تركيا تعزز نفوذها في ليبيا بتوقيع اتفاقيات جديدة مع «الوحدة»

شملت التدريب الأمني والنفط والإعلام... وأثارت غضب اليونان

توقيع الاتفاقيات بين الجانبين الليبي والتركي في طرابلس أمس (حكومة الوحدة)
توقيع الاتفاقيات بين الجانبين الليبي والتركي في طرابلس أمس (حكومة الوحدة)
TT

تركيا تعزز نفوذها في ليبيا بتوقيع اتفاقيات جديدة مع «الوحدة»

توقيع الاتفاقيات بين الجانبين الليبي والتركي في طرابلس أمس (حكومة الوحدة)
توقيع الاتفاقيات بين الجانبين الليبي والتركي في طرابلس أمس (حكومة الوحدة)

حصلت حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، على مزيد من الدعم من أنقرة، التي عززت أمس نفوذها في غرب ليبيا، بعدما أبرم وفد تركي رفيع المستوى خلال زيارته أمس للعاصمة طرابلس اتفاقيات جديدة ومذكرات تفاهم مع حكومة الدبيبة، أثارت غضب مجلس النواب وحكومة الاستقرار، برئاسة فتحي باشاغا، إلى جانب أطراف إقليمية معنية بمخزون الطاقة في شرق البحر المتوسط، وفي مقدمتها اليونان.
وأعلنت حكومة الوحدة توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع تركيا في مجال التدريب الأمني، والطاقة النفطية، والغاز وفي مجال الإعلام.
وأكد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، توقيع مذكرة تفاهم بين بلاده وليبيا في مجال الموارد الهيدروكربونية (النفط والغاز الطبيعي). وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته في حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، نجلاء المنقوش، إنه «لا يحق لدول أخرى التدخل في الاتفاقية الموقعة بين بلدين ذوي سيادة (تركيا وليبيا)».
ويشير تصريح جاويش أوغلو، على ما يبدو، إلى ما قاله وزير خارجية اليونان نيكوس دندياس من أن بلاده تتابع عن كثب تنفيذ تركيا لاتفاق مع ليبيا على استغلال مصادر الطاقة فيها، وذلك خلال لقائه مع سفير فرنسا لدى اليونان، باتريك ميزوناف، بحثا خلاله التطورات في شرق البحر المتوسط وليبيا، بمقر الخارجية اليونانية.
من جانبه، قال الدبيبة إنه ناقش بصفته وزيراً للدفاع مع وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، التعاون العسكري بين البلدين، وعدداً من البرامج التدريبية للجيش الليبي، وسبل توفير كمية من التجهيزات المتطورة لعدد من الأركان العامة بالجيش. فيما قال جاويش أوغلو، إنه ناقش مع الدبيبة خطوات الحل السياسي والعلاقات المشتركة، معلناً عن التوقيع على مذكرة تفاهم في التعاون البروتوكولي، ومجال الهيدروكربونات والغاز والاستثمار النفطي. واعتبر أن مذكرة التفاهم الأمني والعسكري «مهمة من أجل استقرار ليبيا»، وقال إن المذكرة البحرية تضمن المصالح المشتركة، وتعهد بمواصلة الجهود التركية لوصول ليبيا إلى تكوين جيش نظامي. كما أوضح أن مذكرة التفاهم تشمل التنقيب عن النفط والغاز بحراً وبراً، عبر شركات ليبية تركية مشتركة، مشيراً إلى العمل على عودة رحلات الخطوط الجوية التركية إلى مطارات ليبيا.
وأضاف أوغلو، الذي طالب المجتمع الدولي بالكف عن التدخل في الشأن الليبي، أنه يعمل مع حكومة الدبيبة على استئناف أعمال الشركات التركية في ليبيا والتعاقد على مشاريع جديدة، لافتاً إلى أن رئيس البرلمان التركي سيزور المنطقة الشرقية قريباً للقاء رئيس مجلس النواب الليبي.
من جهتها، دافعت المنقوش عن الاتفاقية باعتبارها «تحقق مصالح البلدين، وتساعد العالم في تجاوز أزمة النفط والغاز»، لكنها قالت إن الاتفاقية البحرية السابقة، التي تم توقيعها بين تركيا وحكومة «الوفاق» السابقة برئاسة فائز السراج، «تحتاج لتصديق من الأمم المتحدة قبل البدء في تنفيذها، ونحن لم نتناولها في المناقشات لأنها تتضمن تفاصيل فنية ما زلنا بحاجة للاتفاق عليها».
لكن أوغلو تحدث في المقابل عما وصفه بسوء تفاهم، وقال إنه «تم تفعيل الاتفاقية وإبلاغ الأمم المتحدة بها، واتفاقية الحدود البحرية هي لصالح البلدين وتضمن مصالحهما»، وادعى موافقة جميع الأطراف الليبية الآن عليها. كما زعم أن الاتفاقية «شأن يخص بلدين ذوي سيادة، وتم إبرامها وفقاً لمبدأ رابح - رابح، وليس لدى أي دولة أخرى الحق في التعليق عليها».
في سياق ذلك، دعت المنقوش، التي أعلنت عن الاتفاق مع الوفد التركي على حشد الجهود الدولية لدعم خريطة طريق مختصرة لإجراء الانتخابات، إلى تكثيف جهود الجهات التشريعية بإنهاء الخلاف حول بنود القاعدة الدستورية لتحقيق الانتخابات، مشيرة إلى ضرورة التزام الأجسام التشريعية بإصدار القاعدة، وقالت إنه في حال تعذر ذلك يمكن الاستفتاء على الدستور أو اللجوء للمحكمة الدستورية.
وعقب جاويش أوغلو بأن الحل في ليبيا «لا يأتي إلا بالحوار، ولن يكون إلا سياسياً، ولا بد من التوافق على قاعدة دستورية»، مؤكداً أن بلاده تدعم عمل الأمم المتحدة في ليبيا.
ورداً على هذه الخطوة، سارعت لجنة الطاقة بمجلس النواب إلى تسجيل رفضها للاتفاقيات، وحذرت في بيان لها أمس من «التصرفات الفردية، التي تهدف للبقاء في السلطة على حساب مقدرات الشعب الليبي»، واعتبرت أن حكومة الدبيبة «انتهت ولا أثر قانونياً لها، والاتفاقيات التي توقعها غير ملزمة للدولة الليبية. داعية الجانب التركي لاتباع الطرق القانونية لاعتماد الاتفاقيات مع مجلس النواب، كما طالبت الشركاء الدوليين بعدم التعامل مع حكومة الدبيبة، باعتبارها حكومة فاقدة للشرعية والأهلية القانونية ولا تمثل الشعب الليبي.
بدورها، أعلنت حكومة باشاغا أنها سترد بشكل مناسب على تجاوزات حكومة الدبيبة «التي تهدد الأمن والسلم في المنطقة»، وأعلنت أنها ستبدأ مشاورات مع الشركاء الإقليميين والدوليين للرد على هذه التجاوزات.


