«نوبل الفيزياء»... تكرّم علماء أكدوا نظرية «العمل المخيف عن بعد»

تقاسمها ثلاثة للمرة السابعة والثلاثين

لحظة الإعلان عن الفائزين بالجائزة
لحظة الإعلان عن الفائزين بالجائزة
TT

«نوبل الفيزياء»... تكرّم علماء أكدوا نظرية «العمل المخيف عن بعد»

لحظة الإعلان عن الفائزين بالجائزة
لحظة الإعلان عن الفائزين بالجائزة

كعادتها في السنوات الأخيرة، من حيث التقاسم الثلاثي لجائزة نوبل في الفيزياء، ذهبت الجائزة التي أُعلن عنها أمس (الثلاثاء)، إلى الفرنسي آلان أسبكت، والأميركي جون كلوزر، والنمساوي أنطون زيلينغر، الذين أثرت أبحاثهم علم المعلومات الكمومية، الذي له تطبيقات مهمة، على سبيل المثال في مجال التشفير.
ولأكثر من عقد من الزمان، كان اسم العلماء الثلاثة يبرز في تكهنات الحصول على الجائزة، ومنحوا في عام 2010 جائزة «وولف» في إسرائيل، التي يُنظر إليها على أنها مقدمة محتملة للتكريم الأكبر والأهم، وهو جائزة «نوبل»، التي جاءتهم بعد 12 عاماً.
وفي حديثه عبر الهاتف في مؤتمر صحافي بعد الإعلان عن الجائزة، قال العالم في جامعة فيينا، أنطون زيلينغر، إنه ما زال يشعر بالصدمة، لسماع حصوله على الجائزة، لكنها صدمة إيجابية للغاية.
وقالت إيفا أولسون، عضو لجنة «نوبل» المانحة للجائزة في المؤتمر: «بينما يتعامل الفيزيائيون غالباً مع المشكلات التي تبدو للوهلة الأولى بعيدة كل البعد عن الاهتمامات اليومية، مثل الجسيمات الدقيقة والأسرار الهائلة للمكان والزمان، توفر أبحاث العلماء الفائزين الأسس لكثير من التطبيقات العملية للعلم».
ووفقاً للبيان الصحافي الذي وفرته الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم، بالتزامن مع إعلان الفوز، فإن «عمل الفيزيائيين الثلاثة ركز على استكشاف كيفية تفاعل جسيمين، يتصرفان كوحدة واحدة، حتى عندما يكونان متباعدين».
وهذه الظاهرة، المعروفة باسم «التشابك الكمومي»، أطلق عليها ألبرت أينشتاين اسم «العمل المخيف عن بعد»، ومن المتوقع أن تلعب دوراً مهماً في الحوسبة الكمومية.
ويعني «التشابك الكمومي» أن خصائص جسيم واحد يمكن استنتاجها من خلال فحص خصائص الجسيم الثاني، حتى لو فُصلا بمسافة، والطريقة السهلة لتخيل ذلك هي التفكير في الحصول على واحدة من كرتين، إحداهما بيضاء والأخرى سوداء، وإذا تلقيت كرة بيضاء، فأنت تعلم أن الكرة المتبقية سوداء.
والأهم من ذلك أن خصائص كل جسيم ليست ثابتة حتى تُفحص، ووفقاً لسيناريو الكرة، فهذا يعني أن كلتا الكرتين رماديتان حتى يُنظر إليهما، إذ تتحول إحداهما إلى اللون الأبيض والأخرى إلى الأسود، وهذا يعني أن الجزيئين، أو الكرتين، متصلتان، من دون الحاجة إلى إرسال أي إشارة بينهما، وهي حالة تبدو مرعبة، وتدمر مبدأً فيزيائياً يسمى «الموقع»، الذي يعني أن حدثاً ما في جزء من العالم لا يمكن أن يؤثر على الفور على ما يحدث بعيداً.

