أن تضاف إليها أزمة الشغور الرئاسي المتوقع في ظل غياب أي مؤشرات توحي بإمكانية نجاح مجلس النواب في انتخاب رئيس جديد خلال المهلة الدستورية التي كانت قد بدأت مطلع شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وتنتهي نهاية أكتوبر الحالي. وتبدو المرحلة التي قد يكون لبنان مقبلاً عليها أشبه بتلك التي عايشها عام 2014، حين تعذر انتخاب رئيس للجمهورية خلفاً للعماد ميشال سليمان، فاستمر الشغور الرئاسي نحو سنتين ونصف السنة، نتيجة تعطيل «حزب الله» وحلفائه جلسات الانتخاب التي كان يُدعى إليها، وذلك لفرض انتخاب مرشحه ميشال عون، الذي عاد ووصل إلى سدة الرئاسة عام 2016، بعد تسوية كبيرة شملت رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، لكن ما يحذر منه عدد من المسؤولين في الداخل والخارج هو أن البلد لا يحتمل أي نوع من أنواع الشغور أو الفراغ، كما كان الحال عام 2014، باعتباره يرزح منذ عام 2019 تحت أزمة مالية غير مسبوقة تستدعي استنفاراً على كل المستويات لمعالجتها.

على الرغم من أن السلطة الإجرائية في لبنان لم تعد مرتبطة حصراً برئيس الجمهورية بعد «اتفاق الطائف»، الذي وُقّع عام 1989، وقلّص الصلاحيات المطلقة لـ«الرئاسة الأولى»، فإن فراغ قصر بعبدا يؤثر تلقائياً على صورة لبنان في الخارج، وينسف عامل الثقة الذي يستجديه البلد لينهض من جديد.
أضف إلى ذلك أن كثيرين يعوّلون على مشروع رئاسي «إنقاذي» يؤمل أن يحمله الرئيس المقبل، خاصة إذا ما كان هذا الرئيس يحظى بدعم عربي ودولي، لذلك فإن طول أمد الشغور سيعني تلقائياً المزيد من الانهيار والتخبط والرقص في لجة الهاوية، بعدما تجاوز اللبنانيون حافتها منذ مدة، مع ملامسة سعر صرف الدولار الأميركي الواحد في الأيام الماضية الـ40 ألف ليرة... فيما لا يزال الدولار الرسمي حتى الساعة عند حدود الـ1500 ليرة، بانتظار دخول مشروع رفعه ليبلغ 15 ألفاً حيز التنفيذ.

