تصاعد جرائم الانقلابيين بحق صغار السن في 4 محافظات يمنية

جانب من مسيرة طلابية تجوب أحد شوارع محافظة ذمار بتنظيم من الميليشيات الحوثية خدمة لمشروعاتها الطائفية (إعلام حوثي)
جانب من مسيرة طلابية تجوب أحد شوارع محافظة ذمار بتنظيم من الميليشيات الحوثية خدمة لمشروعاتها الطائفية (إعلام حوثي)
TT

تصاعد جرائم الانقلابيين بحق صغار السن في 4 محافظات يمنية

جانب من مسيرة طلابية تجوب أحد شوارع محافظة ذمار بتنظيم من الميليشيات الحوثية خدمة لمشروعاتها الطائفية (إعلام حوثي)
جانب من مسيرة طلابية تجوب أحد شوارع محافظة ذمار بتنظيم من الميليشيات الحوثية خدمة لمشروعاتها الطائفية (إعلام حوثي)

لم يرق لها أن ترى ما بقي من الأطفال اليمنيين الذين لم تحن الفرصة بعد لتحويلهم إلى وقود جديد لحروبها في الجبهات، وهم يتلقون التعليم داخل مدارسهم، فحرصت الميليشيات الحوثية، كما هي عادتها منذ انقلابها، على استهداف الآلاف منهم، وتسخيرهم لخدمة مشاريعها المستوردة من إيران.
في هذا السياق، كشفت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن معاودة الميليشيات استهداف طلاب المراحل (الابتدائية والإعدادية والثانوية) في مدارس حكومية في 4 محافظات يمنية تحت سيطرتها، عبر إخراجهم من فصول التعليم للمشاركة في مسيرات «طلابية» تهتف بشعارات ذات طابع سياسي وطائفي.
واتهمت المصادر الميليشيات، بالاستمرار في التنصل عن وعود كانت أطلقتها بموجب اتفاق سابق أبرمته مع منظمات دولية معنية بحقوق الأطفال، وتنص على الوقف الفوري لاستهداف الأطفال، في التعبئة الفكرية والتجنيد القسري في مناطق سيطرتها.
وأجبرت الجماعة الموالية لإيران منذ مطلع الأسبوع الحالي، آلاف الطلبة في المدارس المختطفة في صنعاء وريفها، وإب وذمار، على ترك التعليم والانخراط في مسيرات حوثية. وتمثل أحدث ذلك، بتنظيم وزارة التربية في حكومة الانقلاب، يوم الأحد، مسيرة طلابية طافت شوارع متفرقة في العاصمة، وصولاً إلى ساحة «باب اليمن»، المكان المخصص لإحياء مناسبات غير يمنية.
وطبقاً لما تداولته وسائل إعلام الجماعة، فقد وصف شقيق زعيم الانقلابيين يحيى الحوثي، المعين وزيراً للتربية غير الشرعية، المشاركين بـ«أجيال الأنصار». في إشارة منه إلى أجيال تنتمي إلى الجماعة الانقلابية.
وكرد فعل حيال ذلك السلوك الهستيري لميليشيا الحوثي، عبر أولياء أمور في صنعاء، عن غضبهم من تسخير الجماعة مناسباتها، لاستهداف أبنائهم عبر تغييبهم عن الحصص الدراسية اليومية، واستخدامهم لأغراض ومهام أخرى. وأوضح بعض هؤلاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة حشدت أبناءهم من داخل المدارس في صنعاء وغيرها، من دون الحصول حتى على إذن مسبق منهم، لغرض تنظيم مسيرات غير وطنية ولا تخدم العملية التعليمة.
وكشفت تربويون في صنعاء وإب ومدن أخرى لـ«الشرق الأوسط»، عن أن عدداً من أولياء الأمور يعتزمون حالياً منع أولادهم من الذهاب إلى لمدارس، خصوصاً تلك التي تُطبق الجماعة كامل السيطرة والخناق عليها، مفضلين إبقاءهم في المنازل؛ خوفاً عليهم من عملية الاستهداف المتكررة للميليشيات في أوساطهم.
وأبدت أم سليمان، (طالب مرحلة إعدادية) لـ«الشرق الأوسط»، قلقها تجاه إلزام الانقلابيين لابنها بالمشاركة مع زملائه في مسيرة طلابية نظمتها أخيراً في صنعاء. وقالت «لا أدري على ماذا أقلق ومما أخاف، هل على حياة ومستقبل ولدي الوحيد من الاستهداف الحوثي له ولزملائه بالتلقين الطائفي داخل المدارس بدءاً بالإذاعات وانتهاء بالمناهج المفخخة، أم نخشى عليهم من غسل أدمغتهم بأفكار الكراهية والعنف والقتل، ثم نفاجأ أخيراً كأمهات مغلوب على أمرنا، بالزج بهم في محارق الموت».