مقالات ذات صلة

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

العالم العربي القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

كشفت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» عن سلسلة اتصالات، ستجريها القاهرة مع السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب و«الجيش الوطني»، لإطلاع المعنيين فيهما على نتائج زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا أخيراً. وأدرجت المصادر هذه الاتصالات «في إطار التنسيق والتشاور بين السلطات المصرية والسلطات في المنطقة الشرقية». ولم تحدد المصادر توقيت هذه الاتصالات، لكنها أوضحت أنها تشمل زيارة متوقعة إلى القاهرة، سيقوم بها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني». وكان خالد المشري رئيس المجلس الأعلى الدولة الليبي، ناقش مساء السبت مع وزير الخارجية ا

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

أعلنت الحكومة الجزائرية عن «خطة عاجلة» لوقف نزيف الأطباء الذين يهاجرون بكثرة، كل عام، إلى أوروبا وبخاصة فرنسا، بحثاً عن أجور عالية وعن ظروف جيدة لممارسة المهنة. وتفيد إحصاءات «مجلس أخلاقيات الطب»، بأن 15 ألف طبيب يشتغلون في المصحات الفرنسية حالياً، وقد درسوا الطب في مختلف التخصصات في الجزائر. ونزل موضوع «نزيف الأطباء» إلى البرلمان، من خلال مساءلة لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد الحق سايحي، حول ما إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لهذه المشكلة التي تتعاظم من سنة لأخرى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