إميل لحود  -  ميشال سليمان  -  ميشال معوض

- مشكلة التوازنات البرلمانية
لا تسهّل التوازنات التي أفرزتها الانتخابات النيابية الأخيرة عملية انتخاب رئيس للجمهورية؛ لأن فريقي الصراع الأساسيين؛ أي فريق «حزب الله» وحلفائه، وفريق المعارضة، لا يملكان الأكثرية التي تخولهما تأمين الأصوات اللازمة لضمان فوز أي مرشح يفضلانه؛ إذ يحتاج انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان إلى حضور ثلثي أعضاء البرلمان جلسة انتخابه؛ أي 86 نائباً من أصل 128، كما يحتاج انتخابه دستورياً في الدورة الأولى إلى أكثرية ثلثي أعضاء المجلس، وبعدها يُكتفى بالغالبية المطلقة - أي 65 نائباً - في دورات الاقتراع التي تليها. وبناءً عليه، يستطيع 43 نائباً أن يعطلوا نصاب جلسة الانتخاب.
رئيس «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، يرى أن «مجلس النواب اليوم شقّان: الأول مع محور الممانعة؛ أي السلطة الموجودة، وهو كناية عن 61 نائباً، والثاني المكوّن من النواب الـ67 الآخرين»، الذين يمثلون نواب المعارضة والنواب المستقلين. وهنا نشير إلى أنه عند انتخاب نائب رئيس المجلس النيابي صوّت 65 للنائب إلياس بوصعب مرشح «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» وحلفائهما، فيما صوّت 60 لمرشح المعارضة النائب غسان سكاف، ووُضعت ورقتان بيضاوان، وكانت هناك ورقة ملغاة. ويبدو واضحاً أن عدداً من النواب المستقلين قد يصبّون في هذا الاتجاه أو ذاك، من دون أن يعني ذلك أن لهم تأثيراً في انتخابات الرئاسة. فحتى في حال اتفقت قوى المعارضة وهؤلاء على اسم أحد المرشحين، فلن يتمكنوا من إيصاله بـ65 صوتاً ما لم يؤمن لهم الفريق الآخر أو بعض مكوّناته نصاب الـ86 نائباً، وما يسري على هذا الفريق يسري أيضاً على الفريق المحسوب على «حزب الله»، الذي إن استطاع تكرار سيناريو تأمين فوز بوصعب بـ65 صوتاً بنيابة رئيس البرلمان، فلن يتمكن وحده من تأمين نصاب الـ86 نائباً.
لقد شكّلت نتائج الجلسة الأولى لانتخاب رئيس التي دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه برّي في 29 سبتمبر الماضي، مثالاً ساطعاً على التخبط الذي تعيشه القوى السياسية؛ إذ قرّر «حزب الله» وحلفاؤه (أي حركة «أمل» و«التيار الوطني الحر» وتيار «المردة» ونواب آخرون) التوحّد في تلك الجلسة خلف «الورقة البيضاء» لعجزهم عن التفاهم على مرشح واحد يخوضون معركته، فوضعوا 63 ورقة بيضاء في صندوق الاقتراع. وفي المقابل، انقسمت قوى المعارضة إلى 3 أقسام: الأول يضم «القوات» و«الكتائب» و«الحزب التقدمي الاشتراكي»، وعدداً من المستقلين الذين صوّتوا لرئيس حركة «الاستقلال» النائب ميشال معوض، فحاز 36 صوتاً. والثاني يضم نواب «التغيير» الذين صوّت 11 منهم حضروا الجلسة لرجل الأعمال سليم إدّه. أما الثالث فضم 11 من النواب السنّة، إضافة للنائب سجيع عطية، الذين صوّتوا بأوراق اعتُبرت ملغاة؛ لأنها حملت أسماء رمزية كـ«لبنان».
لو سبق الجلسة تفاهم بين مكونات المعارضة على التصويت لشخصية واحدة، لنجحت هذه القوى بخوض المعركة الرئاسية موحّدة، وحاز مرشحها 65 صوتاً، مقابل 63 ورقة بيضاء وضعها النواب المحسوبون على «حزب الله» وحلفائه، من دون أن يعني ذلك أنها كانت ستتمكن من ضمان انتخابه رئيساً - لأن ذلك يتطلب وجود 86 نائباً بالقاعة في الدورة الثانية، وهو عدد غير قادرة على تأمينه – ومن ثم، تمتلك القوى المؤيدة لـ«حزب الله»، وكذلك المعارضة في حال تكتلت ونسقت مع بعضها، 43 نائباً يستطيعون تعطيل النصاب، لكن لا «حزب الله» وجماعته ولا المعارضة يضمنان الـ86 صوتاً لتأمين فوز مرشح لا يوافق عليه الفريق الآخر.
لذلك ستكون هذه القوى ملزمة بالسير بمرشح توافقي لا مرشح تحدٍّ. وهو ما انطلقت منه مبادرة نواب «التغيير»، التي جالوا بها على مختلف القوى السياسية. ويقول هؤلاء إنهم رفضوا التصويت للنائب معوض؛ لأنه «لا يعتبر مرشحاً قادراً على الاستحواذ على رضى الفريق الآخر لتأمين نصاب انتخابه». كذلك يرد النواب السنّة المستقلون رفضهم التصويت لمعوض إلى السبب نفسه، وإن كان العمل جارياً لإقناعهم بالتصويت له في الجلسة الثانية التي حدّدها برّي لانتخاب رئيس يوم الخميس المقبل.