وكان أحد الاحتمالات التي ناقشها الفيزيائيون هو أن الجسيمات، أو الكرات في المثال أعلاه، قد تحتوي على بعض المعلومات السرية أو «المتغيرات الخفية»، التي تحدد خصائصها، وفي أوائل الستينات، اقترح الفيزيائي الآيرلندي الشمالي جون ستيوارت بيل أنه من الممكن اختبار ذلك من خلال إجراء عدة عمليات لنوع معين من التجارب، والنظر في الطريقة التي ترتبط بها النتائج، وهي نظرية أدت إلى ما يُعرف باسم «عدم مساواة بيل».
وبإلهام من عمل بيل، أجرى الفيزيائي الأميركي جون كلوزر وزملاؤه تجارب تتضمن ضوءاً مستقطباً لإظهار أن الجسيمات لا تحتوي على معلومات سرية، أو بمعنى آخر، لا تحتوي الكرات الموجودة في السيناريو أعلاه على تعليمات مخفية حول اللون الذي يجب قلبه، وبدلاً من ذلك، كما تنبأت ميكانيكا الكم، فإن التحول إلى اللون الأسود يعود إلى الصدفة.
وطوّر آلان أسبكت هذا العمل، وصقل التجارب لسد الثغرات التي ربما لا تزال تسمح لنظرية «المتغيرات الخفية» بأن تصمد، بينما بنى أنطون زيلينغر وزملاؤه على المبادئ لاستكشاف الأنظمة المتشابكة التي تتضمن أكثر من جسيمين.
وعلق البروفسور جيف فورشو، عالم فيزياء الجسيمات في جامعة مانشستر البريطانية، على فوز الثلاثي بالجائزة، مؤكداً أن منحهم الجائزة كان خبراً رائعاً.
وقال لصحيفة الغارديان: «يستحقون الجائزة كثيراً، لأنهم رواد فيزياء الكم الحديثة، وأكدت تجاربهم الجانب الأكثر غرابة، وربما الأكثر أهمية في نظرية الكم، وهو التشابك».
وأوضح فورشو أن التشابك اليوم هو المورد الرئيسي الذي تستغله أجهزة الكومبيوتر الكمومية، وهو حجر الأساس لنظرية المعلومات الحديثة. مضيفاً: «في الأساس، يمكن للارتباطات بين الجسيمات الكمومية ترميز كميات هائلة من المعلومات، بطريقة أكثر من أي وقت مضى، وبشكل يفوق أجهزة الكومبيوتر التقليدية، وقد أجرى هؤلاء العلماء التجارب لتأكيد ذلك، ونظراً لإسهام جون ستيوارت بيل المحوري، فقد كان صحيحاً أيضاً أن يرد ذكره في مبررات منح العلماء الثلاثة الجائزة».
ويشير فورشو في السياق نفسه إلى أن ظاهرة التشابك ليست مهمة للتكنولوجيا فقط، مشيراً إلى أن أحدث عمل على الجاذبية الكمية قد كشف أن الفضاء هو نتيجة ناشئة للتشابك، أي أن الطبيعة يبدو أنها استغلت التشابك لبناء الفضاء.
يُذكر أن هذه هي المرة الـ37 التي تذهب خلالها الجائزة إلى 3 علماء، وتتفرد «نوبل» في الفيزياء، بحصول عدد كبير من العلماء عليها، لأنها عادة ما تذهب إلى عالمين أو 3 علماء، وكانت أول مرة يحصل 3 من العلماء عليها عام 1903. حين ذهبت لـ3 علماء فرنسيين، هم هنري بيكريل، وماري كوري، وزوجها بيير كوري، لاكتشافهم ظاهرة النشاط الإشعاعي.
ومنذ ذلك التاريخ، وحتى عام 2000 تباين عدد الحاصلين على الجائزة بين عالم وعالمين و3 علماء، ولكن كانت الفترة من 2000 حتى 2022 الأكثر في التقاسم الثلاثي للجائزة، إذ تكرر ذلك 17 مرة، كان آخرها إعلان فوز الثلاثي النمساوي والأميركي والفرنسي، لأبحاثهم في علم المعلومات الكمومية، الذي يهتم بتأثيرات الكم في الفيزياء.
وسبق أن مُنحت الجائزة العام الماضي أيضاً لـ3 من العلماء، هم سيوكورو مانابي، وكلاوس هسلمان، وجورجيو باريزي، الذين ساعد عملهم في تفسير قوى الطبيعة المعقدة والتنبؤ بها، وبالتالي توسيع فهمنا لتغير المناخ.
وبدأ أسبوع الإعلانات عن جائزة «نوبل» أول من أمس (الاثنين) مع حصول العالم السويدي سفانتي بابو على جائزة في الطب لكشفه أسرار الحمض النووي لإنسان «نياندرتال» الذي قدم رؤى أساسية لنظام المناعة لدينا.
ويعلن اسم الفائز بالكيمياء اليوم، وفي الأدب يوم غد، وسيُعلن عن جائزة «نوبل» للسلام لعام 2022 يوم الجمعة، وجائزة الاقتصاد في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
ويحصل الفائزون على جائزة نقدية قدرها 10 ملايين كرونة سويدية (ما يقرب من 900 ألف دولار)، وستُسلم في 10 ديسمبر (كانون الأول)، وتأتي الأموال من وصية تركها مبتكر الجائزة، المخترع السويدي ألفريد نوبل، الذي توفي عام 1895.


