البنتاغون: قتل قاتل السفير الأميركي لدى ليبيا

كان مع «داعش» في العراق > والد الحرزي لـ {الشرق الأوسط} : نعم قتل ابني علي يوم الاثنين وابني طارق يوم الثلاثاء

صورة من «أنصار الشريعة» للتونسي علي حرزي
صورة من «أنصار الشريعة» للتونسي علي حرزي
TT

البنتاغون: قتل قاتل السفير الأميركي لدى ليبيا

صورة من «أنصار الشريعة» للتونسي علي حرزي
صورة من «أنصار الشريعة» للتونسي علي حرزي

في ساعة متأخرة من ليلة أول من أمس، أصدر البنتاغون بيانا قال فيه إن طائرة «درون» (من دون طيار) أميركية قتلت على عوني الحرزي، الذي حمله البنتاغون مسؤولية قتل كريستوفر ستيفنز، السفير الأميركي لدى ليبيا، خلال الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي عام 2012.
وقال البيان إن الحرزي، الذي وصفه بأنه «ظل شخصا مطلوبا (منذ الهجوم)»، قتل في العراق حيث كان يقاتل مع «داعش». وإن الحادث وقع يوم الاثنين قبل الماضي.
وأمس الثلاثاء، رفض الكولونيل ستيف وارين، متحدث باسم الجيش الأميركي، توضيح سبب انتظار أسبوع كامل قبل إعلان الخبر.
وقال بيان البنتاغون: «في غارة جوية يوم 15 يونيو (حزيران)، في الموصل، في العراق، قتل قائد في داعش، وكان مطلوبا في هجوم 11 سبتمبر (أيلول) عام 2012. ضد مسؤولين وجنود أميركيين في بنغازي، في ليبيا. عمل علي عوني الحرزي بصورة وثيقة مع داعش، وفي شمال أفريقيا والشرق الأوسط».
وأضاف البيان: «يقلل قتله قدرات المتشددين في شمال أفريقيا على الانضمام إلى المتشددين في العراق وسوريا. وينهي دور متشدد كبير له صلات قوية مع الإرهاب العالمي».
وللتأكد من صحة هذا الخبر وإن كانت عائلته على علم بعملية القتل، اتصلت «الشرق الأوسط» هاتفيا بوالده الطاهر العوني الذي أكد الخبر الذي أوردته الدوائر الإعلامية الأميركية وكان صوته ضعيفا مبحوحا لذلك لم يقدر على تقديم المزيد من المعلومات. وقال في تأثر واضح بالحادث، إن ابنه علي الحرزي المتهم بقتل السفير الأميركي في بنغازي الليبية قد توفي في غارة أميركية وصفها بـ«الحملة الصليبية». وفي خبر لم نتوقعه منه، قال الطاهر العوني إن ابنه الثاني طارق العوني المتهم بدوره بارتكاب أعمال إرهابية والانضمام إلى تنظيم داعش الإرهابي قد تعرض بدوره للقتل يوم الثلاثاء 16 من الشهر الجاري وذلك بعد يوم واحد من تعرض ابنه الأول للهجوم بطائرة دون طيار.
وأمس، قال مسؤول عسكري لصحيفة «واشنطن بوست»، وطلب عدم نشر اسمه أو وظيفته، إن الحرزي «كان يحتل منصبا في الطبقة القيادية المتوسطة» في منظمة «داعش». وإنه كان في سيارة عندما أطلقت عليه طائرة «درون» صواريخ قاتلة.
في أبريل (نيسان) الماضي، قال بيان عن الحرزي أصدرته الخارجية الأميركية إن عمره 29 عاما. ووصفته بأنه «إرهابي عالمي». وإنه «مواطن تونسي يعيش في سوريا في الوقت الحاضر. وإنه، في عام 2011 انضم إلى «أنصار الشريعة» التونسية. وإنه «يعمل عملا قياديا في مجال تجنيد المتطوعين وتهريب الأسلحة».
في أبريل (نيسان) الماضي، وقبل أيام قليلة من بيان الخارجية هذا، قال بيان آخر أن علي عوني الحرزي وأخيه الأكبر طارق عوني الحرزي (33 عاما) وضعا في قائمة الإرهاب التابعة لوزارة الخارجية الأميركية. وذلك لصلتهما بـ«القاعدة». ولم يذكر ذلك البيان صلتهما بمنظمة «داعش».