- المرشحون الرئاسيون
لا يُلزم الدستور اللبناني الشخصيات الراغبة في الترشح للانتخابات الرئاسية بتقديم ترشيحات رسمية، كما هو حال الانتخابات النيابية، وعادة ما كان يُختار رؤساء الجمهوريات إما من رؤساء الأحزاب أو قادة الجيش وغيرهم. ورغم ذلك قرر عدد من المرشحين هذا العام أن يعلنوا ترشيحاتهم رسمياً، وبشكل علني وواضح، ويطرحوا برامج انتخابية مفصلة.
سفيرة لبنان السابقة لدى الأردن، ترايسي شمعون، أعلنت في مؤتمر صحافي ترشحها للانتخابات الرئاسية، وعرضت برنامجها الرئاسي الذي حمل عنوان «رؤية جديدة للجمهورية»، ووزعت نسخاً منه على النواب الـ128. وكانت شمعون مقرّبة من الرئيس عون الذي اختارها سفيرة للبنان لدى الأردن عام 2017، قبل أن تستقيل من منصبها إثر انفجار 4 أغسطس (آب) 2019، وتخرج بمواقف تنتقد فيها العهد. وشمعون هي ابنة داني شمعون، النجل الأصغر لرئيس الجمهورية الأسبق كميل شمعون (1952 - 1958). وكان والدها قد اغتيل مع زوجته وطفليه داخل منزلهم عام 1990، أما أمها فهي الممثلة الأسترالية باتي مورغان. وهي تحمل الجنسية البريطانية.
وبين الشخصيات التي تقدمت بترشحها للرئاسة أيضاً، مي الريحاني، الناشطة في مجال تعليم الفتيات والدفاع عن حقوق المرأة وتمكينها. وهي كاتبة وشاعرة وناشطة في مؤسسات التنمية الدولية، ومقيمة في الولايات المتحدة، كما أنها ابنة أخي الأديب والعلّامة الراحل أمين الريحاني.
ثم هناك أيضاً زياد حايك، الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للخصخصة، الذي يشغل منصب رئيس الجمعية العالمية لوحدات الشراكة في جنيف (WAPPP) التي تنتمي إليها 41 دولة. ولقد عمل مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبنوك التنمية الأوروبية والأفريقية والآسيوية لسنوات عدة.
كذلك ترشح رئيس حزب «الإنقاذ البيئي»، بشارة أبي يونس، وطرح برنامجاً رئاسياً حمل عنوان «لبنان: الكيان الرئاسة السلطات». وأخيراً أعلن المحامي كلارنس قطيني، ترشحه للرئاسة مع أنه أرثوذكسي، فيما المتعارف عليه منذ الاستقلال أن يكون الرئيس مارونياً.
على أي حال، يعتبر كثيرون أن كل الترشيحات السابقة غير جدية، وأن المرشحين «الطبيعيين» للرئاسة هم «الأقوياء» في طائفتهم؛ أي رؤساء الأحزاب المسيحية: رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع، ورئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل، ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، ولكن بحسب الأرقام والحسابات الحالية لا توجد فرص لأي من هؤلاء؛ فباسيل لا يحظى حالياً إلا بدعم نواب تياره الـ18 ونواب الأرمن الـ3، وفي أفضل الأحوال قد يدعمه «حزب الله» بـ15 صوتاً، مما يجعل عدد الأصوات التي قد ينالها 36 فقط. كذلك لا يبدو أن هناك توجهاً لدى المعارضة لدعم ترشيح جعجع الذي قد يحظى في أفضل الأحوال - وفي حال وافق على ترشيحه كل نواب المعارضة – على 65 صوتاً، وهو غير كافٍ لانتخابه من خلال تأمين نصاب الجلسة المتمثل في حضور 86 نائباً. ويسري على الجميل ما يسري على جعجع. أما رئيس «المردة» سليمان فرنجية، الذي يعتبر المرشح المفضل لـ«الثنائي الشيعي» - أي «حزب الله» وحركة «أمل» - فيحظى بتأييد نحو 42 نائباً، وهو إن نجح في إقناع باسيل و«التقدمي الاشتراكي» بدعم ترشيحه، قد يحصل في أفضل الأحوال على 71 صوتاً، مما يعني أنه سيعجز أيضاً عن تأمين نصاب الجلسة.