مقالات ذات صلة

تدهور صحة السجينة الإيرانية نرجس محمدي ونقلها إلى المستشفى

شؤون إقليمية نرجس محمدي (رويترز)

تدهور صحة السجينة الإيرانية نرجس محمدي ونقلها إلى المستشفى

وافقت السلطات الإيرانية على نقل السجينة الحائزة على جائزة نوبل للسلام نرجس محمدي إلى المستشفى بعد نحو تسعة أسابيع من معاناتها من المرض.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد الخبير الاقتصادي سايمون جونسون بعد فوزه المشترك بجائزة نوبل في الاقتصاد بمنزله في واشنطن يوم الاثنين 14 أكتوبر 2024 (أ.ب)

الفائز بـ«نوبل الاقتصاد»: لا تتركوا قادة شركات التكنولوجيا العملاقة يقرّرون المستقبل

يؤكد الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد سايمون جونسون على ضرورة أن يستفيد الأشخاص الأقل كفاءة من الذكاء الاصطناعي، مشدداً على مخاطر تحويل العمل إلى آلي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق خلال إعلان الأكاديمية الملكية السويدية عن فوز ثلاثة أميركيين بجائزة نوبل للاقتصاد (رويترز)

«نوبل الاقتصاد» لـ 3 أميركيين

فاز خبراء الاقتصاد الأميركيون دارون أسيموغلو وسايمون جونسون وجيمس روبنسون، بجائزة «نوبل» في العلوم الاقتصادية، أمس، عن أبحاثهم في مجال اللامساواة في الثروة.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد شاشة داخل «الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم» خلال الإعلان عن جائزة «نوبل الاقتصاد» في استوكهولم (رويترز)

عقد من التميز... نظرة على الفائزين بجائزة «نوبل الاقتصاد» وأبحاثهم المؤثرة

على مدار العقد الماضي، شهدت «الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم» تتويج عدد من الأسماء اللامعة التي أحدثت تحولاً جذرياً في فهم الديناميات الاقتصادية المعقدة.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد خلال إعلان الأكاديمية الملكية السويدية عن فوز ثلاثة أميركيين بجائزة نوبل للاقتصاد (رويترز)

الفائزون الثلاثة بجائزة نوبل للاقتصاد... سيرة ذاتية

تنشر «الشرق الأوسط» سيرة ذاتية للفائزين الثلاثة بجائزة نوبل للاقتصاد والذين فازوا نتيجة أبحاثهم بشأن عدم المساواة بتوزيع الثروات.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)

الدوري السعودي: «فارق النقطة» يحفز الهلال لشباك الخليج

من استعدادات الخليج الأخيرة للمباراة (الخليج)
من استعدادات الخليج الأخيرة للمباراة (الخليج)
TT

الدوري السعودي: «فارق النقطة» يحفز الهلال لشباك الخليج

من استعدادات الخليج الأخيرة للمباراة (الخليج)
من استعدادات الخليج الأخيرة للمباراة (الخليج)

يتطلع فريق الهلال لمواصلة رحلة انتصاراته في الدوري السعودي للمحترفين، وذلك عندما يلاقي الخليج، اليوم، وسط منافسة شديدة على الصدارة، بعدما تقلص الفارق بينه وبين الاتحاد إلى نقطة.

وفي اليوم السبت، كذلك، يحل التعاون ضيفاً على نظيره الوحدة ضمن المرحلة الـ11 في لقاء تصطدم فيه رغبة سكري القصيم بمواصلة تألقه مع مساعي صاحب الأرض نحو التعويض بعد أن سجل سلسلة من الإخفاقات، في حين يستضيف الرائد نظيره العروبة.

وسيدخل الهلال الذي يفتقد لخدمات سالم الدوسري بعد الإصابة الأخيرة التي لحقت به أمام الاتفاق قبل فترة التوقف، المواجهة مدركاً حجم التصاعد الفني الذي بدا عليه فريق الخليج بتحقيق ثلاثة انتصارات متتالية جعلته قريباً من فرق المقدمة.