كما تفاجأ ولي أمر طالبين في مدرسة حكومية في إب هو الآخر، عند رؤيته ولديه (عماد 18 عاماً، وزياد 15 عاماً) أثناء مرورهما صباح السبت الفائت، مع زملائهما في أحد شوارع عاصمة المحافظة، ضمن مسيرة تتصدرها قيادات حوثية. واستهجن ولي الأمر، وهو مالك بسطة خضراوات وسط إب، تلك الممارسات ووضعها في إطار «جرائم التسييس والتطييف الحوثي بحق المدارس والطلاب والتربويين والعملية التعليمية». وقال «عندما رأيت طفلي يجوبان ضمن المشاركين الشارع المحاذي لمكان عملي، هرعت إليهما محاولاً إخراجهما، لكن مشرفيين حوثيين منعوني، وقالوا لي: تعال آخر الدوام وخذهما من المدرسة وليس من الشارع أثناء تأديتهما عملاً دينياً ووطنياً»، على حد تعبيرهم.
وتابع «بقيت ذلك اليوم حتى الظهيرة، وأنا في قلق وحيرة من أمري؛ لأن طفلَي ذهبا للمدرسة كعادتهما كل صباح، من دون تناول وجبة الفطور، أو الحصول على مصروف مدرسي». وقال، إنه ونظراً إلى وضعه المادي الحرج، فإن ابنيه يكتفيان بعد العودة إلى المنزل نهاية كل يوم دراسي، «بتناول وجبة الغداء المتواضعة مع بقية أفراد الأسرة». وتساءل قائلاً «كيف تسمح ميليشيا التربية في إب لنفسها، أن تستدرج الأطفال من فصول التعليم من دون معرفة معاناتهم، لتطوف بهم الشوارع عبر مسيرات يراد من ورائها تحقيق مكاسب سياسية رخيصة؟».
وفي سياق ما تعانيه غالبية المدارس في مناطق سيطرة الانقلابيين من استغلال حوثي منظم لصغار السن في التعبئة والتجنيد الإجباري وغيره، قالت شبكة حقوقية إنها وثقت عشرات الآلاف من الانتهاكات بحق الطفولة في مناطق الحوثيين طوال 4 سنوات ماضية. وأكدت «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات»، في تقرير لها، توثيق نحو 21 ألف حالة انتهاك تعرضت لها الطفولة في اليمن، من قِبل الميليشيات خلال الفترة من 1 يونيو (حزيران) 2018م، وحتى 1 يوليو (تموز) 2022م. كما وثقت الشبكة نحو 20977 واقعة انتهاك حوثي طالت الأطفال، بالإضافة إلى تهجير وتشريد 43608 أطفال.
وأوضح التقرير، أن الانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيات بحق الأطفال، تنوعت بين «جرائم القتل والإصابة والاختطاف والتشريد والحرمان من التعليم وأعمال القنص والتجنيد القسري ومنع العلاج والغذاء والماء نتيجة الحصار الذي تفرضه الميليشيات على أغلب المحافظات». وأشار، إلى تسجيل 1343 حالة قتل خارج نطاق القانون، (بينها 31 رضيعاً)، كما سجلت الشبكة 1620 حالة إصابة بجروح متفرقة بالجسم، إلى جانب 321 حالة إعاقة دائمة للأطفال في اليمن.
كما وثقت نحو 522 حالة اعتقال واختطاف خاصة بالأطفال من أجل ابتزاز أهاليهم.
وحول عمليات التجنيد الإجباري، ذكر التقرير، أن الجماعة جندت 12341 طفلاً لا تتجاوز أعمارهم 14 عاماً. وأشار إلى مواصلتها التجنيد الإجباري، وفرضه على القبائل بالإكراه. كما وثّقت مقتل 1716 طفلاً في المواجهات أثناء قتالهم بصفوف الجماعة، حيث زجت الأخيرة بهم في جبهات القتال، وتم تشيعهم في مواكب جنائزية معلنة جرى بثها عبر وسائل إعلام حوثية.
ووثق فريق الرصد التابع للشبكة، إصابة 3114 طفلاً على أيدي الميليشيات الحوثية في كل من، ريف صنعاء، والمحويت، وذمار، والحديدة، وحجه، وإب، وتعز، والبيضاء، والضالع. ودعت الشبكة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية، «إلى تحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية تجاه ما يتعرض له الأطفال في اليمن من انتهاكات جسيمة، والضغط على الانقلابيين، واستخدام كل الوسائل، بما فيها القرارات الأممية ومجلس الأمن؛ لمنعها من مواصلة مثل تلك الجرائم والانتهاكات».


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».