بعد بياني الخارجية الأميركية بشهر تقريبا، أصدر مكتب الحرب ضد الإرهاب التابع للأمم المتحدة في نيويورك بيانا أكد فيه أن الأخوين ينتميان إلى منظمة إرهابية تحاربها الأمم المتحدة، وأنهما في سوريا.
في وقت لاحق، أصدر نفس المكتب بيانا قال فيه إن الأخوين «ربما في العراق أيضا».
حسب بيانات الأمم المتحدة، في عام 2005، اعتقل على الحرزي، و«حكم عليه بالسجن 30 شهرا لدوره في التخطيط لهجمات إرهابية في تونس». وأنه، في وقت لاحق: «خطط، واشترك في الهجوم ضد البعثة الدبلوماسية الأميركية في بنغازي». وحسب تصريح لمسؤول في مكتب التحقيق الفيدرالى (إف بي آي) لصحيفة «واشنطن بوست»، بعد الهجوم في بنغازي، فر على الحرزي إلى تركيا. واعتقل في مطار هناك عام 2012 ثم أعيد إلى تونس. ولكن: «مع استياء بالغ من قبل المسؤولين في واشنطن، أفرجت عنه الحكومة التونسية. وقالت إنها لم تجد أدلة كافية ضده».
وحسب المسؤول، لعب على الحرزي دورا كبيرا في هجمات بنغازي. لكن، رفض المسؤول تحديد هذا الدور. وأنه، بعد إطلاق سراحه، عاد الحرس الوطني التونسي وأصدر أمرا باعتقاله. لكنه كان فر من تونس.
أما بالنسبة لأخيه طارق، حسب قول المسؤول، هو «عضو قيادي خطير وفعال في «القاعدة» منذ عام 2004. وكان حوكم بالسجن غيابيا في تونس عام 2007 لمدة 24 عاما بسبب أدواره في هجمات إرهابية.
ووفقا للأمم المتحدة فإن طارق بن الطاهر بن الفالح العوني الحرزي عنصرًا إرهابيًا خطيرًا ونشطًا في صفوف تنظيم القاعدة في العراق منذ عام 2004 قبل أن يُلقى القبض عليه في عام 2006 ويُسجن في سجن أبو غريب.
وقد تمكن من الفرار في عام 2013 في أعقاب الهجوم الذي شنه تنظيم القاعدة في العراق على السجن.
وتقول وسائل إعلام تونسية إنه ملاكم سابق دخل إلى العراق عام 2003 مع المقاتلين العرب بعد الغزو الأميركي للعراق. وقام الحرزي في فترات مختلفة، بتجنيد المسلحين، وبقيادة قوات التنظيم على الحدود السورية التركية، وبزعامة وحدة الانتحاريين، كما شملت مهامه توريد الأسلحة من سوريا وليبيا إلى العراق، والمساعدة في الحصول على الأموال من المانحين في دول الخليج العربي. وهو من أول المنضمين إلى «داعش» حسب وزارة الخزانة الأميركية.
وتقول الأمم المتحدة إن الحرزي نشط كذلك في تسهيل أمور أعضاء جماعة أنصار الشريعة في تونس وإيوائهم في سوريا، وذلك بالتنسيق مع أخيه علي بن الطاهر بن الفالح العوني الحرزي (عضو مشهور في جماعة أنصار الشريعة في تونس).
من جهة أخرى، نشر تنظيم داعش أمس شريطا مصورا يظهر قيامه بإعدام 16 شخصا في شمال العراق بتهمة «الجاسوسية»، مستخدما وسائل وحشية جديدة شملت الحرق داخل سيارة والإغراق وفصل الرؤوس باستخدام متفجرات.
ويسيطر التنظيم على أجزاء من شمال العراق وغربه منذ هجوم شنه في يونيو (حزيران) 2014، أبرزها الموصل (شمال) مركز محافظة نينوى. ويشن تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة غارات جوية ضد مواقعه منذ أشهر.
ونشرت حسابات إلكترونية جهادية أمس الشريط الصادر عن «ولاية نينوى» التابعة للتنظيم، وفيه يعرض من قال إنهم «جواسيس» تعاونوا مع القوات العراقية وتقديم إحداثيات عن مواقع له تعرضت بعد ذلك للقصف الجوي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.