ويمثل الدوسري مفتاح قوة للهلال رغم وجود الأسماء الكبيرة في صفوفه، حيث بات سالم عنصراً مؤثراً في خريطة الفريق الذي يتولى قيادته البرتغالي خورخي خيسوس، ويستمر كذلك افتقاد الهلال لخدمات نجمه الدولي البرتغالي روبين نيفيز الذي سيواصل الغياب حتى يناير (كانون الثاني) المقبل، بعد العملية الجراحية التي خضع لها مؤخراً.

وأمام فريق الهلال ثلاث مباريات حتى فترة التوقف المطولة المقبلة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وهي مواجهات يتطلع معها لتحقيق العلامة الكاملة من أجل البقاء في صدارة الترتيب؛ إذ تنتظره مواجهة قوية وندية أمام الشباب، الجولة المقبلة.

وبعد تعادل الهلال مع غريمه التقليدي النصر في الجولة التاسعة، استعاد الفريق نغمة الفوز سريعاً، وكسب الاتفاق في المواجهة الماضية بثلاثية مثالية، وقبلها حقق الفوز بثلاثية في دوري أبطال آسيا للنخبة كذلك.

ويواصل الهلال تحت قيادة مدربه خيسوس رحلة مثالية منذ الموسم الماضي، ويسجل سلسلة من المباريات دون خسارة، وهو رقم قياسي جديد بلغه هذا الموسم، وتجاوز الرقم السابق المسجل باسم فريق الأهلي، علاوة على أن اللقب حققه في الموسم الماضي دون خسارة، وحالياً أكمل عشر جولات دون أن يتعرض لأي خسارة، فقط تعادل وحيد أمام النصر.

فريق الخليج، مستضيف اللقاء على ملعب مدينة الأمير محمد بن فهد الرياضية بمدينة الدمام، يعيش فترة مثالية في التصاعد الفني وتسجيل ثلاثة انتصارات متتالية قادته لبلوغ النقطة الـ16، بعد أن كان متراجعاً نحو المراكز الأخيرة، ويملك انتصارين فقط، قبل انطلاق سلسلته التي يأمل الحفاظ عليها رغم صعوبة المهمة.

ميتروفيتش أحد أبرز أوراق الهلال الهجومية (الهلال)

الخليج يقوده اليوناني دونيس، وهو مدرب يعرف الهلال جيداً؛ إذ سبق له تولي قيادته الفنية قبل عدة سنوات.

وفي مكة المكرمة، يحل التعاون ضيفاً ثقيلاً على نظيره الوحدة في ملعب مدينة الملك عبد العزيز الرياضية بالشرائع؛ إذ يبحث سكري القصيم عن مواصلة انتصاراته المحلية قبل أسبوع من اللقاء المرتقب في ديربي مدينة بريدة أمام الغريم التقليدي الرائد.

التعاون الذي عانى من تداخل المسابقات بين الدوري وكأس الملك ودوري أبطال آسيا 2، تعرض لتراجع في المستوى على صعيد الدوري، ومعها سجل تأخراً في جدول الترتيب بعد بدايته المثالية، لكن الفريق استعاد شيئاً من عافيته الفنية على صعيد الدوري، ويمتلك حالياً 15 نقطة في رصيده، يأمل زيادتها لتحسين مركزه.

أما الوحدة فأحواله لم تتبدل وسجل تراجعاً مقلقاً لأنصاره في لائحة الترتيب في ظل ابتعاده عن الانتصارات، وحلوله بالمركز قبل الأخير.

ويدخل الفريق المكي المباراة بعد مغادرة الألماني جوزيف زينباور وفسخه العقد من جانبه؛ إذ سيتولى جهاز فني مؤقت قيادة الفريق أمام التعاون.

وفي بريدة، يتطلع الرائد إلى استعادة نغمة انتصاراته حينما يستضيف العروبة في لقاء يحمل فيه الفريق الضيف الآمال والتطلعات ذاتها، خاصة مع عودة لاعبيه المصابين؛ أبرزهم الإسباني كريستيان تيو.

الرائد الذي توقفت رحلة انتصاراته في آخر مواجهتين وخسر خلالها أمام الخليج ثم الأهلي، اتضح حجم التأثير الكبير الذي تركه المغربي محمد فوزير بعد تعرضه لإصابة قطع في الرباط الصليبي، إلا أن رائد التحدي كما يطلق عليه أنصاره سيعمل على تحقيق الفوز من أجل الدخول بحالة معنوية أفضل قبل الديربي.

أما العروبة الذي لم يتذوق طعم الفوز في آخر ثلاث مباريات لعبها، كان آخرها أمام الاتحاد وانتهت بخسارته، فإنه يأمل استعادة نغمة الفوز خاصة في ظل استعادة أبرز لاعبيه تيو.