- 13 رئيساً... و3 تجارب شغور و3 تمديدات
منذ الاستقلال عام 1943، عرف لبنان قبل «اتفاق الطائف»، 8 رؤساء جمهورية هم: بشارة الخوري، وكميل شمعون، وفؤاد شهاب، وشارل حلو، وسليمان فرنجية، وإلياس سركيس، وبشير الجميل، وأمين الجميل. وبعد «الطائف» تعاقب على سدة الرئاسة 5 رؤساء هم: رينيه معوض، وإلياس الهراوي، وإميل لحود، وميشال سليمان، وميشال عون.
على مدى 79 سنة لم تنتقل السلطة من رئيس إلى آخر بطريقة سلسة، وفي سياق انتخابات رئاسية طبيعية، إلا خلال عهدين فقط من أصل 13؛ إذ طبعت نهايات معظم العهود صراعات وحروب وفراغات، كان معظمها ينتهي بتسويات داخلية أو إقليمية ودولية تؤدي لانتخاب رئيس جديد. ويمكن الحديث بعد الاستقلال عن وقوع لبنان 3 مرات في شغور رئاسي: المرة الأولى مع انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميل في 22 سبتمبر (أيلول) 1988، وهو شغور انتهى بانتخاب الرئيس رينيه معوض عام 1989 (أي إنه دام سنة و44 يوماً).
والمرة الثانية مع انتهاء الولاية الممددة للرئيس إميل لحود في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) 2007، وانتهى الشغور الذي دام نحو 6 أشهر، يوم 25 مايو (أيار) 2008 مع انتخاب العماد ميشال سليمان، نتيجة اتفاق عُقد في الدوحة.
والمرة الثالثة شهدت «الفراغ» الأطول في تاريخ لبنان؛ إذ بدأ الشغور مع انتهاء ولاية سليمان يوم 25 مايو 2014، وانتهى في 31 أكتوبر 2016 مع انتخاب عون؛ أي إنه دام سنتين وخمسة أشهر.
وشهد لبنان أيضاً منذ استقلاله عام 1943 وحتى اليوم، 3 عمليات تمديد لولاية الرئيس: الأولى حصلت عام 1949 حين جُددت ولاية بشارة الخوري حتى عام 1955، لكنه ترك منصبه عام 1952 بعد ثورة بيضاء. وخلال مرحلة النفوذ السوري، عرف لبنان التمديد مرتين: الأولى مع إلياس الهراوي الذي انتُخب عام 1989، وانتهت ولايته عام 1995، لكن مجلس النواب مدّد ولايته 3 سنوات انتهت عام 1998. أما الثانية فمع انتهاء ولاية إميل لحود عام 2004، وجرى تمديدها 3 سنوات إضافية حتى عام 2007.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

التمديد لقائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة «محسوم»

النواب في جلسة تشريعية سابقة للبرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية للإعلام)
النواب في جلسة تشريعية سابقة للبرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

التمديد لقائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة «محسوم»

النواب في جلسة تشريعية سابقة للبرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية للإعلام)
النواب في جلسة تشريعية سابقة للبرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية للإعلام)

يعقد البرلمان اللبناني جلسة تشريعية الخميس المقبل لإقرار عدد من اقتراحات القوانين التي تكتسب صفة «تشريع الضرورة»؛ أبرزها اقتراح القانون الذي تقدّمت به كتلة «الاعتدال الوطني» للتمديد مرّة ثانية لقائد الجيش العماد جوزف عون، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، والمدير العام للأمن العام اللواء الياس البيسري.

ورغم تحفّظ بعض الكتل على اقتراح التمديد لقادة المؤسسات العسكرية والأمنية، لأسباب سياسية أو قانونية، فإن القانون سيأخذ طريقه للإقرار، وفق تقدير عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب أيوب حميّد.

وأوضح حميد لـ«الشرق الأوسط» أن «الصورة شبه محسومة لجهة إقرار قانون التمديد لقادة الأجهزة الأمنية، وهناك أيضاً اقتراحات قوانين ضرورية وتستدعي إقرارها؛ لأنها تتعلّق بحقوق الناس، منها ما يتعلّق بعمل الإدارات والقضاء والمصارف». ولم يخفِ حميّد «وجود تحفّظ لدى بعض الكتل حول التمديد لقائد الجيش، وهذا حقّها، لكن ذلك لن يهدد بتطيير الجلسة؛ لأن النصاب القانوني لانعقادها، أي (النصف زائداً واحداً - 65 نائباً)، مؤمن».

الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين خلال اجتماعه مع قائد الجيش اللبناني جوزف عون في زيارته الأخيرة إلى بيروت (أ.ف.ب)

وهل يشارك نواب «حزب الله» في الجلسة؟ رجّح حميّد أن «تكون هناك مشاركة متواضعة لهم؛ إذ لديهم ظروفهم التي نقدرها». وعمّا إذا كانت ظروف تغيّب نواب «الحزب» أو أغلبهم ذات طابع أمني أم سياسي، أي اعتراضاً على التمديد لقائد الجيش، رفض النائب حميّد الخوض في التفاصيل، داعياً إلى «تفهّم ظروف الزملاء في هذه المرحلة الدقيقة».

