انقلابيو اليمن يعيدون افتتاح مستشفى إيراني استخدم كمركز للتجسس

عُقدت فيه لقاءات بين المخابرات الإيرانية وعناصر الحوثي

TT

انقلابيو اليمن يعيدون افتتاح مستشفى إيراني استخدم كمركز للتجسس

بعد ثلاثة عشر عاما على إغلاقه من قبل الحكومة اليمنية، لاستخدامه كمركز للتجسس ودعم التطرف أعادت ميليشيات الحوثي افتتاح المستشفى الإيراني في صنعاء، وقامت بتغيير اسمه فقط، لكنها خصصت أكثر من ثلاثة مليار ونصف ريال لتجهيزه في واحد من أكبر مشاريع الفساد التي تسوقها الميليشيات.
ووفق ما أوردته وسائل إعلام الميليشيات التي تحتل العاصمة اليمنية فإن مهدي المشاط رئيس مجلس الحكم وضع حجر الأساس للمستشفى الذي سيكون متخصصاً في أمراض المسالك البولية بتكلفة 3 مليارات و500 مليون ريال - حوالي 7 ملايين دولار - بتمويل من عائدات الزكاة التي تقوم الميليشيات بجبايتها من السكان في مناطق سيطرتها بالقوة، وبعد أن ضاعفت هذه المبالغ عدة مرات خلال السنوات السابقة.
وذكرت مصادر طبية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن المستشفى سيكون أحد المشاريع التجارية التي تديرها الميليشيات عبر ما يسمى بهيئة الزكاة، حيث سيتم تحديد رسوم على الخدمات الطبية التي ستقدم فيه مقاربة لتلك الرسوم المعمول بها لدى المستشفيات الخاصة بعد أن خصصت المستشفيات العامة لقيادات ومقاتلي الميليشيات فقط، وأكدت أن الموضوع صفقة فساد كبيرة بين القيادات المتنفذة لأن مبنى المستشفى المكون من خمسة أدوار قائم منذ أربعين عاما وهو من أملاك وزارة الأوقاف.
وطبقاً لما ذكرته المصادر فإن السلطات اليمنية عندما قررت إغلاق المستشفى الإيراني في 13 - 10 - 2009 وبعد أربعة أعوام على افتتاحه قامت بنقل ملكية تجهيزاته إلى وزارة الأوقاف نظرا لأن الهلال الأحمر الإيراني لم يسدد مبالغ الإيجار الشهري المستحق للوزارة على المستشفى والذي بلغ حينها نحو 30 مليون ريال يمني، إلا أن الوزارة لم تقم بتشغيله لأسباب غير معروفة، لكن محاولات الجانب الإيراني لم تتوقف حيث سعى في عام 2014 لإعادة افتتاحه.
واستشهدت المصادر بمساعي طهران لإعادة افتتاح المستشفى عقب انقلاب ميليشيات الحوثي على الشرعية، حين أُبرِم في مطلع عام 2016 اتفاق بين القيادي الحوثي محمد الديلمي بصفته نائب المدير التنفيذي لصندوق رعاية وتأهيل المعاقين والقائم بأعمال السفارة الإيرانية بصنعاء نص على «استكمال إجراءات تسليم المستشفى الإيراني بصنعاء (الأوقاف سابقا) التابع للهلال الأحمر الإيراني لصندوق رعاية المعاقين، وإعادة تشغيله لصالح الأشخاص ذوي الإعاقة». ما يعني أن المستشفى احتفظ بكامل تجهيزاته.
الديلمي أكد أنه تم «تسوية الخلافات القائمة بين السفارة الإيرانية وبعض الجهات الحكومية التي تطالب الهلال الأحمر الإيراني بدفع إيجارات متأخرة لمبنى المستشفى التابع لوزارة الأوقاف». ونقل عن الدبلوماسي الإيراني الترحيب بالتعاون بين الصندوق والهلال الأحمر الإيراني، وقال إن السفارة ستعمل كل ما بوسعها لتعزيز التعاون مع ميليشيات الحوثي.
وكانت السلطات اليمنية أغلقت المستشفى الإيراني بعد أن عثر الجيش اليمني على ما قال إنها وثائق تدل على دعم إيراني للحوثيين يشمل العتاد العسكري والأموال. ولأن المستشفى كان يستخدم مظلة لأنشطة تجسسية حيث تم اختيار المبنى بعناية، وفي موقع يطل على مقر جهاز الأمن السياسي والطريق الرئيسي المؤدي إلى المقر الرئاسي جنوب صنعاء.
وتبلغ مساحة المستشفى 3400 متر مربع وبسعة 70 سريراً قابلة للزيادة. ويعمل فيه 120 طبيباً، منهم 5 في المائة فقط إيرانيون و95 في المائة يمنيون، وهؤلاء كانوا من العناصر السلالية الحوثية الذين تم اختيارهم بعناية، ويشتمل المستشفى على عيادات خارجية لجميع التخصصات الطبية، كما توجد به صالتان للعمليات الجراحية وستة أسرة خاصة بالعناية المركزة.
ويقول ضابط سابق في المخابرات اليمنية إن قرار إغلاق المستشفى جاء بعد أن رصدت المخابرات اليمنية وجود أجهزة حساسة في المبنى المطل على مقر جهاز الأمن القومي، وأن هذه الأجهزة كانت تعترض كثيرا من البرقيات والاتصالات المشفرة، وأن ذلك الاكتشاف تم بمساعدة حلفاء اليمن في مواجهة الإرهاب، كما تأكد للمخابرات اليمنية أن المستشفى كان غطاء للقاءات بين ضباط المخابرات الإيرانية وعناصر ميليشيات الحوثي التي تم استيعابها على أساس أنهم أطباء وممرضون، بينما كانت مهمتهم هي نقل المعلومات والتوجيهات.
وطبقا لما أورده الضابط الذي طلب عدم الإشارة لاسمه خشية أي عمل انتقامي من الميليشيات ضد أقاربه في مناطق سيطرتهم، فإن تلك المعلومات كانت سببا في إغلاق المركز الطبي الإيراني الذي ظل يعمل لمدة 17 عاما من موقع مجاور لجامعة صنعاء، وبالقرب من أهم مكتبة للفكر الطائفي في المدينة، وكان يتم عبر هذه المكتبة والمركز الطبي ترتيب سفر عناصر الميليشيات إلى سوريا ومنها إلى لبنان وإيران للتدرب على القتال والعمل المخابراتي. وحسب ما أورده فإن المركز شكل أهم حلقة وصل بين الحرس الثوري الإيراني وعناصر الميليشيات الحوثية خلال المرحلة السرية من العمل وحتى اندلاع المواجهات في منتصف عام 2004 م.
إثر ذلك قررت لجنة من وزارة الصحة اليمنية إغلاق المركز بعد أربعة أشهر على إغلاق المستشفى وقالت إن القرار جاء بسبب مخالفات إدارية ومالية في المركز الذي كان أهم واجهة لوجود المخابرات الإيرانية في اليمن، وغطاء لعملها لمدة تقارب العقدين من الزمن، وتمكنت خلال تلك السنوات من استقطاب وإرسال مئات الأشخاص إلى الخارج للتدريب فكريا وأمنيا وعسكريا.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.