{أونكتاد}: الأمل باقٍ لتجاوز أسوأ ركود منذ 2007

حذر من أخطاء السياسة المالية والنقدية

«أونكتاد» يحض على تغيير السياسات المالية والنقدية (رويترز)
«أونكتاد» يحض على تغيير السياسات المالية والنقدية (رويترز)
TT

{أونكتاد}: الأمل باقٍ لتجاوز أسوأ ركود منذ 2007

«أونكتاد» يحض على تغيير السياسات المالية والنقدية (رويترز)
«أونكتاد» يحض على تغيير السياسات المالية والنقدية (رويترز)

يتجه العالم نحو ركود عالمي طويل الأمد ما لم تتغير السياسات المالية والنقدية التي تسيطر على بعض الاقتصادات المتقدمة بسرعة، وفقا لتقرير جديد صدر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)... ولكن رئيسة الأونكتاد ريبيكا غرينسبان قالت: «لا يزال هناك وقت للتراجع عن حافة الركود». وأضافت أن «هذه مسألة خيارات سياسية وإرادة سياسية»، مشيرة في بيان مساء الاثنين إلى أن مسار العمل الحالي يضر بالفئات الأكثر ضعفاً. ويحذر الأونكتاد من أن الركود العالمي الناجم عن السياسات يمكن أن يكون أسوأ من الأزمة المالية العالمية في الفترة من 2007 إلى 2009، وقالت الوكالة إنه يمكن للتضييق النقدي المفرط وعدم كفاية الدعم المالي أن يعرضا اقتصادات العالم النامي لمزيد من الأزمات المتتالية.
ويشير تقرير «آفاق التنمية في عالم متصدع» إلى أن الصدمات في جانب العرض، وتضاؤل ثقة المستهلك والمستثمر، والحرب في أوكرانيا أدت إلى تباطؤ عالمي وتسببت في ضغوط تضخمية.
وبينما ستتأثر جميع المناطق، فإن أجراس الإنذار تدق أكثر بالنسبة للبلدان النامية، والكثير منها يقترب من التخلف عن سداد الديون. ومع اشتداد الإجهاد المناخي، تزداد الخسائر والأضرار داخل الاقتصادات الضعيفة التي تفتقر إلى الحيز المالي للتعامل مع الكوارث. ويتوقع التقرير أن يتباطأ النمو الاقتصادي العالمي إلى 2.5 في المائة في عام 2022 ثم ينخفض إلى 2.2 في المائة في عام 2023 - وهو تباطؤ عالمي من شأنه أن يترك الناتج المحلي الإجمالي أقل من اتجاه ما قبل (كوفيد - 19) ويكلف العالم أكثر من 17 تريليون دولار في الإنتاجية المفقودة.
ورغم ذلك، فإن البنوك المركزية الرئيسية ترفع أسعار الفائدة بشكل حاد، وتهدد بقطع النمو وتجعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة للمثقلين بالديون.
وسيعرض التباطؤ العالمي البلدان النامية إلى سلسلة من أزمات الديون والصحة والمناخ. وقد تعاني البلدان ذات الدخل المتوسط في أميركا اللاتينية والبلدان منخفضة الدخل في أفريقيا من بعض أشد التباطؤ هذا العام، وفقا للتقرير.
وخلال معظم العامين الماضيين، شكل ارتفاع أسعار السلع - وخاصة الغذاء والطاقة - تحديات كبيرة للأسر في كل مكان. وبينما يهدد الضغط التصاعدي على أسعار الأسمدة بضرر دائم للعديد من صغار المزارعين في جميع أنحاء العالم، كانت أسواق السلع الأساسية في حالة مضطربة منذ عقد من الزمان. ورغم أن مبادرة حبوب البحر الأسود التي توسطت فيها الأمم المتحدة ساعدت بشكل كبير في خفض أسعار الغذاء العالمية، فإنه لم يتم إيلاء اهتمام كاف لدور المضاربين والمراهنات في العقود الآجلة ومقايضات السلع والصناديق المتداولة في البورصة (ETFs).
أيضا، يبدو أن الشركات الكبيرة متعددة الجنسيات التي تتمتع بقوة سوقية كبيرة قد استفادت بشكل غير مستحق من السياق الحالي لزيادة الأرباح على ظهور بعض أفقر دول العالم.
وقد طلب الأونكتاد من الحكومات زيادة الإنفاق العام واستخدام ضوابط على أسعار الطاقة والغذاء ومجالات حيوية أخرى؛ ودعا المستثمرين أيضا لتوجيه المزيد من الأموال إلى مصادر الطاقة المتجددة؛ كما دعا المجتمع الدولي إلى تقديم المزيد من الدعم لمبادرة الحبوب التي تتوسط فيها الأمم المتحدة.
ومن المتوقع أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي في غرب آسيا إلى 1.4 في المائة في عام 2022، مع تباين حاد بين الدول المستوردة والمصدرة للنفط، بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية. وفي السابق، أدى ارتفاع فاتورة الواردات لكل من الوقود والمنتجات الغذائية إلى فرض ضغوط اقتصادية كبيرة، وتفاقم الوضع بسبب تشديد شروط التمويل الدولية. ونتيجة لذلك، تتعرض الأسر للضغوط، بسبب أسعار المواد الغذائية ومحدودية الدعم من الدولة.
أما بالنسبة للبلدان المصدرة للطاقة، فقد ارتفعت الإيرادات المالية بسبب ارتفاع الأسعار والزيادات الكبيرة في إنتاج النفط تماشيا مع اتفاق «أوبك «للتخفيف التدريجي لقيود الإنتاج، وأتاح ذلك للحكومات المجال لتوسيع المساعدات للأسر للحد من وقع الضغوط التضخمية عليها.


مقالات ذات صلة

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»