وإلى جانب اقتراح كتلة «الاعتدال الوطني»، الذي يحظى بتأييد غالبية نيابية، كانت كتلة «الجمهورية القوية» قدّمت اقتراح قانون للتمديد لقائد الجيش وحده من دون قادة الأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى اقتراح القانون الذي قدّمه عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبد الله، للتمديد لجميع الضبّاط من رتبة عميد حتى لا يُحرم هؤلاء من حقّهم في تبوّؤ مركز القيادة، إلّا إن التوافق اقتصر على اقتراح قانون التمديد للعماد جوزف عون واللواءين عثمان والبيسري.

ورأى عضو كتلة «الاعتدال الوطني» النائب وليد البعريني أن اقتراح كتلته «يكتسب طابع الشمولية، والتمديد لقائد الجيش وحده يفقد القانون شموليته ويعرضه للطعن أمام المجلس الدستوري». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الكتلة آثرت التمديد لقائد الجيش والأجهزة الأمنية ليس حبّاً في الأشخاص والأسماء، رغم احترامنا وتقديرنا لدورهم الوطني، بل حفاظاً على المؤسسات العسكرية والأمنية». وعن سبب استبعاد اقتراح النائب بلال عبد الله الأكثر شمولية، لفت البعريني إلى أن «هناك رهاناً على انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت، وعندها تأخذ المؤسسات دورها وينتظم عملها بشكل قانوني ودستوري».

وفي حين لم يعرف موقف نواب «حزب الله» من التمديد لقائد الجيش، فإن هذا الأمر يلقى معارضة قويّة من تكتل «لبنان القوي» برئاسة النائب جبران باسيل.

وأشار عضو التكتل النائب جيمي جبّور، إلى أن «اجتماع الكتلة الذي سيعقد في الساعات المقبلة سيحدد الموقف من المشاركة في الجلسة النيابية ومسألة التمديد»، لكنه أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «(التيار الوطني الحرّ) لديه موقف مبدئي عبّر عنه في المرّة السابقة، وهو أنه ضدّ التمديد لقائد الجيش؛ لأن انتظام عمل المؤسسات العسكرية والأمنية يتطلب إفساح المجال أمام ضباط آخرين لتسلّم هذا المنصب». وعدّ أن «الإصرار على التمديد لقائد الجيش الحالي مرتبط بترشيحه لرئاسة الجمهورية، ويفترض تحييد الجيش عن الاستخدام السياسي؛ لأن الجيش يلعب دوراً وطنياً، خصوصاً في المرحلة المقبلة، وبالتالي يجب إبعاده عن الحسابات السياسية»، عادّاً أنه «لا خوف من الفراغ في مركز القيادة ما دام الضابط الأعلى رتبة يتسلّم هذا المنصب».

وعمّا إذا كان «التيار الوطني الحرّ» يقبل أن يشغل ضابط غير مسيحي هذا الموقع ولو بالوكالة، خصوصاً أن اللواء بيار صعب، الذي كان يزكيه «التيار الوطني الحرّ» لشغل المنصب، أحيل على التقاعد، اتهم جبور بعض القوى بـ«إفراغ المجلس العسكري من أعضائه جراء الطعن في قرار وزير الدفاع الوطني (موريس سليم) الذي مدّد بموجبه لعضو المجلس العسكري اللواء بيار صعب والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد مصطفى استناداً إلى القانون الذي أقرّه مجلس النواب للتمديد لقادة الأجهزة الأمنيّة، لكن مجلس شورى الدولة أبطل هذا القرار».

وقال: «هناك استهداف لكل من يمتّ إلى (التيار الوطني الحرّ) بصلة سواء بالتعيين والحملات السياسية». وعمّا إذا كان ذلك اعترافاً بأن عضو المجلس العسكري اللواء بيار صعب ينتمي إلى «التيار الوطني الحرّ»، أجاب النائب جبّور: «ليس خافياً على أحد أن تعيين اللواء صعب في المجلس العسكري جاء بناء على اقتراح من الرئيس ميشال عون، وهناك رغبة في اجتثاث كل من يمتّ بصلة إلى الرئيس عون و(التيار)». ودعا إلى «اعتماد آلية جديدة، هي تعيين قائد جيش جديد وقادة للأجهزة الأمنية، لكن القيادات والكتل السياسية خضعت للأسف لقوى خارجية فرضت هذا التمديد، بدليل جولات بعض السفراء على قيادات ومطالبتها بحتمية التمديد لقائد الجيش».