يبدأ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم زيارة إلى تونس تستمر حتى الأربعاء بدعوة من نظيره التونسي نبيل عمار، لإعلان استكمال المراحل المؤدية إلى إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في كثير من الملفات الشائكة والعالقة على رأسها ملف الإرهاب، واستقبال الساحة السورية لآلاف من الشباب التونسيين المنضوين في صفوف التنظيمات الإرهابية. وأوردت مختلف وسائل الإعلام التونسي أخباراً حول الزيارة، وبقراءات عدة، من بينها التأكيد على أنها «ترجمة للتوازنات الجيوسياسية الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، ومن بينها السعي نحو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية». وكانت مؤسسة الرئاسة التونسية صورت عودة ا

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

دعت «الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب» -أحد ممثلي ناشري الصحف في البلاد- أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إلى إسقاط مشروع قانون صادقت عليه الحكومة، يقضي بإنشاء لجنة مؤقتة لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» المنتهية ولايته، بدل إجراء انتخابات. وجاءت هذه الدعوة في وقت ينتظر فيه أن يشرع مجلس النواب في مناقشة المشروع قريباً. وذكر بيان لـ«الفيدرالية» مساء السبت، أنه تلقى «بارتياح، التصدي القوي والتلقائي لهذا المشروع من طرف الرأي العام المهني، والمجتمع المدني، وفاعلين جمعويين وسياسيين، وشخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة»، معتبراً: «إن هذا الموضوع لا يهم باستهداف منظمات مهن

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم العربي باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، إنه باقٍ في منصبه «إلى أن تتفق الأطراف الليبية كافة على قوانين انتخابية يُرحب بها دولياً، والبدء في الإعلان عن مواعيد محددة للاستحقاق الانتخابي...

جاكلين زاهر (القاهرة)

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
TT

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الخميس) إلى الأردن، مستهِلاً جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما أفاد صحافي من «وكالة الصحافة الفرنسية» كان ضمن فريق الصحافيين المرافق له في الطائرة.

وقال مسؤولون أميركيون، للصحافيين المرافقين، إن بلينكن المنتهية ولايته سيلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزيرَ خارجيته في مدينة العقبة (نحو 325 كيلومتراً جنوب عمان) على البحر الأحمر، في إطار سعيه إلى عملية «شاملة» لاختيار أعضاء الحكومة السورية المقبلة. وفور وصوله، توجَّه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.

ودعا بلينكن إلى عملية «شاملة» لتشكيل الحكومة السورية المقبلة تتضمَّن حماية الأقليات، بعدما أنهت فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكم بشار الأسد المنتمي إلى الطائفة العلوية التي تُشكِّل أقلية في سوريا.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، لدى إعلانها عن جولة بلينكن، إنه سيدعو إلى «قيام سلطة في سوريا لا توفر قاعدة للإرهاب أو تُشكِّل تهديداً لجيرانها»، في إشارة إلى المخاوف التي تُعبِّر عنها كل من تركيا، وإسرائيل التي نفَّذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية. وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إلى أنه خلال المناقشات في العقبة على البحر الأحمر «سيكرر بلينكن دعم الولايات المتحدة لانتقال جامع (...) نحو حكومة مسؤولة وتمثيلية». وسيناقش أيضاً «ضرورة (...) احترام حقوق الأقليات، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب أو أن تُشكِّل تهديداً لجيرانها، وضمان تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وتدميرها بشكل آمن». وهذه الزيارة الثانية عشرة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، التي ردَّت بحملة عنيفة ومُدمِّرة ما زالت مستمرة على قطاع غزة.

وانتهت رحلة بلينكن السابقة بخيبة أمل بعد فشله في تأمين صفقة تنهي فيها إسرائيل و«حماس» الحرب في مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وسيغادر بلينكن منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل مع إدارة الرئيس جو بايدن.

ووصف الرئيس المنتخب دونالد ترمب الوضع في سوريا بـ«الفوضى». وقال إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتدخل، رغم أنه لم يوضح السياسة الأميركية منذ سقوط الأسد.